كيف يلعن الله الحية ثم يقول كونوا حكماء كالحيات ويأمر موسى بصنع حية من نحاس للشفاء ؟
الشبهة :كيف الرب الاله يلعن الحية ومن ثم الرب يسوع المسيح له المجد يقول كونوا حكماء كالحيات. وايضا يقول الله القدوس لموسى إصنع حية من نحاس وعلقها مثل وثنالرد :
شرحت امر مشابه في ملفالحية النحاسية سفر العدد 21.
وأيضا
ماذا لعنة الحية وما ذنبها
الحية التي لعنت في سفر التكوين كما وضحت الكلام مقصود به الشيطان الذي تلبس في حية والذي تكلم بلغة البشر هو الشيطان المتلبس في الحية
وبخاصة ان الكلمة العبري نحاش او الثعبان بالمذكر والشيطان هو الذي تلبس في الحية. فالكلام عنه.
والعدد يقول
سفر التكوين 3: 1
وكانت الحية احيل جميع حيوانات البرية التي عملها الرب الاله فقالت للمراة: احقا قال الله لا تاكلا من كل شجر الجنة؟
ولكن كلمة كانت هي היה هاياه وتعني أصبحت (وأيضا التصريف بالمفرد المذكر)
ولهذا تقريبا اغلب التراجم كتبت Now the serpent was والان اصبحت الحية. وهذا يعني ان هذه الحية تحديدا أصبح لها شيء مميز جدا في هذا الوقت. ومن هذا نفهم ان هذه الحية قد تلبسها الشيطان والان اصبحت هذه الحية تحديدا احيل من جميع حيوانات البرية بسبب الشيطان الذي تلبس بها.
فالكلام ليس عن كل الحيات انها احيل ولكن الكلام عن هذه الحية بذاتها التي بها الشيطان فهي ليست في ذاتها احيل ولكن لان بها الشيطان فهي احيل جميع حيوانات البرية بعد ان دخل بها الشيطان ولهذا ذكرها بالمفرد ايضا التعبير احيل هو عن الشيطان المتلبس في داخل هذه الحية وليس الحية الحيوان
أيضا مقصود بها لعن الشيطان وعقاب الحية الشيطان
سفر إشعياء 65: 25
الذِّئْبُ وَالْحَمَلُ يَرْعَيَانِ مَعًا، وَالأَسَدُ يَأْكُلُ التِّبْنَ كَالْبَقَرِ. أَمَّا الْحَيَّةُ فَالتُّرَابُ طَعَامُهَا. لاَ يُؤْذُونَ وَلاَ يُهْلِكُونَ فِي كُلِّ جَبَلِ قُدْسِي، قَالَ الرَّبُّ.
يقصد بعقاب الشيطان الذي يكون ذليل فيستخدم تعبير مجازي بانه يأكل تراب لحقارته
لذلك كانت النبوة متعلقة بسحق الشيطان برمز الحية
سفر التكوين 3
3: 14 فقال الرب الاله للحية لانك فعلت هذا ملعونة انت من جميع البهائم ومن جميع وحوش البرية على بطنك تسعين وترابا تأكلين كل ايام حياتك
3: 15 واضع عداوة بينك وبين المراة وبين نسلك ونسلها هو يسحق راسك وانت تسحقين عقبه
ونلاحظ انه يتكلم عن الحية بان الرب يسوع المسيح سيسحق راس الشيطان
رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 16: 20
وَإِلهُ السَّلاَمِ سَيَسْحَقُ الشَّيْطَانَ تَحْتَ أَرْجُلِكُمْ سَرِيعًا. نِعْمَةُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَعَكُمْ. آمِينَ.
رسالة بولس الرسول إلى العبرانيين 2: 14
فَإِذْ قَدْ تَشَارَكَ الأَوْلاَدُ فِي اللَّحْمِ وَالدَّمِ اشْتَرَكَ هُوَ أَيْضًا كَذلِكَ فِيهِمَا، لِكَيْ يُبِيدَ بِالْمَوْتِ ذَاكَ الَّذِي لَهُ سُلْطَانُ الْمَوْتِ، أَيْ إِبْلِيسَ،
فالشيطان يستطيع ان يتحور
رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل كورنثوس 11: 14
وَلاَ عَجَبَ. لأَنَّ الشَّيْطَانَ نَفْسَهُ يُغَيِّرُ شَكْلَهُ إِلَى شِبْهِ مَلاَكِ نُورٍ!
ولكن رغم ان أدركنا ان الكلام عن الشيطان الا اننا نركز عن الكائن الحي الذي هو الثعبان نفسه وموقفه في هذه الحادثة
اوضح ملاحظة ان الثعابين هم 3000 جنس ثعابين مختلفين موجودين في 458 جنيرا او طراز متجمعين في 20 عائلة مختلفة (تقسيم اخر 18 عائلة). فالكلام قد يكون ليس عن كل عائلات الثعابين بكل طرزها واجناسها بل قد يكون جنس او طراز او عائلة واحدة فقط من كل هذا العدد. فلا اعرف بدقة ولكن قد لا يكون أن كل طرز الثعابين كانت بأرجل وفقدتها ولكن قد يكون طراز واحد فقط. وقد يكون كل الثعابين السامة فقط هي التي لعنت والباقي كان تصميمه يزحف.
فما معنى اللعنة؟
فقط هذا الجنس او الطراز من الثعابين يزحف على بطنه ويلحس التراب ليشتم.
ولكن لا يزال حيوان به صفات رديئة وبه صفات جيدة مثل الحكمة في التصرف.
فلهذا الرب استغل ان الحية التي هي سامة ولدغتها تقتل في البرية لان يعطيهم رمز للفداء يوضح ما سيتم فالحية بدون سم هي غير مضرة مثل الانسان بدون خطية فكل شخص مننا بخطية مثل الحية بالسم ولكن المسيح الذي اخذ جسد شبهنا بدون خطية مثل الحية النحاسية بدون سم ولهذا الحية النحاسية فهي لم يأمر بها الرب ان يصنعها للعبادة ولكن
سفر العدد 21
21: 6 فأرسل الرب على الشعب الحيات المحرقة فلدغت الشعب فمات قوم كثيرون من اسرائيل
21: 7 فاتى الشعب الى موسى وقالوا قد اخطانا اذ تكلمنا على الرب وعليك فصل الى الرب ليرفع عنا الحيات فصلى موسى لاجل الشعب
21: 8 فقال الرب لموسى اصنع لك حية محرقة وضعها على راية فكل من لدغ ونظر اليها يحيا
21: 9 فصنع موسى حية من نحاس ووضعها على الراية فكان متى لدغت حية انسانا و نظر الى حية النحاس يحيا
وهنا لم يطلب موسي ان يعبد الشعب الحية بالطبع لا على الاطلاق ولكن هو لم يرد ان يرفع عنهم عقاب الحيات ولكن وضع لهم طريقه للعلاج وهو بالنظر الي المرفوعة على الخشبة يشفي
لان لازال هناك تمرد فلازال هناك لدغ الحيات وهناك من الشعب من رفض ان ينظر الي الحية لأنهم لم يكن لهم ايمان بكلمة الرب فماتوا
والحيه النحاسية هي بالطبع بدون سم الذي هو رمز للخطية فهي ترمز للمسيح الذي شابهنا في كل شيء ماعدا الخطية وبرفعه على عود الصليب اعطانا شفاء من خطايانا
فهي معموله اعداد للشعب عن مجيئه المسيح وصلبه
وهذا ليس له علاقة باللعنة لبعض اجناس الثعابين بل توضيح للفداء من سم الخطية
وليس لها علاقة بالاصنام
سفر الخروج 20: 4
لاَ تَصْنَعْ لَكَ تِمْثَالاً مَنْحُوتًا، وَلاَ صُورَةً مَا مِمَّا فِي السَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ، وَمَا فِي الأَرْضِ مِنْ تَحْتُ، وَمَا فِي الْمَاءِ مِنْ تَحْتِ الأَرْضِ.
والعدد يبدا اولا بوصية عدم صنع تمثال بمعني وثن ( كما اوضحت في معاني الكلمات ) ثم يحدد اكثر ويقول ولا يتحايل الانسان بصنع صورة لعبادة وثن او اله اخر ( كما اوضحت ايضا في معاني الكلمات ) غير الله ويحدد مما في السماء من نجوم وكواكب او شمس او قمر او علي الارض من اي كائن حي انسان او حيوان او نبات او في الماء من حيتان او كائنات يعتقدوا انها اسطوريه . وبالفعل الانسان اخطأ وعبد اشكال كثيره وبعد عن الله فبعضهم عبد الشمس او القمر او النجوم والاخر عمل تماثيل من الاشجار او احجار او معادن مثل الذهب وغيره علي اي شكل للعباده والوصيه لها عمق اكثر وهو المعني الروحي فالله لا يريد الانسان ان يقدم العباده الا له فقط ولهذا اوصي شعبه بعدم عبادة اله اخر او صنع تمثال للعباده او صوره لعبادة اله اخر فالموضوع كله يطلب فيه الله ان يكون هو مركز حياة الانسان وهدف الانسان وبخاصه هو يحارب فكر الوثنيه الذي انتشر بين شعبه
والذي يشرح هذا العدد ايضا باقي الاعداد التي قدمت نفس الوصيه ولكن الاعداد توضح بعضها
سفر اللاويين 26: 1
لاَ تَصْنَعُوا لَكُمْ أَوْثَانًا، وَلاَ تُقِيمُوا لَكُمْ تِمْثَالاً مَنْحُوتًا أَوْ نَصَبًا، وَلاَ تَجْعَلُوا فِي أَرْضِكُمْ حَجَرًا مُصَوَّرًا لِتَسْجُدُوا لَهُ. لأَنِّي أَنَا الرَّبُّ إِلهُكُمْ.
لاتصنع صنم للسجود وليس اي تمثال فهو منع باكثر تحديدا التماثيل لغرض السجود لاله اخر غير الرب الهنا
والاعداد القادمه توضح باكثر تفصيل
سفر التثنية 4
16 لِئَلاَّ تَفْسُدُوا وَتَعْمَلُوا لأَنْفُسِكُمْ تِمْثَالاً مَنْحُوتًا، صُورَةَ مِثَال مَّا، شِبْهَ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى،
17 شِبْهَ بَهِيمَةٍ مَّا مِمَّا عَلَى الأَرْضِ، شِبْهَ طَيْرٍ مَّا ذِي جَنَاحٍ مِمَّا يَطِيرُ فِي السَّمَاءِ،
18 شِبْهَ دَبِيبٍ مَّا عَلَى الأَرْضِ، شِبْهَ سَمَكٍ مَّا مِمَّا فِي الْمَاءِ مِنْ تَحْتِ الأَرْضِ.
19 وَلِئَلاَّ تَرْفَعَ عَيْنَيْكَ إِلَى السَّمَاءِ، وَتَنْظُرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ، كُلَّ جُنْدِ السَّمَاءِ الَّتِي قَسَمَهَا الرَّبُّ إِلهُكَ لِجَمِيعِ الشُّعُوبِ الَّتِي تَحْتَ كُلِّ السَّمَاءِ، فَتَغْتَرَّ وَتَسْجُدَ لَهَا وَتَعْبُدَهَا.
23 اِحْتَرِزُوا مِنْ أَنْ تَنْسَوْا عَهْدَ الرَّبِّ إِلهِكُمُ الَّذِي قَطَعَهُ مَعَكُمْ، وَتَصْنَعُوا لأَنْفُسِكُمْ تِمْثَالاً مَنْحُوتًا، صُورَةَ كُلِّ مَا نَهَاكَ عَنْهُ الرَّبُّ إِلهُكَ.
24 لأَنَّ الرَّبَّ إِلهَكَ هُوَ نَارٌ آكِلَةٌ، إِلهٌ غَيُورٌ.
25 إِذَا وَلَدْتُمْ أَوْلاَدًا وَأَوْلاَدَ أوْلادٍ، وَأَطَلْتُمُ الزَّمَانَ فِي الأَرْضِ، وَفَسَدْتُمْ وَصَنَعْتُمْ تِمْثَالاً مَنْحُوتًا صُورَةَ شَيْءٍ مَّا، وَفَعَلْتُمُ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ إِلهِكُمْ لإِغَاظَتِهِ،
صنع صنم منحوت علي اي شكل في السماء والارض لغرض السجود والعباده لهذا الصنم هو مخالفة لوصية الرب لانه اعلان لنسيان الرب او فعل هذا عن تعمد لاغاظته بعبادة اله اخر
بل عندما عبدت خطا حطمها حزقيا
سفر الملوك الثاني 18: 4
هُوَ أَزَالَ الْمُرْتَفَعَاتِ، وَكَسَّرَ التَّمَاثِيلَ، وَقَطَّعَ السَّوَارِيَ، وَسَحَقَ حَيَّةَ النُّحَاسِ الَّتِي عَمِلَهَا مُوسَى لأَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانُوا إِلَى تِلْكَ الأَيَّامِ يُوقِدُونَ لَهَا وَدَعَوْهَا نَحُشْتَانَ.
فلا امر الرب بصنعها لتكون وثن بل لرمز لصليب المسيح وهي من نحاس ليس له علاقة باللعنة أصلا
اما عن التشبه في كونوا حكماء كالحيات
فبالرغم من الصفات السيئة الكثيرة للثعبان الا ان أيضا من صفات الثعبان الحكمة مقارنة بكائنات كثيرة.
فلهذا التشبيه كان فقط في صفة الحكمة
فمثلما الأسد معروف بالشراسة بل وشبه الشيطان باسد زائر
رسالة بطرس الرسول الأولى 5: 8
اُصْحُوا وَاسْهَرُوا. لأَنَّ إِبْلِيسَ خَصْمَكُمْ كَأَسَدٍ زَائِرٍ، يَجُولُ مُلْتَمِسًا مَنْ يَبْتَلِعُهُ هُوَ.
ورغم هذا في المقابل من الصفات الجيدة للأسد هي القوة فلهذا تشبه به الرب
سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي 5: 5
فَقَالَ لِي وَاحِدٌ مِنَ الشُّيُوخِ: لاَ تَبْكِ. هُوَذَا قَدْ غَلَبَ الأَسَدُ الَّذِي مِنْ سِبْطِ يَهُوذَا، أَصْلُ دَاوُدَ، لِيَفْتَحَ السِّفْرَ وَيَفُكَّ خُتُومَهُ السَّبْعَةَ.
وسبط يهوذا تشبه بالأسد والرجل القوي والشجاع يشبه بالاسد وهذا لا يعارض بقية صفات الأسد السيئة ففقط التشبيه يكون في وجه الشبه.
أيضا الكلب تم تشبيهه في صفة سيئة وهو العودة للقئ ولكن أيضا الكلب يشبه بطريقة جيدة في الوفاء. فالتشبيه في الصفة المشبه بها فقط وليس في كل الصفات.
فالحية حتى مع لعنها للسحف على البطن ولحس التراب الا ان أيضا بها صفة جيدة وهي الحكمة يمكن التشبيه بها
فلهذا لا يوجد أي إشكالية في التشبيه بها في الصفة الجيدة فقط.
وأخيرا المعني الروحي
من تفسير ابونا تادرس يعقوب واقوال الإباء
الحيّة النحاسيّة:
بالرغم من نصرتهم على ملك عراد الذي ثار عليهم كحمار وحشي، وقد شهدوا لعمل الله معهم بدعوة الموضع "حُرمة"، لكنهم سرعان ما تذمروا على الرب لأنهم لم يعبروا طريقهم وسط أدوم، بل ساروا طريقًا أطول، فضاقت أنفسهم في الطريق قائلين: "لماذا أصعدتمانا من مصر لنموت في البريّة، لأنه لا خبز ولا ماء، وقد كرهت أنفسنا الطعام السخيف؟" [5]. حين تذمروا بسبب العطش احتملهم الله ولم يعاتبهم بكلمة واحدة وإنما أمر موسى وهرون ليفجرا ماءً من الصخرة، أما الآن إذ وهبهم نصرة وغلبة بعد أن رواهم من الصخرة لهذا بتكرار التذمر قام بتأديبهم. أرسل عليهم الحيات المحرقة تلدغهم وتميتهم، وفي نفس الوقت إذ صرخ موسى إليه لم ينزع الحيات بل أمره أن يقيم حيّة نحاسية على راية حتى كل من لُدغ من الحيات ونظر إليها يحيا (ع 8). إنه لم ينزع التجربة لكنه فتح باب الخلاص منها. بهذا حوّل الله شرهم إلى بركة، مخرجًا من الآكل أُكلاً ومن الجافي حلاوة، مقدمًا من هذا العمل رمزًا لصليبه، إذ قال: "وكما رفع موسى الحيّة في البريّة هكذا ينبغي أن يُرفع ابن الإنسان، لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبديّة" (يو 3: 14-15). يقول القدِّيس أغسطينوس: [ذبح المسيح حتى يوجد على الصليب ذاك الذي يتطلع إليه مَنْ لدغتهم الحيّة[158]]. كما يقول: [ما هي الحيّة المرفوعة؟ إنها موت المسيح على الصليب لأنه كما جاء الموت بواسطة الحيّة صار رمزه هو صورة الحيّة. كانت لدغة الحيّة مميتة، أما موت الرب فواهب الحياة... إذ يتطلع الإنسان إلى الحيّة تصير الحيّة بلا سلطان، ومن ينظر إلى الموت يصير الموت بلا سلطان[159]].يقول القدِّيس أغناطيوس: [عندما ارتفع جسد الكلمة كما رُفعت الحيّة في البريّة، اجتذب إليه البشريّة لأجل خلاصهم الأبدي[160]]. وجاء في رسالة برناباس: [صنع موسى رسمًا ليسوع ولآلامه الضروريّة، وعندما كان الإسرائيليّون يسقطون كانوا يتطلَّعون إليه وكان يحييهم. إن الرب لكي يُعلم إسرائيل بأن عصيانه أسلمه إلى حزن الموت سلَّط عليهم أنواعًا من الحيات لتلسعهم وكانوا يموتون. ومع أن موسى قال: لن يكون لكم تمثالاً منحوتًا أو مسكوبًا للرب (تث 27: 15)، فإنه يفعل عكس ما كتب. إنه اصطنع حيّة نحاسيّة ورفعها بمجد ودعا الشعب. ولما اجتمع الشعب طلبوا من موسى أن يرفع الصلاة من أجل شفائهم فقال لهم موسى عندما يلسع أحدكم فليتقدم من الحيّة المرفوعة على الخشبة وليترك نفسه للرجاء معتقدًا بأن الحيّة التي لا حياة فيها يمكنها أن تعيد إليه الحياة ويخلص لتوه، وهكذا فعلوا. إن مجد يسوع يقوم على هذا. إن كل الأشياء هي فيه وله[161]].
يُعلِّق القدِّيس إغريغوريوس أسقف نيصص على هذا الأمر بقول: [أنجبت الشهوات المتمردة حيات تنفث سمًا يُميت من تلدغهم، لكن مُستلم الشريعة جعل الحيات الحقيقيّة بلا قوة خلال صورة الحيّة... الصليب هو الألم، من يتطلَّع إليه كما يقول الكتاب لا يؤذيه ألم الشهوات. التطلع إلى الصليب إنما يعني أن الإنسان يجعل حياته كلها ميتة ومصلوبة عن العالم (غل 6: 14) لا يحركها الشر. حقًا بهذا تكون كما يقول النبي: سمروا جسدهم بخوف الله. أما المسمار فهو ضبط النفس الذي يضبط الجسد... هذا الشكل يشبه الحيّة، لكنه ليس بحيّة في ذاته، وكما يقول العظيم بولس: "في شبه جسد الخطيّة" (رو 8: 3). الخطيّة هي الحيّة الحقيقيّة، والذي يهرب إلى الخطيّة يحمل طبيعة الحيّة... إذ يتحرر الإنسان من الخطيّة خلال ذاك الذي أخذ شكل الخطيّة وصار مثلنا فحمل شكل الحيّة. لم يقتل الوحوش (الحيات) لكنه جعل لدغاتها غير مميتة... في الواقع إن لدغات الشهوة تعمل حتى في المؤمنين لكن من يتطلع إلى المُعلَّق على الصليب يحتقر الألم، فيخفف السم بخوف الوصيّة[162]].
يرى القدِّيس أغسطينوس في الحيّة النحاسيّة قبولنا لشركة آلام المسيح والموت معه، إذ يقول: [كل من نظر إلى الحيّة المرفوعة يُشفى من السُّم ويتحرر من الموت، والآن من يصر إلى شبه موت المسيح بالإيمان به وبمعموديته يتحرر من الخطيّة متبررًا ومن الموت بالقيامة.
هذا ما يعنيه بقوله "من آمن بي لا يهلك بل تكون له الحياة الأبديّة" (يو 3: 15). إذن لم تكن هناك ضرورة للطفل أن يتشبه بموت المسيح في المعموديّة لو لم يكن قد تسرب سم لدغة الحيّة إليه[163]!]. كأنه مادامت الحيات قد انطلقت إلى الجميع تلدغهم وتبث سمومها فيهم لهذا يحتاج الجميع- ناضجين وأطفالاً- إلى مياه المعموديّة المقدسة لكي يشفوا من موت سم الحيّة خلال الصليب.
والمجد لله دائما- الدكتور غالى