..والقَباحة فى العنوان تترجم، شَناعة، بَشاعة، سُوء، فَساد. راجع الباقة الرمضانية، سترى قبحا دراميا مستشريا، ألوانا من القَباحة، كوكتيل من الأمراض المجتمعية السارية، فى سياق بلطجة درامية تعجب الذى فى قلبه مرض.

كتاب الدراما يتفننون فى تجسيد القبح المجتمعى، يسودون وجه المجتمع بسناج (هباب) سطورهم، هبطوا بالدراما التلفزيونية الرمضانية إلى درك أسفل من القَباحة.
حنين جارف إلى عصر الغاب أو شريعة الغاب، ويقصد بها حالة من الفوضى وغيبة القانون، كل شخص يتصرف كما شاء وشاء له الهوى، وأخذ حقه بذراعه، لأسباب مختمرة فى واقع مرير تجسده وتحبذه وتحض عليه بعض المسلسلات القبيحة.
حنين استولى عليهم إلى عصر الفتوات، عصر فات، حتى الفتوات القدامى كانوا مقدرين تاريخيا، راجع على طيب الذكر الدكتور حسين مؤنس فى كتابه عصر الفتوات، الدور الوطنى الذى لعبه الفتوات فى التصدى
للحملة الفرنسية على مصر عام 1798 م. والمفكر العظيم على مبارك يسجل أن نابليون بونابرت كان يضيق كثيرًا بالشغب الذى يثيره هؤلاء الفتوات، الذين كان يطلق عليهم لقب البطالين، وعندما يضيق به الأمر،
يصدر منشوراته إلى طوائف الشعب يناشدهم عدم الانسياق وراء هؤلاء الحشاشين. جالت فى ذهنى هذه الصورة الرائعة لفتوات المحروسة، شرفاء، مقاومين، يرفضون الظلم، ويرنون إلى العدل، وأنا أتابع مفجوعا
فتوات المسلسلات الرمضانية، توصيفا (مسلسلات القَباحة). لا يخلو مسلسل من بلطجى (نصاب)، سوابق، يتفنن فى الضرب وكسر العظم، وسرقات آثار، وتجارة مخدرات فى كباريهات، وإذلال النفوس، واستباحة الأعراض، وخطف أطفال.
وإهانتهم للمرأة منهاج، للأسف عندهم المرأة رقاصة أو رداحة (من الردح).. وهناك مسلسل كل بطلاته راقصات، مسلسل (إش إش) نموذج فج ومثال قبيح!. نزوع بعض كتّاب الدراما ومخرجوها إلى استصحاب حكايات الفتونة من عصورها الماضية، وإحياء طقوسها التى أتت عليها المدنية والتحضر وسيادة القانون يحتاج إلى تفسير من علماء الاجتماع إذا كانوا يشاهدونها أصلا.
تقريبا لا يخلو مسلسل من بلطجى يقال عنه فتوة يسبى النساء، ويتاجر فى الممنوعات والأعراض، وتنبنى القصة على منازعات البلطجى مع أقرانه البلطجية على السيادة بالدراع، فتسود البلطجة الشاشة وتتسرب للأسف إلى الشارع، فنرى صورا من البلطجة تخشى منها الناس.
راجع الباقة الرمضانية، فيما خلا النزر اليسير، كمسلسل ولاد الشمس، سترى عجبًا، ألوانا من (البلطجة) تعجب الذى فى قلبه مرض، تحت لافتة فتوة، ويتفننون فى تجسيد صور البلطجة لدرجة تستشعر حنينا جارفا لعصر الفتوات، بنسخة مزيدة ومنقحة، فتونة على بلطجة كوكتيل من القَباحة.
عصر الفتونة الحقيقية ولى زمانه ولكن هناك من يستعيده بأثر رجعى من ذاكرة الزمان، يلفتنا الفارق بين فتوات زمان بأصالتهم، وشعبيتهم، وبين بلطجية مسلسلات رمضان بخستهم ونذالتهم.
الفتونة شرف، البلطجة عار، وبين الشرف والعار يسقط بعض كتاب دراما رمضان فى تسييد نظرية حقى بدراعى، والاستقواء على الضعفاء، وسحق كرامة المرأة تحت أحذية لامعة وشنبات يقف
عليها الصقر. ما علاقة البلطجة- تجاوزا الفتونة العصرية- بسحق كرامة المرأة؟، راجع المسلسلات سترى صورة المرأة المنسحقة التى تتذلل لتنال رضا الفتوة، وتقبل بما لا ترتضيه
الحرة على نفسها، ولكنه طغيان النظرة الدونية من قبل البعض تجاه المرأة التى يستبيحون عرضها فى دراما القَباحة، دراما للأسف يحكمها قانون الغاب، مسلسل العتاولة نموذج ومثال!!.