تفسير الاصحاح الثانى من سفر التثنية للقمص تادري يعقوب ملطى
الإفراز في التعامل مع الغير
في الأصحاح الأول عرض موسى النبي بعض أخطاء الشعب، وما اجتنوه كثمر للعصيان. الآن وقد صاروا على أبواب الدخول إلى أرض كنعان، إذ فيهم يتحقق الوعد الإلهي الذي قُدم لأبيهم إبراهيم وتثبت عبر الأجيال، على أن يلتزم الشعب بأن يتمتع بروح التمييز أو الإفراز في سلوكهم وتعاملهم مع الأمم.
إن كان الله في حبه لشعبه يسكن في وسطهم ويقدم لهم أرض الموعد، محاربًا عنهم ضد أممٍ كثيرةٍ، لكنه أراد أن يسلكوا حسب خطته، بتدبير وحكمة. فطلب منهم إلاَّ يهاجموا بني عيسو (2: 1-8)، بكونهم إخوتهم (عيسو ويعقوب أخوان) الذين سبق أن نالوا وعدًا بأخذ جبل سعير ميراثًا (تك 36: 8). كما طالبهم ألاَّ يثيروا حربًا ضد موآب وعمون (2: 9، 18) لأنهم أبناء لوط. إنما يحاربون سيحون ملك الأموريين (2: 24) الذي يقسِّي قلبه ولا يدعهم يمرون بأرضه، فيهبهم الرب نصرة على جيش ملك الأموريين وتصير لهم كل مدن سيحون (2: 26-36).
الله الذي يهبهم النصرة في حروبهم، لا يريد أن يقيم منهم شعبًا يهوى الحرب والاقتناء، إنما إن حاربوا ففي الرب، وإن ملكوا فكعطية إلهية، لهذا وضع لهم حدودًا وهدفًا في حروبهم.
1. ارتحالهم في البرية [1-3].
2. عدم محاربة الأدوميين [4-8].
3. عدم محاربة الموآبيين [9-19].
4. محاربة سيحون وعوج [20-37].
1. ارتحالهم في البرية:
"ثم تحولنا ورحلنا إلى البرية عن طريق بحر سوف كما كلمني الرب،
ودرنا بجبل سعير أيامًا كثيرًة.
ثم كلمني الرب قائلاً:
كفاكم دوران بهذا الجبل.
تحوّلوا نحو الشمال" [1-3].
تشير الآية [1] في عبارة مقتضبة إلى رحلة التيه ككل، حيث لم يكن المستمعون في حاجة إلى الحديث عن تفاصيلها. وجاءت الآيتان [2-3] تشيران إلى الأمر الصادر بخصوص الرحلة من قادش إلى جبل هور (عد 20: 22، 33: 37)، وتوجيههم للسير في أقصى الجنوب من جبل سعير للدوران حول أرض أدوم (عد 21: 4)، ثم شمالاً نحو أرنون، أي "في طريق برية موآب" [8].
هذا وإن كلمة "سعير" معناها "كثير الشعر". وهي أرض كان يسكنها الحوريون (تك 14: 6)، استولى عليها عيسو ونسله (تك 32: 3). وقد دعيت "جبل سعير" لأنها أرض جبلية على الجانب الشرقي من البرية العربية، ويصل ارتفاع أعلى قمة فيها 1600 مترًا، وهي قمة جبل هور. اضطر بنو إسرائيل في رحلتهم أن يسيروا حولها في أرض قاسية وعرة، ساروا في شبه دائرة إذ رفض الأدوميون السماح لهم بالعبور في أرضهم.
في الأصحاح السابق صدر الأمر الإلهي للشعب ألاَّ يتراخوا "كفاكم قعود في هذا الجبل" (1: 6)، وهنا يسألهم "كفاكم دوران بهذا الجبل، تحوّلوا نحو الشمال" [3].
باستثناء كالب ويشوع وموسى كان الجيل الخارج من مصر قد مات، هؤلاء هم الذين رفضوا الدخول في أرض الموعد كأمر الرب [14-15]. وموسى قد اقترب أن يموت، لذلك قال الرب إن الدوران حول الجبل قد طال بما فيه الكفاية.
من ثمار الخطية أن يُصاب الإنسان بحالة من البلادة فلا يتحرك، وإن تحرك فإنه يسير كما في دائرة مغلقة بلا تقدم. فإن عدو الخير يضرب أولاً الإنسان بخطية الكسل والتراخي والخمول. فإن لم يستجب يحثه على الحركة والعمل بلا هدف، فيفسد طاقته ويضيعها.
+ يحتاج المؤمن إلى روح الحكمة السماوية والتمييز حتى لا يتوقف عن الحركة، لكنه وهو يتحرك يسلك في الطريق الملوكي بلا انحراف.
القدِّيس يوحنا كاسيان
2. عدم محاربة الأدوميين:
إن كان يعقوب قد اقتنى الباكورية والبركة، لكن الله أعطى لأخيه عيسو ونسله أن يقتنوا جبل سعير. وها هو الله نفسه يأمر شعبه إلاَّ يقترب من حدود بني عيسو ويقتحموها. فإنه أعطاهم جبل سعير، مترقبًا عودتهم إليه ليدخلوا إلى الأرض الجديدة، كنعان السماوية بالإيمان بالمسيَّا مخلص العالم.الله محب كل البشرية يطلب ألاَّ يتعدى أحد على حدود الغير، وكما يقول الرسول بولس: "وصنع من دم واحدٍ كل أمةٍ من الناس يسكنون على كل وجه الأرض، وحتم بالأوقات المعينة وبحدود مسكنهم" (أع 17: 26).
"وأوصِ الشعب قائلاً:
أنتم مارون بتخم إخوتكم بني عيسو الساكنين في سعير،
فيخافون منكم، فاحترزوا جدًا.
لا تهجموا عليهم.
لأني لا أعطيكم من أرضهم ولا وطأة قدم،
لأني لعيسو قد أعطيت جبل سعير ميراثًا" [3-5].
أعطاهم حق المرور في تخم إخوتهم، وقدّم لهم مهابة ومخافة في أعينهم، لكن يلزمهم ألاَّ يُسيئوا مثل هذه الحقوق. يؤكد لهم "احترزوا جدًا"، لا لئلاَّ يهزمهم بنو عيسو، وإنما لئلاَّ يفقدوا روح الحق والعدالة، ويسقطوا في عدم الطاعة للوصية الإلهية.
إنسان الله مهوب للغاية، لكن ليحذر لئلاَّ يظن في نفسه شيئًا فيفقد روح التواضع أمام الله، وبالتالي عوض الكرامة يحل به الهوان.
يلاحظ في هذا الأصحاح أن الله خالق الكل ورب الجميع كلما تحدث عن أمرٍ ما يقدم توضيحًا لتصرفاته، فنراه هنا يكرر كلمة "لأني" [5، 9، 19]. أنه أب عجيب يود أن يتحدث مع أولاده لا بلغة الأوامر والنواهي، بل بروح التفاهم ليدركوا ما وراء كل تصرف، ويتعرفوا على أسراره الخفية. أنه يشتهي أن يتحدث معنا كما فعل مع موسى، إذ قيل: "ويكلم الرب موسى وجهًا لوجه كما يكلم الرجل صاحبه" (خر 33: 11).
قدم لهم في هذه الوصية احترام ملكية الغير بدقة شديدة، إذ يطالبهم ألاَّ يتعدوا جبل سعير "ولا وطأة قدم" [5]. فقد نبدأ بوطأة قدم، لكن سرعان ما نتعدى أكثر فأكثر فنشتهي أن تقتني ما هو ليس من حقنا، لهذا تؤكد الوصية: "لا تمس، لا تذق"، كن بعيدًا تمامًا.
حقًا عندما قدم الله الوصايا العشر لم يقدم شرحًا لكل وصية. فإنه إذ يقول "لا تسرق"، لا يوضح لماذا ذلك لأنه قدمها لأطفال صغار يعجزون عن إدراك المفاهيم الروحية للوصية، لكنه سرعان ما قدم التفاسير لها. فأوضح ألاَّ نسرق، لا من أجل أمر صادر لنا بهذا، وإلاَّ فإننا نسرق بفكرنا وقلبنا حتى وإن لم تمتد يدنا للسرقة. إنما قدم لنا تفسيرًا: "كونوا قديسين لأن أباكم قدوس"، كونوا كاملين لأن أباكم كامل". فالقداسة أو الكمال، أو التشبه بالله هو علة عدم السرقة. لهذا يقدم الله الوصية ليتبعها الإعلان الإلهي.
طرد نسل عيسو أو أدوم الحوريين وسكنوا في أرضهم [12]. وكان حكام أدوم في البداية رؤساء قبائل أو أمراء (تك 36: 15-19)، صاروا فيما بعد ملوكًا (تك 36: 31-39)، قبل قيام مملكة إسرائيل. وكان الأدومي يُعتبر أخًا للعبراني حتى أن من يُضم إليهم يحسب الذي في الجيل الثالث عبرانيًا (تث 23: 7-8). حاربهم شاول الملك (1 صم 14: 47)، وانتصر عليهم داود الملك (2 صم 8: 14)، لكنه لم يطردهم من أرضهم بل أقام عليهم حراسًا. واستعادوا استقلالهم في أيام يهوشافاط (2 مل 8: 20-22). ابتهج الأدوميون لغزو نبوخذنصَّر أورشليم، وكانوا يأسرون الهاربين ويبيعونهم (عوبديا).
"طعامًا تشترون منهم بالفضة لتأكلوا،
وماءً أيضًا تبتاعون منهم بالفضة لتشربوا.
لأن الرب إلهك قد بارك في كل عمل يدك،
عارفًا مسيرك في هذا القفر العظيم.
الآن أربعون سنة للرب إلهك معك لم ينقص عنك شيء" [6-7].
إن كان الله قد سمح لهم بالتيه حوالي 40 عامًا بسبب عصيانهم وتذمرهم، لكنه كان كمن يسير معهم في هذه الرحلة الطويلة، عارفًا مسيرتهم، ومهتمًا بكل احتياجاتهم، ولم يعوزهم شيء من ضروريات الحياة. هكذا وسط تأديبنا لا يتخلى عنا، بل يلتصق بنا، ويقدم لنا كل احتياجاتنا، فإنه يجرح ويشفي!
وإن كان المن لم يكن بعد قد انقطع تمامًا حتى يوم الاحتفال الأول بعيد الفصح في كنعان تحت قيادة يشوع (يش 5: 10-12)، لكننا لأول مرة نجد الشعب محتاجًا أن يشتري طعامًا وماءً بفضة. كان الله قبلاً يعولهم طوال الأربعين عامًا مجانًا، لكنه بدأ يُدربهم على الشراء قبل دخولهم أرض الموعد حيث يلتزمون بالزراعة والتجارة. ولعل الله سمح لهم أن يشتروا طعامًا وماءً في نفس الوقت الذي كان يمطر عليهم منًا، ليؤكد لهم أنه لا يريد أن يحرمهم من الأطعمة التي أوجدها لهم. إنزاله المن لا يعني إلاَّ الإعلان عن حبه لهم ورعايته الفائقة.
هذا وإن ما يمنعه هو الشهوة والنهم في الطعام.
كلمات تكشف عن حب الله الفائق لشعبه ورعايته وخطته. كان يمكن أن ينطلق بهم من مصر إلى كنعان في أيام قليلة، لكنه بخطة إلهية أبقاهم أربعين سنة في القفر العظيم ليتمتعوا ببركة يديه وسيره معهم زمانًا أطول، وإدراك اهتمامه بكل احتياجاتهم حتى المادية التافهة. هذا هو صلاح الله الذي يحول حتى ثمر خطايانا لخيرنا.
يستطيع الإنسان في ساعات قليلة أن يصنع سلمًا ضخمًا، لكنه يحتاج إلى سنوات لكي يقيم شجرة عظيمة مملوءة بالثمار. هكذا لم يرد الله أن يجعل من شعبه سلمًا ضخمًا بل شجرة مثمرة، بدأ بغرسها في مصر وصار يرويها ويرعاها أربعين عامًا حتى تتمتع بالدخول إلى أرض كنعان رمز السماء، كثمرٍ طبيعيٍ لعمل الله في حياتهم.
كثيرًا ما نتعجل الثمر، نريد بين لحظة وأخرى أن نحمل ثمر الروح، لكن الله في حبه الشديد لنا يعمل معنا بهدوء في غير تسرع حتى نتلمس عمله وندرك أسراره، ونختبر العشرة معه، فيسير معنا في وسط القفر العظيم سنوات هذه مقدارها.
لم يقدم لهم خلال هذه السنوات الطويلة محاضرات في اللاهوت، لكنه قدم لهم نفسه، يسير معهم في البرية ويشبع كل احتياجاتهم، فيذوقوا حبه ويختبروا عذوبته.
"فعبرنا عن إخوتنا بني عيسو الساكنين في سعير على طريق العربة على أيلة
وعلى عصيون جابر،
ثم تحوّلنا ومررنا في طريق برية موآب" [8].
أيلة أو أيلات: اسم عبري معناه "أشجار". لا تزال منطقة العقبة غنية بأشجار النخيل. أيلة هي بلدة في الطرف الشمالي من خليج العقبة (الذراع الشرقي من البحر الأحمر)، بالقرب من عصيون جابر. وكانت ميناءً بحريًا هامًا، ومركزًا للقوافل. يُرجح أن داود الملك أخذ هذه البلدة من الأدوميين (2 صم 8: 14)، واستخدمها سليمان كميناء لأسطوله التجاري. استعادها الأدوميون، ثم عاد فاستولى عليها عزيا ملك يهوذا وأعاد بناءها (2 مل 14: 22)، ثم أخذها رصين ملك آرام، ورجع إليها الأدوميون (2 مل 16: 6).
عصيون جابر: تقع غرب مرفأ إيلات، آخر محطات بني إسرائيل في رحلتهم في البرية، وقبيل وصولهم برية صين (عد 33: 35). يُظن أنها تل الخليفة، على بعد 500 قدم من ساحل البحر. تشهد الاكتشافات الحديثة أنها كانت مركزًا تجاريًا عظيمًا، خاصة في تجارة الحديد والنحاس. ظهرت أهميتها في أيام سليمان الحكيم حيث بني فيها أسطوله، وبهذا تمكن من السيطرة على التجارة مع شبه الجزيرة العربية برًا وبحرًا، بواسطة عصيون جابر. لكن ضعف شأنها واستولى عليها آجوم، ثم عاد واحتلها أمصيا وبني مرفأ إيلات في المنطقة (2 مل 14: 22، 2 أي26).
3. عدم محاربة الموآبيين:
"فقال لي الرب لا تعاد موآب، ولا تثر عليهم حربًا،
لأني لا أعطيك من أرضهم ميراثا،
لأني لبني لوط قد أعطيت عار ميراثا" [9].
وهبهم الله المواعيد للتمتع بأرض الموعد، ووهبهم الإمكانية للنصرة، لكنه وضع لهم حدودًا معينة، فليس من حقهم الاعتداء على ما وهبه لبني موآب. فقد أراد الله أن يؤكد لهم أنه مع عظم حبه وسخائه معهم، لكن يلزمهم أن يدركوا أن الله وضع حدودًا لكل أمة، ولكل سبطٍ ولكل أسرة أو إنسان. ليس من حق المؤمن أن يستغل غنى حب الله له على حساب الغير. لذلك طالبهم إلاَّ يحطموا بني موآب، مع أن بني موآب أرادوا تحطيمهم (22: 6).
لماذا لم يسمح بتحطيم الموآبيين والعمونيين؟
أ. لأنهم من نسل لوط الرجل البار الذي كان يُعذب نفسه بأفعال سدوم الأثيمة. وكأن الله قد رد له بره في أحفاد أحفاده، ليس لكي لا يُدانوا على خطاياهم الشخصية، وإنما لينالوا بركات زمنية كثمرة لبرّ جدهم لوط لعلهم يتوبون ويرجعون إلى الله ويتمثلون بجدهم.ب. لأن الأرض التي يملكونها قد وعدهم بها ولم تدخل في أرض الموعد التي وعد بها شعبه. فمن حق الأشرار أن يملكوا أيضًا على الأرض. فإن للزوان مكان على الأرض مع الحنطة حتى متى حلّ وقت الحصاد يُلقى في النار.
يترك الله للأشرار الخيرات الكثيرة على الأرض لعلهم يُدركون إنها ليست هي الأمور الأفضل فيطلبون البركات السماوية.
إذ لم يثق الشعب في الله أنه قادر أن يهبهم النصرة على هذه الممالك تركهم حتى يفنى جميع رجال الحرب [16]، حتى متى غلبوا يدركون أن النصرة هي من الله وليست بقوتهم. الله يود أن يستخدم كل طاقاتنا للبنيان، لكننا إن اتكلنا عليها متجاهلين يد الله نُحرم من بركته حتى ندرك أننا بدونه لا شيء، فيعمل بقوة فينا وبنا.
إذ مات رجال الحرب الإسرائيليون من الجيل الذي فشل في دخول أرض الموعد لم تعد يد الله ضدهم بعد، لذلك وجههم أن يعبروا مجرى Zered التي تقع في آخر جنوب البحر الميت من الشرق. بعد ذلك يعبرون عرنون [24]. بهذا يدخلون في منطقة الأموريين.
"الإيميون سكنوا فيها قبلا شعب كبير وكثير وطويل كالعناقيين.
هم أيضًا يحسبون رفائيين كالعناقيين لكن الموابيين يدعونهم إيميين.
وفي سعير سكن قبلا الحوريون فطردهم بنو عيسو وأبادوهم من قدامهم
وسكنوا مكانهم كما فعل إسرائيل بأرض ميراثهم التي أعطاهم الرب.
الآن قوموا واعبروا وادي زارد، فعبرنا وادي زارد.
والأيام التي سرنا فيها من قادش برنيع حتى عبرنا وادي زارد كانت ثماني وثلاثين سنة
حتى فني كل الجيل رجال الحرب من وسط المحلة كما اقسم الرب لهم.
ويد الرب أيضًا كانت عليهم لإبادتهم من وسط المحلة حتى فنوا" [10-15].
أصل الأمم التي التقوا بها[33]:
قدم لنا موسى النبي صورة مختصرة عن أصل الأمم التي يتحدث عنها هنا، وهم الموآبيون والأدوميون والعمونيون، موضحًا إنهم ليسوا سكان بلادهم الأصليين. فالموآبيون سكنوا في بلد تنتمي إلى جنس عدد من العمالقة يُدعى الإيميين [10] "miim" ومعناها "المرعبون". وكانوا طوال القامة كالعناقيين، وربما أكثر منهم عُنفًا [10-11]. يبدو إنهم كانوا عمالقة مرهبين متجولين يهددون كل من حولهم. الإيميون هم السكان القدامى للمنطقة التي تقع في شرق الأردن، وكانوا في وقت ما شعبًا قويًا، كثير العدد، وكانوا يدعون بالرفائيين. يرى Calmet أن الإيميين قد تحطموا في حرب قامت بينهم وبين كدرلعومر وحلفائه (تك 14: 5)[34]. وإن لوط ذهب إلى هناك بعد خراب سدوم وعمورة.يرى البعض أن الإيميين وبني عناق والرفائيين غالبًا نفس الشعب يحملون أسماء مختلفة في مناطق مختلفة، كلما قطنوا موضعًا أخذوا اسمًا جديدًا. ويرى البعض إن كل القبائل المتجولة العمالقة دعوا رفائيين. هذا هو الجو الذي عاش فيه الجواسيس عندما رجعوا يقدمون تقريرًا مُرًا (عد 13: 33).
وبنفس الطريقة الأدوميون احتلوا مكان الحوريين من جبل سعير [12، 22]. والحوريون دعوا بني سعير (تك 36: 20-21)؛ هزمهم كدرلعومر وحلفاؤه (تك 36: 21، 30). ثم أبادهم فيما بعد بنو عيسو واحتلوا مكانهم. [2، 22]. كان الحوريون شعبًا غير سامٍ من الجبال، هاجر بعد سنة 2000 ق.م في شمال وشمال شرقي ما بين النهرين، وانتشروا بعد ذلك في أراضي ما بين النهرين وسوريا المنخفضة الخصبة، ووصلوا فعلاً إلى فلسطين وحدود مصر. وقد سبقوا العبرانيين في فلسطين. وكان الفرات الأوسط أحد مراكز ثقافتهم. وكانت مملكة ميتانو أو هاينجالبات على الفرات الأعلى حورية مع أن حكامها كانوا أولاً آريين، وفيما بعد حثيين. وقد ورثت الثقافة الأشورية المبكرة الثقافة الحورية وخلفتها، وأباد الأشوريون النوزو الحوريين في نحو عام 1400 ق.م.
والعمونيون أيضًا احتلوا أماكن كان يقطنها الزمزميون، وهم أناس أشرار [20-21]. والزمزميون هو اسم سامي معناه "متزمرون، أو صانعوا الضجيج أو الطنين". وهم طوال القامة، أشداء البأس، يقطنون الأرض شرقي الأردن والبحر الميت. وكانوا يدعون أيضًا بالرفائيين. وهم الذين سطا عليهم كدرلعومر وغلبهم، ثم جاء العمونيون وطردوهم. وقد عرفوا باسم الزوزيين.
وقد ذكر النبي ذلك للأسباب التالية:
أ. إذ بدأت بعض المناطق تزدحم بعد الطوفان، كانت القبيلة التي تنمو في العدد تطرد غيرها لتحتل موقعها.
ب. ليس من الضرورة أن تتحقق النصرة للأقوياء. فقد طُرد العمالقة من مدنهم بواسطة أناس عاديين، ربما لأن هؤلاء العمالقة كانوا أشرارًا مثل أولئك الذين كانوا قبل الطو فإن (تك 6: 4)، فحلّ عليهم التأديب الإلهي بطردهم ولم يستطيعوا المقاومة.
ج. تأكيد عدم الاستقرار في العالم، وزوال أموره. فقد تظن أمة ما إنها قوية وعظيمة، لكن سرعان ما تنحدر وتحلّ محلّها من كان العالم يظن أنها ضعيفة ولا حول لها.
د. لتشجيع بني إسرائيل في ذلك الوقت لكي يمتلكوا كنعان دون النظر إلى قوة سكانها وإمكانياتهم الحربية. فإن كانت عناية الله صنعت هذا مع بني موآب وبني عمّون فكم بالأكثر يحقق وعده الإلهي معهم.
إذ أعطى الكل وجهه نحو أرض كنعان ليروا عن قرب الموعد الإلهي الذي طال الوقت لتحققه قد اقترب جدًا، أدرك الكل الحقائق التالية:
أ. إن ثمانية وثلاثين عامًا في البرية كانت وقتًا ضائعًا بسبب العصيان. بدون العصيان كان يُمكن لآبائهم أن يرثوا الأرض، وكان هذا الجيل قد وُلد في أرض الموعد ذاتها. فالخطية تفسد وقت الإنسان، وطاقته وقدراته، وهدفه!
ب. مات كل رجال الحرب الذين خرجوا من مصر والذين ربما تعلموا فنون الحرب من المصريين، وإن كانوا لم يمارسوها في مصر. الآن لن يدخل رجل حرب إلى كنعان ليحارب ممن تدربوا على أذرع بشرية، بل الذين ولدوا في البرية وتدربوا على الحرب كما من الله نفسه.
لم يدخل من الجيل القديم سوى يشوع وكالب، وهما وإن وٌلدا في مصر، لكنهما خضعا للرب منذ البداية، وأدركا أنهما يملكان بذراع الرب لا بذراع بشر. لذلك صار لهما حق الدخول مع الجيل الجديد!
ج. كان الكل شبابًا، ليس من بينهم شيخ سوى يشوع وكالب، وكان هذان الاثنان لا يعرفان الشيخوخة الروحية، بل يُجدد روح الله شبابهما كالنسر. هكذا لن يدخل الملكوت من يسقط في شيخوخة روحية تحمل روح اليأس والخنوع والضعف في الإيمان. إننا في حاجة إلى تجديد الروح المستمر لنحيا في شباب دائم حتى نعبر كما إلى الأبدية، وندخل إلى السماء التي لن يوجد فيها كائن خامل أو يائس.
صدر الأمر لهم أن "يقوموا" ويعبروا وادي زارد [13] (انظر عدد 21: 12). الكلمة "وادي" هنا هي "ناحال" بمعنى مجرى نهر في جبل قد يمتلئ وقت المطر بفيض، وقد يجف في أوقات أخرى، ويكثر هذا في عبر الأردن. وكلمة "زارد" اسم عبري معناه "ازدهار"، وهو جدول ماء يخرج من جبل عباريم ويصب في بحر لوط (البحر الميت) في الجزء الجنوبي الشرقي منه. وهو الحد الطبيعي بين أدوم وموآب، وكان من آخر العقبات في طريق العبرانيين من مصر إلى كنعان، يعرف الآن باسم وادي الحصى.
في مرارة يقول موسى النبي: "حتى فني كل الجيل رجال الحرب من وسط المحلة كما أقسم الرب لهم. ويد الرب أيضًا كانت عليهم لإبادتهم من وسط المحلة حتى فنوا" [14-15].
ما أصعب على نفس هذا القائد العظيم أن يجد نفسه وحيدًا في الميدان. لقد صار كما في "مدافن" حيث رقد كل رجال الحرب، وتحولت البرية إلى مدافن لهم. لو إنهم ماتوا في معركة شريفة لكان ذلك موضع فخر يهب تعزية للقائد، أما أن يرى الكل قد صاروا جثثًا هامدة لأن يد الرب كانت عليهم بسبب عصيانهم وتمردهم، فهذا يحمل مرارة في قلب القائد العظيم.
لماذا سمح الله بإبادة هذا الجيش العظيم؟ لقد استهانوا بالوصية، وفقدوا قداسة الرب وبره. فأراد أن يؤكد عبر كل الأجيال أنه قادر أن يعمل ويتمم إرادته بدون جيش وبدون كارزين، لكنه لا يعمل بدون قداسته وبره. يكفي أن يبقى من مئات الألوف الخارجين من مصر اثنان هما يشوع وكالب، يحملان الطاعة لله والإيمان بمواعيده. بهما دخل بالجيل الجديد كله إلى أرض كنعان، خير من مئات الألوف الذين عصوه أو تذمروا عليه الخ. هنا رحمة الله وبره، إنه لا يطلب كثرة العدد ولا قوة الجسد بل يطلب البر والقداسة.
"فعندما فني جميع رجال الحرب بالموت من وسط الشعب.
كلمني الرب قائلاً:
أنت مار اليوم بتخم موآب بعار.
فمتى قربت إلى تجاه بني عمون لا تعادهم ولا تهجموا عليهم،
لأني لا أعطيك من أرض بني عمون ميراثا،
لأني لبني لوط قد أعطيتها ميراثا" [16-19].
عار: اسم سامي معناه "مدينة"، إحدى المدن الكبرى في موآب، على حدودها الشمالية على حافة وادي إرنون، ودعاها الإغريق عريوبوليس، نسبة إلى إله الحرب عندهم "اريس"، ودعاها اليهود "ربة موآب" وهي خربة الربة على مسافة أربعة عشر ميلاً جنوبي نهر أرنون الذي هو وادي موجب.
4. محاربة سيحون وعوج:
الله الذي طلب من شعبه أن يضبطوا أنفسهم ولا يحاربوا بني موآب ولا بني عمّون رغم غناهم وقلة عددهم بالنسبة لشعبه قدم لهم ما يملكه سيحون هبة وعطية مقابل طاعتهم له.
"هي أيضًا تُحسب أرض رفائيين، سكن الرفائيون فيها قبلاً،
لكن العمونيين يدعونهم زمزميين.
شعب كبير وكثير وطويل كالعناقيين أبادهم الرب من قدامهم، فطردوهم وسكنوا مكانهم.
كما فعل لبني عيسو الساكنين في سعير الذين اتلف الحوريين من قدامهم فطردوهم
وسكنوا مكانهم إلى هذا اليوم.
والعويون الساكنون في القرى إلى غزة أبادهم الكفتوريون الذين خرجوا
من كفتور وسكنوا مكانهم.
قوموا ارتحلوا واعبروا وادي ارنون.
انظر قد دفعت إلى يدك سيحون ملك حشبون الأموري وأرضه ابتدئ تملك واثر عليه حربًا.
في هذا اليوم ابتدئ اجعل خشيتك وخوفك أمام وجوه الشعوب تحت كل السماء الذين يسمعون خبرك يرتعدون ويجزعون أمامك" [20-25].
لقد وهب لهم ما للملك سيحون لكن ليس لهم أن يقتنوه وهم نيام، بل يدخلون في معركة ويجاهدون، غير أن الرب نفسه يحارب عنهم ويهبهم النصرة خلال المعركة التي ترمز إلى الجهاد الروحي. أولاً ينهار العدو المقاوم للحق، ويتجلى الله في وسط أولاده، معلنًا حضرته القائمة في داخلهم، وأخيرًا فإن المجاهدين ينالون روح النصرة ويتمجدون إذ تصير لهم مخافة أو مهابة هي عطية الله نفسه (خر 15: 14).
الآن سقطت في أيدي بني إسرائيل المنطقة من عرنون عوج في الجنوب إلى سيحون وحدود عوج في جلعاد في الشمال. من المنطقة العُليا لنهر يبوق في الشرق إلى الأردن غربًا. لم يستولوا على أية أرض للعمونيين وذلك كأمر الرب [19].
الزمزميون: ربما هم أنفسهم الزمزم Zuzim (تك 14: 5). لا نعرف كثيرًا عن هذه الشعوب القديمة.
كلمة "غزة Gaza" هنا أو Azzah مشتقة عن الكلمة العبرية Hazarim، وهي ليست اسمًا لبلد معين، إنما تعني "قرى". فالعويون Avins بعد أن غزاهم الكفتوريون صاروا مشتتين في مواقع كثيرة (تك 10: 14)، في مناطق منهدمة تكشف عن حالهم كشعب بلا قوة.
كفتور: جزيرة أو شاطئ بحري جاء منه الفلسطينيون أولاً (إر 47: 4، عا 9: 7). وتقول إحدى النظريات إن اسم كفتور كان يُطلق على غرب آسيا الصغرى وجنوبها من ليديا إلى كيليكية. وتدعم هذه النظرية الترجمة السبعينية التي ترجمت كفتور "كبدوكيا" في (تث 2: 32، عا 9: 7). وقد استخدمت كلمتا كفتيو وكفتور المصريتان للدلالة غالبًا على جزيرة كريت. ولما كانت هذه النظرية لا تخلو من صعوبات أيضًا فقد أطلق اسم كفتور ليس على كريت وحدهما بل على الجزر المحيطة بها وعلى أسيا الصغرى أيضًا ويلزم ملاحظة أن كلمة "الكريتيين: المرادفة لكلمة "الفلسطينيين" والمذكورة في (حز 25: 16، صف 2: 5)، قد ترجمت في السبعينية بأهل كريت. جاء في (تك 10: 14) أن كفتوريم منحدرون من مصرايم، لكنه ربما قصد التحرر السياسي.
بالرغم من أن الرب قال أنه قد أعطى سيحون في إسرائيل [24] غير أن موسى بعث برسلٍ إليه يحملون إليه طلبًا أن يعبروا بسلام خلال بلده. لكن سيحون لغلاظة قلبه رفض الطلب ودخل في معركة مع بني إسرائيل.
طلب موسى أن يعبر في أرض سيحون بسلامٍ، ليس في عدم طاعة لله الذي وعده بأن يُعطيه أرضه، وإنما لكي يكون رجل سلام. فما يحل بسيحون يكون ثمرة طبيعية لعنفه وشره، لكي يكشف الله ما في قلب سيحون من عنف. فما حلّ بالأموريين ليس لكونهم أعداء إسرائيل وإنما هو تحقيق للعدالة الإلهية.
انهزم أيضًا عوج أمام شعب الله بالرغم من قدراته وإمكانياته:
أ. كان عوج قويًّا ، من نسل العمالقة [11]، تظهر ضخامة جسمه من ضخامة سريره غير الطبيعي (3: 11).
ب. كان شجاعًا وجريئًا، فلم يهتز لهزيمة سيحون أمام إسرائيل، بل دخل معهم في معركة. لم يقبل السلام، فحل شره على رأسه (إر 3: 8).
لم يكن موسى محتاجًا إلى تأكيد من الله لكي لا يخاف من عوج، لكن الله قدم هذا التأكيد، لا من أجل موسى، بل من أجل الشعب.
سقطت باشان في يد إسرائيل فصارت كل المنطقة المثمرة في شرق الأرض ملكًا لهم. بهذا فتح الله باب الرجاء أمام الشعب، أنه كما وهبهم ما في شرق الأردن سيقدم لهم ما في غربه. هذا وإن كان موسى قد حُرم من عبور نهر الأردن والدخول إلى كنعان، لكنه لمس بنفسه بداية الميراث وعربونه بما ناله الشعب في شرق الأردن. هكذا خلال جهادنا على الأرض ننعم بالعربون السماوي ميراثًا لنا يفتح أمام عيون قلوبنا الرجاء في عبورنا من العالم للتمتع بكنعان السماوية.
لقد اعتدى الأموريون تحت قيادة الملك سيحون على جزءٍ من أرض موآب. لذا سمح الله لشعبه أن يستولوا على هذه الأرض.
"فأرسلت رسلاً من برية قديموت إلى سيحون ملك حشبون بكلام سلام قائلاً.
أمُرّ في أرضك أسلك الطريق.
لا أميل يمينًا ولا شمالاً.
طعامًا بالفضة تبيعني لآكل وماء تعطيني بالفضة لأشرب،
أمر برجلي فقط.
كما فعل بي بنو عيسو الساكنون في سعير والموآبيون الساكنون في عار،
إلى أن اعبر الأردن إلى الأرض التي أعطانا الرب إلهنا.
لكن لم يشأ سيحون ملك حشبون أن يدعنا نمر به،
لأن الرب إلهك قسى روحه وقوى قلبه لكي يدفعه إلى يدك كما في هذا اليوم.
وقال الرب لي انظر قد ابتدأت أدفع أمامك سيحون وأرضه،
ابتدئ تملك حتى تمتلك أرضه.
فخرج سيحون للقائنا هو وجميع قومه للحرب إلى ياهص.
فدفعه الرب إلهنا أمامنا فضربناه وبنيه وجميع قومه.
وأخذنا كل مدنه في ذلك الوقت وحرَّمنا من كل مدينة الرجال والنساء والأطفال لم نبق شاردًا.
لكن البهائم نهبناها لأنفسنا وغنيمة المدن التي أخذنا.
من عروعير التي على حافة وادي ارنون والمدينة التي في الوادي إلى جلعاد
لم تكن قرية قد امتنعت علينا
الجميع دفعه الرب الهنا أمامنا.
ولكن أرض بني عمون لم نقربها كل ناحية وادي يبوق ومدن الجبل وكل ما أوصى الرب إلهنا" [26-37].
قديموت: اسم عبري معناه "أماكن شرقية"، وهي مدينة في المقاطعة الواقعة شرقي بحر لوط في مجرى وادي أرنون الأعلى احتلها موسى النبي، وأرسل منها الرسل إلى الملك سيحون. يرى البعض إنها قصر الزعفران التي تقع شمالي غربي المدينة بميلين ونصف ميل. أعطيت أولاً لسبط رأوبين (يش 13: 18)، ثم للاويين عشيرة مراري (نش 21: 37، 1 أي 6: 79).
ياهص أو يهصة (يش 13: 18، 21: 36): اسم موآبي معناه "موضع مداس". وهي مدينة موآبية قرب البادية. فيها تمت معركة بين العبرانيين وسيحون، فانتصر العبرانيون واستولوا على الأرض بين أرنون ويبوق. لكن يبدو أن الموآبيين استردوها مؤخرًا. تقع على ما يُظن على بعد ميل جنوب زرقاء معين واثنى عشر ميلاً شرقي البحر الميت. قيل أنها قرية أم المواليد أو خربة اسكندر. صارت من نصيب سبط رأوبين.
عروعير: اسم موآبي وعبري معناه "عارية، عري". بلده في شمال نهر أرنون في موآب، وجنوب مملكة سيحون العمورية. تُسمى الآن عراعير، على بعد اثنى عشر ميلاً شرقي البحر الميت، جنوب ذيبان بقليل. صارت من نصيب رأوبين، استولى عليها حزائيل ملك سوريا بعد أن احتلها وحصنها الجاديون وميشا ملك موآب وكانت تابعه لموآب في أيام إرميا النبي (إر 48: 19).
أرنون: كلمة عبرانية معناها "الزئيره"، وهم اسم نهر يُدعى اليوم "وادي الموجب" في المملكة الأردنية الهاشمية. ويتكون من وادي "وله" يأتي من الشمال الشرقي، ووادي "عنقيلة" من الشرق، و"سيل الصعدة" من الجنوب.
يجري نهر أرنون في غور عميق حتى يصل إلى البحر الميت في نقطة تقع إلى مسافة قصيرة من منتصف الشاطئ الشرقي. وكان الأرنون في أيام موسى النبي الحد الفاصل بين الموآبيين في الجنوب والأموريين في الشمال (عد 21: 13، 26). وكان الأرنون في عصر القضاة الحد الجنوبي لسبط رأوبين الذي يفصل بينهم وبين موآب (يش 13: 16). تقع مدينة عروعير على الشاطئ الشمالي منه. ويقع بالقرب منها مكان قديم للعبور، ربما كان هذا هو المكان الذي أُطلق عليه اسم "معابر أرنون" (إش 16: 2).
يبوق: ومعناها "متدفق". نهر معروف الآن بنهر الزرقاء. ينبع بالقرب من عمان، ويميل أولاً شرقًا ثم شمالاً، ويمر بمدينة الزرقاء التي سميت باسمه، ثم يميل غربًا، ويصب في الأردن عند نقطة تبعد حوالي 13 ميلاً إلى الجنوب من بحيرة الجليل و23 ميلاً إلى الشمال من البحر الميت. عبر يعقوب هذا النهر وصارع هناك ملاكًا (تك 32: 23-30). وكانت يبوق حدًا طبيعيًا فاصلاً بين سيحون ملك الأموريين وعوج ملك باشان. استولى العبرانيون على الأراضي الواقعة على الجزء السفلي منه.
كفتور [22]: قد تكون كريت، والكفتوريون هم الفلسطينيون الذين جاءوا من شواطئ فلسطين الجنوبية وقت الخروج تقريبًا (قارن يش 13: 3، عا 9: 7). وهذه التسمية تظهر أن كتابة السفر جرت في وقت مبكر.
حرَّمنا [34]: المحرم هنا هو الشيء أو الشخص المخصص لعبادة الآلهة الغريبة، وهذه مكروهة كما يجب أن تُكره الخطية، لأنها مفسودة ومفسدة، كرداء يحمل الوباء لا يستحق إلاَّ الحريق، لئلاَّ يقع الحرم على أولئك الذين يستحيونهم.
مدن الجبل [37]: هذه المنطقة عند منابع يبوق وقد سكنها العمونيون شرقي الأرض المنبسطة (3: 10) وهذا الوصف وصف شاهد عيان.
من وحي تثنية 2 كفاني دوران حول الجبل!
+ في حبك الفائق تصرخ إليّ:
كفاك دوران بهذا الجبل!
ارتبط قلبي بجبل الأنا الخطير.
في غباوة تارة أتراخى وأتهاون من أجل راحة الجسد.
وإن تحركت فأدور حول ذاتي،
أظن في نفسي مركز العالم،
فينغلق قلبي أمام الكل من أجل ذاتي.
+ هب لي روح الحكمة والتمييز فتنطلق نفسي بالحب.
اشتهي أن أسير في طريقك الملوكي،
طريق التواضع مع الحب الباذل!
+ عطاياك كثيرة لي ولإخوتي.
لأشكرك من أجل ما وهبتني.
وبحب أحترم حقوق إخوتي.
لا اَعتدي على تخم إخوتي ولا وطأة قدم!
ولا أتهاون في التزاماتي نحوك ونحو إخوتي!
+ هب لي روح التمييز،
يا أيها الكلي الحكمة!
المراجع:
[33] Matthew Henry Commentary
[34] Adam Clarke Commentary.