تفسير الاصحاح الثانى والثلاثون من سفر العدد للقمص تادري يعقوب ملطى
أرض جلعاد
إذ نُصبت خيام الشعب في سهول موآب تطلَّع سبطا رأوبين وجاد إلى أرض جلعاد فاشتهيا أن يملكاها لأنها أرض رعي وهما سبطان يملكان ثروة عظيمة من الأغنام.
1. طلب أرض جلعاد 1-5.
2. تأنيب موسى لهما 6-15.
3. التزامهما بالجهاد مع إخوتهما 16-27.
4. وصيّة موسى عنهما 28-33.
1. طلب أرض جلعاد:
إذ استولى الشعب على منطقة شرقي الأردن في طريقهم لعبور الأردن والتمتع بأرض الميعاد طلب سبطا رأوبين وجاد أن يمتلكا هذه الأرض ولا يعبرا الأردن مع بقية الجماعة (ع 5) ويشتركا معهم في أرض الموعد. وربما طلب أيضًا معهما نصف سبط مَنَسَّى نفس الأمر.أما عن جلعاد، فيرى البعض أنها مشتقة عن العربية وتعني قاسي أو خشن[287]، ويرى البعض أنها تعني "رجمة الشهادة" (تك 31: 47) حيث أقام هناك يعقوب رجمة علامة العهد الذي قطع بينه وبين خاله[288]. تحمل جلعاد معنى واسع يشمل كل المنطقة شرق الأردن (تث 34: 1، يش 22: 9، قض 20: 1، 2 صم 2: 9، 1 مل 5: 17، 24-27).
أما جلعاد بمفهوم أكثر تحديد فهو منطقة جبليّة شرق الأردن تشمل حاليًا البلقاء الحديثة، غرب عمون عند حدود حشبون تقريبًا من جهة الجنوب وحدود يرموك من جهة الجنوب. يبلغ ارتفاعها حواي "2000" قدم فوق مستوى البحر، تشمل في بعض المناطق غابات وأيضًا حقول ووديان ومجاري مياه. تصلح للرعي حتى شبَّه العريس عروسه بقطيع معز رابض على جبل جلعاد (نش 4: 1، 6: 5). تشتهر بنوع من الأشجار يخرج منه مادة صمغيّة تسمى بلسان جلعاد ذات خواطر طيبة (إر 8: 22، 46: 11) قيل أن عصيره كان يُستخدم كعلاج للالتهابات وإن قيمته كانت مرتفعة جدًا حتى أنه في زمن الإسكندر كانت قيمته تقدر بضعفي وزنه من الفضة وجاء في سفر التكوين ( 37: 25) أنه يمثل تجارة هامة.
حينما يتحدث الأنبياء عن إصلاح حال إسرائيل الجديد في العصر الماسياني يذكرون جلعاد كشبع لنفسه (إر 50: 19، ميخا 7: 14، زك 10: 10).
نعود إلى سفر العدد لنرى سبطي رأوبين وجاد اشتهيا هذه الأرض مقدمان لموسى النبي وألِعازار رئيس الكهنة ورؤساء الجماعة هذا التعليل: عطاروت وديب ويعزير ونمرة وحشبون وألِعالة وشَبام ونبو وبَعون، الأرض التي ضربها الرب قدام بني إسرائيل.
1. "حشبون" اسم موآبي يعني "حشبان" أو "تدبير"، لا تزال تُعرف باسم حسبان، وهي مدينة خربة قائمة على تل منعزل بن أرنون ويبوق، على بُعد حوالي سبعة أميال ونصف شمال ميدَبَا. يوجد هناك خزان مياه عظيم شرقي خرائب المدينة، ربما يكون إحدى البِرَك التي كانت خارج أسوار المدينة (نش 7: 4).
"هي أرض مواشٍ ولعبيدك مواشٍ.. إن وجدنا نعمة في عينيك فلتعطِ هذه الأرض لعبيدك ملكًا ولا تُعبِّرنا الأردن" [5]. لقد أرادوا امتلاك المنطقة ببلادها، خاصة البلاد التالية:
أ. عطاروت: اسم عبري يعني "أكاليل" أو "تيجان[289]". وربما يعني "حظيرة غنم[290]". غالبًا هي خربة عطاروس الحالية، على المنحدر الغربي من جبل عطاروس، تبعد ثمانية أميال شمال غرب ديبون (ذيبان)، وثلاثة أميال شمال شرق فخاروس التي استشهد فيها القدِّيس يوحنا المعمدان.
ب. ديبون: اسم موآبي يعني "انحلال" وهي مدينة استولى عليها سيحون ملك الأموريّين من موآب (عدد 21: 26-30)، تسمى بالعربية ذيبان، وهي خربة تبعد ثلاثة أميال شمال نهر الأردن وميلان شمال غرب عروعير وأربعون ميلاً جنوب عمان في عام 1868م. وجد في خرائبها حجر موآب المشهور.
ج. يعزير: تعني "معين". أخذ سبط جاد هذه المدينة (يش 13: 25) وأعادوا بناءها، صارت مدينة للاويين (يش 21: 39، 1 أي 6: 81). استولى عليها بنو موآب (إش 16: 8-9، إر 48: 32) وأعادها يهوذا المكابي من العمونيّين (1 مل 5: 8). عرفت يعزير بكرومها (إش 16: 8، إر 32: 38). بحسب يوسابيوس تبعد يعزير "10" أميال رومانيّة غرب ربة عمون و"15" (شمال) حشبون.
د. نمرة: أو بيت نمرة، وتعني "بيت النمر[291]". وهي تل البليبل بالقرب من تل نمرين، تبعد عشرة أميال إلى الشمال من البحر الميت وثلاثة أميال إلى الشرق من مجرى الأردن.
هـ. ألعالة: كلمة عبريّة تعني "الله عال"، أعاد بناءها سبط رأوبين، وقد سقطت في يد بني موآب (إش 15: 4، 16: 9، إر 48: 34). خربها تدعى "العال" على قمة تل يبعد حوالي ميل شمال حشبون.
و. شبام: ومونثا "سبمة" (32: 38)، ويعني "بارد أو باردة"، صارت من نصيب رأوبين (يش 33: 19) واستولى عليها بنو موآب. عرفت بكرومها (إش 16: 8-9، إر 48: 32). حسب القدِّيس ﭽيروم تبعد حوالي نصف ميل من حشبون. حاليًا تسمى قرن الكبش بين حسبان ونبو، وتبعد ثلاثة أميال شمال شرق صياغة على وادي سلامة.
ز. نبو: كلمة أشورية تعني "مذيع[292]"، وهو اسم إله بابلي يسيطر على الأدب والعلم، ابن بعل مردوخ ورسوله، الذي يفسر إرادته للقابلين للموت. أما المدينة التي تحمل هذا الاسم فتقع على جبل نبو أو بجواره، الجبل الذي وقف عليه موسى النبي ليرى منه كنعان (تث 34: 11)، تبعد المدينة خمسة أميال جنوب شرقي حسبان، خاليًا هي خربة المخيط. بناها سبط رأوبين أي أعادوا بناءها، وبحسب ما جاء في الحجر الموآبي أن ملك موآب استولى عليها. وقد ذكرت ضمن مدن موآب في النبوات ضد بني موآب (إش 15: 2، إر 48: 1، 22).
ح. بلعون: أو بعل معون، أو بيت بعل معون (يش 13: 17)، أو بيت معون (إر 48: 23)، وتعني "بعل المسكن". حاليًا تدعى معين تبعد "9" أميال جنوب غربي حسبان، وحوالي "5" أميال جنوب غربي ميدَبَا (1 مل 9: 36).
لماذا أراد سبطا رأوبين وجاد ونصف سبط مَنَسَّى أرض جلعاد؟
أولاً: السبب الواضح هو اشتياقهم لهذه الأرض لما اتسمت به من صلاحية للرعي، وقد ملك سبطا رأوبين وجاد مواشي وفيرة جدًا، فأحسوا أنهم أحوج إلى هذه الأرض من غيرهم. إنها "شهوة العيون وتعظم المعيشة" (1 يو 2: 6) اللتان أفقدتا السبطين تطلعهما إلى الأرض التي وُهبت للجماعة كلها من قِبَل الرب، تفيض لبنًا وعسلاً. اختار السبطان بمنظار بشري ولم يدركا أنهما بهذا ينالان أرضًا بلا حدود طبيعيّة تعرضهما لهجمات الأعداء حتى اضطر إخوتهما للتدخل لإنقاذهما (1 صم 11، 1 مل 22: 3) بجانب بعد الأرض عن الجماعة فصارا كمن في عزلة.يتطلّع الإنسان بمنظار بشري ضعيف وقصير المدى فيشتهي لنفسه أمورًا قد تضره وتحرمه من بركات روحيّة وزمنيّة في نفس الوقت.
ثانيًا: لعل السبب النفسي الخفي لاختيار هذا الموضع هو شعور رأوبين بن يعقوب البكر أنه فقد بكوريته، وأيضًا جاد الذي هو بكر من زلفة الجارية، وإحساس مَنَسَّى أن أخاه الأصغر منه "أفرايم" يفوقه في البركة.. هؤلاء الثلاثة أرادوا بطريق أو آخر تعويض فقدانهم البكوريّة فاشتهوا التمتع ببكوريّة النصرة مع أنها خارج أرض كنعان، وبعيدة عن الخيمة.
ثالثًا: يرى العلامة أوريجينوس أن هناك سرًا خفيًا في اختيار هؤلاء الثلاثة لأرض جلعاد التي شرقي الأردن بينما يتمتع تسعة أسباط ونصف بأرض الموعد بعد عبورهم نهر الأردن وانتصارهم على أكثر من ثلاثين ملكًا. إنه يرى في المجموعة الأولى صورة حيّة لكنيسة العهد القديم التي كانت ولا تزال جزءً لا يتجزأ من كنيسة الله الواحدة لكنها ليست في غنى بركات كنيسة العهد الجديد التي عبرت مياه المعموديّة المقدسة وحملت في وسطها المقدسات.
إنها صورة رائعة للجنس البشري المؤمن، جزء نال نصيب خلال الناموس (موسى) حيث تمت الغلبة على يديه أي في أيام قيادته، أما الجزء الأعظم فقد تحقق على يدي يشوع (يسوع) الذي دخل بهم إلى الأرض عينها التي تفيض عسلاً ولبنًا.
الأولون أبكار لكنهم أقل أصالة فنالوا ميراث موسى، أما الآخرون فنالوا ميراث يشوع (المسيح ربنا). لقد سبقت كنيسة اليهود كنيسة العهد الجديد لكنها لم تنعم ما تمتعت به الأخيرة، لأن الأصغر في ملكوت السموات أعظم من يوحنا المعمدان (مت 11: 11).
يقول العلامة أوريجينوس: [لاحظ بكل دقة السبب الذي لأجله الوارثون القدامى يأخذون نصيبهم خلف نهر الأردن على حدة من الآخرين؛ فقد قيل لهم أن مواشٍ كثيرة وافرة جدًا (عد 32: 1-4). هذا هو السبب الذي لأجله لم يستطع رجال العهد القديم البلوغ إلى ميراث الأرض التي تفيض لبنًا، وتفيض عسلاً، أي تشرق بأشعة عسل بجانب الأرض الأخرى.
هذا هو السبب الذي لأجله لم يتمكنوا من إدراك "الكلمة صار جسدًا" (يو 1: 14)، إذ كان لهم مواشٍ كثيرة وافرة جدًا. فلا يستطيع الإنسان الطبيعي أن يقبل ما لروح الله، لأن عنده جهالة ولا يقدر أن يعرفه (1 كو 2: 14).. فحصل على نصيبه من الميراث خارج مجاري مياه الأردن وصار غريبًا عن الأرض المقدسة[293]].
لقد ركَّز العلامة أوريجينوس على وجود مواشي كثيرة وافرة جدًا إشارة إلى ارتباط شعب العهد القديم بالأمور الجسديّة الملموسة فلم يقدروا أن ينعموا بكمال سرّ العهد الجديد، بل نظروه خلال الظلّ والرمز من بعيد، أما رجال العهد الجديد فمعهم مواشي لكنها لا تعوقهم بل انطلقوا بمواشيهم وقطعانهم كما بنسائهم وأطفالهم ليعبروا الأردن ويتمتعوا بالمواعيد المقدسة، فتقدست أجسادهم (النساء) وثمارها (الأطفال) وعواطفها (المواشي) وكل طاقاتها فلا تعتزل الأنفس بل ترتبط معها في العبور، وترث الأجساد بركات سكنى الروح القدس فيها وتقديسها كمسكن للرب.
2. تأنيب موسى للسبطين:
لم يسترح موسى النبي لهذا الطلب بل وبَّخهم توبيخًا قاسيًا ومرًا، وإن كان قد دخل معهم في حوار عملي انتهى بمراضاة هؤلاء الرجال لكن بغير مجاملة على حساب الحق وبنيان الجماعة. هنا يظهر موسى النبي حتى في أيام شيخوخته الرجل الحازم الجاد، المملوء مرونة، يجابه المشاكل بقلب منفتح لا لفرض إرادته بروح السيطرة بل ليجد حلولاً بروح الحب والحكمة، خاصةً وأنه كان قد بلغ 120 سنة، ويُعرف عن الشيوخ عدم المرونة وتمسكهم برأيهم وخبرتهم الخاصة.. أما هذا القائد العجيب فكان مرنًا حتى آخر نسمة في حياته.أما سرّ توبيخهم وانتهارهم فهو:
أولاً: ختم الرجال كلماتهم هكذا "ولا تُعبِّرنا الأردن" [5]، الأمر الذي أحزن قلب هذا القائد الذي قضى أربعين عامًا في مرارة يشتهي أن يدخل هو وكل شعبه إلى أرض الموعد.
فإن كان قد حرم الجيل السابق بسبب تذمرهم المستمر، وحُرم وهو وهرون من الدخول بسبب ضعفهما عند ماء المخاصمة إذا بهؤلاء يشتهون عدم الدخول وهم على الأبواب ما أقسى على قلبه أن يرى أبناء الموعد يحتقرون الموعد، وأصحاب الميراث يرفضون ميراث الله من أجل شهوة قلبهم الزمنيّة!
ثانيًا: اهتم الرجال بمواشيهم وقطعانهم فوجدوا في جلعاد مرعى خصبًا لها ولم يهتموا لا بمواعيد الله لهم ولا بمساندة إخوتهم في جهادهم القادم بعد عبور نهر الأردن. لقد أدرك موسى النبي أن الجانب الحيواني في حياتهم- شهوات الجسد- أعمت أعينهم عن رؤية نعم الله عليهم وأفقدتهم الاهتمام بإخوتهم.
ثالثًا: لعله قد أخفى الله عن نبيه العظيم موسى إدراك ما يحمله هذا العمل من رمزيّة بأنهم يمثلون رجال العهد القديم بينما التسعة أسباط ونصف الذين يعبرون إلى ما بعد الأردن يمثلون رجال العهد الجديد.
كان موقف موسى النبي مملوء حكمة ففي توبيخه لهم أوضح لهم سبب التوبيخ، طالبًا منهم ألاَّ يستريحوا في أرض جلعاد مع نسائهم وأطفالهم ومواشيهم بينما ينطلق إخوتهم للحرب (ع 6)، وألاَّ يمتثلوا بآبائهم الذين سمعوا للعشرة جواسيس في عدم إيمان بكلمات الرب فحمي غضب الرب عليهم وفنيَ جيلهم، فيزيدون من حمو غضب الرب (ع 14). يفقدوا إخوتهم ويفقدون الرب في وقتٍ واحد!
3. التزامهما بالجهاد مع إخوتهما:
أمام كلمات موسى النبي الحازمة والحكيمة والواضحة، إذ لا تحمل تحيّزًا ولا تسلطًا اضطروا إلى تقديم عرض جديد، جاء فيه:أولاً: تراجعهم في عرضهم الأول من جهة عدم عبورهم الأردن، بل طلبوا أن يتقدموا صفوف الحرب: "أما نحن فنتجرد مسرعين قدام بني إسرائيل حتى نأتي بهم إلى مكانهم" [16]. لم يقفوا عند حدّ المشاركة في الجهاد بل أرادوا أن يتقدموهم في الجهاد.
ثانيًا: قرروا ألاَّ يرجعوا إلى بيوتهم حتى يقتسم بقية الأسباط أراضيهم، أي حتى تستريح نفوسهم من جهتهم (ع 18).
بهذا استراح قلب موسى النبي وقَبِل عرضهم الجديد، بل استراح قلب الكنيسة من جهتهم إذ صاروا يمثلون بحق رجال العهد القديم المملوئين إيمانًا، إن كانوا لم ينطلقوا إلى أرض الموعد بنسائهم وأطفالهم ومواشيهم لكنهم عدوا كرجال حرب يسندون إخوتهم رجال العهد الجديد. لقد عبروا إلينا ليسندوننا خلال نبواتهم ورموزهم والناموس الذي تسلموه. بحق تقدم آباء العهد القديم وأنبياؤه الموكب ليعلنوا الخلاص خلال ربنا يسوع المسيح!
كانت إجابة موسى بالموافقة عجيبة، إذ لم يردد ما قالوه أنهم يتجردون مسرعين أمام بني إسرائيل (ع 16) بل أكد أكثر من مرة "إن تجردتم أمام الرب للحرب" [20].. إنها ليست مجرد مساندة لإخوتكم لكنها إعلان خضوع وجهاد روحي في الرب وأمامه. وحسب عدم التنفيذ هو خطيّة موجهة ضد الرب نفسه (ع 23).. فعادوا يؤكدون التزامهم بالعرض الجديد (ع 27).
4. وصيّة موسى عنهما:
إذ يعلم موسى أن وقت انحلاله قد حضر سلَّم الوصيّة في أيدي ألِعازار رئيس الكهنة ويشوع ورؤس آباء الأسباط (ع 28) مكررًا بكل وضوح كل ما تعهد به الرجال وقد ظهر بينهم نصف سبط مَنَسَّى لأول مرة.بنى هؤلاء الأسباط المدن وحصنوها لكي يتركوا فيها النساء والأطفال مع المواشي حتى يكمل رفقاؤهم جهادهم ويعودون إليهم. وقد غيَّر رأوبين أسماء ثلاث مدن عند إعادة بنائها نبو وبعل وسبمة، لأن نبو بعل أسماء إلهين وثنيين، وكانت الوصيّة الإلهيّة "لا تذكروا اسم آلهة أخرى ولا يُسمع من فمك" (خر 23: 13). أما سبمة فكما رأينا تعني "باردة". فإنه لا يليق بهم أن يسكنوا في حياة باردة بل أن تلتهب حياتهم بنار الحب الإلهي!
المراجع:
[287] New Westminister Dict. of Bible, p 331.
[288] Mckenzie: Dict. of Bible, p 310.
[289] New Westmininster, p 76.
[290] Mckenzie: p 67.
[291] Hastings, p 100.
[292] J. Jastings, p 692.
[293] In Num., hom. 26.