هل مازال المسيحيون يحترمون الوصايا الشعر ويعملون بموجبها؟
لا شك أن المسيحيين ما زالوا يحترمون الوصايا العشر لأنها وصايا الله، وأن التعليم المسيحي ينظر إلى الوصايا العشر بأنها مرآة عاكسة يرى الإنسان أخطاءه بواسطتها عندما ينظر إليها. وعندما يرى الإنسان خطأه، عليه أن ينظر إلى نعمة الله ومحبته وغفرانه الذي أعدّه الله في المسيح يسوع وعلى من يؤمن بالمسيح يسوع أن يحاول السير في خطاه واتباع الناموس الكامل.وأن الفرق بين إيمان المسيحيين، وإيمان المؤمنين في العهد القديم، هو أن مؤمني العهد القديم كانوا يسيرون بموجب الشريعة أو الناموس، ويحاولون تطبيقها حرفياً، كما أنهم كانوا يعتمدون على الذبائح والمحرقات للتكفير عن خطاياهم. فكانت هناك شرائع وقوانين دينية وأدبية واجتماعية وشعائر وتقاليد يفرض على المؤمنين التقيّد بها لإرضاء الله. أما المؤمنون في العهد الجديد فإنهم لا يتقيدون بتلك القوانين والشعائر والطقوس، بل عليهم أن يعملوا بروح المحبة التي علّمهم إياها يسوع ويؤمنوا بالمسيح المخلص ويسيروا في خطاه. فحفظ الوصايا والتقاليد والشعائر بحسب تعاليم العهد القديم لا تكفي لخلاص الإنسان، لأن الكتاب المقدس يشير إلى أن الناموس يتطلب الكمال، والمعروف أنه ليس من إنسان كامل يستطيع أن يتقيد كلياً بالعمل بالوصايا كلها دون أن يكسر واحدة منها. وإذا كسر الإنسان آية وصية فكأنه كسرها كلها. ويقول الكتاب المقدس بهذا الصدد: لأن من حفظ كل الناموس، وإنما عثر في واحدة فقد صار مجرماً في الكل. لأن الذي قال لا تزن قال أيضاً لا تقتل. فإن لم تزن ولكن قتلت فقد صرت متعدياً للناموس (يعقوب 2: 10-11). وبما أنه لا يستطيع أحد أن يعمل بكل الوصايا دون أن يخطئ بواحدة منها، كانت الذبائح تقدم في العهد القديم. ولكن المسيح بإكماله الناموس، بذبيحة نفسه أبطل عهد الذبائح، ولم يعد من الضروري أن يقدم الناس الذبائح لأجل خلاص نفوسهم، لأن يسوع بذل نفسه فدية لأجل الجميع (تيموثاوس 2: 6).
وبما أن السيد المسيح أبطل عهد الذبائح، لهذا لا يقدم المسيحيون الذبائح التي كان الناس يقدمونها في العهد القديم، فالرب يسوع قدّم نفسه مرة واحدة كذبيحة مرضية. وإنه بذلك لم يقدم نفسه كحمل للذبح عن خطايا المسيحيين فقط بل عن خطايا كل العالم. ويقول الكتاب المقدس بهذا الصدد: هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم (يوحنا 1: 29). وهو الذي أبطل الخطية بذبيحة نفسه (عبرانيين 9: 26). وكذلك أيضاً أبطل عهد الذبائح إلى الأبد (عبرانيين 10: 14). ولهذا فإن الخلاص من الخطية في العهد الجديد ليس بتقديم الذبائح والمحرقات، وإنما هو هبة من الله كما ورد في الكتاب المقدس، لأنكم بالنعمة مخلصون بالإيمان وذلك ليس منكم. هو عطية الله (أفسس 2: 8).
هذه هي الفرو قات بين إيمان المسيحيين. وإيمان المؤمنين في العهد لقديم. فالمسيحيون يؤمنون أن الله المحب يبرر الإنسان بالنعمة التي يهبها مجاناً لكل من يؤمن. والمسيح، الإله المتجسد هو عطية السماء لسكان الأرض، وكان مجيئه إلى العالم تعبيراً عن محبة الله القدوس نحو الإنسان الخاطئ، ورغبة منه في خلاصه، كما ورد في الآية الكريمة القائلة: لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية (يوحنا 3: 16).