تفسير الاصحاح الثانى والعشرون من سفر يشوع للقمص تادري يعقوب ملطى
مذبح بلا ذبيحة
دعا يشوع بن نون رجال سبطي رأويين وجاد ونصف سبط منسي الذين يمثلون كنيسة العهد القديم التي جاهدت في عصر موسى تحت الناموس، وبالمحبة اشتركت مع كنيسة العهد الجديد في جهادها. لقد دعاهم يشوع ليهبهم ميراثهم بعد أن نالت بقية الأعضاء ميراثها، هذا ولم يردهم يشوع فارغين، بل قال لهم:
"بمال كثير ارجعوا إلى خيامكم وبمواش كثيرة جدًا بفضة وذهب ونحاس وملابس كثيرة جدًا. اقسموا غنيمة أعدائهم مع إخوتكم" [8]. إن رجال العهد القديم يشاركوننا الميراث وينعمون معنا بالعطايا الإلهية وشركة أمجاده.
ويرى البعض في هذا التصرف نبوة عن عودة اليهود إلى الإيمان المسيحي في الأيام الأخيرة بعد ملء كنيسة الأمم، كقول الرسول بولس: "فإنيّ لست أريد أيها الأخوة أن تجهلوا هذا السرّ لئلا تكونوا عند أنفسكم حكماء، إن القساوة قد حصلت جزئيًا لإسرائيل إلى أن يدخل ملء الأمم وهكذا سيخلُص جميع إسرائيل" (رو 11: 25-26).
أما إقامة المذبح العظيم المنظر على الجانب الآخر من الأردن حيث لا تقام فيه محرقة ولا مذبح يُشير إلى هيكل اليهود العظيم الذي بذبيحة العهد الجديد حمل المنظر دون الجوهر فصار منظرًا بلا محرقة ولا ذبيحة. لقد اعترفت الأسباط الممثلة للعهد القديم أن المذبح الحقيقي هو المقام حيث يوجد يشوع، أما هذا المذبح فهو مجرد (شاهد) بين رجال العهدين، علامة الوحدة بينهما.. لكنه بالحق لا يوجد سوى مذبح حقيقي واحد، راعٍ واحد، ورعية واحدة حيث يقيم يشوع الحق بينهم.