القائمة الأقباط اليوم أبحث
أهم الأخبار

ترامب في خطاب التنصيب: «العين صابتني ورب العرش نجاني» بقلم حمدي رزق

بقلم حمدي رزق

لو الرئيس الأمريكى دونالد ترامب لديه بعض إلمام باللهجة المصرية اشتقاقا من اللغة العربية، سيما مفردات معجم التوكتوك الوسيط، لقالها فى خطاب التنصيب اختصارا ليس مخلا هكذا: العين صابتنى ولكن رب العرش نجانى، تترجم على نحو الله يحمينى وبفضله يكفينى من كل ما يؤذينى.

ترامب في خطاب التنصيب: «العين صابتني ورب العرش نجاني» بقلم حمدي رزق

قالها ترامب بالإنجليزية لهجة نيويوركية لطيفة: قبل أشهر نجوت من محاولة اغتيال قطعت أذنى، وأؤمن أننى نجوت منها لسبب.. نجّانى منها الرب لأجعل أمريكا عظيمة مجددا.

لسان حال ترامب، لست رئيسا عاديا جاء إلى الحكم بالصندوق الانتخابى، لكنى مبعوث العناية الإلهية، مرسل من السماء لرفاه الشعب الأمريكى، والدليل نجاته من محاولتى اغتيال، هذا ليس طبيعيا، نجوت لأن السماء تحمينى!.

ترامب يظن أنه مدخر لرسالة، ورسالته فى خطاب التنصيب، مفادها مبعوث العناية الإلهية، لو قالها رئيس يتحدث العربية لقامت الأمة الأمريكية وما قعدت، يا داهية دقى، ولتوفر على تحليل العبارة العين صابتنى ورب العرش نجانى نخبة من المحللين ذوى اللكنة الأمريكية، المتخصصين فى سبر أغوار الكلمات فى العبارات، وتحليل المضمون.

ولسمعنا من المحلل اللوذعى توماس فريدمان عجبا عن عودة الثيوقراطية فى عصر الذكاء السياسى بعد اندثارها، أحيلت إلى متاحف التاريخ الإنسانى.

ولتبرع المحلل الأمريكى فريد زكريا مقدم برنامج فريد زكريا جى بى إس الأسبوعى على قناة (سى إن إن) لتأصيل الثيُقراطية بضم الياء أو الثيوقراطية تخفيفا، وتعنى حكم رجال الدين، أو الحكومة الدينية أو الحكم الدينى. وتُعرف أيضا بأن تستمد الحكومة شرعيتها من الإله ويدعى الحاكم أنه يحكم باسم الإله.

فى حالة مبعوث العناية الإلهية ترامب الثانى (خلاف ترامب الأول فى عهدته الأولى قبل بعثته) مرت العبارة مرور الكرام مع تصفيق حاد، ومباركات، وغض المحللون الأمريكان البصر عن وعظة ترامب، وعملوا من بنها، على الطريقة المصرية، لا أسمع.. لا أرى.. لا أتكلم، وتمتم جمهورى قح (نسبة إلى الحزب الجمهورى) فى سره ربنا يحافظ عليه.

عبارة ترامب المفتاحية تقودك إلى قراءة ما بين سطور خطاب التنصيب الذى تلخصه أغنية هو صحيح الهوى غلاب لطيب الذكر بيرم التونسى بصوت كوكب الشرق أم كلثوم.. وكأنها تخاطب ترامب شخصيا وتقول: هو صحيح الهوى غلاب.. وتكمل، نظرة وكنت، كنت أحسبها سلام وتمر قوام، قوام/ أتارى فيها وعود وعهود، وصدود وآلام/ وعود لا تصدق ولا تنصان/ عهود مع اللى ملوش أمان!!.

إزاى يا ترى أهو ده اللى جرى، أهو ده اللى جرى فى خطاب التنصيب، يقينا يحتاج ترامب إلى مترجم حاذق ليترجم لفخامته كلمات العم بيرم، ويعقل الكلمات، أقصد يستطعمها!.

وعود ترامب، وأرجو غفران التشبيه مجازا، وكأنها وحى من السماء، مبعوث العناية الإلهية لا يطلق وعودا لا تصدق ولا تنصان، هكذا يبشر الأمريكان ويبث الرعب فى أوصال شعوب العالم كافة، يهددهم بالجحيم والويل والثبور وعظائم الأمور.

مخيف ترامب كونه رئيسا، ما بالك بكونه مبعوث العناية الإلهية، ولكن قلبه أبيض، واللى فى قلبه على لسانه هكذا يحبه البعض، وكما يقول أبوفراس الحمدانى: للنّاسِ فِيمَا يَعْشَقُونَ مَذَاهِبُ، وهذه الشطرة الشعرية تحتاج ترجمة فورية جيدة ليست كالترجمة المبتورة التى صاحبت خطاب التنصيب.

حمدي رزق - المصرى اليوم
22 يناير 2025 |