هل موسي هو كاتب سفر التثنية؟.. هل كاتب هذا السفر لابد ان يكون معاصرا لداود
الشبهةتدل بعض فقرات سفر التثنية أن كاتبها لا يمكن أن يكون موسى، فكاتب التثنية لا بد أن يكون معاصراً لداود أو بعدهالرد
الحقيقه تتكرر هذه الشبهه التي هي بلا اساس قوي يستند عليه اي مشككولكن لن اكتفي بالنفي فقط بل باثبات ان موسي هو الكاتب
اولا اكد موسي انه كاتب السفر عدة مرات في نفس السفر
سفر التثنية 1
1 هذا هو الكلام الذي كلم به موسى جميع إسرائيل، في عبر الأردن، في البرية في العربة، قبالة سوف، بين فاران وتوفل ولابان وحضيروت وذي ذهب
سفر التثنية 4
44 وهذه هي الشريعة التي وضعها موسى أمام بني إسرائيل
سفر التثنية 29
1 هذه هي كلمات العهد الذي أمر الرب موسى أن يقطعه مع بني إسرائيل في أرض موآب، فضلا عن العهد الذي قطعه معهم في حوريب
بعض التعبيرات اللغويه التي لم يستخدمها احد في العهد القديم غير موسي
واضرب فقط مثالين من اول اصحاح في سفر التثنية كمثال وليس للحصر
לבן
lâbân
اتت 55 مره في العهد القديم في سفر التكوين والتثنيه فقط
חצרות
chătsêrôth
6 مرات في سفر العدد والتثنية
وتعبير قادش برنيع الذي تكرر في سفر العدد والتثنيه ونقل منه يشوع في سفره ولم يذكر هذا التعبير في اي سفر اخر
H6062
ענקי
‛ănâqı̂y
وتعبير بني عناق الذي استخدمه موسي في سفر التثنيه ويشوع فقط في سفر يشوع ولم يستخدم ولا مره في اي سفر اخر
وغيرهم الكثير جدا
هذا بالاضافه الي تركيبات لغويه مثل الرب اله ابائكم الذي نقله منه يشوع وكتبه كثيرا موسي
ثانيا بعض الاحكام التي نفزها شعب اسرائيل هي ذكرت او شرحت فقط في سفر التثنية فهل يعقل ان الله اوحي الي موسي وكتب موسي البعض وترك البعض الاخر ليدون بعد خمسة قرون ؟
وعلي سبيل المثال كلامه مع سبط راوبين وجاد ونصف سبط منسي الذي ذكر في سفر العدد وسفر التثنية
سفر يشوع 1: 13
اذْكُرُوا الْكَلاَمَ الَّذِي أَمَرَكُمْ بِهِ مُوسَى عَبْدُ الرَّبِّ قَائِلاً: الرَّبُّ إِلهُكُمْ قَدْ أَرَاحَكُمْ وَأَعْطَاكُمْ هذِهِ الأَرْضَ.
وامر مذبح الحجاره الغير منحوته
سفر التثنية 27
1 وَأَوْصَى مُوسَى وَشُيُوخُ إِسْرَائِيلَ الشَّعْبَ قَائِلاً: احْفَظُوا جَمِيعَ الْوَصَايَا الَّتِي أَنَا أُوصِيكُمْ بِهَا الْيَوْمَ.
2 فَيَوْمَ تَعْبُرُونَ الأُرْدُنَّ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ، تُقِيمُ لِنَفْسِكَ حِجَارَةً كَبِيرَةً وَتَشِيدُهَا بِالشِّيدِ،
3 وَتَكْتُبُ عَلَيْهَا جَمِيعَ كَلِمَاتِ هذَا النَّامُوسِ، حِينَ تَعْبُرُ لِكَيْ تَدْخُلَ الأَرْضَ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ، أَرْضًا تَفِيضُ لَبَنًا وَعَسَلاً، كَمَا قَالَ لَكَ الرَّبُّ إِلهُ آبَائِكَ.
4 حِينَ تَعْبُرُونَ الأُرْدُنَّ، تُقِيمُونَ هذِهِ الْحِجَارَةَ الَّتِي أَنَا أُوصِيكُمْ بِهَا الْيَوْمَ فِي جَبَلِ عِيبَالَ، وَتُكَلِّسُهَا بِالْكِلْسِ.
5 وَتَبْنِي هُنَاكَ مَذْبَحًا لِلرَّبِّ إِلهِكَ، مَذْبَحًا مِنْ حِجَارَةٍ لاَ تَرْفَعْ عَلَيْهَا حَدِيدًا.
6 مِنْ حِجَارَةٍ صَحِيحَةٍ تَبْنِي مَذْبَحَ الرَّبِّ إِلهِكَ، وَتُصْعِدُ عَلَيْهِ مُحْرَقَاتٍ لِلرَّبِّ إِلهِكَ.
7 وَتَذْبَحُ ذَبَائِحَ سَلاَمَةٍ، وَتَأْكُلُ هُنَاكَ وَتَفْرَحُ أَمَامَ الرَّبِّ إِلهِكَ.
8 وَتَكْتُبُ عَلَى الْحِجَارَةِ جَمِيعَ كَلِمَاتِ هذَا النَّامُوسِ نَقْشًا جَيِّدًا.
ونفذ يشوع امر الحجاره في
سفر يشوع 4: 10
وَالْكَهَنَةُ حَامِلُو التَّابُوتِ وَقَفُوا فِي وَسَطِ الأُرْدُنِّ حَتَّى انْتَهَى كُلُّ شَيْءٍ أَمَرَ الرَّبُّ يَشُوعَ أَنْ يُكَلِّمَ بِهِ الشَّعْبَ، حَسَبَ كُلِّ مَا أَمَرَ بِهِ مُوسَى يَشُوعَ. وَأَسْرَعَ الشَّعْبُ فَعَبَرُوا.
وامر بناء المذبح في
سفر يشوع 8: 31
كَمَا أَمَرَ مُوسَى عَبْدُ الرَّبِّ بَنِي إِسْرَائِيلَ، كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي سِفْرِ تَوْرَاةِ مُوسَى. مَذْبَحَ حِجَارَةٍ صَحِيحَةٍ لَمْ يَرْفَعْ أَحَدٌ عَلَيْهَا حَدِيدًا، وَأَصْعَدُوا عَلَيْهِ مُحْرَقَاتٍ لِلرَّبِّ، وَذَبَحُوا ذَبَائِحَ سَلاَمَةٍ.
وامر كتابة التوراه باسفارها الخمسه كامله
سفر يشوع 8: 32
وَكَتَبَ هُنَاكَ عَلَى الْحِجَارَةِ نُسْخَةَ تَوْرَاةِ مُوسَى الَّتِي كَتَبَهَا أَمَامَ بَنِي إِسْرَائِيلَ.
وكيف يامر موسي يشوع بان يكتب نسخه من التوراه كامله علي الاحجار وهو لم يسلمه نسخه مكتوبه ؟
سفر يشوع 1: 7
إِنَّمَا كُنْ مُتَشَدِّدًا، وَتَشَجَّعْ جِدًّا لِكَيْ تَتَحَفَّظَ لِلْعَمَلِ حَسَبَ كُلِّ الشَّرِيعَةِ الَّتِي أَمَرَكَ بِهَا مُوسَى عَبْدِي. لاَ تَمِلْ عَنْهَا يَمِينًا وَلاَ شِمَالاً لِكَيْ تُفْلِحَ حَيْثُمَا تَذْهَبُ.
وموسي يقول في نفس السفر
سفر التثنية 31:
9
وَكَتَبَ مُوسَى هذِهِ التَّوْرَاةَ وَسَلَّمَهَا لِلْكَهَنَةِ بَنِي لاَوِي حَامِلِي تَابُوتِ عَهْدِ الرَّبِّ، وَلِجَمِيعِ شُيُوخِ إِسْرَائِيلَ.
10 وَأَمَرَهُمْ مُوسَى قَائِلاً: فِي نِهَايَةِ السَّبْعِ السِّنِينَ، فِي مِيعَادِ سَنَةِ الإِبْرَاءِ، فِي عِيدِ الْمَظَالِّ،
11 حِينَمَا يَجِيءُ جَمِيعُ إِسْرَائِيلَ لِكَيْ يَظْهَرُوا أَمَامَ الرَّبِّ إِلهِكَ فِي الْمَكَانِ الَّذِي يَخْتَارُهُ، تَقْرَأُ هذِهِ التَّوْرَاةَ أَمَامَ كُلِّ إِسْرَائِيلَ فِي مَسَامِعِهِمْ.
فكيف كانوا يحتفلون بعيد بدون تنفيذ وصية موسي
وايضا امر البركه وامر اللعنه
سفر التثنية 11: 29
وَإِذَا جَاءَ بِكَ الرَّبُّ إِلهُكَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أَنْتَ دَاخِلٌ إِلَيْهَا لِكِيْ تَمْتَلِكَهَا، فَاجْعَلِ الْبَرَكَةَ عَلَى جَبَلِ جِرِزِّيمَ، وَاللَّعْنَةَ عَلَى جَبَلِ عِيبَالَ.
سفر التثنية 27: 12
هؤُلاَءِ يَقِفُونَ عَلَى جَبَلِ جِرِزِّيمَ لِكَيْ يُبَارِكُوا الشَّعْبَ حِينَ تَعْبُرُونَ الأُرْدُنَّ: شِمْعُونُ وَلاَوِي وَيَهُوذَا وَيَسَّاكَرُ وَيُوسُفُ وَبَنْيَامِينُ.
ونفزها يشوع
سفر يشوع 8
33 وَجَمِيعُ إِسْرَائِيلَ وَشُيُوخُهُمْ، وَالْعُرَفَاءُ وَقُضَاتُهُمْ، وَقَفُوا جَانِبَ التَّابُوتِ مِنْ هُنَا وَمِنْ هُنَاكَ مُقَابِلَ الْكَهَنَةِ اللاَّوِيِّينَ حَامِلِي تَابُوتِ عَهْدِ الرَّبِّ. الْغَرِيبُ كَمَا الْوَطَنِيُّ. نِصْفُهُمْ إِلَى جِهَةِ جَبَلِ جِرِزِّيمَ، وَنِصْفُهُمْ إِلَى جِهَةِ جَبَلِ عِيبَالَ، كَمَا أَمَرَ مُوسَى عَبْدُ الرَّبِّ أَوَّلاً لِبَرَكَةِ شَعْبِ إِسْرَائِيلَ.
34 وَبَعْدَ ذلِكَ قَرَأَ جَمِيعَ كَلاَمِ التَّوْرَاةِ: الْبَرَكَةَ وَاللَّعْنَةَ، حَسَبَ كُلِّ مَا كُتِبَ فِي سِفْرِ التَّوْرَاةِ.
35 لَمْ تَكُنْ كَلِمَةٌ مِنْ كُلِّ مَا أَمَرَ بِهِ مُوسَى لَمْ يَقْرَأْهَا يَشُوعُ قُدَّامَ كُلِّ جَمَاعَةِ إِسْرَائِيلَ وَالنِّسَاءِ وَالأَطْفَالِ وَالْغَرِيبِ السَّائِرِ فِي وَسَطِهِمْ.
وهذا دليل قوي ان يشوع يقراء الكلام المكتوب واكرر يقراء
اذا سفر التثنيه كان مكتوب في يد يشوع
وايضا بعض الوصايا مثل
سفر القضاه 3
3 أقطاب الفلسطينيين الخمسة، وجميع الكنعانيين والصيدونيين والحويين سكان جبل لبنان، من جبل بعل حرمون إلى مدخل حماة
4 كانوا لامتحان إسرائيل بهم، لكي يعلم هل يسمعون وصايا الرب التي أوصى بها آباءهم عن يد موسى
ووصية طردهم وتحريمهم اتت في
سفر التثنية 7: 1
مَتَى أَتَى بِكَ الرَّبُّ إِلهُكَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أَنْتَ دَاخِلٌ إِلَيْهَا لِتَمْتَلِكَهَا، وَطَرَدَ شُعُوبًا كَثِيرَةً مِنْ أَمَامِكَ: الْحِثِّيِّينَ وَالْجِرْجَاشِيِّينَ وَالأَمُورِيِّينَ وَالْكَنْعَانِيِّينَ وَالْفِرِزِّيِّينَ وَالْحِوِّيِّينَ وَالْيَبُوسِيِّينَ، سَبْعَ شُعُوبٍ أَكْثَرَ وَأَعْظَمَ مِنْكَ،
سفر التثنية 20: 17
بَلْ تُحَرِّمُهَا تَحْرِيمًا: الْحِثِّيِّينَ وَالأَمُورِيِّينَ وَالْكَنْعَانِيِّينَ وَالْفِرِزِّيِّينَ وَالْحِوِّيِّينَ وَالْيَبُوسِيِّينَ، كَمَا أَمَرَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ،
( اتت في سفر الخروج ان الرب سيطردهم تدريجيا ولكن اوضح في سفر التثنيه انه يبدا في طردهم والشعب يكمل وهذا ما اكده في قضاه )
وايضا يقول داود لسليمان
سفر الملوك الأول 2: 3
اِحْفَظْ شَعَائِرَ الرَّبِّ إِلهِكَ، إِذْ تَسِيرُ فِي طُرُقِهِ، وَتَحْفَظُ فَرَائِضَهُ، وَصَايَاهُ وَأَحْكَامَهُ وَشَهَادَاتِهِ، كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي شَرِيعَةِ مُوسَى، لِكَيْ تُفْلِحَ فِي كُلِّ مَا تَفْعَلُ وَحَيْثُمَا تَوَجَّهْتَ.
وهذا هو المكتوب في
سفر التثنية 4
1 فَالآنَ يَا إِسْرَائِيلُ اسْمَعِ الْفَرَائِضَ وَالأَحْكَامَ الَّتِي أَنَا أُعَلِّمُكُمْ لِتَعْمَلُوهَا، لِكَيْ تَحْيَوْا وَتَدْخُلُوا وَتَمْتَلِكُوا الأَرْضَ الَّتِي الرَّبُّ إِلهُ آبَائِكُمْ يُعْطِيكُمْ.
2 لاَ تَزِيدُوا عَلَى الْكَلاَمِ الَّذِي أَنَا أُوصِيكُمْ بِهِ وَلاَ تُنَقِّصُوا مِنْهُ، لِتَحْفَظُوا وَصَايَا الرَّبِّ إِلهِكُمُ الَّتِي أَنَا أُوصِيكُمْ بِهَا.
وكرر داود كثيرا جدا في المزامير كلام سفر التثنيه ايضا
ومن الامثله كلامه عن ذنب الرجل المتكبر
Psa 19:13
أَيْضاً مِنَ الْمُتَكَبِّرِينَ احْفَظْ عَبْدَكَ فَلاَ يَتَسَلَّطُوا عَلَيَّ. حِينَئِذٍ أَكُونُ كَامِلاً وَأَتَبَرَّأُ مِنْ ذَنْبٍ عَظِيمٍ.
Deu 17:12
وَالرَّجُلُ الذِي يَعْمَلُ بِطُغْيَانٍ فَلا يَسْمَعُ لِلكَاهِنِ الوَاقِفِ هُنَاكَ لِيَخْدِمَ الرَّبَّ إِلهَكَ أَوْ لِلقَاضِي يُقْتَلُ ذَلِكَ الرَّجُلُ فَتَنْزِعُ الشَّرَّ مِنْ إِسْرَائِيل.
وغيرهم الكثيرين من الذين استشهدوا بسفر التثنيه في العهد القديم من يشوع حتي داود وبعده
وفي العهد الجديد رب المجد نفسه اكد ان كاتب سفر التثنيه هو موسي فقال
Mat 19:7
فَسَأَلُوهُ: فَلِمَاذَا أَوْصَى مُوسَى أَنْ يُعْطَى كِتَابُ طَلاَقٍ فَتُطَلَّقُ؟
Mat 19:8
قَالَ لَهُمْ: إِنَّ مُوسَى مِنْ أَجْلِ قَسَاوَةِ قُلُوبِكُمْ أَذِنَ لَكُمْ أَنْ تُطَلِّقُوا نِسَاءَكُمْ. وَلَكِنْ مِنَ الْبَدْءِ لَمْ يَكُنْ هَكَذَا.
وهو المكتوب في
Deu 24:1 إِذَا أَخَذَ رَجُلٌ امْرَأَةً وَتَزَوَّجَ بِهَا فَإِنْ لمْ تَجِدْ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْهِ لأَنَّهُ وَجَدَ فِيهَا عَيْبَ شَيْءٍ وَكَتَبَ لهَا كِتَابَ طَلاقٍ وَدَفَعَهُ إِلى يَدِهَا وَأَطْلقَهَا مِنْ بَيْتِهِ
Deu 24:2 وَمَتَى خَرَجَتْ مِنْ بَيْتِهِ ذَهَبَتْ وَصَارَتْ لِرَجُلٍ آخَرَ
Deu 24:3 فَإِنْ أَبْغَضَهَا الرَّجُلُ الأَخِيرُ وَكَتَبَ لهَا كِتَابَ طَلاقٍ وَدَفَعَهُ إِلى يَدِهَا وَأَطْلقَهَا مِنْ بَيْتِهِ أَوْ إِذَا مَاتَ الرَّجُلُ الأَخِيرُ الذِي اتَّخَذَهَا لهُ زَوْجَةً
Deu 24:4 لا يَقْدِرُ زَوْجُهَا الأَوَّلُ الذِي طَلقَهَا أَنْ يَعُودَ يَأْخُذُهَا لِتَصِيرَ لهُ زَوْجَةً بَعْدَ أَنْ تَنَجَّسَتْ. لأَنَّ ذَلِكَ رِجْسٌ لدَى الرَّبِّ. فَلا تَجْلِبْ خَطِيَّةً عَلى الأَرْضِ التِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَصِيباً.
وايضا ردود رب المجد في التجربه في البريه
انجيل متي 4
4 فأجاب وقال: مكتوب : ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، بل بكل كلمة تخرج من فم الله
7 قال له يسوع: مكتوب أيضا: لا تجرب الرب إلهك
10 حينئذ قال له يسوع: اذهب يا شيطان لأنه مكتوب: للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد
من
سفر التثنية 6: 13 16
13 الرب إلهك تتقي، وإياه تعبد، وباسمه تحلف
16 لا تجربوا الرب إلهكم كما جربتموه في مسة
و تثنية 8: 3
3 فأذلك وأجاعك وأطعمك المن الذي لم تكن تعرفه ولا عرفه آباؤك، لكي يعلمك أنه ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، بل بكل ما يخرج من فم الرب يحيا الإنسان
بل اكد اليهود ورب المجد ان موسي كتب هذا السفر قائلا
انجيل لوقا 20
28 قائلين: يا معلم، كتب لنا موسى: إن مات لأحد أخ وله امرأة، ومات بغير ولد، يأخذ أخوه المرأة ويقيم نسلا لأخيه
وهذه الوصيه غير موجوده الا في
سفر التثنية 25
5 إذا سكن إخوة معا ومات واحد منهم وليس له ابن، فلا تصر امرأة الميت إلى خارج لرجل أجنبي. أخو زوجها يدخل عليها ويتخذها لنفسه زوجة، ويقوم لها بواجب أخي الزوج
6 والبكر الذي تلده يقوم باسم أخيه الميت، لئلا يمحى اسمه من إسرائيل
ومعلمنا بولس الرسول يقتبس
رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس 9: 9
فَإِنَّهُ مَكْتُوبٌ فِي نَامُوسِ مُوسَى: لاَ تَكُمَّ ثَوْرًا دَارِسًا. أَلَعَلَّ اللهَ تُهِمُّهُ الثِّيرَانُ؟
وهذا مكتوب في
سفر التثنية 25: 4
لاَ تَكُمَّ الثَّوْرَ فِي دِرَاسِهِ.
وايضا الاماكن التي يتكلم عنها موسي بدقه ويقول صعد ونزل واسمائها لايمكن ان يكون كتبها بدقه الا واحد مر في هذه الاماكن في البريه ويعرفها جيدا
وما قدمت هنا فقط دليل صغير من ادله كثيره جدا
ومقدمة سفر التثنيه لابونا تادرس يعقوب التي غطي فيها جميع نواحي سفر التثنية
ابونا تادرس يعقوب
سفر التثنية هو مجموعة أحاديث وداعية قدمها موسى النبي أول قائد لشعب الله الذي كان عمره 120 عامًا قُبيل انتقاله من هذا العالم. قدمها للجيل الجديد الذي وُلد في البرية، وصار على وشك الدخول إلى أرض الموعد تحت قيادة يشوع بن نون. قدمها بوحي الروح القدس، لكي تكون وصية الله هي قائدهم وناموسهم في الأرض الجديدة.
إنها أحاديث أب نحو أولاده أو أحفاده، يقدم فيها خبراته الروحية العملية بما يناسب الجيل الجديد، بأسلوب تاريخي وسلوكي مبسط، غايته مساندة كل نفس لكي تعبر وترث.
ماذا قدم موسى النبي لشعبه قبيل رحيله من العالم؟ معاهدة الحب، أو دستور المحبة الذي يقدمه الله كملك لشعبه المحبوب لديه جدًا، والذي اختاره وقدسه ليكون مكرسًا له وحده.
يمثل موسى النبي الناموس، قائدنا إلى المسيح وإلى مملكته، ويكشف لنا عن الطريق الملوكي الذي يدخل بنا إلى حضن الآب. لهذا جاء سفر التثنية كدعوة موجهة إلى كل مؤمن يشتاق أن يدخل إلى كنعان السماوية تحت قيادة ربنا "يسوع" مخلص العالم، لكي يحمل الوصية الإلهية بالمفهوم الروحي. إنها تهيئ أعماقه كما كلماته وسلوكه لكي ينطلق إلى الحياة الجديدة السماوية، بعمل روح الله القدوس. يقبل الدخول في الميثاق الإلهي الذي يبرمه الله مع شعبه المحبوب، فيرد الحب بالحب، مقدمًا الطاعة لوصيته بفرحٍ شديدٍ.
إنه سفر يناسب كل عصر، ويدفع كل نفس لكي تعبر كما إلى السماء، وتجاهد بلا توقف، في عذوبة الروح، حتى تستمر في رحلتها تحت ظل رعاية الله الفائقة، وتنمو بغير توقف، وتحارب بغير خوف ولا اضطراب في ظل "عهد جديد" قدمه لها مسيحها، لتحيا متحررة من كل عبودية، منطلقة نحو السماء.
تركز هذه الأحاديث على "العهد الإلهي". فإن دستورنا في رحلتنا اليومية ليس قوانين أخلاقية مجردة بل التقاء حيّ، واتحاد مع الله الذي يقدم لها عهدًا من جانبه، فيه يعلن إنه يحملنا على ذراعيه كما يحمل الأب ابنه. إنه عهد، فيه يقدم لنا الله "روح البنوة"، ويكشف لنا عن مركزنا الجديد كمختاريه الذين لهم حقوق فائقة بروح الالتزام من جانبنا (تث 7: 6-11؛ 10: 12-15).
هذا العهد يحكم حياتنا الداخلية ومشاعرنا وسلوكنا الأسري والاجتماعي والديني والوطني حتى علاقتنا بالحيوانات والطيور.
إن كان هذا السفر قد ركز على وصية الله التي تكشف عن حب الله واشتياقه نحو تقديسنا، إنما ليعلن للمؤمن عن انتمائه لشعب الله، كمملكة كهنوتية وأُمة مقدسة.
أخيرًا فإن الشهر الأخير من حياة موسى يكشف عما في قلب هذا العظيم بين الأنبياء، فإن الإنسان غالبًا ما يفرغ كل ما في أعماقه عندما يدرك أن لحظات رحيله قد اقتربت جدًا. ماذا يكمن في قلب موسى النبي؟ أربعة أمور مترابطة معًا، هي سرّ قوة خدمته، وهي:
الوصية الإلهية: انشغل بها كل أيام خدمته حتى النفس الأخير، بكونها كنزًا سماويًا إلهيًا، خلالها نتجاوب مع حب الله وندخل معه في عهد أبدي.
التسبيح: قبيل نياحته قدم تسبحة ختامية ليعلن أن نفسه لن تتوقف عن التهليل المستمر حتى النفس الأخير.
مباركته لشعبه: مع كل ما ذاقه من متاعب من الشعب ختم حياته بكلمات البركة نحو كل سبط من الأسباط.
خلق روح القيادة: وضع يديه على شكل صليب على رأس تلميذه يشوع، مشجعًا إيَّاه ألاَّ يخاف ولا يضطرب حتى يدخل بكل الشعب مع القادة الدينيين والمدنيين إلى كنعان رمز السماء. هكذا ترك وراءه قادة عظماء.
هذه الأمور الأربعة (الوصية، حياة الفرح والتسبيح، مباركة الآخرين، تشجيع روح القيادة) هي سرّ نجاحه في كل أيام خدمته.
- مقدمة في سفر التثنية
الأصحاح السابع عشر (حزم مع عابدي الأوثان)
- الفصل الأول الأصحاحات [1- 4]
الأصحاح الثامن عشر (خدَّام الرب)
الأصحاح الأول (كما يحمل الإنسان ابنه)
الأصحاح التاسع عشر (مدن الملجأ والشاهد الكاذب)
الأصحاح الثاني (الإفراز في التعامل مع الغير)
الأصحاح العشرون (القانون العسكري)
الأصحاح الثالث (النصرة على عوج ملك باشان)
الأصحاح الحادي والعشرون (حقوق الفئات المرذولة)
الأصحاح الرابع (دعوة إلى الاقتراب من الله)
الأصحاح الثاني والعشرون (شرائع خاصة)
- الفصل الثاني الأصحاحات [5- 28]
الأصحاح الثالث والعشرون (جماعة الرب)
- القسم الأول الأصحاحات [5-11]
الأصحاح الرابع والعشرون (سلامة الأسرة)
الأصحاح الخامس (الوصايا العشر)
الأصحاح الخامس والعشرون (شرائع مختلفة)
الأصحاح السادس (الوصية والأرض الجديدة)
الأصحاح السادس والعشرون (البكور وتجديد العهد)
الأصحاح السابع (لا شركة مع الوثنية)
- القسم الثالث الأصحاحات [27 28]
الأصحاح الثامن (ضيقات القفر وبركاته)
الأصحاح السابع والعشرون (الوصيَّة مع الذبيحة)
الأصحاح التاسع (بماذا يتبرر الشعب؟)
الأصحاح الثامن والعشرون (البركات واللعنات)
الأصحاح العاشر (غنى عطايا الله لهم)
- الفصل الثالث الأصحاحات [29 30]
الأصحاح الحادي عشر (أيامنا كأيام السماء)
الأصحاح التاسع والعشرون (تذكير بالعهد)
- القسم الثاني الأصحاحات [12- 26]
الأصحاح الثلاثون (إمكانية تحقيق العهد)
الأصحاح الثاني عشر (الهيكل وإزالة كل أثرٍ للوثنيَّة)
- الفصل الرابع الأصحاحات [31 - 34]
الأصحاح الثالث عشر (الغواية إلى العبادة الوثنيَّة)
الأصحاح الحادي والثلاثون (نصيحة أخيرة)
الأصحاح الرابع عشر (شرائع للتقديس)
الأصحاح الثاني والثلاثون (نشيد موسى)
الأصحاح الخامس عشر (الحياة السَبتيَّة)
الأصحاح الثالث والثلاثون (مباركة الشعب)
الأصحاح السادس عشر (الأعياد السنويَّة)
الأصحاح الرابع والثلاثون (موسى على جبل نبو)
اسم السفر:
جاء اسم السفر في أغلب اللغات الحديثة مشتقًا عن الكلمتين اليونانيتين أو مترجمة عنهما، وهما Deutero ومعناها "اثنان" أو "الثاني"، nomion ومعناها "ناموس"، لذلك يدعى في الإنجليزية Deuteronomy وفي العربية "تثنية".
يحمل السفر في العبرية أربعة أسماء:
1. دُعي في الأصل العبري "إله هدباريم" elleh haddebarim ويختصر debarim أي "هذا هو الكلام"، وهي الكلمات الأولى من الأصحاح الأول.
2. Kith أي السفر الخامس من الناموس.
3. سفر التوبيخ أو النصائح seper tokahoth، خاصة بالنسبة للأصحاح 28. إذ شاخ هذا القائد الوقور يبدو إنه قد أدرك، وهو في اللحظات الأخيرة، إنه لا يوجد وقت للملاطفة مع الشعب، بل يلزم أن يكون حازمًا. فإنه يليق بالشعب الذي قُدم له كل هذا الحب، خاصة خلال خدمة موسى النبي لمدة أربعين عامًا أن يحمل مخافة الرب، ويدرك أن الوقوع في يد الله أمر مخيف.
4. يُدعى أيضًا misneh hattotra أو misneh وتعني "نسخة" (17: 18). دُعي في الترجمة السبعينية deuteros namos أي "الشريعة الثانية"، ربما لأنه جاء في (تث 17: 18 LXX) "نسخة من الشريعة"، أو لأنه قصد به أنه شريعة ثانية بجانب ما ورد في أسفار الخروج، واللاويين، والعدد. ما ورد هنا لا يعتبر تكرارًا لما جاء في الأسفار الثلاثة السابقة، بل هو شرح للناموس على ضوء ما حدث خلال الأربعين سنة في البرية. هو استعراض قُدم للجيل الجديد الداخل إلى كنعان، قدمه موسى النبي قبل الدخول بشهر، قبيل رحيله، ليتأهل الكل بالطاعة النابعة عن الإيمان، وبالحب الإلهي العملي. هو سفر التذكرة الدائمة لشريعة الرب: "اربطها علامة على يدك، ولتكن عصائب بين عينيك، واكتبها على قوائم بيتك وعلى أبوابك" (تث 6: 8).
تاريخ كتابته:
بحسب التقليد اليهودي الذي قبله التقليد المسيحي كُتب في سهول موآب شرقي أريحا، شرقي نهر الأردن، في نهاية الأربعين عامًا من التيه في البرية، وهو يغطي فترة شهر تقريبًا (سنة 1405 ق.م). ألقيت بداية الأحاديث الواردة في هذا السفر في اليوم الأول من الشهر الحادي عشر من السنة الأربعين بعد الخروج من مصر (تث 1: 3)، وذلك بعد النصرة على سيحون وعوج ملكين من الأموريين (تث 1: 4).
مما يستحق الملاحظة أن كاتب التثنية لا يشير إلاَّ إلى حوادث ما قبل امتلاك كنعان، وهو لا يورد شيئًا عن انقسام المملكة، ولا عن اضطهاد الفلسطينيين ومضايقاتهم، ولا عن الحوادث المسجلة في سفر القضاة. كما أن العبارتين "جميع إسرائيل" و "النصيب الذي أعطاه لكم الرب" تُظهران موافقة الكتابة لتاريخ ذلك الوقت. ومن الواضح أن الأصحاحين (33، 34) قد كُتبا بعد موت موسى غالبًا بوقت قصير.
مفتاح السفر:
مفتاح السفر هو عهد الحب والطاعة. ذكرت كلمة "الحب" 22 مرة في هذا السفر. أما الطاعة كما يقدمها السفر فهي تجاوب عملي لحب الله للإنسان، بدون الطاعة يفقد الإنسان طعم الحب. فكما يشتاق الإنسان أن يكون محبوبًا فهو يود أن يحِب. الطاعة علامة تأكيد حرية الإرادة الإنسانية التي تعبر عن حبها عمليًا.
جاء في (مز 103: 7) "عرف موسى طرقه، وبني إسرائيل أفعاله". لقد عرف إسرائيل أعمال الله، لكنه لم يتعرف عليه معرفة اللقاء الحي. أما موسى فقد عرف طرقه، أي معرفة الله عمليًا. جاء هذا السفر ثمرة هذه المعرفة متحدة بخبرة أربعين عامًا في البرية.
سماته:
1. يُنظر إلى سفر التثنية من أربع زوايا:
سفر الشريعة.
أحاديث وداعية لأول قائد للشعب.
عهد مبرم بين الله الملك وشعبه.
توجيهات يقدمها الله لشعبه قُبيْل دخولهم أرض الموعد.
بلا شك تلعب الشريعة دورًا رئيسيًا في سفر التثنية، حتى دُعي السفر نفسه "الشريعة" (تث 1: 5)، أو "كتاب الشريعة" (تث 30: 10)، وجاء نص الشريعة (أصحاحات 12-26) يمثل صُلب السفر. غير أنه يلزمنا إدراك أنه ليس سفرًا تشريعيًا أو قضائيًا بالمفهوم الضيق، لأن الشريعة وُضعت لأبعاد خلاصية ذات هدف متسع. جاء السفر يفسر الإيمان. وإن وُجدت فيه تشريعات أو قوانين، فغايتها هي أن يقبل المؤمن إرادة الله عاملة فيه، ويحمل روح الطاعة لله. هو سفر الشعب المتمتع بالخلاص، والمتحرر من العبودية، لكي يرتبط بميثاق الحب مع الله، ويمارس الحياة المطوَّبة خلال الالتصاق بالله واتحادهم مع بعضهم البعض. بحسب ما ورد في (تث 30: 11-14)، الشريعة هي علامة الحضرة الإلهية في قلوب شعب الله، من يحفظها إنما يمارس الحياة الروحية. في أكثر وضوح يمكننا القول بأن هذا السفر يكشف عن الحب المشترك المتبادل بين الله وشعبه، بحبه الإلهي اختار شعبه مقدمًا لهم الخلاص، وهم بدورهم يردُّون الحب بالحب، خلال إعلان تكريس قلوبهم بالطاعة للوصايا، والعبادة الليتورجية كطريق عملي لإعلان حبهم لله من كل القلب ومن كل النفس ومن كل القوة (تث 6: 5).
2. حوى السفر تاريخًا، لكنه ليس بالسفر التاريخي لأنه لا يقدم التاريخ إلاَّ ليكشف عن معاملات الله كي نتقبل عهده الإلهي، لهذا يحسبه البعض "كتاب عظات". يمثل هذا السفر الطابع الخاص بالوعظ النبوي، وقد استخدمت فيما بعد في الأنبياء المتأخرين مثل إرميا وحزقيال.
3. يحوي هذا السفر عظة قدمها موسى النبي على ثلاث دفعات، أو هي ثلاث عظات، وإن كان البعض يقسِّمه إلى ثمانية أحاديث. غير أنه لا يُعتبر كتاب عظات مجردة، إنما استعراض للشريعة بطريقة وعظية جذابة غايتها تمتع شعب الله بالخلاص، وممارسته الحب العملي لله (تث 6: 4)، وتقديم الشكر (تذكيرهم بأعمال الله معهم ومع آبائهم) بروح التواضع (9: 6)، وممارسة الطاعة كتهيئة للدخول إلى أرض الموعد، حتى يوجد الشعب في حضرة الله وينعم بالشركة معه.
4. يُعتبر هذا السفر دعوة وجهها موسى النبي للأجيال المقبلة بعده، كي تجد فرصة جديدة للتمتع بميثاق مع الله في أمانة وإخلاص، بإدراك إرادة الله ومعاملاته مع آبائهم. هذه الدعوة موجهة للجميع خاصة القادة مثل الملوك عند إقامتهم. إذ قيل: "فإنك تجعل عليك ملكًا الذي يختاره الرب إلهك... وعندما يجلس على كرسي مملكته يكتب لنفسه نسخة من هذه الشريعة في كتاب من عند الكتبة اللاويين، فتكون معه ويقرأ فيها كل أيام حياته لكي يتعلم أن يتقى الرب إلهه" (تث 17: 14-20).
كثيرًا ما يذكرهم موسى النبي بوعود الله لآبائهم، فمن جانب يفتح عيون قلوبهم لإدراك معاملات الله مع مؤمنيه عبر كل العصور، ومن جانب آخر فإن تذكرهم لأمانة آبائهم في علاقتهم بالله تسندهم، وتكون كسحابة تظللهم وسط حر التجارب. وكما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [تذكار القديسين يقيم النفس التي تثقَّلت بالويلات ويردها، فيكون كسحابة تحفظها من أشعة (الشمس) الساخنة جدًا والمحرقة[1]].
5. كان اليهود في طفولتهم الروحية يلتزمون بما ورد في السفر بطريقة حرفية قاتلة للمعنى، أما في العهد الجديد فنتلمس في هذه الوصايا أو الشرائع مفاهيم روحية عميقة واهبة الحياة في الرب.
6. لأول مرة نسمع عن لعنة الصلب على خشبة (تث 21: 22-23)؛ كما أشار إلى انتظار مجيء السيِّد المسيح (تث 18: 15، 19).
7. إن كان هذا السفر يشبه سفر اللاويين بكونه يحوي شرائع كثيرة غير أنه يختلف عنه في اهتمام الأول بالشرائع الخاصة بالكهنة، بينما يهتم سفر التثنية بالأكثر بالشرائع الخاصة بالشعب. أغلب ما ورد في الأصحاحات (12-26) قوانين وشرائع تمس المؤمن، وهي تمثل أكثر من نصف السفر.
8. يُعتبر السفر ككل دعوة للطاعة لله، وهو يدعو الجيل الجديد أن يتعلم من المثال السيِّئ الذي للجيل السابق لهم الذي اتسم بالعناد والعصيان وغلظة القلب. كان الجيل الخارج من مصر قد مات جميعه ما عدا يشوع وكالب اللذان وحدهما من الجيل القديم دخلا أرض الموعد.
9. من السمات غير العادية لسفر التثنية توجيه الحديث تارة بصيغة الجمع وأخرى بالمفرد وذلك أثناء الحديث مع شعب بني إسرائيل. ظن البعض أن هذا يؤكد بأن للسفر مصدرين مختلفين، غير أن بعض الدارسين يعتقدون أن استخدام صيغة الجمع تارة وصيغة المفرد تارة في هذا السفر يحمل ذلك فهمًا لاهوتيًا معينًا.
10. اعتمد البعض في ادعائهم بأن للسفر مصادر مختلفة على وجود الافتتاحيات العامة أو الجانبية (1: 1-5؛ 5: 1؛ 27: 1). لكن يرى آخرون بأنه هكذا كانت العادة عندما يوجه الحديث إلى أشخاص آخرين أو يتغير المتحدث نفسه كما في (27: 1، 9، 11؛ 31: 14، 24) الخ.
11. في بعض الأقسام خاصة الشرائع، يُلاحظ أن الكاتب يقدم الشريعة أولاً بطريقة مبسطة جدًا، ثم يعود فيقدم نصائح وتحذيرات ووعود، مما يوضح أن السفر ليس دستورًا للشرائع، لكنه أحاديث وعظية خلاصية. ولعل من أمثلة ذلك ما جاء عن الإبراء في السنة السابعة (تث 15: 1-11)، حيث بدأ بالحث عن الإبراء، ثم قدم تعريفًا له (15: 2)، تلاه حث شخصي للمستمع أن يطبق القانون بسخاء شديد[2]. استخدم نفس المنهج عندما تحدث عن العشور (14: 22-27)، وفي إطلاق العبد العبراني (15: 12-18).
12. يعلن السفر عن ضرورة التدقيق في الحياة الروحية والسلوك، ليس فقط في الأمور الخطيرة بل وفيما يبدو كأمورٍ تافهةٍ. فقد مزج الشرائع معًا دون تمييز بين شرائع خطيرة وأخرى تبدو غير هامة.
13. يكشف السفر عن أبوة موسى النبي للشعب، فبينما يعلن عن مدى شوقه للدخول إلى أرض الموعد ولم يُسمح له إلاَّ برؤيتها كان مهتمًا جدًا بدخول شعبه إليها. وكأن بدخولهم يتمتع هو شخصيًا بالدخول. وتظهر أبوته في أحاديثه الوداعية مع يشوع، إذ يتحدث معه بقلب أبوي ليملأه بالفرح والشجاعة حتى يحقق رسالته.
العهد الإلهي:
يقدم سفر التثنية التوراة الإلهية، جسم التعاليم الكاملة التي تعلن عن طريق الشركة مع الله والشركة مع المؤمنين وبعضهم البعض، حتى يمكنهم التمتع ببركات العهد مع الله.
العهد الإلهي هو الخط الرئيسي للسفر كله، حيث يوضح فاعليته في حياة المؤمن، وبركاته، والتزامات المؤمن كمختار لله، وخطته المستقبلية بالنسبة له، وكيف يتحول العهد من أحداث تاريخية إلى عهد يمس حياة الجيل الجديد. وكأنه إذ صار الجيل الجديد على أبواب الدخول إلى أرض الموعد، استلم موسى نسخة من "العهد" المبرم بين الله وآبائهم لكي يوقع الجيل الجديد عليه بنفسه، فيُدركون إنه ليس بالعهد الإلهي مع آبائهم الذين رحلوا، بل هو عهد معاصر مبرم معهم شخصيًا، يتمتعون ببركاته ويلتزمون بمسئولياتهم.
الشريعة والحب:
يكشف سفر التثنية وهو "سفر الشريعة" عن مفهوم الناموس أنه دعوة نحو حب الله (6: 5؛ 10: 12؛ 11: 1؛ 13: 22؛ 19: 9؛ 30: 6، 16، 20)؛ الحب الذي يحرك قلوبنا وسلوكنا في تعاملنا مع الله والناس وحتى مع أنفسنا.
عندما سُئل السيِّد المسيح عن أعظم ما ورد في العهد القديم ذكر ما جاء في (تث 6: 4-5).
يقوم حب إسرائيل مثل حب المسيحي الوارد في (1 يو 4: 19) - على أساس خبرة حب الله المخلص.
يتجلى حبنا لله في حبنا للآخرين (1 يو 3: 18؛ 4: 20-21؛ تث 10: 19).
تقوم الوصايا العشر لا على تكريم الإنسان لله فحسب (5: 6، 15)، وإنما تكريمه للغير أيضًا (6: 16، 21).
سفر التثنية والفكر اللاهوتي:
يرى البعض أنهم لا يكونوا مبالغين إن قالوا أن سفر التثنية هو ينبوع الفكر اللاهوتي الكتابي التاريخي للعهدين القديم والجديد. عندما يتحدث الأنبياء عن الله إنما يتحدثون عن الله الذي يُقيم عهدًا مع شعبه كما ورد في التثنية. والبركات التي اختبرها رجال العهد القديم عندما عاشوا بالإيمان والحب والطاعة للرب إنما هي البركات الواردة في التثنية. إنه الله الذي قدم وعدًا لإبراهيم، حقق الوعد كما أوضحه هذا السفر.
في سفر التثنية جاءت أصول تعاليم العهد الجديد عن حب الله وعمله الخلاصي بالمسيح يسوع، وعن التمتع بالميراث الأبدي، وتحقيق وعود الله للمخلصين.
الله كما يظهر في هذا السفر، إله جماعي وشخصي ، يودّ أن ينسب نفسه إلى شعبه كما إلى كل عضوٍ من أعضاء الشعب. إله محب للبشر، قدوس لا يطيق الخطية، بار لا يقبل الإثم ولا الظلم. ملك يقود شعبه لكي يرثوا ويفرحوا. هادف في علاقته بالإنسان، أمين في مواعيده، عنايته الإلهية فائقة. في حبه للإنسان يود أن يُعلن أسراره له. لا إله غيره.
من أبرز ما أظهر هذا السفر هو أن يلتزم الشعب أن يُنتسب لله، مكرسًا قلبه وحياته له. هو سفر التكريس لله بالتجاوب مع العهد الإلهي بروح الطاعة.
لعل من أهم المواضيع التي تعرض لها هذا السفر هي:
أ. العبودية والفداء: لا ينبغي أن ينسى إسرائيل (4: 9) أنه كان عبدًا في أرض مصر (5: 15) التي هي بيت العبودية (5: 6) وأن الرب افتداهم من هذا (7: 8) بيد شديدة وذراع ممدودة (4: 34).
ب. النصيب الصالح: أعطاهم الرب أرضًا جيدة (1: 25) تفيض لبنًا وعسلاً هذه التي أقسم لآبائهم أن يعطيها لهم ولنسلهم (1: 8) كنصيب لهم (4: 21).
ج. محبة الله: ينبغي أن يحبوا الرب إلههم (5: 10) بكل قلبهم وبكل نفسهم (4: 29)، لأنه أحبهم أولاً (4: 37)، فينبغي عليهم أن يخافوه (4: 10) ويلتصقوا به (10: 20)، وأن يمحوا اسم الآلهة الأخرى (5: 7، 7: 24) التي لم يعرفوها (11: 28).
د. شعب الرب: يجب أن يكون جميع إسرائيل متحدًا معًا في سماع كلمة الرب (1: 1، 5: 1)، فإنهم شعب مقدس و"أخص من جميع الشعوب" (7: 6). ويجب أن يعتنوا بالمساكين واليتامى والأرامل والغرباء لأنهم اخوة (1: 16، 10: 18).
ه. مذبح الرب: ينبغي أن يحملوا عطاياهم وذبائحهم إلى "المكان الذي يختاره الرب ليحل اسمه فيه" (12: 5، 11) ويفرحوا هناك أمامه (12: 7).
و. الخطية والتطهير: كل خطية مكروهة، وخصوصًا خطية عبادة الأصنام لأنها "رجس" (15: 9، 7: 25)، ولا ينبغي أن يشفق قلب الرؤساء في عقاب الخطية (13: 8).
ز. وعود البركة: توجد وعود "بالبركة" (7: 13) عندما يُريحهم من أعدائهم (3: 20). إذا احترزوا للوصايا وعملوها (5: 1) تطول أيامهم (4: 26)، ويحسن الله إليهم (4: 40)، ويبارك عمل أياديهم (2: 7)، فيأكلون ويشبعون (6: 11) كما تشتهي نفوسهم (12: 15).
سفر التثنية بين أسفار موسى:
جاء سفر التكوين يهيئ البشرية لإدراك محبة الخالق للإنسان، الذي خلق العالم كله قصرًا يتمتع به ويملك ويسيطر. لقد قدم الله كل الحب، وردّ الإنسان على الحب بالعصيان، والاعتزال عن الله مصدر حياته. ومع هذا لم يتركه الله في موته، بل قدم له خطة الخلاص الفائقة.
وجاء سفر الخروج يعلن اختيار الله لشعبه كخميرة لتقديس البشرية، كان لابد من تحريرهم من العبودية ومن كل آثار للخطية، لكي ينطلق بهم من أرض العبودية إلى حيث الميراث وتحقيق الوعود الإلهية.
وجاء سفر اللاويين يقدم الشريعة الإلهية الخاصة بالعبادة للكشف عن التقديس بالدم والتمتع بالفداء. فإن الله القدوس يود أن يصير الإنسان مقدسًا على شبهه.
وفي سفر العدد يتدرب الشعب ويتعلم من الله خلال تجواله في برية هذا العالم، فيظهر الله قائدًا لشعبه في البرية يهتم بهم بنفسه.
أما وقد صار الشعب على أبواب كنعان التي حُرم منها الجيل السابق بسبب عصيانه وتمرده المستمر، لذا قدم لهم العهد يقودهم إلى التمتع بالمجد إن أعلنوا حبهم لله وشركتهم معه خلال الطاعة. هذه هي نغمة سفر التثنية. هكذا يدخل بهم إلى سفر يشوع حيث يرون الله الذي يمجدهم، مقدمًا لهم الميراث والمجد.
يمكننا في اختصار القول:
يُقدم سفر التكوين الله المحب للإنسان.
وسفر الخروج الله محرر الإنسان من العبودية.
وسفر اللاويين الله مقدِّس الإنسان.
وسفر العدد الله قائد الإنسان في رحلة غربته نحو السماء.
وسفر التثنية الله مقيم العهد مع الإنسان.
وسفر يشوع الله الممجد في الإنسان بالميراث الأبدي.
سفر التثنية وسفر إرميا[3]:
من يدرس السفرين يرى أن كاتب أحد السفرين كان مُلمًا بالسفر الآخر تمامًا. توجد كلمات مشتركة بينهما لم ترد في أي سفر آخر من أسفار الكتاب المقدس، وبعض العبارات مطابقة لبعضها البعض، بل والفكر متشابه يحمل ذات النغمة.
بالمنطق الطبيعي كان إرميا النبي مُلمًا إلمامًا كاملاً بسفر التثنية. فهو ككاهن دارس لأسفار موسى الخمسة منذ صباه، عاش في أحلك الظروف الروحية، فكان سفر التثنية يشغل قلبه وفكره كسندٍ له في عظاته للشعب. اقتبس من عظات موسى العظيم في الأنبياء لكي يتحدث بقوة مع الشعب. في أيامه اُكتشف سفر الشريعة، غالبًا يقصد به أسفار موسى الخمسة، ربما النسخة الأصلية التي تسلمها الكهنة من موسى النبي. بلا شك قام بعض المعلمين بدراسته وإلقاء الضوء عليه. فلا عجب أن اهتم إرميا النبي به واقتبس الكثير منه.
لا يمكن قبول أن كاتب السفرين هو واحد، وأن إرميا هو الكاتب لسفر التثنية، لأنه مع وجود عبارات مشتركة بينهما إلاَّ أنه يوجد أيضًا اختلاف في كثير من التعبيرات والألفاظ، لهذا كل ما فعله إرميا أنه تأثر بالسفر واقتبس منه.
لو أن الكاتب هو إرميا النبي ونسبه لموسى النبي لكان إرميا مخادعًا وغاشًا، الأمر الذي لا يتناسب مع شخصيته الصريحة والقوية، حيث وقف ضد الملك ورجاله والقيادات الدينية وعائلته والشعب أحيانًا. مثل هذا الشخص الذي يتحدى الكل علانية بكل قوة لن يلجأ إلى الخداع والكذب.
سفر التثنية والشعب اليهودي:
لعل من أهم آثار سفر التثنية ظهور جماعة الأسينيين Essenes الذين انسحبوا من برية يهوذا في القرن الثاني ق.م إلى شمال غرب البحر الميت (قمران)، وكان أحد ألقابهم: "جماعة العهد الأبدي". جاء في بدء الكتاب الذي ينظم هذه الجماعة: "كل من يأتي إلى نظام الجماعة يعبر إلى العهد أمام الله[4]". وجاء في أحد تسابيحهم: "مع كل نهارٍ وليلٍ سأدخل إلى عهد الله[5]". أحد طقوسهم الرئيسية التي كانوا يمارسونها هو الاحتفال السنوي لتجديد العهد على نمط ما ورد في (تث 27) حيث يعلن الكهنة البركة واللاويين اللعنة[6]. نظموا أنفسهم على نفس النهج الذي تم مع الجيل الجديد في البرية (تث 1: 15). لقد وُجد في مخطوطات قمران على الأقل 14 مخطوطًا لسفر التثنية.
سفر التثنية والعهد الجديد:
يرى البعض ما لسفر التثنية من أثر على المجتمع المسيحي في العهد الجديد، فهو أحد أربعة أسفار هامة من العهد القديم التي كان يرجع إليها المسيحيون وهي أسفار التكوين والتثنية والمزامير وإشعياء[7]. اقتبس العهد الجديد الكثير من السفر (حوالي 83 مرة)، من ال 27 سفرًا للعهد الجديد 17 سفرًا اقتبست من سفر لتثنية.
لهذا السفر أثره على اللاهوت بحسب إنجيل يوحنا. فإن المفهوم الكلي لوصية الحب الجديدة (يو 13: 34؛ 15: 12) تطابق فهم الوصية في سفر التثنية كأمر إلهي أساسي للحب، يطالب بعطاء الإنسان كيانه الكلي.
كان لهذا السفر مركز خاص لدى السيِّد المسيح، فهو السفر الوحيد الذي اقتبس منه السيِّد في حواره مع المجرب (قارن مت 4: 4 مع تث 8: 3؛ مت 4: 7 مع تث 6: 16؛ مت 4: 10 مع تث 6: 13)؛ وفي عظته على الجبل (مت 5: 13مع تث 24: 1)؛ وفي إجابته لأحد الكتبة (مر 12: 3 مع تث 6: 5). كما اقتبس منه عندما لخص الناموس (مت 22: 37).
سفر التثنية ومعاهدات الشرق الأوسط:
يرى Gerhard von Rad أن السفر يوحي بأنه حديث في احتفال ديني، ربما أُلقي في عيد تجديد العهد[8]، وأن السفر يحوي أربعة فصول رئيسية، وهي:
1. عرض تاريخي لأحداث سيناء مع تعليقات (1-11).
2. قراءة الشريعة (26: 12-15).
3. ختم العهد (26: 16-19).
4. البركات واللعنات (27 الخ).
رفض بعض الدارسين هذه النظرية، حيث لا يوجد في العهد القديم أية شهادة بوجود احتفالات دينية هكذا كما اقترحها von Rad. لكن كثير من الدارسين يرون أن السفر في هيكله يشابه إلى حد كبير هيكل المعاهدات التي كانت تبرم في الشرق الأوسط في الألف الثانية ق.م. (خاصة عند الحثيين)[9] من بين هؤلاء الدارسينG. E. Mendenhall معتمدًا على V. Korosvec (1931م) الذي يرى أن هيكل المعاهدة يتكون من:
أ. مقدمة للمعاهدة أو الدستور يعلنها الملك.
ب. مقدمة تاريخية توضح العلاقات القديمة بين الطرفين.
ج. الأسس العامة للمعاهدة والأسس الخاصة بها.
د. آثار المعاهدة من بركات لمن يفي بها، ولعنات تحل على من يكسرها.
ه. الشهود، غالبًا الآلهة التي تضمن تحقيق ما ورد في المعاهدة.
أضاف Mendenhall عنصرًا سادسًا وهو إيداع نسخة من المعاهدة في الهيكل، تُقرأ علنًا أمام الشعب على فترات دورية.
بهذه النظرة يرى بعض الدارسين مثل Merdith G. Kline أن سفر التثنية يُطابق الهيكل العام لأية معاهدة في ذلك الحين. لذا فالسفر يمثل وحدة واحدة، وهو عمل موسوي أصيل، حيث قدم معاهدة خلاصية أبرمها الله مع شعبه.
1. مقدمة المعاهدة أو الدستور بواسطة وسيط العهد (1: 1-5).
2. مقدمة تاريخية، أو تاريخ العهد (1: 6، 4: 49).
3. الأسس العامة للعهد الوصية العظمى (5: 1، 11: 32).
4. وصايا خاصة إضافية (12-26).
5. أثار العهد من بركات ولعنات، مع القسم بالتعهد (27-30).
6. استمرارية العهد (31-34).
أفاض الباحثون في الدراسة المقارنة بين العهد الذي يعلنه سفر التثنية والعهود القديمة في الشرق الأوسط، من بينهم [10]J. Wenham, D. J. McCarthy، وأكد كثيرون رفض دعوى أن الأصحاحات الثلاثة الأولى التاريخية جاءت إضافية للسفر فيما بعد، لأن المقدمة التاريخية تمثل عنصرًا هامًا في العهود القديمة. وأكدوا أن وضع الأصحاح 27 صحيح.
حقًا إن الأصحاحات (31-34) لا تنتمي إلى هيكل المعاهدة، لكنها تمس جوهر تجديد العهد، حيث كان لابد من إعلان إقامة يشوع خليفة لموسى النبي لإعلان استمرارية العهد، وجاءت تسبحة موسى (تث 32) منسجمة مع فكرة العهد.
أخيرًا أوضح Moshe Weinfield مع بعض الكتاب الحديثين أن هيكل السفر يتبع التقليد الحرفي للعهد المكتوب في ذلك الحين، وليس كما ادعى Rad Von بأن السفر مجرد عرض لما ورد في احتفال ديني[11].
الله يود دائمًا أن يُجدد العهد في كل عصر، وهو يطلب دومًا إخلاص شعبه له (6: 5؛ 10: 12-13). إنه يهيئ كل مؤمن لكي يحيا بروح المسئولية، مع الفرح الدائم تحت قيادة ملك الملوك الذي وهبه أن يتمتع بكنعان. يُقدم هذا السفر حقيقة هامة وهي أن الله الواحد الملك الحقيقي الذي خلص الشعب من عبودية فرعون يدخل بهم إلى الحياة السماوية.
التثنية كميثاق مع الله
العهد وحفظ حقوق الخليقة:
إن كان الله يود أن يدخل في ميثاق مع الإنسان يعلن فيه عن تبادل الحب بينهما على مستوى أبدي، فإن هذا العهد يهتم بحقوق الإنسان والحيوانات والطيور، فلا يعيش المؤمن بقلبٍ مغلقٍ بل متسع بالحب. وسنرى في سفر التثنية جوانب هامة يركز عليها العهد الإلهي، منها الآتي:1. الاهتمام بكل شخص، فمع ارتباط الإنسان بالجماعة وحبه لها، تحفظ الجماعة حق كل شخصٍ، مهما كان مركزه أو سنه أو وضعه الديني أو الاجتماعي. فالجماعة تقدس حق كل إنسانٍ وتحترمه. كل شخص مسئول عن تصرفه.
2. الشهادة الباطلة: يعطي العهد أمانًا للمؤمن، ويحفظه من شهود الزور والاتهامات الباطلة، لكي يعيش في أمان بلا رعب.
3. المرأة: يطلب العهد عدم استغلال ضعف مركز المرأة في المجتمع في ذلك الحين.
4. حرية الإنسان وكرامته، فيعمل العهد على تحطيم فكرة العبودية بالنسبة للمؤمنين كتهيئة لتحطيم فكرة العبودية بوجه عام.
5. الميراث: يحافظ العهد على ما يتمتع به المؤمن من ميراثٍ له في أرض الموعد.
6. الملكية: التزام المؤمن بعدم التعدي على تخوم الآخرين ونزع ملكيتهم.
7. ثمر التعب والعمل: حفظ حق الأجير أو العامل، لينال أجرته في يوم عمله بكرامة في غير مذلة.
8. راحة السبت: من حق الجسد والنفس أن يستريحا، ومن حق الأجير والعبد حتى الحيوانات أن تستريح.
9. الزواج: يهتم العهد بالحفاظ على العلاقات الزوجية والأسرية.
10. العدالة: لا يُقبل اتهام مهما كان خطيرًا بدون محاكمة عادلة وتحقق من كل واقعة.
11. النظام الجماعي: مع مساواة كل المؤمنين في عينيّ الله، يحترم كل مؤمن النظام الجماعي ويدرك مركز الآخرين ويعطي الكرامة لمن يستحقها.
12. الخضوع للناموس والوصية: لا يوجد شخص، مهما كان مركزه الديني أو المدني، فوق القانون والوصية الإلهية.
13. الحيوانات: خُلق الحيوان لخدمة الإنسان، ويلتزم الإنسان بالاهتمام به.
سفر التثنية والحرب المقدسة:
عالج السفر موضوع الحرب المقدسة، فوضع نظامًا للسلوك في الحرب (20: 1-9)؛ وكيفية التعامل مع المدن التي تسقط في أيديهم (20: 10-18)، ومع المسبيات (21: 10-14)، وقدسية رجال الحرب (23: 10-14)، وإعفاء المتزوجين حديثًا من الاشتراك في الحرب (24: 5)، والتعامل مع عماليق (25: 17-19).
لماذا سمح الله للشعب أن يُبيد الشعوب المحيطة بلا شفقة؟
أ. كانت هذه الشعوب تمثل الخطايا التي يجب إبادتها، ولم يكن ممكنًا للشعب في بداية حياته الروحية أن يميز بين الخاطئ والخطية، فقتل الخاطئ كان يعني تحطيم الخطية ونزعها.
ب. كان الفساد الذي دبّ بين هذه الشعوب غير محتمل، ففي عبادة البعل تُقدم الأمهات أطفالهن في النار ليحترقوا بين ضربات الطبول كي لا تُسمع صرخات الأطفال؛ بجانب تكريس النساء والفتيات أنفسهن للزنا ليجمعن مالاً للهياكل. فهلاك الأمم بحياتهم العنيفة والفاسدة أخطر من قتل الجسد.
ج. كان لابد من تهيئة شعب مقدم للرب حتى يخرج منه المخلص وعندئذ ينفتح باب الخلاص أمام كل العالم. هذا وقد كان الشعب يتأثر جدًا بالشعوب المحيطة به. مع كل تحذيرات الرب لهم، ومع طلب إبادتهم انحرفوا إلى الشركة مع الشعوب الوثنية في العبادة الوثنية وممارسة الرجاسات وعنفهم في تقديم ذبائح بشرية. فماذا كان حالهم لو لم تصدر هذه الأوامر إليهم؟ لقد أراد تنقيتهم ليهيئهم كشعبٍ إلهيٍ نقيٍ لخدمة الأمم فيما بعد.
د. ما يشغل ذهن الله ليس إبادة الشعوب الوثنية في هذا العالم، وإنما هلاكهم الأبدي.
وبالرغم من ذلك نرى أنه كثيرًا ما أظهر الله مراحمه نحو أفراد أو جماعات الشعوب المحيطة بشعبه حينما استجابوا لناموسهم الطبيعي أو أذعنوا لإنذاراته التي أرسلها لهم. فلم يُهلك الله أبيمالك ملك جرار حينما حاول أخذ سارة زوجة أبينا إبراهيم بل قال له: "علمتُ أنك بسلامة قلبك فعلت هذا وأنا أيضًا أمسكتك عن أن تخطئ إليَّ، لذلك لم أدعك تمسها..." (تك 20: 6).
كذلك أُستحْيت راحاب الزانية وبيت أبيها وكل مالها وسكنت في وسط إسرائيل، لأنها خبأت الرسولين الذين أرسلهما يشوع لكي يتجسَّسا أريحا (يش 2، 5)، وصارت ضمن سلسلة أنساب السيِّد المسيح بالجسد! وامتدح السيِّد المسيح ملكة التيْمن ورجال نينوى وقال: "سيقومون في الدين مع هذا الجيل ويدينونه" (لو 11: 29-32).
وحدة السفر:
حاول الدارسون فصل الأصحاحات (1-4، 27، 29-31)، عن السفر، مدّعين أن مصادر هذه الأصحاحات مختلفة عن بقية السفر. لكن من يدرس مفردات السفر وطابعه اللغوي يدرك ليس فقط وحدة هيكل السفر، بل يدرك وحدة قوية في طابعة اللغوي أيضًا، إذ يتسم السفر كله بالبساطة والوضوح وطابعه الوعظي.
تشابه اللغة في كثير من أسفار العهد القديم خاصة في الأسفار التاريخية يرجعه البعض إلى تأثير الكتاب بطابع سفر التثنية في أيام الملوك. مع نهاية القرن التاسع عشر حاول S.R. Driver أن يقدم وصفًا لمفردات السفر وطابعه وقد بقى هذا البحث إلى يومنا هذا له تقديره الخاص[12].
أهم ما ورد فيه:
الوصايا العشر (5: 6-21).
الشيما "اسمع يا إسرائيل" (6: 4-9).
عن الأنبياء الكذبة (13: 1-5).
عن العرافين الكذبة (18: 9-15).
عن العهد الفلسطيني (29: 1-20، 30).
محتوياته:
1. أعمال الله الخلاصية التاريخية [1-3].
2. دعوة للطاعة للوصية [4].
3. متطلبات الله الأساسية [5-11].
4. الأسس الرئيسية في الحياة العملية [12-26].
5. كيف تحيا أمة تمارس هذه الأساسيات [27].
أوضح السفر الحاجة إلى أربعة أمور لكي يحفظ الشعب ونسله العهد:
أولاً: الحاجة إلى القلب، فمع حديثه عن تفاصيل كثيرة خاصة بالشريعة ركز على القلب (6: 4-5)، فيه يتكرس كل كيان الإنسان بطاقاته وإمكانياته للرب.
ثانيًا: الحاجة إلى العمل، فالشهادة الحيّة للوصية هي التي تنبع عن القلب، والتي تمارس في الحياة اليومية. لهذا كثيرًا ما يردد "احفظ الوصايا".
ثالثًا: الأبوة، لا يمكن لجيلٍ ما أن يُقدم الوصية للجيل التالي ما لم يحمل روح الأبوة الصادقة (6: 7-9). بهذه الأبوة الحانية يتذوق الجيل أبوة الله.
رابعًا: الاهتمام بكل الطبقات، خاصة المحتاجين والمرذولين والمتضايقين. جاءت الشرائع تمس كيان الغرباء (1: 16-17؛ 10: 18-19)، والأرامل والأيتام (10: 18؛ 14: 28-29)؛ والكهنة واللاويين الذين عند الباب (14: 27-19؛ 18: 1-8)، والعبيد (15: 12-18)، والنساء المُغتصبات (22: 23-29)؛ والمدينين (15: 1-3)؛ والفقراء (15: 4-11)؛ والمسبيات في الحروب (21: 10-14)، والأجراء الفقراء (24: 14-15).
أقسامه:
يمكن القول بأن هيكل السفر يقوم على ثلاث عظات بخطة فائقة محددة. العظتان الأولى والثالثة مختصرتان، بينما العظة الثانية طويلة جدًا.
1. العظة الأولى [ص 1-4]: ركزت على معاملات الله مع شعبه عند خروجهم من مصر، ورعايته لهم وحمايتهم. مع تأكيد التأديب للعصاة. تبدأ العظة بمقدمة للسفر كله (1: 1-5)، وتنتهي بحث موسى النبي شعبه أن يقابل حب الله بالطاعة له وحفظ الوصية (4: 1-40)، يليه ملحق عن مدن الملجأ (4: 41-43).
2. العظة الثانية [ص 5-28]: أوضحت تطبيق العهد مع الله والشرائع المذكورة في الخروج بما يناسب الشعب بعد دخولهم أرض الموعد، وقد ركزت على تجنب عبادة الأوثان والرجاسات الوثنية. وإقامة مقدس في الوسط، والإعداد للمملكة. تعتبر صُلب السفر أو قلبه النابض، تبدأ بالأصحاح الخامس بعد مقدمة مختصرة (4: 44-49).
3. العظة الثالثة [ص 29-30]: يتنبأ موسى النبي عن سقوط الشعب في المستقبل القريب، لذا تحدث عن البركات واللعنات. وأيضًا عن السقوط في المستقبل البعيد، فتحدث عن تشتيتهم بين الأمم وعودتهم. تُختم العظة بإعلان عن الخيار بين قبول الموت أو الحياة (30: 15-20).
4. أعمال ووصايا ختامية [ص 31-34] (ملحق للعظات الثلاث): إذ لم يُسمح لموسى النبي بالدخول إلى أرض الموعد أقيم تلميذه يشوع خليفة له. أخيرًا في الأصحاح 34 يستعرض الكاتب نياحة موسى النبي.
كاتب السفر
أجمع اليهود والمسيحيون خلال التقليد أن موسى النبي هو كاتب هذا السفر، ما عدا الجزء الأخير منه الذي يؤرخ موت موسى النبي، فتُنسب كتابته إلى يشوع بن نون أو ألعازار الكاهن. ويرى البعض أن ما ورد هنا سلَّمه موسى شفاهًا في بادئ الأمر ليُكتب بعد ذلك (1: 3؛ 31: 24-26).
حاولت المدرسة النقدية الهجوم على هذا السفر بعنف من جهة نسبته لموسى، إذ قيل أنه كتبه بعض المؤلفين المجهولين بعد 600 سنة على الأقل. وظهرت نظرية في مطلع هذا القرن ادعت أن نبيًا غير معروف صاغ مادة السفر قبل الإصلاح الذي جرى في أيام يوشيا عام 621 ق.م. (1 مل 22-23). وتفترض النظرية أن كتابة السفر كانت بقصد الإصلاح الديني عامة، وبقصد تركيز العبادة في أورشليم خاصة، سيما وأن عبادة الله كانت تجري حتى ذلك الوقت في المرتفعات وكانت تُعتبر قانونية.
غير أن السفر نفسه لا يورد ذكرًا لهذه المرتفعات في معرض الحديث عن الشرائع (ص 12-26) ولا في الأحاديث التي قبلها (شرح 12: 2)، ولا في الأمر ببناء مذبح على جبل عيبال (شرح 27: 5) وهذا يجعل قبول النظرية السابقة صعبًا. وقد افترض بعض العلماء العصريين أن السفر كُتب بعد السبي، وقال البعض أنه كُتب في أواخر زمن حزقيا، وقال آخرون أنه كُتب في عهد داود. وكل نظرية من هذه تهدم النظريات الأخرى! والاتجاه اليوم ينحو نحو الاعتراف بأن موسى هو كاتب معظم أجزاء السفر.
اعتمد النقاد في رفضهم نسبة السفر إلى موسى أساسًا على أنه لم تكن توجد كتابة في أيامه، لكن تبين أن الكتابة ترجع إلى عصر ما قبل موسى[13].
يقولون أيضًا أن السفر كُتب لتمجيد الكهنوت في أورشليم، لكن واضح أن السفر لم يُشر قط لا إلى الكهنوت ولا إلى أورشليم[14].
شهادات داخلية عن كاتب السفر[15]:
يحمل السفر شهادات داخلية وخارجية تؤكد بقوة أن واضع السفر هو موسى النبي، بوحي الروح القدس:
1. ورد في السفر نفسه أن الكاتب هو موسى النبي (1: 5؛ 31: 9، 22، 24، 30).
2. تنسب أسفار العهد القديم الأخرى هذا السفر كما الأسفار الخمسة الأولى لموسى النبي (يش 1: 7؛ قض 3: 4؛ 1 مل 2: 3؛ 8: 53؛ 2 مل 14: 6؛ 18: 6، 12؛ عزرا 3: 2؛ مز 103: 7؛ ملا 4: 4).
3. نسب السيِّد المسيح السفر لموسى النبي (مت 19: 7-9؛ يو 5: 45-47). وأيضًا كتّاب العهد الجديد (أع 3: 22؛ 7: 37-38؛ رو 10: 19).
4. واضح أن السفر كان معروفًا لكتبة كثير من الأسفار مثل القضاة وراعوث وصموئيل الأول والثاني، وملوك الأول والثاني مما يظهر أن السفر كان معروفًا من بعد نياحة موسى مباشرة، وكان مستخدمًا في إسرائيل.
5. اقتبس كثير من الأنبياء من سفر التثنية أو كان الأنبياء مُلمِّين بما جاء به:
أ. واضح من سفر إرميا أن الكاتب كان أمامه سفر التثنية وفي ذهنه.
ب. كان السفر معروفًا لدى إشعياء النبي كما يظهر من المقارنات التالية.
(إش 1: 2 مع تث 32: 1؛ إش 1: 10 مع تث 32: 32؛ إش 1: 17مع تث 28: 27؛ إش 27: 11مع تث 32: 8؛ إش 41: 8 مع تث 7: 6؛ 14: 2؛ إش 41: 10مع تث 31: 6؛ إش 42: 2 مع تث 32: 15؛ إش 46: 8 مع تث 32: 7؛ إش 50: 1 مع تث 24: 1؛ إش 46: 8 مع تث 32: 7؛ إش 50: 1 مع تث 24: 1؛ إش 58: 14 مع تث 32: 13؛ إش 59: 10؛ 65: 21 مع تث 28: 29؛ إش 8 مع تث 28: 31).
ج. يوجد تلميح في عاموس وهوشع ما يوضح أن السفر كان معروفًا في أيامهما. من ذلك عا 4: 6-10، 11 (تث 28: 15الخ)؛ عا 6: 12(تث 29: 18)؛ عا 8: 14 (تث 8: 21؛ 6: 13)؛ عا 9: 14-15 (تث 30: 3). هو 4: 14 (تث 23: 17-18)؛ هو 4: 10 (تث 19: 14؛ 27: 17). هو 5: 14 (تث 22: 39)؛ هو 6: 1؛ 5: 4 (تث 32: 39؛ 28: 68). هو 13: 9 (تث 8: 14)؛ هو 13: 9 (تث 33: 26).
6. يتضح في السفر خصائص موسى النبي، كما وضحت في الأسفار السابقة بطرق متعددة، مثل روحه الحماسية، وحديثه الخارج من كل قلبه (خر 2: 12-13) ومقدرته ككاتب وقائد، وتركيزه على التعاليم الأساسية دون إهمال التفاصيل، وحديثه النابع عن اختباراته الواسعة. بل إن أسلوبه الشعري والنثري يثير الإعجاب. وذكر الله المتكرر على لسانه كعبد الرب المكرس (34: 5). وقوة إعلانه للحق واضحة في هذا السفر كما وضحت في تاريخه المسجل في سفريّ الخروج والعدد.
7. نرى تذكارات موسى المختلفة تتضح في لمحات خاطفة في خطاباته (9: 22) وفي الحديث عن استلامه الشريعة (24: 9)، مع ذكرى الأحداث والأفكار والصلوات والعواطف الشخصية لموسى الواضحة في كل خطاباته.
8. يبدو أن السفر يُناسب عصر موسى النبي، وليس أيام يوشيا كما يُدعي البعض، فمن الجانبين الجغرافي والتاريخي يشير إلى ما يناسب الفترة ما بين الخروج ودخول أرض الموعد. يشعر القارئ بنفسه كأنه يعبر وادي زارد (2: 13) ويتوقف في برية قديموت (2: 26) وهو يدور في الطريق إلى باشان ويمكث في الجواء مقابل بيت فغور (3: 29).
9. تظهر بعض الدراسات الحديثة أن السفر يتبع شكل المعاهدات المستخدمة ما بين القرنين 15، 14 ق.م، الشكل الذي يناسب هذا التجديد للعهد، كما رأينا قبلاً.
10. يحوي السفر تحريم الأمم والشعوب التي في كنعان وعدم إقامة عهد معهم وعدم الإشفاق عليهم (تث 7: 1-15). لو أن الكاتب في عصر ما بعد موسى النبي، حيث امتلك الشعب كنعان في أيام يشوع لكانت هذه الوصية عقيمة وبلا نفع.
11. الوصية الخاصة بخلع نعل الولي الذي يرفض أن يُقيم نسلاً للميت (تث 25: 9)، حسبت وصية قديمة في أيام راعوث (را 4: 7) في عصر القضاة، فلو أن السفر كُتب بعد القضاة لما وردت هنا بهذا الأسلوب كوصية لم يسبق ممارستها.
12. جاء الأمر في هذا السفر بمحو ذكر عماليق (تث 25: 17-19). ما كان يجب ذكره هنا لو أن السفر قد كتب بعد الانتهاء من الحرب مع عماليق، إذ لم يعد لهم ذكر فعلاً بعد استلامهم أرض الموعد مباشرة. نفس الأمر بالنسبة للدخول في حرب مع الكنعانيين (تث 20: 16-18).
13. ما ورد في (تث 17: 14-20) يؤكد أن الكاتب جاء قبل إقامة شاول ملكًا في أيام صموئيل النبي، وإلاَّ كان قد أشار إليه كملكٍ استغل سلطانه على حساب شعبه.
14. مما ورد في (تث 17: 16) واضح أن خطر عودة الشعب إلى مصر قائم، وهذا لم يعد قائمًا بعدما الانتصار على شعوب كنعان واستلام أرض الموعد.
15. يكشف الحديث عن مدن الملجأ (تث 19) عن أن المتحدث والسامعين لم يكونوا بعد قد دخلوا الضفة الغربية، ولم تكن قد تحددت بعد مدن الملجأ بالاسم، هذه التي حُددت في أيام يشوع بن نون بعد الاستيلاء على الضفة الغربية.
16. يرى بعض الدارسين أن السفر لا يحوى عبارة واحدة تكشف عن أن السفر لاحق لعصر موسى سوى موته ودفنه. وأن جو السفر العام يدل على أن الكاتب هو موسى النبي أو أحد معاصريه، مثل الإشارات الكثيرة عن وجودهم في مصر والخروج منها، والتهيئة للدخول إلى الضفة الغربية.
الاختلافات بين سفر التثنية وأسفار موسى السابقة:
يُحاول بعض الدارسين تأكيد أن كاتب السفر ليس موسى النبي، مقدمين دلائل على ذلك بوجود اختلافات بين هذا السفر وما ورد في الأسفار الأربعة السابقة، من أمثلة ذلك:
1. جاء في (تث 1: 22) إلخ. أن الشعب هو الذي اقترح على موسى النبي إرسال الجواسيس، بينما جاء في (عد 13: 1، 3) أن الله هو الذي أصدر أمره بإرسال الجواسيس. لا يوجد تعارض بين النصين بل تكامل، فقد اقترح الشعب ذلك على موسى، وإذ عرض الأمر على الله أصدر أمره بذلك فأطاع موسى الله لا الشعب.
2. جاء في (تث 1: 37؛ 3: 26، 4: 21) أن الله غضب على موسى بسبب الشعب فحُرم من الدخول إلى أرض الموعد، وجاء في (عد 20: 12؛ 27: 14) أن الله حرم موسى وهرون من ذلك بسبب عدم إيمانهما وعدم تقديسهما الله. إن عدنا إلى (تث 32: 51) نجد الحديث مطابقًا لما ورد في سفر العدد إذ يقول: "لأنكما خنتماني في وسط بني إسرائيل عند ماء مريبة قادش في برية صين إذ لم تقدساني في وسط بني إسرائيل". لا يوجد تعارض فإن السبب المباشر لحرمان موسى هو خطيته إذ لم يقدس الله في تلك اللحظات، والسبب الذي دفع موسى إلى ذلك هذا تذمر الشعب وتمرده.
3. تحدث سفر التثنية عن تقديم الذبيحة في موضع واحد يختاره الرب بينما لم يُشر ذلك في الأسفار الأخرى. هذا الاعتراض غير صحيح فقد أشير إلى ذلك في (لا 17: 8-9). أما ما ورد في (خر 20: 24) عن تقديم العبادة في أماكن كثيرة فقد جاء بعد استلام الشريعة مباشرة على جبل سيناء حيث كان الشعب كثير التنقل، وكان المقدس يتحرك معهم، فكأن الله يؤكد لهم أنه حيثما وُجد المقدس بينهم تكون عبادتهم مقبولة.
4. جاء في (عد 18: 20-32) أن اللاويين ليس لديهم أية ممتلكات بين بني إسرائيل، فيأخذون العشور من الأسباط الأخرى مقابل خدمتهم للهيكل، وهؤلاء بدورهم يعطون عشورهم لهرون الكاهن. وجاء في سفر التثنية (14: 22-29) أن بني إسرائيل يقدمون العشور أمام الهيكل من الحقول والقطيع لللاوي والغريب والأرملة واليتيم عند أبوابهم. فيرى البعض أن ما ورد في سفر العدد كتبه موسى النبي وما ورد في سفر التثنية كتب مؤخرًا، وأن القانونين مختلفين في مضمونهما، ولا يمكن التوفيق بينهما. لكن الواقع أن القانون الأول هو قانون عام يلتزم به الكل حيث تقدم العشور لللاويين العاملين في الهيكل. لكن إذ كان الشعب داخلاً أرض الموعد حيث الفيض من الخيرات لذا طالبهم بعشور أخرى إضافية يمارسونها في فلسطين كما يشهد بذلك التلمود وأيضًا يوسيفوس المؤرخ اليهودي. العشور الأولى للاويين والثانية للعيد، وفي السنة الثالثة العشور الثانية تخصص للفقراء والمحتاجين[16].
أُشير إلى العشور الثانية في طوبيا (1: 7). وتُعتبر العشور الثانية في السنة الثالثة هي "عشور ثالثة".
5. يذكر سفر التثنية (12: 17-18) أن المؤمن يأكل العشور والنذور في المكان الذي يختاره الرب، هو وابنه وابنته وعبده وأمته واللاوي الذي في أبوابه، ويفرحون أمام الرب. وجاء في سفر العدد (18: 15-18) أن أبكار الحيوانات تقدم للرب، فيأكل الكاهن صدر الترديد والساق اليمنى. يتساءل البعض كيف يأكل الشعب في بيت الرب الأبكار بينما في سفر العدد تعتبر ملكًا للرب ويأكل الكاهن نصيبًا منها. يُرَد على ذلك أنه لم يذكر في سفر التثنية أن الشعب يأكلون كل الذبيحة، ولا في سفر العدد أن الكاهن يأكلها بالكامل. لكن سفر العدد حدد نصيب الكاهن، وأما بقية الذبيحة فيتسلمها مقدمها ويتصرف فيها كما جاء في سفر التثنية.
6. ورد في (خر 29: 27-28) وفي (لا 7: 28-34) أن صدر ذبيحة الشكر والساق اليمنى من نصيب الكاهن، وجاء في (تث 18: 3): "وهذا يكون حق الكهنة من الشعب من الذين يذبحون الذبائح بقرًا كانت أو غنمًا، يعطون الكاهن الساعد والفكِّين والكرش". يقول النقاد أن ما ورد في تثنية مختلف عما ورد في الخروج والعدد فلا يمكن أن يكون الكاتب هو موسى النبي. يرد على ذلك أن ما ورد في سفر التثنية لم يقل أن هذا هو كل نصيب الكهنة، إنما هو إضافة لما سبق أن وُهب لهم. فوضع الكهنة واللاويين أثناء تجوالهم مع الشعب في البرية، يشتركون معهم في عطايا الله المجانية كالمن والماء الخارج من الصخر، ولم يكن الكل محتاجًا إلى ثيابٍ أو أحذيةٍ الخ جعل احتياجات الكهنة واللاويين قليلة. أما وقد جاء وقت الدخول إلى أرض الموعد وسينال الشعب ميراثًا ضخمًا دون الكهنة واللاويين، صاروا في حاجة إلى نصيبٍ أكبر يعوضهم عن عدم نوالهم نصيب من الأرض.
7. في سفر العدد (35: 1-8) حُددت 48 مدينة بحقولها لللاويين، وقد قام يشوع بتوزيعها بينهم بالقرعة (يش 20)، بينما كثيرًا ما يردد سفر التثنية تعبير "اللاوي عند أبواب بيتك" دون إشارة إلى مدن اللاويين، فيبدو اللاويون كغرباء بلا مدن وبلا بيوت. يُرد على ذلك أنه ليس لللاويين نصيب في الأرض، وأن هذه المدن مأخوذة من أنصبة الأسباط الأخرى ليسكن فيها اللاويون مع حيواناتهم، لهذا فمع وجودهم في هذه المدن هم خارج مدن بقية الأسباط كمن عند أبوابهم، ويلتزم الأسباط بإعالتهم.
8. يرى البعض في تعبير "في عبر الأردن" (تث 1: 1) إن الكاتب موجود في غرب الأردن ويتحدث عن موسى في الضفة الأخرى من الأردن أي الشرقية، بهذا لا يمكن أن يكون كاتب السفر هو موسى النبي. يرد على ذلك بأن موسى النبي استخدم التعبيرات الشائعة في أيامه. فتعبير "عبر الأردن" كان شائعًا بين الكنعانيين قبل عبور الشعب إلى شرق الأردن. وأيضًا كاستخدامه تعبير " نحو الغرب" عن "تجاه البحر" و"نحو الجنوب" قاصدًا "النجب"، مع أن البحر بالنسبة لموسى لم يكن غربه ولا نجب جنوبه، لكنه استخدم تعبيرات الشعوب المحيطة به في ذلك الحين. فقد كتب موسى وهو في سيناء عن نجب "تجاه الجنوب" مع أنها كانت شماله"، لكن نجب كانت معروفة في كل المنطقة بهذا التعبير.
هذا الأمر طبيعي حتى في عصرنا الحالي فلو أن شخصًا ما في Edinburgh يتحدث عن أمر حدث ما في Norfolk يذكر اسم Norfolk التي تعني "North-folk" مع أن موقعها بالنسبة لادنبرج ليس في الشمال بل في الجنوب، بينما Southerland (تعني أرض الجنوب) وتقع في الشمال من Edinburgh.
موسى النبي كمعلِّم
لم يسجل لنا الكتاب المقدس في عهديه القديم والجديد عظات وداعية لنبي من الأنبياء، أو أحد تلاميذ السيِّد المسيح أو رسله، مثلما سجل عظات موسى النبي الثلاث قبل نياحته بشهرٍ واحدٍ، كادت أن تشمل السفر كله. موسى النبي الذي بدأ خدمته بالاعتذار عن القيام بهذه الرسالة النبوية الخلاصية بسبب ثقل لسانه يختتم حياته بتسجيل عظاته كمعلم ناجح.
يكشف هذا السفر عن شخصية موسى النبي كمعلم التي تحمل الملامح التالية:
أولاً: كما سبق فأوضحت في سفر الخروج أن موسى النبي الذي كان في بدء خدمته يشعر بعجزه الكامل عن الكلام لأنه ثقيل اللسان صار معلِّمًا لشعبه، بل وتعلم بعض الفلاسفة اليونانيين منه الكثير[17].
ثانيًا: كان حديثه ممتزجًا دائمًا بالحب العملي، وكما قال عنه الرسول بولس: "بالإيمان موسى لما كبر أبى أن يُدعى ابنًا لابنة فرعون، مفضلاً بالأحرى أن يُذل مع شعب الله على أن يكون له تمتع وقتي بالخطية، حاسبًا عار المسيح غنى أعظم من خزائن مصر، لأنه كان ينظر إلى المجازاة" (عب 11: 24-26). هكذا حسب آلام خدمته ومشاركته شعبه في أتعابهم، شركة حمل عار الصليب مع السيِّد المسيح مخلص شعبه، حاسبًا كل مرارة رصيدًا حيًّا لحسابه. كمعلم يحمل قلبًا أبويًا صادقًا يطلب عن شعبه غفران خطاياهم قائلاً: "والآن إن غفرت خطيتهم وإلاَّ فامحني من كتابك الذي كتبت" (خر 32: 32). جاء سفر التثنية يكشف بقوة عن قلب المعلم الأب المملوء حبًا وحنانًا نحو شعبه[18].
ثالثًا: من ثمار الأبوة الحانية أن يعرف المعلم الصادق أن يتعامل مع الأجيال الجديدة. فلا يشعر الجيل الجديد بما ندعوه حاليًا "الفجوة بين الأجيال". لم يشعر الجيل الجديد الحديث السن بفارق السن بينه وبين موسى الشيخ البالغ 120 عامًا، لأنه في أبوته يعرف كيف يدخل إلى عالمهم حتى لحظاته الأخيرة، ويتعامل معهم كواحدٍ منهم في غير تصلف ولا استخفافٍ بهم. شكوى الكثيرين أن المعلمين، خاصة الشيوخ، يمثلون جيلاً قديمًا متصلِّفًا مستخفًا بسلوكيات الجيل الجديد وأفكارهم ومفاهيمهم، فتحدث فجوة بين المعلِّمين والأجيال الحديثة.
رابعًا: لعلَّه من عوامل نجاح موسى النبي كمعلم أنه قد سيطرت البهجة الداخلية على قلبه حتى شيخوخته، فنراه في هذا السفر يقدم وهو في المائة والعشرين من عمره أغنية أو تسبحة جديدة للرب. يعرف الفرح حتى في شيخوخته، ويعرف التجديد المستمر حتى في تسابيحه. الأمر الذي يصعب أن نراه في كثير من المعلمين الشيوخ.
خامسًا: معلم مستقبلي يتطلع بعيني قلبه إلى المستقبل، فيدرك احتياجات شعبه عبر رحلته الطويلة. كان حديثه في عظاته في هذا السفر يستند على معاملات الله مع شعبه في الماضي، لا ليعيشوا في تاريخٍ قديمٍ جامدٍ، بل لكي ينطلق بهم إلى نظرة مستقبلية خاصة بدخولهم أرض الموعد وإقامتهم هناك.
كقائدٍ حيّ ارتفع على جبل نبو قبل موته بأمر إلهي، ليرى الأرض التي لم يدخلها بعد شعبه. هكذا يليق بالمعلم الحقيقي أن يرتفع دومًا بأمر إلهي ليرى المستقبل، ويعمل بنظرة مستقبلية حيّة قد لا يدركها الجيل الحاضر، بل وأحيانًا يستخف بها ويحسب المعلم غير واقعي.
من وحي سفر التثنية
وصيتك سندي في رحلة حياتي
نفسي تئن مشتاقة إلى الحب.
هب لي مع نبيك موسى أن أتقبل وصيتك.
ألمس فيها ينابيع حبك الفائقة.
لا أرى فيها أوامر أو نواهٍ،
بل أرى فيها شوقك إلى الدخول معي في عهد أبدي.
أحببتني أولاً... لأحبك!
وصيتك تحوِّل حياتي إلى سيمفونية حب.
أتغنى بحبك حتى النسمة الأخيرة من حياتي.
أنطق بتسابيح حبك مع موسى النبي حتى أنطلق.
وصيتك تقدس كياني كله،
فتصير كلماتي مباركة،
أشتهي مع موسى النبي أن أبارك كل إنسان!
أود أن يكون الكل قادة عاملين في كرمك!
لأصعد مع موسى النبي إلى الجبل وحدي.
هناك أموت غريبًا فانطلق إلى وطني.
ليس من يكفِّنِّي أو يدفنِّي.
بل تمتد يد حبك لتهتم حتى بجثماني.
أنت حبي، أنت حياتي!والمجد لله دائما