القائمة الأقباط اليوم أبحث
أهم الأخبار

مدير مستشفى كمال عدوان.. قصة طبيب دفن نجله وعاد لخدمة مرضى غزة

لم تخيفه آلة التدمير الإسرائيلية وحصار المستشفى ثم اقتحامها، لم يقرر مثل البعض مغادرة القطاع منذ بداية العدوان الإسرائيلي وإن كان قادرا على ذلك، بل قرر أن يستكمل رسالته التى أقسم عليها بعد تخرجه من كلية الطب، ودفع ثمن ذلك

مدير مستشفى كمال عدوان.. قصة طبيب دفن نجله وعاد لخدمة مرضى غزة

غاليا، كان الثمن نجله الذي استشهد بصواريخ الاحتلال ليستقبل الأب ابنه داخل المستشفى التي يترأسها، وقد أصبح جثة هامدة، ويؤم المصلين في صلاة الجنازة والدموع تملأ وجهه، إنه الدكتور حسام أبو صفية مدير مستشفى كمال عدوان بشمال قطاع غزة.

على مدار أسابيع يتعرض شمال قطاع غزة لحرب إبادة جماعية، تسببت في استشهاد المئات وإصابة الآلاف، وانهيار المنظومة الصحية، ومنع وصول الطعام والمياه الصالحة للشرب للشمال، حاصر الاحتلال مستشفى كمال عدوان، ومنع وصول السولار

إليها، واستهدفها بشكل مباشر حتى اقتحمها واعتقل عدد من الأطقم الطبية، ولكن ظل الدكتور حسام أبو صفية ثابتا في موقعه لم يترك المستشفى أو المرضى الذين يترددون بشكل مباشر سواء مصابين وجرحى أو مرضى بالأمراض المختلفة في قطاع غزة.

جاء له نبأ استشهاد ابنه الذي نقله الفلسطينيين إلى مستشفى كمال عدوان حيث يترأس والده المستشفى، استقبل حسام أبو صفية الخبر بالدموع، ولكن ظل متمسكا برباطة الجأش، وأمّ المصلين في صلاة جنازة ابنه بالمستشفى، قبل أن يذهبوا به إلى مثواه الأخير، ليظل مرابطا على رأس عمله ورؤوس الجرحى، يحاول تسيير العمل في تلك المستشفى التى أصبحت الملاذ الأخير لسكان شمال القطاع لمحاولة مداواة مصابهم.

تواصلنا مع الدكتور حسام أبو صفية، الذي أكد أنه لن يترك مكانه في مستشفى كمال عدوان رغم ما تعرضت له المستشفى وما زالت من استهدافات من قبل الاحتلال ورغم استشهاد نجله إبراهيم.

وقال مدير مستشفى كمال عدوان في تصريح خاص لـ"اليوم السابع" :" ما زلت في مستشفى كمال عدوان لأنه لا زال يقدم خدماته الصحية وإن كانت في الحد الأدنى ولا زال هناك عدد من المرضى يتلقون الخدمة وهناك أعداد كبيرة من المصابين يتوافدون بشكل مستمر في شمال قطاع غزة خاصة في منطقة بيت لاهيا".

وتابع حسام أبو صفية ": واجبى الإنساني والديني والوطني يتوجب عليك البقاء في مكان يقدم خدمة إنسانية لسكان شمال القطاع".

ونعى عدد من الفلسطينيين، نجل مدير مستشفى كمال عدوان، مشيدين بموقف حسام أبو صفية بعدم ترك مكانه والنزوح بسبب المجازر المروعة التي يشهدها شمال القطاع، موضحين أن ‏الدكتور حسام أبو صفية، مدير مستشفى كمال عدوان،

ظل مرابطا لأكثر من عام تحت الحصار والتجويع والقتل والمذابح، وبين ألف غارة وغارة لا يفارق ثغره لحظة، ثم زلزلت الأرض بأهل الشمال، وحوصر المستشفى 21 يومًا ولم يهتز له جفن، مرابطا على رأس عمله ورؤوس مرضاه وجرحاه،

وتلك صورته وهو آخر الموجودين في المستشفى، ليفاجأ الدكتور حسام بابنه إبراهيم، فلذة كبده، يأتيه إلى المستشفى، ليس على أقدامه، وإنما أكتاف الآخرين، بريئًا قد أعدموه ليلقوه في حجر أبيه، ويقولوا له هذا ما جنته

يداك بصمودك وصبرك ورباطة جأشك، ذلك الفتى الوسيم، الذي رفض أبوه رغد العيش مقابل طيب الحياة والممات، ليربح بموقفه الثابت احترام نفسه الشريفة، وشعبه الجريح، يبكي الدكتور حسام، ويفجع بولده، وقد قبضوا ثمرة فؤاده،

وهو كما هو، لم يخلع معطفه الأبيض، ولو لحظة أن حملوا إليه ابنه في كفن أبيض، وهو الذي وقف على جنازته، وعقله وقلبه وروحه ممددون أمامه، فقط لأنه برّ بالقسم، وأوفى بعهده مع الله، وأدى الأمانة لغزة حبيبته، ولأهلها المساكين.

اليوم السابع
04 نوفمبر 2024 |