قال الرب لربي اجلس عن يميني.. إلى من تشير
من يزعمون تنبؤ الكتاب المقدس عن نبي آخر يأتي بعد السيد المسيح يحلو لهم استخدام بعض الآيات الواردة بسفر المزامير للتدليل على كلامهم، مخالفين بذلك النص الواضح للنصوص الكتابية، ومؤولينها إلى غير معناها. ومنها هذه الآية قال الرب لربي اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئاً لقدميك (مز 110: 1).زعم بعض الكتاب من الإخوة المسلمين أن المسيح المنتظر ليس من نسل داود بل هو سيد داود وربه وبالتالي يكون هو النبي الآتي مستشهدين بقول الرب يسوع المسيح وفيما كان الفريسيون مجتمعين سألهم يسوع قائلاً : ماذا تظنون في المسيح؟ ابن من هو؟ قالوا له ابن داود. قال لهم فكيف يدعوه داود بالروح رباً قائلاً: قال الرب لربي اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئاً لقدميك. فإن كان داود يدعوه رباً فكيف يكون ابنه ؟ (مت42:22-44).
فقالت د. مها محمد إما أن السيد المسيح ليس ابن داود (فإن كان داود يدعوه رباً، فكيف يكون ابنه) وهذا غير ممكن لأن السيد المسيح من نسل داود من جهة أمه وإما أن السيد المسيح أراد أن يذكر أن السيد النبي الذي يتحدث عنه داود عليه السلام ليس من نسل داود ، وتضيف ملحوظة أن نبي المسلمين ليس من نسل داود !! وكتب عبد الأحد داود فصلاً في إثبات أن الذي دعاه داود ربي والتي حاول جهده أن يحولها إلى مجرد سيد هو نبي المسلمين وذلك اعتمادا على قول الرب يسوع المسيح المذكور أعلاه!! 1 ونقول لهما هنا أن الكلمة ربي المستخدمة في قول داود النبي قال الرب ( يَهْوَه) لربي (????- أدوناي Adonai) اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئاً لقدميك (مز110:1). هي (????- أدوناي Adonai)، من لقب آدون، (Adon adhonai)، في العبرية، وتعني رب، سيد Lord ، وجمعها آدونيم- Adhonim أرباب Lords، ويستخدم كجمع تعظيم للمفرد.
وقد استخدم هذا اللقب آدون بكل هذه المعاني في مخاطبة الله، بالمعنى الأسمى، معنى الكرامة والسيادة، فهو الرب والسيد صاحب السلطان والسيادة على جميع المخلوقات، كما يستخدم أيضاً للتعبير عن قوة الله وقدرته الكلية. ويستخدم أيضاً عن الله بصيغة الجمع، جمع التعظيم للتعبير عن إلوهية الله وربوبيته وسيادته قدرته السرمدية ولاهوته (رو2.:1)، الرب إلهكم هو إله الآلهة ورب الأرباب , (آدوني ها آدونيم) الإله العظيم الجبار (تث17:1.).
ويعنى لقب آدونى adhoni، ربى، سيدي my lord لأن حرف (اليود ?)، الياء ى ، هو ياء الملكية. أما أدوناي adhonai فيستخدم عادةً للاحترام والتوقير، كبديل لـ أنت و هو ويستخدم في أغلب الأحيان عن الله ويرتبط دائماً بالاسم الإلهي يَهْوَه . ويظهر هذا اللقب في العهد القديم 449 مرة، منها 315 مرة مع يَهْوَه أدوناي يَهْوَه 31. مرة، و يَهْوَه أدوناي 5 مرات و134 مرة أدوناي وحده. وقد تكرر اللقب في سفر حزقيال معظمها مقرونة أدوناي يَهْوَه والباقي أدوناي وحده. وقد ترجم هذا اللقب المركب أدوناي يَهْوَه و يَهْوَه أدوناي بـ السيد الرب Lord God ، ويعبر عن سلطة الله، يَهْوَه، وسيادته على الكون كله، الخليقة كلها. وفى الغالبية العظمى من الفقرات التي يتكرر فيها أدوناي تسبقه عبارة هكذا يقول كمقدمه له، خاصة في سفري حزقيال وإشعياء لذلك هكذا يقول السيد الرب. هكذا يقول السيد رب الجنود (إش24:10).
ومنذ فترة ما بعد السبي وامتناع اليهود عن نطق الاسم يَهْوَه، استخدم اللقب أدوناي كمرادف لأسم يَهْوَه ومساو تفسيري له، يعبر عن مغزاه وماهيته، كما حل محله، كبديل له، في الأحاديث الشفوية. وهذا جعل اليهود يحرصون على حماية الاستخدام الديني لـ آدون حتى لا يخاطب الناس به كما يخاطبون السادة من البشر، فكانوا يكتبونه، عند الاستخدام مع يَهْوَه أو كبديل له، بطريقة مميزه وينطقونه أيضاً بطريقة مميزة (فقد اعتبروا حرف الياء (ي) الأخير في الكلمة والدال على الملكية جزء من الكلمة آدونـ ي ، ثم طوروا نطق هذه الياء , الأخيرة من الكلمة) فأصبحت آدونـ اي . وكان هذا الفارق الخفيف كافي لتمييز أدوناي كنص ديني).
2 وفى هذه النبوّة يتكلم عن الرب يَهْوَه الذي يخاطب الرب أدوناي ويجلسه عن يمين العظمة. فمن المقصود هنا بـ أدوناي المساوي ليهوه؟ والإجابة نجدها في الآية نفسها وفي قول داود في مزمور آخر؛ فهنا في هذه الآية يقول يهوه لآدوناي اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئاً لقدميك، وفي المزمور الثاني يتنبأ عن المسيح قائلاً قال لي أنت ابني. أنا اليوم ولدتك (مز7:2). ونسأل مرة أخرى ؛ من هو الذي قال له يهوه أنت ابني أنا اليوم ولدتك ؟ والإجابة هي، يقول الكتاب المقدس أنه الرب يسوع المسيح : إذ أقام يسوع كما هو مكتوب أيضا في المزمور الثاني أنت ابني أنا اليوم ولدتك (أع33:13)، وفي مقارنة مع الملائكة يقول لأنه لمن من الملائكة قال قط أنت ابني أنا اليوم ولدتك (عب5:1)، كذلك المسيح أيضاً لم يمجد نفسه ليصير رئيس كهنة بل الذي قال له أنت ابني أنا اليوم ولدتك (عب5:5).
والسؤال الثاني؛ من هو الجالس عن يمين الله، يهوه؟ والإجابة هي الرب يسوع المسيح حيث يقول لنا الكتاب أنه لم يصعد إلى السماء ويجلس عن يمين الآب سوى شخص واحد هو الرب يسوع المسيح !! فقد أكد الرب يسوع المسيح أنه هو الرب أدوناي وأدوناي هو يَهْوَه، وأنه هو الجالس في يمين العظمة، على عرش الله في السماء. كما قال لتلاميذه من الآن تبصرون ابن الإنسان جالساً على يمين القوة (مت64:26؛مر62:14). وعن صعوده يقول ثم أن الرب بعدما كلمهم (تلاميذه ورسله) ارتفع إلى السماء وجلس عن يمين الله (مر 19:16). ارتفع بيمين الله (أع32:2؛31:5)، المسيح هو الذي مات بل بالحري قام أيضا الذي هو أيضا عن يمين الله الذي أيضا يشفع فينا (رو34:8)، المسيح جالس عن يمين الله (كو1:3)، الذي وهو بهاء مجده ورسم جوهره وحامل كل الأشياء بكلمة قدرته بعدما صنع بنفسه تطهيرا لخطايانا جلس في يمين العظمة في الأعالي (عب3:1)، جلس في يمين عرش العظمة في السموات (عب1:8)، جلس إلى الأبد عن يمين الله (عب 1.:8). جلس في يمين عرش الله (عب2:12)، وأجلسه عن يمينه في السماويات (أف2.:1)، الذي هو في يمين الله إذ قد مضى إلى السماء وملائكة وسلاطين وقوات مخضعة له (1بط22:3). فالمسيح، إذاً، هو الرب أدوناي يَهْوَه ، رب داود الجالس في يمين عرش العظمة، عرش الله في السماء.
3 أما بخصوص ما قاله هؤلاء الكتّاب أن المسيح رفض الفكرة القائلة أن المسيح الذي كانت تنتظره إسرائيل كان أحد أبناء داود ؟!! فالمسيح لم ينفِ مطلقاً أنه هو المسيح الذي كانت تنتظره إسرائيل ولا أنه، هو، أحد أبناء داود بل كان الجموع ينادونه بلقب ابن داود ويقولون له يا ابن داود ، بل ويبدأ الإنجيل للقديس متى بقوله كتاب ميلاد يسوع المسيح ابن داود ابن إبراهيم (مت1:1)، وقال عنه الكتاب أيضاً الذي صار من نسل داود من جهة الجسد (رو3:1)، ووصفه الكتاب بـ الأسد الذي من سبط يهوذا أصل داود (رؤ5:5)، ووصف هو نفسه بقوله أنا أصل وذرية داود (رؤ16:22). أما الآيات التي استشهد بها الكاتب والتي سأل فيها الرب يسوع المسيح اليهود قائلاً ماذا تظنون في المسيح ؟ ابن من هو ؟ قالوا له ابن داود. قال لهم فكيف يدعوه داود بالروح ربا قائلاً:
قال الرب لربي اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئا لقدميك. فإن كان داود يدعوه ربا فكيف يكون ابنه ؟ (مت42:22-44). لا تنفي كون المسيح ابن داود بل تؤكد على كونه ابن داود بالجسد ورب داود بلاهوته. وهذا ما أراد الرب يسوع المسيح أن يؤكده لليهود، كما قال عن نفسه أنا أصل وذرية داود (رؤ16:22)، أصل داود كربه وذرية داود بالجسد كما يقول الكتاب الذي صار من نسل داود من جهة الجسد (رو3:1).
وهنا يؤكد الرب يسوع المسيح في سؤاله لهم أنه رب داود الجالس عن يمين العظمة في السموات. فمن هو رب داود ؟ والإجابة هي: رب داود هو الله ! فالكتاب يقول : اسمع يا إسرائيل.
الرب إلهنا رب واحد (تث4:6)، وأيضا للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد (تث13:6؛مت1.:4). وقد أكد ذلك أيضاً السيد المسيح نفسه في قوله أن أول كل الوصايا هي اسمع يا إسرائيل. الرب إلهنا رب واحد (مر29:12). والكتاب يقول أيضاً أن الرب يسوع المسيح نفسه هو هذا الرب الواحد لكن لنا إله واحد الآب الذي منه جميع الأشياء ونحن له. ورب واحد يسوع المسيح الذي به جميع الأشياء ونحن به (1كو6:8). ويقول القديس بطرس عنه بالروح هذا هو رب الكل (أع36:1.).
القمص عبد المسيح بسيط