تُعاني الأقلية القبطية – اقلية عددية - في مصر، التي تُشكّل نحومن 10 الي 15% من السكان، من إشكالية متكررة كل عام هي تضارب مواعيد امتحانات الجامعات والمدارس مع احتفالات عيد القيامة، أحد أقدس الأعياد في المسيحية.

بينما تُعلن الدولة إجازات رسمية لعيدَي الفطر والأضحى ، لا يُعتبر عيد القيامة إجازةً رسمية، مما يدفع الطلاب المسيحيين إلى مواجهة خيار صعب بين أداء الامتحانات والمشاركة في طقوسهم الدينية.
هذه القضية تفتح الباب لتساؤلات حول الانحياز الديني في السياسات الحكومية، وتأثير التيارات السلفية، وتصحيح معلومات لمواقف تاريخية مثل الادعاء علي البابا شنودة الراحل و رفضه لهذه الإجازة، وإصرار كثير من رؤساء الجامعات على جدولة الامتحانات خلال هذه الفترة
عيد القيامة (أو عيد الفصح) هو عيد مركزي في الديانة المسيحية، يُحيي ذكرى قيامة المسيح " الخلاف العقائدي من المفروض الا يفسد للمواطنة قضية.
بالنسبة للأقباط المسيحيين المصريين ، يرتبط العيد بصلوات خاصة واجتماعات عائلية تمتد لأيام. لكن منذ عقود، لا تعترف الدولة المصرية بالعيد كإجازة رسمية، على عكس الدول ذات التعددية الدينية مثل لبنان أو الأردن، حيث تُراعى أعياد الأديان المختلفة.
في مصر، تُحدد الإجازات الرسمية وفقًا للتقويم الهجري الإسلامي في الغالب، ما يعكس هيمنة ثقافة الأغلبية المسلمة على السياسات العامة وأري ان هذا امر طبيعي لاي اغلبية في اي مكان .
"الهوى السلفي للأداء الحكومي" ، يدعو إلى تطبيق تفسير حرفي للإسلام، على قرارات الدولة. رغم أن مصر دولة ذات دستور يُعلن المساواة بين المواطنين، إلا أن الضغوط من تلك التيارات يساهم في تهميش مطالب الأقباط واهدار حقوقهم بالمخالفة للدستور.
فمثلًا، رُفضت مرارًا مقترحات برلمانية لإضافة عيد القيامة إلى قائمة الإجازات الرسمية، بحجة "الحفاظ على الهوية الإسلامية" واخرها منذ عدة ايام .
ولا افهم اي اجازة تلك التي تهدد هوية دولة مثل مصر واذا كان شيخ الجامع الازهر شخصيا اعلي منصب ديني في البلاد يزور البابا للتهنئة بعيد القيامة في مقر الكاتدرائية فلا الهوية تأثرت ولا ايمان شيخ الازهر تزحزح بمقدار حبة خردل .
هذا التجاهل يُعززه خطاب ديني يرى في الاعتراف بالأعياد المسيحية "تنازلًا" عن السيادة الإسلامية
وربما يقول قائل ان البابا شنودة رفض ان يكون عيد القيامة اجازة رسمية ودائما ما يُثار التساؤل: لماذا رفض البابا شنودة الثالث، البطريرك السابق للكنيسة القبطية (حتى عام 2012)، فكرة جعل العيد إجازة رسمية؟.. الواقع أن رفضه ما الا كلام مرسل علي شبكة الانترنت لا يوجد له سند او مصدر موثوق او دليل وايضا ليس الا لالصاق هذه التهمة بالبابا الراحل العظيم.
نعود الي الامتحانات حيث تكمن المفارقة في أن الامتحانات تُجرى خلال اسبوع عيد القيامة رغم أن التقويم الجامعي يتم اعداده بمرونة نسبية و يُبرربعض رؤساء الجامعات ذلك بضيق الوقت أو "التزامًا بالخطة الدراسية"، وهي حجج واهية وذات منطق ضعيف غير مقبول لانهم حريصون علي ابعاد اي امتحانات عن الاعياد الاسلامية .
لكن التكرار السنوي للاشكالية اصبح امرا مملا لا تستحقه دولة مثل مصر تسعي ان تكون دولة ذات شأن اكبر مما هي عليه و يوحي بإهمالٍ ممنهج.
عام 2023، مثلًا، اضطر طلاب في جامعات حكومية لتأجيل امتحانناتهم بعد احتجاجات، لكن القرار جاء فرديًا دون ضمانات مستقبلية. بالمقارنة، تُلغى الامتحانات تلقائيًا خلال الأعياد الإسلامية، حتى لو تزامنت مع أسابيع الدراسة والسؤال هنا اين الحجج الواهية التي تساق لعكننة العيد علي المسيحيين المصريين.
القضية ليست مجرد إجازة، بل مؤشر على تعامل الدولة مع التعددية الدينية. ففي الوقت الذي يكون فيه رأس الدولة سيادة الرئيس حريصا علي ذلك يغيب الاعتراف الرسمي بالعيد مما يُكرس شعور الأقباط بمواطنة منقوصة الحقوق، ويفتح الباب لاتهامات بالتمييز تزيد من الانقسام المجتمعي.. ويطرح تساؤلا اين الحكومة واين رئيسها " مصطفي مدبولي " من توجهات الرئيس.
والسؤال هنا هل الحل يكمن في إصلاح تشريعي؟ هناك طلب الاحاطة الذي تقدم به النائب فتحي قنديل للحكومة مطالبا باعتبار يوم عيد القيامة يوم اجازة رسمية واذا حدث التشريع لابد ان يكون معه تعليمات صارمة بالتنفيذ " لان التنفيذيين سيقومون بالتنفيذ حرصا علي مناصبهم "وليس اذعانا للقانون او حبا في المواطنة.
ايها الاحباء التشريع يضمن مساواة جميع الأعياد الدينية، مع حوار جاد بين الدولة والكنيسة لتنسيق التقويمات الدراسية. فمصر، بتنوعها، لن تزدهر إلا باحترام حقوق كل مكوناتها .
المختصر المفيد : يا سادة الرصاصة لا تفرق بين مسلم ومسيحي وقت الدفاع عن الوطن فكيف يتم التفرقة في يوم اجازة .. استقيموا يرحمكم الله.
