فى العديد من دول العالم ترك عادل نصيف، بصمة لا مثيل لها فى رسم فن الأيقونة، فأصبح بحق سفير الفن القبطى فى العالم.
هو الفنان عادل نصيف، الذى أثرى الفن القبطى بتاريخ حافل من الإبداع والتميز فى فن الأيقونة القبطية.
عادل نصيف، الذى رحل اليوم الجمعة، بعد إصابته بفيروس كورونا، سبّب صدمة قاسية لكل محبيه، فقد تحول هو ذاته إلى أيقونة.
ولد عادل فى 20 أكتوبر 1962 فى قرية أبوحنا بمحافظة البحيرة، وحصل على بكالوريوس كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية قسم التصوير بتقدير عام جيد جدًا مع مرتبة الشرف عام 1985، كما حصل على دراسة حرة للفن القبطى والأيقونة بمعهد الدراسات القبطية بالقاهرة، وأصبح عضوا بجمعية فنانى الموزاييك الدولية "AIMC" رافنا إيطاليا International Association of Contemporary Mosaicists Ravenna-Italy.
كان يعيش بالإسكندرية ومتفرغ للفن ويعمل رساما حرا منذ تخرجه، وحصل على العديد من الجوائز وشهادات التقدير.
وفى عام 2012 أدرجت وزارة الثقافة الفرنسية أعماله من الموزاييك والأيقونات القبطية والفريسك، كتراث ثقافى مميز يستحق الزيارة السياحية، بكنيسة الملاك ميخائيل بفيلجويف- باريس.
كما حصل نصيف على درع مركز الإبداع بالإسكندرية عام 2003، ودرع المهرجان الثقافى الأول بهولندا عام 2014، وكرم بدرع جامعة الإسكندرية على مجمل أعماله فى معرض جيل الثمانينيات عام 2014، ودرع التمييز والإبداع من موقع المواطنة نيوز، تقديرا لدوره المتميز فى الحفاظ على الهوية القبطية فى مصر والعالم 2018.
ويعد عادل نصيف أحد أبرز المتميزين فى تنفيذ الأعمال الجدارية الكبيرة بالموزايك والفريسك وتصميم أغلفة الكتب والمطبوعات، وكتب عن أعماله العديد من المقالات بالمجلات والجرائد بمصر وهولندا وأمريكا، وله مشاركات بالبرامج التليفزيونية.
فى عام 2017 اختير لتحكيم المسابقة العالمية لفن الأيقونة الأرثوذكسية بمشاركة 18 دولة و70 فنانا بأثينا فى اليونان، وقدم العديد من الجداريات لهروب العائلة المقدسة لمصر
"بالزقازيق 38 مترا مربعا، بمرسى مطروح 12 مترا وبارتفاع 4 أمتار"، وبالخارج "بباريس 10 أمتار وبارتفاع 3.5 متر، بنيويورك 13 مترا وبارتفاع 2 متر، وبكندا بميسوساجا 6 أمتار
وارتفاع 4 أمتار، وبأمستردام 5 أمتار وبارتفاع 4 أمتار هولندا"، وأيضا بالأيقونات لتقديم واجهة مصر وحضارتها، من خلال هذا الموضوع المتميز لمصر، وله العديد من الأعمال داخل مصر وخارجها.
كان عادل نصيف، يؤكد أن الفن القبطى هو فن شعبى، أنتجه الشعب بعيدا عن السلطة الحاكمة، لذلك يتميز بالبساطة وقوة التعبير، يحاور المصلى بملامح جذابة وبسيطة ويعلمه الطقس والعقيدة والرمزية، وأهم شىء على الإطلاق أنه فن التعبير عن الروح.
وقال فى تصريحات سابقة: "كل ما نرسمه يمثل الكنيسة المنتصرة القديسين، المتحررة من الجسد، ولذلك فهى تترك نور على الأرض وليس ظل"، وباختصار هو فن البعد عن الواقع لأن الواقع مادى ولم يتحرر من مادته، وليس كما الفن الغربى يجسد الموضوع كمشهد مسرحى واقعى مادى لا يركز على الروحانية فى فنوننا المسيحية.
وأكد نصيف: ليست البساطة تشويه أو قبح لأننا نرسم شخصيات ممجدة نتشفع بها، ويعبر عن روح الفرح والغلبة والانتصار والذى أثبت أن الأيقونة القبطية فيها ملامح ترتبط بالأرض والمكان والموروث الحضارى، وتكون مفرحة حتى فى صور الاستشهاد لا تمثل مشاهد دموية، وتبعد تماما عن العنف لأنها تدعو المصلى إلى الأمل والرجاء.
وتابع: حتى فى تصوير السيد المسيح وهو على عود الصليب تكون عيناه مفتوحة، فبالرغم من أن الكنيسة القبطية هى كنيسة شهداء، وعانت من آلام وعذابات كثيرة، إلا أن شخصية المسيحى شخصية روحية تميل إلى الفرح فى الله والتمسك به، لذا ينعكس هذا الفكر فى
الفن المسيحى، وينفذ فيها الرسم بالمواجهة وليس بالجنب، ويتم الاهتمام بالهالة الروحانية والتى دائما ما تكون دائرية، ولا يمثل فيها إلا شخصيات مقدسة بالنسبة لفكر الفن المسيحى، ويتميز التجسيد فيها بالبساطة والاختزال والاختصار فى الألوان.
وبين أيقونة الفن القبطى: التعبير الفنى بها مرتبط بتجسيد البيئة النابع منها، فكان الفنان المسيحى يمثل موضوع روحى من وجهة نظر مصرية، وموضوعات لم يتناولها فنانون فى كنائس أخرى.
الكنيسة القبطية برغم الصعوبات التى مرت بها، إلا إنها كانت سباقة فى تفسير الموضوعات اللاهوتية وتقديمها فى إطار فنى للمصلى.
وتؤكد فرشاة عادل نصيف، أن الفن القبطى يتميز بأنه فن شعبى، يمارسه الشعب بعيدا عن السلطة وبأموال بسيطة، دون دعم منها ولذلك تميز بالبساطة والزهد فى التكاليف، والمسيحيون لم يمارسوا سلطة سياسية طوال تاريخهم، والفن المسيحى،
لا يبالى بقواعد الواقعية والمنظور، بل إنه يرسم روح الشخصية ويبتعد تماما عن الواقعية، وتحتفظ الأيقونة القبطية بالحجم الأكبر فى النسب للشخصية الأساسية مثل المسيح والقديسين وباقى الشخصيات أصغر حجما وهذا امتداد للفن المصرى.
ويجسد عادل نصيف كل ملامح الأيقونة فى رسومة لها، حيث ترسم الأيقونة على بعدين هما الطول والعرض ولا يهتم بالمنظور مثل الفنان المصرى القديم.
وبعد تاريخ حافل من رسم الكنائس رحل الأيقونة عادل نصيف.