تفسير الاصحاح الثالث والعشرون من سفر التثنية للقمص تادري يعقوب ملطى
جماعة الرب، وجيش الرب، وبيت الرب
تحرص الشريعة على قدسيَّة المؤمنين فتؤكِّد لهم أنَّهم جماعة الرب، وجيش القدُّوس، وبيت الرب القدُّوس. هذا ما يؤكِّده هذا الأصحاح إذ لا يسمح بأي دنس يحل بالجماعة المقدَّسة، أو يتسرَّب إلى الجيش في حربه المقدَّس، أو إلى بيته. هذا وقد حرص هذا السفر على التحذير من أعداء الإنسان الحقيقيِّين وهم العالم الشرِّير وشهوات الجسد وإبليس. يحاربون المؤمن في حياته اليوميَّة، مع كل لحظة من لحظات عمره.
ويلاحظ أن النظرة هنا إلى الأمم الأربع، أي إلى العمونيِّين والموآبيِّين والأدوميِّين والمصريِّين، هي نظرة العصر الموسوي وتختلف كل الاختلاف عنها في أيَّام الملكيَّة المتأخِّرة.
1. المحرومون من جماعة الرب [1-8].
2. جيش مقدَّس [9-14].
3. العبد الهارب [15-16].
4. رفض الفسق والنجاسة [17-18].
5. الربا [19-20].
6. عدم التسرُّع في النذور [21-23].
7. حق الجيرة [24-25].
1. المحرومون من جماعة الرب:
تقدِّم الشريعة هنا قائمة ببعض المحرومين من الدخول في "جماعة الرب"، حتى تبقى الجماعة مقدَّسة للرب. لكن ماذا يعني بجماعة الرب هنا؟ يرى البعض أنَّه يقصد هنا "شعب الله أثناء خدمتهم الدينيَّة". لم يقصد حرمانهم من خلاص أنفسهم وتعبُّدهم للرب، إنَّما حرمانهم من التمتُّع بكمال الحقوق، مثل استلام مسؤوليَّات معيَّنة أو الدخول إلى المقادس والشركة الكاملة مع الجماعة. يعني حرمان هذه الفئات من تولِّي مراكز قياديَّة في وسط الشعب، فلا يكون أحدهم شيخًا من شيوخ إسرائيل ولا قاضيًا. ويرى آخرون أن المقصود هنا مجرَّد الامتناع من الزواج منهم، فلا يتم زواج مختلط بينهم وبين الإسرائيليِّين.
ما هي الفئات الممنوعة؟
أ. المخصيُّون أو المجبوبون: "لا يدخل مخصي بالرض أو مجبوب في جماعة الرب" [1].كان لهذا التعليم الخاص باستبعاد المخصيِّين من جماعة الرب أهميَّته الخاصة في ذلك الحين، إذ كان شائعًا بين الأمم أن يخدم جماعة من المخصيِّين الهياكل الوثنيَّة، وأيضًا الذين يحتلُّون مراكز عظيمة في القصر الملكي، خاصة الذين يخدمون في جناح الملكة وجناح النساء، حتى أن كلمة "الخصيان" صارت تطلق على أصحاب المراكز في القصر حتى وإن كانوا ليسوا مخصيِّين جسديًا[251].
مُنع المخصيُّون من الكهنوت (لا 21: 17-21) وأولادهم حتى الجيل العاشر، لتأكيد قدسيَّة كل أعضاء الجسم. فقد جاء هذا القانون لكي يمنع الإنسان من أن يخصي نفسه، خاصة إن كان بسبب نظرته إلى الأعضاء الجنسيَّة كأعضاء دنسة، أو أن العلاقات الجسديَّة في الزواج نجاسة. وقد حرَّمت الكنيسة على الذين يخصون أنفسهم حتى إن كانوا بتوليِّين من نوال أيَّة درجة كهنوتيَّة، ذلك لأنَّهم يدنِّسون النظر نحو ما خلقه الله صالحًا ومقدَّسًا.
من هنا – حتى في العهد القديم – لا يُحرم الخصي من عضويَّته في جماعة الرب إن كان مقدَّسًا للرب. وكما جاء في سفر إشعياء: "فلا يتكلَّم ابن الغريب الذي اقترن بالرب قائلاً: "إفرازًا أفرزني الرب من شعبه. ولا يقل الخصي ها أنا شجرة يابسة. لأنَّه هكذا قال الرب للخصيان الذين يحفظون سبوتي ويختارون ما يسرُّني ويتمسَّكون بعهدي. إنِّي أعطيهم في بيتي وفي أسواري نصيبًا واسمًا أفضل من البنين والبنات. أعطيهم اسمًا أبديًا لا ينقطع" (إش 56: 3-5).
واضح أن ما يشغل ذهن الله ليس الشكل الخارجي مثل أن يكون الإنسان خصْيًا أم لا، إنَّما الأعماق الداخليَّة، حيث يختبر االخصي حفظ السبت، أي التمتُّع بالعيد الأسبوعي والفرح المستمر في الرب، وتقديس السبت كعلامة على تقديس العمر كله لحساب الرب. من يختار أن يسر الله ويتمسَّك بعهده، أي يود أن تكون له شركة دائمة معه، مثل هذا يُحسب ابنًا (أو ابنة) لله أكثر من غيره ويكون له نصيب في بيت الرب، ويتحصَّن بأسواره.
ب. أبناء الزناة: "لا يدخل ابن زني في جماعة الرب؛ حتى الجيل العاشر لا يدخل منه أحد في جماعة الرب" [2].
ما هو ذنب الابن؛ فقد أخطأ الأب، فلماذا يُحرم الابن من الدخول في جماعة الرب؟ لا يُحرم الابن غير الشرعي من الالتصاق بالله والتمتُّع بالميراث الأبدي، إن سلك في حياة لائقة مقدَّسة في الرب. لكن هذا القانون يقصد تحريم الزنا، إذ يشعر الزاني أن ثمرة هذا الزنا لا تدخل في جماعة الرب.
من بين رجال الإيمان الذين وردت سيرتهم في سفر القضاة (قض 11)، وذكرهم بولس الرسول في قائمة رجال الإيمان هو يفتاح الجلعادي (عب 11: 22)، قيل عنه: "وكان يفتاح الجلعادي جبَّار بأس وهو ابن امرأة زانيَّة، وجلعاد ولد يفتاح.. وقالوا له لا ترث في بيت أبينا لأنَّك أنت ابن امرأة أخرى" (قض 11: 1-2).
ج. نسل عمون وموآب: لقد انفصل أبوهما لوط عن إبراهيم (تك 13: 11)، فعزل نسله ممَّا يتمتَّع به أولاد إبراهيم رجل الإيمان. هذا وقد جاء عمون وموآب ثمرة سكر أبيهما والتصاقه بابنتيه. لكن قد يُقال: وما هو ذنبهما هما ونسلهما من بعد؟ جاءت الإجابة أن نسلهما أخذ موقفًا عدائيًا من شعب الله، إذ يقول:
"لا يدخل عموني ولا موآبي في جماعة الرب.
حتى الجيل العاشر لا يدخل منهم أحد في جماعة الرب إلى الأبد.
من أجل أنَّهم لم يلاقوكم بالخبز والماء في الطريق عند خروجكم من مصر؛
ولأنَّهم استأجروا عليك بلعام بن بعور بن فتور آرام النهرين لكي يلعنك.
ولكن لم يشأ الرب إلهك أن يسمع لبلعام،
فحوَّل لأجلك الرب إلهك اللعنة إلى بركة،
لأن الرب إلهك قد أحبَّك.
لا تلتمس سلامهم، ولا خيرهم، كل أيَّامك إلى الأبد" [3-6].
ليس من حق العموني أو الموآبي أن يدخل في الجماعة المقدَّسة حتى الجيل العاشر وذلك لحفظ الجماعة من أثر الوثنيَّة. هذا وأن من ينسحب عن فساد هذه الأمم ولا يلتصق بآلهتهم الوثنيَّة تقبله الجماعة. فراعوث الأمميَّة فاقت بالإيمان كثيرات من نساء الإيمان، صار لها سفر في الكتاب المقدَّس باسمها؛ وجاء السيِّد المسيح من نسلها، وذُكر اسمها في أنساب الرب.
إن كان عمون وموآب ابنا لوط قد عاشا بعيدًا عن الله، فإن نسليهما قد أكملا مكيالهما. فقد اتَّسم هذان الشعبان بسمتين خطيرتين في مواجهتهما لشعب إسرائيل، وهما العنف والحسد. ظهر العنف في رفضهم مساندة الشعب في البريَّة، وظهر الحسد في طلب موآب من بلعام أن يلعنهم، هذا الذي إذ فشل في رسالته قدَّم لهم خطَّة لمعثرة الشعب.
لم يقدِّموا خبزًا وماء للشعب في وسط البريَّة، مع أن هذا واجب إنساني، خاصة وأنَّهم لم يطلبوا ذلك مجانًا، بل أرادوا دفع الثمن. رفضوا ذلك فقدَّم لهم الله الخبز من السماء والماء من الصخرة مجَّانًا. هكذا من يحرم نفسه من العطاء، إنَّما يحرم نفسه من التمتُّع بما لله في يوم الرب العظيم، إذ يقول لهم: "بما أنَّكم لم تفعلوه بأحد هؤلاء الأصاغر فبي لم تفعلوا" (مت 25: 45).
لقد طلب بنو موآب من بلعام أن يلعن شعب الله، وحوَّل الله اللعنة إلى بركة، لكن هذا لا يعفيهم من الشر الذي كمن في قلوبهم. وكما يقول المرتِّل: "أعطهم حسب فعلهم، حسب شر أعمالهم. حسب صُنع أيديهم أعطهم، رُد عليهم معاملتهم" (مز 28: 4).
يرى القدِّيس غريغوريوس النزينزي أن عدم السماح للموآبيِّين والعمونيِّين حق الدخول في بيت الله يشير إلى رفض استخدام البراهين السوفسطائيَّة المهلكة التي لحب الاستطلاع[252].
ما هو نصيب الأدوميِّين والمصريِّين؟
لقد رفض بنو عمون وبنو موآب أن يعبر الشعب بأرضهم لذا يجب ألاَّ يأتمنوا لهم [1-6]. أمَّا بنو آدوم والمصريُّون فقد استضافوهم في وقتٍ ما وإن كانوا بعد ذلك قد استعبدوهم، لذا يمكن أن يتمتَّعوا معهم بالعهد [7-8]. هكذا يليق بنا ألاَّ نتجاهل عملاً خيِّرًا قُدِّم لنا مهما بدا صغيرًا.لئلاَّ بسبب ما قيل عن بني عمون وبني موآب يحمل الشعب روح الكراهيَّة نحو كل الشعوب يطلب منهم أن يأخذوا موقفًا لطيفًا مع بني آدوم ومع المصريِّين، إذ يقول:
"لا تكره أدوميًا، لأنَّه أخوك.
لا تكره مصريًا، لأنَّك كنت نزيلاً في أرضه.
الأولاد الذين يولدون لهم في الجيل الثالث يدخلون منهم في جماعة الرب" [7-8].
إن صار أدومي أو مصري دخيلاً، أي ترك أوثانه وقبل الإيمان بالله الحقيقي فإن لحفيده الحق في الدخول في جماعة الرب.
لقد قاومهم الأدوميُّون (عد 20: 20)، واستعبدهم المصريُّون، لكن يليق بالشعب أن ينسى هذا كله متى التقى الأدومي أو المصري بالله وثبت صدق إيمانه حتى الجيل الثالث، فيُقبل متذكِّرًا للأدومي أنَّه أخوه، وللمصري أنَّه استضافه يومًا ما في وطنه.
كثيرًا ما كان الله يذكرهم بعبوديَّتهم للمصريِّين لا ليُثير فيهم روح العداوة ضدَّهم، بل يتذكَّروا عمل الله الخلاصي العجيب. أمَّا بالنسبة للمصريِّين فيذكرون كيف فتحوا لهم بلدهم ليستضيفوهم حوالي أربعة قرون.
في اختصار طلب الله تقديس شعبه بالآتي:
أ. حرمان كل من يدنس نظرته نحو الجسد ويستهين بخلقة الله الصالحة من الشركة في العمل القيادي الروحي لجماعة الرب.
ب. من يحمل روح الكراهيَّة والحسد لأولاد الله، ومن يقدِّم معثرة لهم، ليس لهم نصيب في الشركة المقدَّسة.
ج. يليق بالجماعة المقدَّسة أن يحملوا روح الحب نحو الغير، ولا يتجاهلوا كل عمل صالح قُدِّم لهم ولو إلى حين، فيعاملونهم بالحب الممتزج بالحكمة.
2. جيش مقدَّس:
كان الشعب على وشك الدخول إلى أرض الموعد، حيث يدخلون في سلسلة مستمرَّة من المعارك ضد الكنعانيِّين، لهذا كان لزامًا وضع أسس خاصة برجال الجيش حتى يمكنهم التمتُّع بحياة الغلبة. لذلك بعد أن تحدَّث عن "جماعة الرب" وعن المحرومين من الدخول في الجماعة، وإمكانيَّة دخول الأدوميِّين والمصريِّين في جماعة الرب تحدَّث عن الجيش وتقديسه، فتحدث عن ثلاثة أنواع من التقديس.أولاً: التقديس من الخطيَّة، "إذا خرجت في جيش على أعدائك فاحترز من كل شيء رديء" [9]. فالخطيَّة تسحب قلب الإنسان نحو الجبن، لأنَّها تربطه بالأرض والحياة الزمنيَّة. أمَّا برّ المسيح فيرفع قلبنا إلى السماء، ويهبه قوَّة تتحدَّى الموت. لهذا يليق بالمعارك الزمنيَّة أن تكون فرصًا حيَّة للدخول في معارك داخليَّة، فيتنقَّى الكل من كل شيءٍ شرِّير.
بهذا يجتذبنا الكتاب المقدَّس نحو الله الذي يسمع صلوات الأبرار ويهبهم روح النجاح والنصرة. وكما يقول المرتِّل: "إن راعيت إثمًا في قلبي لا يستمع لي الرب.. مبارك الله الذي لم يبعد صلاتي ولا رحمته عنِّي" (مز 66: 18، 20). لقد أكَّد صموئيل النبي للشعب أن تقديس القلب هو طريق النصرة، قائلاً: "إن كنتم بكل قلوبكم راجعين إلى الرب فانزعوا الآلهة الغريبة والعشتاروت من وسطكم وأعدُّوا قلوبكم للرب واعبدوه وحده، فينقذكم من يد الفلسطينيِّين" (1 صم 7: 3).
ثانيًا: تقديس طقسي روحي، مع التطهير من كل شر. يلزم أن يمارسوا الطقس الخاص بالتطهيرات، حتى إن كان الدنس لا إرادي كالاحتلام.
"إن كان فيك رجل غير طاهرٍ من عارض الليل يخرج إلى خارج المحلَّة لا يدخل إلى داخل المحلَّة.
ونحو إقبال المساء يغتسل بماء،
وعند غروب الشمس يدخل إلى داخل المحلَّة" [10-11].
لما كان الله قدُّوس يود أن يكون شعبه مقدَّسًا في الداخل والخارج، فإن رأى إنسان حلمًا أثاره لا شعوريًا فإن هذا لا يُحسب خطيَّة، لكن يليق به أن يغتسل حتى يكون جسده نقيًا، وأيضًا يغسل ثيابه كما جاء في (لا 15: 16): "إذا حدث من رجل اضطجاع زرع يرحض كل جسده بماء ويكون نجسًا إلى المساء؛ وكل ثوبٍ وكل جلدٍ يكون عليه اضطجاع زرع يُغسل بماء ويكون نجسًا إلى المساء".
ليس من حق الجندي وهو في وسط المعسكر إن احتلم أن يعطي لنفسه عذرًا فلا يطبق هذا القانون الخاص بتطهير جسده وثيابه، فإن المعركة تدفعه بالعكس لا إلى تجاهل الشريعة بل إلى التدقيق في تنفيذها.
لينسحب في ذلك اليوم من المعركة ويتمِّم شريعة التطهير هذه لكي يقف الله في صف الجيش كله. بحسب الحسابات البشريَّة هؤلاء المحتلمون إذ ينسحبون يسبِّبون خللاً في الجيش فتقل قوَّة الجيش وقدرته، لكن بحسب الحسابات الإلهيَّة فإن انسحابهم تأكيد للاهتمام بقدسيَّة الشعب والجيش فيكون القدُّوس نفسه هو القائد وهو واهب النصرة.
إن كان هكذا يهتم الله بتقديس الكل حتى فيما يحدث لا شعوريًا كم بالأكثر يليق بالكل أن يكون مقدَّسًا في الجسد والفكر والأحاسيس.
بقوله: "ويكون لك موضع خارج المحلَّة لتخرج إليه خارجًا" [12] يؤكِّد أهميَّة النظافة داخل المحلَّة حفظًا للصحة والطهارة الشخصيَّة. إن حضور الرب في وسطهم حافز دائم على القداسة.
ثالثًا: طهارة طبيعيَّة. لتأكيد حضرة الله في وسط شعبه، خاصة أثناء معاركهم، التي هي معركته ضد إبليس وأعماله، أراد أن يكونوا طاهرين حتى من الضروريَّات، فلا يوجد في المحلَّة شيء قذر، إذ يقول:
"ويكون لك وتد مع عدَّتك لتحضر به عندما تجلس خارجًا وترجع وتغطِّي برازك.
لأن الرب إلهك سائر في وسط محلَّتك لكي ينقذك،
ويدفع أعداءك أمامك.
فلتكن محلَّتك مقدَّسة لئلاَّ يرى فيك قذر شيء فيرجع عنك" [13-14].
يتساءل البعض: كيف تهتم الشريعة الإلهيَّة بأمر كهذا، ينطق به العظيم في الأنبياء موسى؟
أ. لقد أراد تأكيد أن الطبيعة نفسها تعلِّمنا أن نميِّز أنفسنا عن الحيوانات، فيليق بنا أن نكون أنقياء في كل شيء.
ب. إن كان الله يهتم بتطهير القلب وتقديس الإنسان ككل، فإنَّه خلال الاهتمام حتى بنظافة الموضع ندرك مدى أهميَّة الطهارة والقداسة في عينيّ القدُّوس. إذ لم يُقصد بالحرب اغتصاب أرض أو ممتلكات بل تهيئة شعب الله كخميرة لتقديس الشعوب، لذا كان الإعداد لها لا بالمعدات الحربيَّة والتنظيمات العسكريَّة، إنَّما بالحياة المقدَّسة الداخليَّة والخارجيَّة كالنظافة.
ج. تكشف الشريعة ككل عن وحدة الحياة، فلا تفصل بين الشرائع التي تخص العبادة عن السلوك، ولا السلوك الأخلاقي عن السلوك فيما يخص الصحَّة العامة أو صحَّة الفرد، ولا الشرائع الخاصة بفترات الحرب عن تلك التي تخص حياة السلم. فالمؤمن إذ يحيا في الرب يهتم بكل جوانب حياته الروحيَّة والاجتماعيَّة والدراسيَّة والصحيَّة والوطنيَّة والأسريَّة. هي حياة واحدة لا تتجزَّأ.
د. تكشف الشريعة عن الحضرة الإلهيَّة حتى في لحظات الحرب: " الرب إلهك سائر في وسط محلَّتك" [14]. وكأن ما يشغل ذهن المؤمن حتى في اهتمامه بالجوانب الصحيَّة هو انشغاله بالله القدُّوس. فإن كان رئيس الكهنة يلتزم بوضع صحيفة ذهبيَّة منقوش عليها "قدس للرب"، فإن المؤمن إذ يشعر بحضرة الله في بيته يهتم بكل أثاثات البيت وكأنَّه ينقش عليها "قدس للرب". أينما وجد يشعر أنَّه كما في هيكل مقدَّس حيث يلتقي بالقدُّوس.
هـ. إن كان الله قد خلق العالم الجميل من أجل الإنسان، وقد أحب الإنسان العالم أكثر من خالقه، لهذا وهو يدعوه إلى جحد محبَّة العالم يسأله أن يحافظ على كل ما هو جميل في العالم. يود أن نعيش في جوٍ صحي بلا تلوث.
أنَّنا نسمع الآن العالم يصرخ من تلوُّث البيئة، تلوُّث الهواء وتلوُّث المياه، وتلوُّث الطعام، وتلوُّث الأرض! هذا ما فعله الإنسان بعد أن تلوَّث قلبه بالخطيَّة، لوَّث العالم في جوانب متعدِّدة. أنَّنا نسمع اليوم عن تحذير لئلاَّ ننقل التلوُّث حتى إلى الكواكب التي نبعث إليها سفن فضائيَّة.
ليتنا بروح الرب نحفظ أعماقنا من كل تلوُّث فنشتاق أن نعيش حتى في عالمٍ بلا تلوُّث. الآن تقيم الدول وزارات خاصة بالبيئة لمعالجة كل تلوُّث! لنبدأ بنظافة الداخل ولا نتجاهل نقاوة الخارج أيضًا!
و. إن ما يفعله شخص واحد حتى وإن كان بنيَّة غير شرِّيرة قد يسيء إلى الجماعة كلها ويحزنها، بل وقد يحطِّمها. لهذا لاق بكل عضو أن يعمل ما استطاع من أجل نفسه بل من أجل الجماعة كلها.
3. العبد الهارب:
بعد أن تحدَّث عن التدقيق في الطهارة والنقاوة روحيًا وجسديًا وطقسيًا حتى في أمور الطبيعة الضروريَّة التي تبدو تافهة قدَّم لنا شرائع تكشف عن مدى تدقيق الإنسان في كل أمور الحياة. ابتدأ بالحديث عن العبد الأجنبي الذي يهرب من سيِّده بسبب ما يحل به من ظلم.
"عبدًا أبق إليك من مولاه لا تُسلِّم إلى مولاه.
عندك يقيم في وسطك في المكان الذي يختاره في أحد أبوابك حيث يطيب له.
لا تظلمه" [15-16].
واضح أن الشريعة الموسويَّة وإن كانت لم تلغِ نظام العبوديَّة لكنَّها بكل الطرق تحث المؤمن على الترفُّق بالعبيد ومعاملتهم كأخوة. إن كان الله قد أعطى الشعب أرض الموعد ملجأ لهم بعد أن حرَّرهم من عبوديَّة فرعون، فإنَّه يشتهي أن يقتدي شعبه به، فيفتحون قلوبهم وبيوتهم لكل نفس متألِّمة أو متضايقة.
هل من العدالة أن تحمي إنسانًا هاربًا؟
أولاً: لا يُفهم هذا القانون أنَّنا نحمي هاربًا من القانون، خاصة إن كان قد ارتكب جريمة ما، إذ يختم القانون بقوله: "لا تظلمه" ممَّا يدل على أنَّه يتحدَّث عن العبد الهارب من الظلم الذي كان يلاحقه.ثانيًا: يرى البعض أن العبد هنا هارب من سيِّد وثنيٍ، من بلدٍ مجاورة، وقد جاء يحتمي في شعب الله ويتعبَّد لله حيث يجد سلامه الداخلي وراحته اللائقة في الله.
ثالثًا: يود الله من شعبه وأبنائه أن يكونوا ملجأ خاصة لمن هم في ضيقة، كحماية العبد الهارب من قسوة سيِّده، مع الاهتمام بالضعفاء المظلومين. وقد عرف ملوك إسرائيل بهذه الفضيلة كما يظهر من قول العبيد لبنهدد ملك الأموريِّين (1 مل 20: 30).
رابعًا: يرى البعض أن هذا التشريع يكشف عن مقاومة الله للعبوديَّة. ففي نفس السفر يشدِّد الله على المؤمن أن يرد كل ما هو مفقود لأخيه سواء كان عبرانيًا أو أمميًا، نجده يشدِّد ألاَّ يُرد العبد إلى سيِّده. فإنَّه ليس من حق الإنسان أن يملك إنسانًا ويستعبده. وقد سبق لنا الحديث عن نظرة الكتاب المقدَّس للعبوديَّة.
لا يقف الأمر عند عدم رد العبد لسيِّده، وإنَّما يلتزم المؤمن أن يُعد له مكانًا ليعيش ويعمل.
خامسًا: بينما يؤكِّد الكتاب المقدَّس أنَّه ليس من حق إنسانٍ أن يمتلك إنسانًا، أوضح أن الله وحده من حقِّه أن يمتلكنا له. "لأنَّكم قد أشتريتم بثمن فمجِّدوا الله في أجسادكم وفي أرواحكم التي هي لله" (1 كو 6: 20). من يستعبد نفسه لله يتحرَّر داخليًا من كل عبوديَّة. وكما يقول القدِّيس أرسانيوس: "كن عبدًا لسيِّد واحدٍ خير من أن تكون عبدًا لسادة كثيرين".
4. رفض الفسق والنجاسة:
إن كان يليق بشعب الله أن يكون ملجأ حتى للعبد الهارب من الظلم، إلاَّ أنَّه يجب ألاَّ يكون ذلك للفاسق والنجس. فالدعارة مرفوضة تمامًا، وكل مكسب من خلال هذا العمل لن يُقبل كتقدمة لله القدُّوس [17-18].
"لا تكن زانية من بنات إسرائيل،
ولا يكن مأبون من بني إسرائيل.
لا تدخل أجرة زانية ولا ثمن كلب إلى بيت الرب إلهك عن نذرٍ ما،
لأنَّهما كليهما رجس لدى الرب إلهك" [17-18].
لم يكن مسموحًا لإحدى بنات إسرائيل أن تبقى في وسط شعبها تمارس الزنا، ولا لأحد أبناء إسرائيل أن يمارس الشذوذ الجنسي، إذ يلزم بقاء الشعب "أمَّة مقدَّسة". عندما طلب أمنون بن داود من أخته ثامار أن تخطئ معه قالت له: "لا يا أخي لا تذلّني، لأنَّه لا يٌفعل هكذا في إسرائيل. لا تُعمل هذه القباحة" (2 صم 13: 12).
لا يُسمح لأجرة زانية أو لثمن فساد جنسي (ثمن الكلاب) أن يقدَّم لبيت الرب. هنا يشير إلى مرتكبي الفساد الجنسي بالكلاب كما جاء في سفر الرؤيا: "لأن خارجًا الكلاب والسحرة.." (رؤ 22: 15). هكذا لا يقبل الله تقدمة إنسانٍ فاسد، إذ "ذبيحة الأشرار مكرهة للرب، وصلاة المستقيمين مرضاته" (أم 14: 8). الله يريد القلب التائب الراجع إليه لا الذبائح والتقدمات بغير نقاوة قلب.
الله لا يُكرَّم بما نقدِّمه له، لكنَّه يتمجَّد بحياتنا المقدَّسة فيه. لهذا لا يهتم بما نقدِّمه، بل بالقلب الذي يقدِّم هذه التقدمة. إنَّه لا يُرتشى بالمال والتقدمات.
يحذِّرنا الحكيم من المرأة الشرِّيرة التي تغوي الإنسان البسيط تحت ستار التديُّن، قائلاً: "فأمسكته وقبَّلته، أوقحت وجهها وقالت له: عليَّ ذبائح السلامة. اليوم أوفيت نذوري. فلذلك خرجت للقائك لأطلب وجهك حتى أجدك" (أم 7: 14-15).
على خلاف الجو الوثني المحيط بهم يطالبهم برفض الزنا ومضاجعة الذكور لحساب الهيكل. كان بعض الكاهنات يقمن بجوار معبد فينيس يقدِّمن أجسادهن مقابل أجرة تقدَّم لحساب الهيكل، وأن بعض المتعبِّدين من الجنسين النساء والرجال يقدِّمون أنفسهم للممارسات الشرِّيرة.
وكما يقول هيرودت إن الرجاسات كانت جزءً لا يتجزَّأ من العبادة الوثنيَّة خاصة عبادة الإلهة عشتاروت[253]. وجاء في سفر ميخا عن العبادة الوثنيَّة في السامرة: "جميع أصنامها أجعلها خرابًا، لأنَّها من عقر الزانية جمعتها، وإلى عقر الزانية تعود" (مي 1: 7).
5. الربا:
لكي يكون الله حصنًا لشعبه، واهبًا إيَّاهم روح الغلبة والنصرة سألهم ليس فقط أن يتقدَّسوا في كل كبيرة وصغيرة، حتى في التقدمات التي يأتون بها إلى بيته. مع التقديس يطلب الحب المشترك بينهم، فبحبِّه قدَّم للشعب أرض الموعد، ليعيش الكل معًا بروح الشركة لا الطمع، ويشعر الكل أن ما بين أيديهم هو هبة إلهيَّة. لهذا منعهم من الربا متى احتاج الأخ أو الأخت أن يقترض مالاً أو طعامًا أو شيئًا ما."لا تُقرض أخاك بِرِبا فضة، أو ربا طعام، أو ربا شيء ما ممَّا يُقرَض بربا.
للأجنبي تقرض بِرِبا،
ولكن لأخيك لا تقرض بِرِبا،
لكي يباركك الرب إلهك في كل ما تمتد إليه يدك في الأرض التي أنت داخل إليها لتمتلكها"
[19-20].
رفض إقراض الأخ بِرِبا، لأنَّه يفترض أنَّه يطلب ذلك عن عوزٍ واحتياج. لهذا سألنا الرب ليس فقط لا نطلب الربا، بل ولا نطلب رد الدين، قائلاً: "وإن أقرضتم الذين ترجون أن تستردُّوا منهم، فأيّ فضل لكم، فإن الخطاة أيضًا يفعلون ذلك" (لو 6: 35). لقد أكد الرسول أنَّه ليس للطماعين أن يرثوا ملكوت الله (1 كو 6: 10).
بالنسبة للغرباء تقدِّم القروض بفوائد لأنَّه يُفترض أنَّه يطلب ذلك من أجل التجارة. فالنفع مشترك، حيث يتاجر الغريب بالمال، وينال اليهودي نصيبًا من ربحه خلال الفائدة.
6. عدم التسرُّع في النذور:
مع القداسة والحب يطلب أيضًا الجدِّيَّة فلا ينطق إنسان بكلمةٍ ما في تسرُّع، خاصة حين ينذر شيئًا للرب. وقد سبق فعالج موضوع الالتزام بالنذور في سفر العدد (ص 30).
"إذا نذرت نذرًا للرب إلهك فلا تؤخِّر وفاءه.
لأن الرب إلهك يطلبه منك فتكون عليك خطيَّته.
ولكن إن امتنعت أن تنذر لا تكون عليك خطيَّة.
ما خرج من شفتيك احفظ واعمل كما نذرت للرب إلهك تبرُّعًا كما تكلَّم فمك" [21-23].
لا يحتاج الله إلى النذور، لهذا لا تُحسب خطيَّة لمن يمتنع عن النذر، إنَّما يطلب الجدِّيَّة في كل كلمة تنطق بها الشفتان. لم يقل ما ينذر به قلبك بل ما "تكلَّم فمك"، لئلاَّ يتشكَّك أحد لمجرَّد وجود اشتياقات كثيرة نحو التكريس والعطاء ممَّا يستحيل على الإنسان أحيانًا تنفيذها. لهذا لم يرد أن يثقِّل على ضمير المؤمنين.
يقول الحكيم: "لا تستعجل فمك ولا يُسرع قلبك إلى نطق كلام قدام الله، لأن الله في السموات وأنت على الأرض، فلذلك لتكن كلماتك قليلة.. إذا نذرت نذرًا لله فلا تتأخَّر عن الوفاء به، لأنَّه لا يُسر بالجهال، فأوفِ بما نذرته" (جا 5: 2، 4).
بكامل حرِّيتنا لنا أن ننذر أو نمتنع عن النذر، إذ لا يريد الله أن يثقِّل على أحدٍ. من ينذر فليفعل ذلك بفرح قلب، وليتمِّم ذلك. وقد جاء العهد الجديد يعلن بوضوح عن العطاء "كل واحدٍ كما ينوي بقلبه ليس عن حزنٍ أو اضطرار، لأن المعطي المسرور يحبُّه الله" (2 كو 8: 7).
7. حق الجيرة:
قانون الجماعة المقدَّسة هو الحب، فليس من حق إنسانٍ أن يعتدي على ممتلكات جاره أو حقله أو كرمه. إن جاع من حقِّه خلال الحب أن يأكل من حقل جاره، دون أن يحمل معه شيئًا، دون إساءة استغلال هذا الحق.
"إذا دخلت كرم صاحبك فكل عنبًا حسب شهوة نفسك شبعتك،
ولكن في وعائك لا تحمل.
إذا دخلت زرع صاحبك فاقطف سنابل بيدك،
ولكن منجلاً لا ترفع على زرع صاحبك" [24-25].
كانت الكروم والحقول في فلسطين مفتوحة للمشاة، وكان الثمر كثيرًا حتى يقدر من يريد أن يأكل ما يشاء.
هذا القانون تلتزم به بعض القبائل البدائيَّة، فمن حق أي عابر أن يميل على حقل ويأكل ويشبع دون أن يأخذ معه شيئًا. كما تلتزم به جماعات متمدِّنة كثيرة، فالعاملون في مصانع أطعمة أو شراب ما من حقِّهم أن يأكلوا أو يشربوا ممَّا في المصانع، لكن ليس من حقِّهم أن يحملوا شيئًا منه خارج المصانع. هذا وقد اشتهرت كنعان بفيض غلاَّتها وكرومها لهذا مهما أكل أو شرب الجار لن يمثِّل ذلك شيئًا بالنسبة للفيض الذي يقدِّمه الله لأصحاب الكروم والحقول.
عندما جاع التلاميذ ابتدأوا يقطفون سنابل ويأكلون، وإذ لاحظ الفرِّيسيُّون ذلك قالوا السيِّد المسيح: "هوذا تلاميذك يفعلون ما لا يحل فعله في السبت" (مت 12: 2؛ لو 5: 2). لم ينتقدوهم لأنَّهم أخذوا سنابل من الحقل، فهذا حق وهبته الشريعة للكل، لكنَّهم انتقدوهم لأنَّهم قاموا بالقطف فحسبوه حصادًا، وفركوه بأيديهم فحسبوه عملاً ممنوعًا في يوم السبت!
يرى اليهود أن هذه الشريعة قُدِّمت لفئتين: للعاملين في الحقول، فإنَّهم إذ يعملون من حقِّهم أن يشبعوا ويرتووا ممَّا هو بين أيديهم، وفئة المسافرين الفقراء حتى لا يخوروا في الطريق.
تحمل هذه الشريعة مبدأ هامًا وهو مع تدقيق الإنسان في حياته الروحيَّة يجب أن يتساهل مع اخوته في الأمور الماديَّة التي لا تستحق الانشغال بها، خاصة إن كان الأخ (أو الأخت) يمارس ذلك عن عوز وقدر احتياجه دون إساءة استخدام هذه المحبَّة وتلك البساطة.
تقدِّم هذه الشريعة أيضًا فرصة ليكون الإنسان سخيًا مع أخيه فيتركه في حقله أو كرمه يأكل أو يشرب بغير حدود، سوى ألاَّ يأخذ معه شيئًا أو يستغل وجوده في الحقل، فيضرب بمنجله السنابل ثم يترك ما جمعه يتبدَّد في الحقل. ففي الوقت الذي فيه تطلب الشريعة حبنا لقريبنا، تطلب من الغريب الالتزام وعدم إساءة حق الصداقة أو الجيرة فيعرف حدود ما يناله.
من وحيّ تثنيّة 23
جماعة مقدَّسة، وجيش مقدَّس، وبيت مقدَّس+ هب لي أن أكون حريصًا على قدسيَّة جماعتك يا أيها القدُّوس!
أنت ترفض من يخصي ذاته عن ممارسة الكهنوت.
هب لي أن أكرم كل عضو في جسدي.
لم تخلق فيً شيئًا دنسًا.
أترقَّب، متى تعكس بهاءك على نفسي وجسدي، وكل كياني،
فأحمل شبهك وأصير أيقونة لك!
+ ليهرب منِّي كل فكر شهواني!
ولا يكون في داخلي عموني أو موآبي.
لأحمل الحب للكل بروح التمييز والإفراز.
أفتح قلبي لكل أدومي ومصري، فأقبلهم خلال حبَّك.
+ اخترتني جنديًا في جيش خلاصك.
ليتني أكون مدقِّقًا في طهارة قلبي وجسدي!
لاغتسل دائمًا بمياه حبَّك.
لأتقدَّس دومًا بدمك المطهِّر.
فتكون محلَّتك في داخلي كاملة النقاوة.
+ تقيم الدول وزارات للبيئة لمعالجة كل تلوُّث.
لتقم روحك القدُّوس مطهِّرًا إيَّاي من كل دنس.
هب لي أن أحيا بلا تلوُّث في الداخل والخارج.
فاشتم نسمات حبَّك النقي،
وأشرب من ينابيع مياهك الحيَّة التي لن يمسَّها تلوُّث!
تطلب نظافة أعماقي:
نظافة القلب والفكر والأحاسيس والمشاعر.
وتطلب نظافة الجسد بكل طاقاته،
وتسألني نظافة العالم المحيط بي،
فاحرص حتى على نقاوة الهواء الذي اشتمه،
والأرض التي أعيش عليها.
نظافتي جزء لا يتجزَّأ من الحياة البارة فيك يا أيُّها البار وحده.
+ لأكن جنديًا شجاعًا في المعركة الروحيَّة.
وأبًا حنونًا نحو كل عبدٍ مظلومٍ.
لتمتزج شجاعتي بحبِّي ولطفي.
+ أقمت هيكلك في داخلي!
لن أقدِّم فيه أجرة زانية ولا ثمن كلب.
لن أمزج عبادتي بدنس، ولا تقدمتي بفسادٍ ما.
اشتاق أن أقدِّم كل حياتي نذرًا لك.
في غير تسرُّعٍ اقبلها تقدمة حب لك.
+ هب لي أن أفتح حقل قلبي لكل إنسان.
هب لي حبًا لكل جارٍ وكل غريبٍ!
وإن استأجرت أحدًا لا انتظره يطلب أجرته،
بل أسرع بالحب وأقدِّم له حقّه.
+ في كل عمل أذكر دومًا المتضايقين،
وأراعي كل غريب ومحتاج!
المراجع:
[251] راجع تفسير "دانيال"، ص19.
[252] See The Last Farewell, 17.
[253] Herod. 1:99.