خلف مكتب بكنسية مارجرجس للأقباط الأرثوذكس بمنطقة المطرية في القاهرة، جلس القس بولا فؤاد، بملابسه الكهنوتية، تتدلى من عنقه سلسلة يتوسطها صليب، ويعلوا كرسيه صورة العذراء والمسيح، حينما تحدث معنا عن دوافعه للترشح لانتخابات مجلس النواب 2020 على قائمة "تحالف المستقلين" في قطاع القاهرة ووسط الدلتا.
القس الذي يعد ثالث كاهن في تاريخ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية يترشح لخوض مارثون الانتخابات البرلمانية خلال نصف قرن من الزمن، أكد لـ"الوطن"، أنه لم يقدم على تلك الخطوة إلا بأخذ موافقة ومباركة البابا تواضروس الثاني، رافضا أن يكون ترشحه خلط للدين بالسياسة، ومؤكدا أنه يسعى لدخول البرلمان بصفته ممثلا عن المصريين ولا يحمل "أجندة دينية".. وإلى نص الحوار:
- بعد إعلان ترشحكم للبرلمان، الكل يود أن يعرف من هو القس بولا فؤاد؟
أنا القس بولا فؤاد رياض، كاهن كنيسة مارجرجس المطرية القاهرة، واسمي قبل الكهنوت، مدحت فؤاد رياض، لأن الاسم بيتغير بعد الكهنوت، وأنا من مواليد 1963م، ومتزوج ولدي ولد وبنتين، وأنا حاصل على بكالوريوس
تجارة خارجية، وليسانس حقوق، وبكالوريوس العلوم اللاهوتية "الكلية الاكليريكية القسم الجامعى بالأنبا رويس"، والدبلوم العالى فى الرعاية والتربية "معهد الرعاية والتربية بالأنبا رويس"،
ودبلومة الأرشاد الديني، ودبلومة الأرشاد الأسري، بالإضافة لكوني عضو في الحملة الرسمية لدعم الرئيس عبدالفتاح السيسي، ومؤسس مبادرة بناء الأنسان قبل البنيان، ومستشار في كتلة القاهرة لعلاج الأدمان
بالمجان، ومستشار في مؤسسة العائلة المقدسة لإحياء مسار العائلة المقدسة، ومستشار مركز السلام لمكافحة التطرف والإرهاب، ومستشار الحملة المصرية للتنمية المهارية والإعلام السياسي الاجتماعي، ورئيس
اللجنة المركزية للوحدة الوطنية، ولي مشاركات مجتمعية أبرزها حضور الندوات في جميع المناسبات القومية والدينية مثل اللقاء الشهري الثقافي بمسرح الهناجر بدار الأوبرا، وحضور والمشاركة في حملة تنظيم
الأسرة، وحضور مؤتمر وعاظ القاهرة حول نشر السلام وقبول الآخر، والمشاركة فى ندوة لشجب واستنكار الرسوم المسيئة لرسول الاسلام وعدم إزدراء الأديان، وهو دليل على مشاركتي المجتمعية دون الاقتصار على الخدمة الدينية.
كاهن مارجرجس: لا أحمل أجندة دينية للبرلمان.. وأخوض الانتخابات ممثلا لكل المصريين
- ما الذي دفعك للترشح؟
الترشح لم يأت من فراغ وأنما جاء بتزكية وطلب مني نظرا لمشاركتي في العمل المجتمعي وتواجدي الدائم في كل اللقاءات القومية ومنها الترويج للمشاركة في التصويت للتعديلات الدستورية والتوعية بأهميتها وحملة إعادة انتخاب الرئيس عبدالفتاح السيسي، كما انني لا أنتمي إلى أي حزب سياسي وأنا على مسافة واحدة منها، وأنا أنتمي لمصر فقط، فمصر حبها بيجري في دمي.
- من هم أولئك الذين طلبوا منك الترشح لانتخابات النواب؟
شخصيات كثيرة عامة واجتماعية، وطالبوني بالترشح متسائلين عن المانع الذي يحيل دون خوضي الانتخابات نظرا لمشاركتي في العمل العام، وعلقت موافقتي على أن أخذ موافقة من البابا تواضروس الثاني
بصفته رأس الكنيسة وبصفته السلطة الدينية المختصة التي أنتمي إليها وبصفتي أبن للبابا لا أستطيع أن أعزم على عمل دون أن أخذ مباركة البابا، وبالفعل قدمت "سي في" للبابا فيه كل لقاءاتي
ومشاركاتي وانجازاتي، والبابا درس هذا الموضوع، وقالي لا مانع، مشددا على أنني أمثل المصريين ولا أمثل الكنيسة ولست مرشحا عنها، وأن ترشحي بصفتي مواطن مصري من حقه الترشح كما أنه لا يوجد هناك
مانع من ترشحي في لائحة شئون الكهنة التي اعتمدها المجمع المقدس وتسري علي، ولهذا أنا أخوض الانتخابات الحالية بصفتي "شخصية عامة" وليس بصفتي "مسيحي"، ولا أصنف كتصنيف ديني وهذا يؤكد
على فصل الدين عن الدولة وأنا أؤمن بهذا، وعمل الكهنوت هو خدمة لكل الناس، فأنا أردت أن أشارك في خدمة بلادي وأنا مهتم ومهموم بقضايا الوطن وأن أعطي هذا الشكل العام عبر خدمة عامة وأن أقنن هذا العطاء بصفة رسمية.
- كم استغرق الحوار بينك وبين البابا لتحصل على موافقته؟
استغرق نحو نصف ساعة، لأن وقت البابا ثمين جدا، وتحدثنا عن المشاركة السياسية وضرورة المشاركة في العمل العام، لأننا أبناء الوطن الواحد وكلنا أعضاء في الجسد الواحد وهو مصر، فكل عضو وكل مواطن يجب أن يكون عضو فعال ومشارك، حتى لا يتحول المواطن لـ"زايدة دودية" يمكن استئصالها.
- ألم يبدي البابا خشيته من أن يكون ترشحك باب لنقد وهجوم الكنيسة؟
لم تثار تلك النقطة على الاطلاق، ولكن أكد علي أنني أمثل كل المصريين وليس الكنيسة، لأن مصر ليس وطن نعيش فيه ولكن وطن يعيش فينا، وأردنا أن نضع بمشاركتنا عقد اجتماعي على أسس ومبادئ
أحياء القيم العليا منها "الشرف، الدولة الديمقراطية، والدستور"، وهي أعمدة قيام الدولة، وكلهم يتبلوروا في هدف واحد وهو المواطنة التي معنها "حب وانتماء واشراك وقبول
الآخر"، ونرفع شعار الدين للديان والوطن للإنسان، فأنا نازل من أجل أن أحصل على أصوات أخوتي المسلمين شركائي في الوطن قبل أصوات أبنائي المسيحيين، وكلنا على مسافة واحدة وكلنا نبغى مصلحة الوطن.
- لماذا ترشحت على قائمة انتخابية ولم تخوض الانتخابات فردي؟
فكرة الترشح لم تكن موجودة عندي، فأنا لم أسعى لكرسي أو لسلطة أو لمنصب، وأنما طلب مني الترشح، ولذا جاء ترشحي تلبية للشرفاء ومن مجموعة تريد أن تخدم البلد، وأنا خريج حقوق وأعلم دور النائب في سن التشريعات لمعالجة الثغرات الموجودة في المجتمع والعمل على رفاهية المواطن.
- هل لديكم برنامج انتخابي تسعى لتحقيقه تحت قبة البرلمان؟
البرنامج الانتخابي الخاص بي يخضع للقائمة التي أخوض باسمها الانتخابات، وهي قائمة المستقلين التي تحمل رمز "الثعلب" وهي رقم 2 في قطاع القاهرة ووسط الدلتا، ونشكر ربنا أن هذه القائمة حازت بقبول الهيئة الوطنية للانتخابات، ووجدت في تحالف المستقلين كوكبة جميلة تضم جميع أطياف المجتمع، وهي تؤمن بالتنوع والاختلاف وهذا ما نسعى لترسيخه، لأن الاختلاف هو سنة الحياة.
- في حال نجاح القائمة، هل ستتفرغ للعمل النيابي أم أنك ستوازن بين العمل النيابي والعمل الكهنوتي؟
لن يحدث تفرغ تام، ولكن سيكون هناك توازن بين الاثنين، بمعنى أن العمل الكهنوتي له خدمته وطقوسه، وأنا في الكنيسة التي أخدم فيها، بها 4 كهنة بخلافي، وإذ حدث بعض التقصير مني في الخدمة الكهنوتية فأنا أثق أن أخوتي الكهنة سيغطوا هذا التقصير تماما، مثلما يحدث في بعض الكنائس التي يتم انتداب كهنتها للعمل في أي خدمة أخرى.
نشكر الله لأنه أعطانا هدية من السماء ممثلة في الرئيس السيسي بعد 30 يونيو
- كيف رأيت الجدل الذي دار حول ترشحك، ووجود بعض المعارضة القبطية لتلك الخطوة؟
الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية، فنحن في عصر الديمقراطية، التي بها الرأي والرأي الأخر، وما يحدث يبرهن على أن الكنيسة تمارس الديمقراطية وليس كما يشاع بأنها تدار بديكتاتورية أو أن هناك "حكم
كهنوتي"، وأنا احترم كل آراء أبنائي من الأقباط على خطوة ترشحي، ولكن أود أن أوضح لهم بعض النقاط بأن ترشحي جاء من الغير ولم أسعى للترشح وأن أؤمن بأن طالب الولاية لا يولى، وأؤمن بعدم استخدام المال
السياسي للوصول إلى مجلس النواب، واتمنى أن يقدم النائب خدمته بالمجان وأن لا يكون شغل عضويته في البرلمان بمقابل مالي، وعلى الجميع أن يعلم أننا عانينا في قائمة "تحالف المستقلين" من أجل أن نجمع المبلغ
البسيط الخاص بانهاء أوراقنا والاجراءات الخاصة بالترشح، وعلينا أن يكون لنا تفاعل مجتمعي عبر عمل فعال لإخراجنا من دائرة الأنا إلى دائرة الخدمة بمفهومه الواسع، فالقديس يوحنا ذهبي الفم قال: "أن لم أخدم
أخي في المجتمع أكون قد أقمت جدارا بين المذبح والمجتمع"، وعلى أن أقدم تلك الخدمة بالمحبة وتقديم رسالة حب للجميع وعلينا احتواء كل الناس المؤيد والمعارض حيث أن الاختلاف لا يؤدي إلى التناحر، وعلي قبول
الآخر عبر الحوار والعمل المستمر وهو الدور الذي أقوم به وفعلته من قبل، والخروج من العزلة والانفتاح على الآخر وعدم التقوقع كما حدث سابقا للأقباط والتي فرضت علينا في بعض الحقب بعدم منحنا بطاقات انتخابية،
ولكن نشكر ربنا أنه بعد 30 يونيو 2013 واعطائنا هدية السماء ممثلة في الرئيس عبدالفتاح السيسي ووضع دستور يرسخ مبادئ المواطنة الذي معه انتهى عصر العزلة للأبد، ولابد أن يكون للأقباط نوع من المشاركة الإيجابية
كما حدث سابقا في ثورة 30 يونيو، كما يجب أن يكون هناك جسور للحوار مع الآخر المختلف معي في العقيدة، وأن أتعامل مع الآخر بالمرونة وليس الجمود، وأتعامل مع الآخر بأن أكون "نورا" بدون أن أتلوث وهذا رد على
بعض الادعاءات التي تقول أن "السياسة..." وهو اللفظ الذي اتعفف عن ذكره، وعلي أن أنشر النور دون أن أتلوث، وعلينا أن نكون ملح الأرض بأن نذوب من أجل الآخرين دون أن نضيع، كما أننا يجب أن نكون مشاركين في تقدم الوطن وازدهاره.
- ولكن ترشحك يناقض ما كانت تعارضه الكنيسة من قبل بخلط الدين بالسياسة؟
أنا لا انتمي إلى أي حزب، وأنا لم أكون حزب مسيحي مثل ألمانيا، ولكن أنا جزء من القائمة، ولو بهذا المنطق بلاش يكون هناك مسيحيين في القائمة، وكان المفروض أن لا يكون الأنبا بولا
مطران طنطا ممثلا في لجنة الخمسين بالدستور، وأنا لست قادم بأجندة دينية ولا بفكر ديني، ولكن أنا لو دخلت البرلمان ساؤكد أن البابا قال لي أنني أمثل المصريين، كما أنه سبقني في
اتخاذ تلك الخطوة كل من القمص بولس باسيلي، والقمص صليب متى ساويرس، ووطنية الكنيسة لا تتجزأ، فمن قبل وقف على منبر الأزهر القمص سيرجيوس خطيبا في ثورة 1919، وأنا لست قادم بفكر
متطرف، ولكن أنا قادم كمواطن أنشر ثقافة المحبة والسلام، ومترشح بدافع المحبة ليكون حبي لمصر بالعمل، وهذا الدور لم يفرض علي ولكن أمارسه منذ عشرات السنين حبا في مصر ونشر ثقافة الآخاء.
- كيف سيكون شكل الدعاية الانتخابية؟
أنا خاضع لقائمة، والقائمة لها هيكلها التنظيمي، وسأشارك بصفتي عضو بالقائمة في المؤتمرات الانتخابية الخاصة بها، لأن الهدف لنا الوصول للبرلمان من أجل تقديم الخدمة العامة، وأنا دفعت من جيبي الخاص للترشح وسأتحمل الأمور المالية الخاصة بشكل الدعاية الانتخابية الخاصة بي داخل القائمة، وشأن المبالغ المطلوبة من كل مرشح لتحديدها لأمور الدعاية لم يتحدد حتى الآن داخل القائمة.
- هل ستعتزل العمل العام إذ لم توفق في انتخابات النواب؟
لا، سأستمر في العمل العام لأن خدمة المجتمع في دمي، وهناك مشاكل كثيرة في ذهني لا بد من طرحها وإيجاد حلول لها منها مشكلة البطالة والنظافة والصحة والصرف الصحي والتعليم، وهناك خطوات البرلمان السابق سار فيها ونوابه تحملوا كثيرا في فترة صعبة، ونحن سنواصل ما فعلوه وسنستكمل البناء للحفاظ على الاستقرار وإصلاح السلبيات.