زحام وتكدس وفوضى ومجتمع كله من الذكور لا تتخلله نون النسوة بسهولة.. إلى أن تأتي "أم كريم" فتتحول الفوضى إلى نظام، والأصوات العالية تهدأ ولا يعلو صوت سوى محركات سيارات الأجرة للبحث عن الرزق في "الموقف".
صوت قوي ولكنه أنثوي يحمل الهيبة والصرامة، حضور قوي يضاهي حضور أقوى رجل في المكان، فهي خرجت من عباءة منافسة النساء بل أصبحت تنافس الرجال في الكاريزما وقوة الشخصية أيضًا، لم تنس أنوثتها قط، بل يزين الكحل عينيها وطلاء الأظافر يديها، أم كريم "ست الستات" فهي أشهر سائقة أجرة في منطقة فيصل.
بمجرد أن تطأ قدميك في المكان وتبادر بالسؤال عن "الست أم كريم" تجد الجميع يحكي عن أخلاقها وشهامتها مع الجميع، فالكل يتعامل معها باحترام ووقار وهي تبادلهم المحبة والتقدير، فإنها تتمتع بشعبية كبيرة بين سائقي سيارات الأجرة والمواطنين في المكان.
"والنبي يا عسل ما فايقالك"، تداول رواد التواصل الاجتماعي صورا لأم كريم أثناء تصويرها لقاء تليفزيونيا مع إحدى القنوات، وصدرت منها تلك الجملة فأصبحت تريند السوشيال ميديا لفترة كبيرة والجميع بدأ في البحث عن تلك السيدة.
حاور موقع "صدى البلد" أم كريم، وتحدثت عن السبب في انتشار تلك الجملة، وروت مشوارها وقصة كفاحها وتحدثت عن أبنائها وحياتها ووجودها بذلك العالم الذكوري البحت، وقرار السائقين أن تقوم أم كريم بإدارة الموقف.
انفصلت وولادي كانوا لسه صغيرين ولازم أصرف عليهم
بدأت أم كريم حديثها بأيام صباها، وقالت إنها انفصلت عن زوجها وهي شابة صغيرة ووجدت أنها في أزمة كبيرة وأن أولادها يحتاجون لمصدر رزق لاستكمال حياتهم بشكل طبيعي، فقررت أن تقود سيارة أجرة وبدأت في مشوارها بالفعل ونجحت خلاله لسنوات حتى ضباط وأفراد الشرطة كانوا يثقون بها بشكل كبير لأنها كانت أنثى قوية تخرج للسعي على الرزق ولم تدخل في أي خلافات تذكر مع أي شخص.
السواقين اختاروني عشان أمسك الكارتة في الموقف
أوضحت أم كريم أنها كانت راضية بما قسمه الله لها، وأن تكون سائقة أجرة ضمن عدد كبير من السائقين الذين يعملون في فيصل، إلا أن السائقين اختاروها برغم أنها السيدة الوحيدة ضمن عدد كبير جدا من الرجال وقرروا أن تدير المكان وأن تتولى ما يسمى "الكارتة" ما يشبه لقب "مديرة الموقف"، على حد تعبيرها.
الشغل التزام واللي ينزل الشارع يستحمل تعبه
أكدت أم كريم أنها بالرغم من كونها المسئولة عن حركة السائقين في المكان، إلا أنها ملتزمة بمواعيدها تحضر في تمام الساعة الواحدة ظهرا وتغادر في تمام العاشرة مساء، فإن العمل في الشارع يحتاج إلى انضباط فإذا حلت الفوضى انتهى كل شيء وأصبح المكان لا يطاق، ومجتمع كهذا يحتاج للانضباط والالتزام حتى لا يستغل أي شخص فرصة الفوضى.
والنبي يا عسل ما فايقالك
تعالت ضحكات "أم كريم" حينما سألت عن سر الجملة المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي، وقالت إنها سيدة على سجيتها لم تلتفت لتنسيق الكلمات وصدرت منها الجملة بشكل تلقائي وتابعت رد فعل الرواد ولم تجد أنها قالت لفظا خارجا أو بذيئا، بل سعادتها بالشهرة والتعليقات بين الرواد كانت كبيرة للغاية.
شغل الشارع علمك إيه؟
هدوء للحظات ونظرة شاردة، ومن ثم قالت أم كريم: "شغل الشارع بينشف الستات، هي بتفضل ست فعلا بس من بره لازم تبقى قوية لدرجة إنها تنافس الرجال، مش لدرجة إنها تقطع عيشهم لكن تكون عندها إصرار إنها تكون حاجة كبيرة"، وأكدت أنها لم تخجل يوما من مهنتها بل ترى أن عملها في الشارع أضاف لحياتها الكثير من الخبرات ومازال يضيف.
نفسك في إيه؟
ضحكة تحمل حمرة الخجل في الوجنتين، وصوت رقيق "مش عاوزة حاجة أنا عايزة كريم يتجوز وأطلع أحج".