ساكنة فى مقلتى لا تغادرها، صورة مؤرخة فى (30 مارس 2024)، لبابا الفاتيكان، البابا فرنسيس، وهو يغسل أقدام (12) امرأة فى سجن ريبيبيا فى روما، خلال مراسم تجسد روح التواضع. الراحل العظيم (88 سنة)

الذى كان يعانى من صعوبات صحية، عوّقت حركته وألزمته كرسيا متحركا، قعيدا أصر على الذهاب إلى السجن، وغسل أقدام كل امرأة من كرسيه المتحرك، وكان العديد منهن يبكين أثناء قيامه بذلك.. وبكينا
معهن، ونحن نتمتم بفضيلة التواضع التى جبل عليها هذا الجبل الصامد فى وجه وحوش البشرية الضارية. حاز الألقاب جميعا، لقب القلب الكبير كان لقبا ملهما، قلب متألم فى صدر بابا متواضع، زاهد ناسك
متعبد، بالأمس توقف القلب الكبير الواجف على الفقراء، سيفتقده الفقراء والأحباء حول العالم. بابا الفقراء رحل عن عالم تسوده الأنانية السياسية التى تقطع صلة الرحم الإنسانية عن الفقراء،
رحل من كان يحنو عليهم، ويطلب رضاهم، كان يغسل أقدامهم فى موعد مضروب محبة، من ذا الذى يحنو عليهم بعده فى أرض الشقاء، هذا فى علم الغيب، ننتظر الدخان الأبيض ينبعث باسم خليفته من مدخنة الفاتيكان.
لو كتب طيب الذكر البابا فرنسيس (قُدِّس سرّه)، وصيته، سيوصيكم بالفقراء خيرا، البابا فى النزع الأخير ما فتئ يوصيكم بالشعوب الفقيرة، تئن تحت وطأة الحروب والمجاعات، تثقلها الديون، وتقعدها
الحاجة إلى ما يسد رمق الجوعى، والفلاحين فى مزارعهم، والعجائز حول نار المدفئة فى ليالى الشتاء.. آلاف وآلاف من المسيحيين البسطاء ينتظرون غوث السماء يتجسد فى الأرض، ورحمته وسعت كل شىء. كان
طيب الذكر البابا فرنسيس بليغا، مفوها، بحس اشتراكى يلون كلماته، ومن مقولاته الذائعة: هذا ليس زمن اللامبالاة، العالم كله يتألم ولا بد أن يتحد فى مواجهة الحروب والمجاعات، ليهب يسوع القائم
من الموت، الرجاء لجميع الفقراء، وللعائشين فى الضواحى، للاجئين والمشردين. دعوته التى لفت العالم، أدعو إلى عدم التخلى عن هؤلاء الإخوة والأخوات الضعفاء، الذين يسكنون فى المدن والضواحى فى
مختلف أنحاء العالم. ولتوفَّر لهؤلاء حاجاتهم الأولية. البابا قبل موته يوصى القادة والحكام بالفقراء خيرا: هذا ليس زمن الأنانية، ليُنر المسيح سلامُنا المسؤولين فى مناطق النزاعات، هذا ليس زمن النسيان.
دعونا لا نترك الأزمة التى نواجهها تُنسينا معاناة الكثير من الأشخاص.. ليُظهر ربّ الحياة قربَه من الشعوب التى تواجه أزمات إنسانية خطيرة. وكان يواسى الفقراء والضعفاء، ويدعو لهم ليبعث الدفء
فى قلوب العديد من الأشخاص اللاجئين والمهجرين نتيجة الحرب والجفاف والمجاعة.. ليهب الحماية إلى الأعداد الكبيرة من المهاجرين واللاجئين، ومن بينهم العديد من الأطفال، الذين يعيشون فى ظروف
لا تُطاق، ليسمح بالتوصل إلى حلول ملموسة وفورية تفسح المجال أمام وصول المساعدات الدولية إلى السكان المتألمين بسبب الأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والصحية. رحل البابا فرنسيس
بعد أن دعا للسلام فى فلسطين، وحقق حلمه فى وثيقة الأخوة الإنسانية توأمة مع الأزهر الشريف، فى حوار إنسانى راق، ولا يزال حلمه مجرد حلم، حلم فى حياته بـمشروع مارشال عالمى على نسق مشروع
مارشال الذى أنقذ أوروبا من ويلات وتوابع الحرب المدمرة، ما أسميته وقتئذ، وقت جائحة كورونا، بـمشروع البابا فرنسيس مشروع ينقذ البشرية من ويلات الحروب والمجاعات، ويمد يد العون للفقراء
والنساء والأطفال. رحل بابا الفقراء وهو يحلم بكوب لبن فى مهد دافئ لطفل مشرد بفعل خطية أمراء الحرب الذين حاربهم البابا فرنسيس فى حياته، وحذر منهم فى وصيته التى حوتها كلماته الطيبات وهو يغسل أقدام الفقراء.