تفسير الاصحاح الخامس من سفر ملوك الثانى للقمص تادري يعقوب ملطى
نعمان السرياني في نهر الأردن
يروي لنا هذا الإصحاح قصة فتاة اصطادها الآراميون في إحدى المعارك واستعبدوها. صارت في أرض غريبة بلا أب ولا أم ولا أخ أو أخت. ليس من قريب يشبع عواطفها ولا من كاهن يسند نفسيتها ويصلي لأجلها. ليس من كتاب مقدس بين أيديها. فقدت حريتها وإنسانيتها بتحكم الغير في مصير حياتها.. ومع هذا كله لم تتحطم ولا تذمرت على الله، بل شهدت لعمل الله أمام قائد الجيش الغريب. حركت التاريخ في شجاعة، الأمر الذي فشل فيه ملك إسرائيل.
الفتاة المسبية شهدت لعم الله الفائق في أرض العبودية والملك صاحب السلطان مزق ثيابه ولم يعرف إمكانيات الله في حياته وفي بلده.
في إيمان صدق القائد الفتاة المسبية، وبروح الاتضاع سمع لصوت عبيده حين سألوه أن ينفذ ما قاله النبي.
الفتاة الصغيرة التي قدمت عملًا كرازيًّا بين الأمم هي رمز للتلاميذ والرسل الذين من اليهود، القلة الصغيرة التي كرزت وسط الأمم. والملك الرافض للعمل يمثل الأمة اليهودية التي بجحودها وعدم إيمانها لم تقبل العمل الإلهي.
1 وكان نعمان رئيس جيش ملك ارام رجلا عظيما عند سيده مرفوع الوجه لأنه عن يده أعطى الرب خلاصا لارام وكان الرجل جبار باس ابرص
كان البرص مثل مرض الإيدز الآن، من أخطر الأمراض في ذلك الوقت. إذ كان شديد العدوى، غير قابل للشفاء. وكان المصابون به يُطردون من المدن ليعيشوا في مخيمات معزولة. ولعل برص نعمان كان في دوره الأول، وربما كان يتوقع نعمان أنه سيضطر إلى ترك خدمته بسبب مرضه.
الله الذي يهتم بإسرائيل يهتم بالأمم الأخرى، فأعطى خلاصًا لسورية (أرام) غالبًا من يد أشور.
2 وكان الاراميون قد خرجوا غزاة فسبوا من ارض إسرائيل فتاة صغيرة فكانت بين يدي امرأة نعمان
كانت أرام تجاور مملكة الشمال من الجانب الشمالي الشرقي. وكانت المعارك بينهما كثيرة. ففي أيام داود كانت أرام تدفع جزية لإسرائيل، وفي أيام إليشع كانت آرام تزداد قوة وكثيرًا ما هاجمت إسرائيل كنوعٍ من الإرهاب وإحداث اضطراب وسط الشعب. وكثيرًا ما كانوا يحملون معهم بعض الأسرى. كانت خادمة نعمان فتاة من أسرى بني إسرائيل.
3 فقالت لمولاتها يا ليت سيدي أمام النبي الذي في السامرة فانه كان يشفيه من برصه
كان لأليشع بيت في السامرة عاصمة إسرائيل، حيث عاش الملك والعظماء، وهي في هذا اختلف عن إيليا الذي تقطن بالأكثر في البراري. وقد شاع خبره عند جميع الناس حتى أن هذه الفتاة الصغيرة المسبية سمعت عته وأدركت إمكانياته في الرب.
4 فدخل واخبر سيده قائلًا كذا وكذا قالت الجارية التي من ارض إسرائيل
5 فقال ملك ارام انطلق ذاهبا فارسل كتابا إلى ملك إسرائيل فذهب واخذ بيده عشر وزنات من الفضة وستة آلاف شاقل من الذهب وعشر حلل من الثياب
إيمان الفتاة الصغيرة الأسيرة أعظم من إيمان الملك. حرّكت قائد آرام القوية ليطلب من إله إسرائيل بينما كشف الملك عن عدم إيمانه.
غالبًا ما كان ملك إسرائيل هو يهورام بي آخاب، كانت له علاقات طيبة مع ملك آرام.
حلل من الثياب
ثياب مزركشة ثمينة تليق كهدية رئيس الجيش إلى الملك.6 واتى بالكتاب إلى ملك إسرائيل يقول فيه فالان عند وصول هذا الكتاب اليك هوذا قد ارسلت اليك نعمان عبدي فاشفه من برصه
7 فلما قرا ملك إسرائيل الكتاب مزق ثيابه وقال هل أنا الله لكي اميت واحيي حتى أن هذا يرسل إلى أن اشفي رجلا من برصه فاعلموا وانظروا انه انما يتعرض لي
لم يذكر اسم ملك إسرائيل هنا، غالبًا ما كان يهورام. لم يستحق ذكر اسمه بسبب عدم إيمانه، وقد ركّز الكتاب المقدس هنا على عمل اللَّه خلال إليشع النبي.
أرسل بنهدد ملك آرام نعمان إلى ملك إسرائيل، إذ ظن أن للملك سلطانًا على النبي يأمره فيطيع، كما حسب أن الشفاء يُقتني بالمال. أما ملك إسرائيل فكان يجهل قوة اللَّه.
8 ولما سمع اليشع رجل الله أن ملك إسرائيل قد مزق ثيابه ارسل إلى الملك يقول لماذا مزقت ثيابك ليات إلى فيعلم أنه يوجد نبي في إسرائيل
9 فجاء نعمان بخيله ومركباته ووقف عند باب بيت اليشع
10 فارسل إليه اليشع رسولا يقول اذهب واغتسل سبع مرات في الاردن فيرجع لحمك اليك وتطهر
11 فغضب نعمان ومضى وقال هوذا قلت أنه يخرج إلى ويقف ويدعوباسم الرب الهه ويردد يده فوق الموضع فيشفي الابرص
شتان ما بين فكر الله وفكر الإنسان.
* يظن الإنسان أنه قادر أن يحقق كل شيء بماله، بينما يقدم الله لنا خلاصه لكي نشبع ونتمجد بنعمته المجانية
(إش1:55؛ رو24:3؛ رؤ17:22)
* يريد الإنسان أن يختار وسائل الخلاص حسب هواه، ويريدنا الله أن نسلم حياتنا وإرادتنا في يديه.
* يرى الإنسان أن طريق الخلاص صعب أو مستحيل أما الله فيرى أن طريق الخلاص بسيط كالغسل في نهر الأردن مقدم لكل نفس مشتاقة إليه.
لم يخرج إليشع ليلتقي بنعمان تكبرًا منه وإنما ليوجهه أفكار نعمان إلى الرب لا إلى شخصه، ليعلم أن الشفاء من عند الرب.
12 اليس ابانة وفرفر نهرا دمشق احسن من جميع مياه إسرائيل أما كنت اغتسل بهما فاطهر ورجع ومضى بغيظ
أبانة: نهر بردي الحالي ومنبعه من الجبل الشرقي. ويُظن أن النهر الآخر، فرفر هو الأعرج الذي يخرج من جبل الشيخ. ويجري نهر أبانة في وسط دمشق. النهران يمدان الأراضي الواقفة حول دمشق بمائهما الغزير ويجعلان من تلك البقاع أخصب أراضي العالم. بعكس انهر إسرائيل ويهوذا التي تجري أكثرها في أودية عميقة صخرية.
13 فتقدم عبيده وكلموه وقالوا يا أبانا لوقال لك النبي امرا عظيما اما كنت تعمله فكم بالحري إذا قال لك اغتسل واطهر
انصرف نعمان ساخطًا، فقد عاش كل أيامه يحمل بطولة في حياته ومعاركه، فاستصغر أن يُشفى بعلاج بسيط. إنه لم يقبل علاج الإيمان البسيط. هذا هو موقف الكثيرين، إذ يرفضون عطية اللَّه المجانية، الإيمان البسيط. لا يثقون أن مسيحنا قادر أن يغسل ويقدس بل ويهب البنوة في مياه المعمودية.
14 فنزل وغطس في الاردن سبع مرات حسب قول رجل الله فرجع لحمه كلحم صبي صغير وطهر
اتسم نعمان بقلب طفل سريع الغضب وسريع الرجوع عنه، لم يصر على غضبه بل قبل مشورة عبيده الذين وجدوا فيه أبوة فكانوا يدعونه "أبانا".
"نزل وغطس": نجح في امتحان الإيمان، فحتى العظات الست الأولى لم يشعر بأي تغيير فأطاع وفوجئ في العظة السابقة بشفائه. لقد نزل في مياه الأردن، كما نزل أيضًا عن غيظه وكبريائه.
+ غطس هذا السرياني سبع مرات تحت الناموس، أما أنتم فتعمدتم باسم الثالوث. اعترفتم بالآب. تذكروا ماذا فعلتم، لقد اعترفتم بالابن، وبالروح القدس.
القديس أمبروسيوس
St. Ambrose: On the Mysteries, 4:4.
15 فرجع إلى رجل الله هو وكل جيشه ودخل ووقف أمامه وقال هوذا قد عرفت أنه ليس إله في كل الأرض إلا في إسرائيل والان فخذ بركة من عبدك
حسب نعمان أن الاغتسال في نهر صغير كالأردن إهانة واحتقارًا لمركزه. كان عليه أن يتواضع ويطيع فيجد السيد المسيح نفسه غاسل كل الخطايا يعتمد في هذا النهر. ويرى السماء المفتوحة وتجلّي الروح القدس.
كان لابد لنعمان أن يُدرك أن طرق اللَّه غير طرق البشر، وأن اللَّه يريدنا أن نطيعه أكثر من أن نقدم تقدمات كثيرة، وأنه يستخدم أية وسيلة للعطاء، وبقليل أو كثير قادر أن يخلص.
كان نعمان إنسان شاكرًا، رجع إلى اليشع النبي لكي يشكره. وكان فيه رجوعه تعب وخسارة، لأنه لو انطلق من الأردن إلى دمشق لاستفاد بحوالي 30 ميلًا، وكان يمكنه أن يبعث رسولًا برسالة يشكره فيها.
16 فقال حي هوالرب الذي أنا واقف امامه اني لا اخذ والح عليه أن ياخذ فابى
رفض إليشع النبي أن يقبل شيئًا من أموال نعمان، لئلا يظن الأخير أن مراحم اللَّه وعطاياه يُمكن شرائها بالمال. لقد أراد أن يؤكد له أيضًا أننا إذ نقف أمام اللَّه ينظر إلى شخصياتنا لا إلى أموالنا ومراكزنا وممتلكاتنا.
17 فقال نعمان أما يعطى لعبدك حمل بغلين من التراب لانه لا يقرب بعد عبدك محرقة ولا ذبيحة لالهة أخرى بل للرب
واضح أن نعمان كان يهدف إلى بناء مذبح الله على تراب من أرض إسرائيل.
18 عن هذا الأمر يصفح الرب لعبدك عند دخول سيدي إلى بيت رمون ليسجد هناك ويستند على يدي فاسجد في بيت رمون فعند سجودي في بيت رمون يصفح الرب لعبدك عن هذا الامر
حسب سجوده في بيت رمون من واجباته السياسية كرئيس الجيش، لكنه لن يقبل إلهًا آخر غير الله الحقيقي.
19 فقال له امض بسلام ولما مضى من عنده مسافة من الأرض
لم يطلب نعمان من النبي الإذن له بالسجود للإله رمون بل أن ما يفعله إنما من واجبه في معاونة سيده الملك مع تأكيده أنه لن يعود يقدم ذبيحة إلا إلى اللَّه الحيّ وحده.
بينما جاهد نعمان نحو العبادة للَّه الواحد والتخلص من العبادة الوثنية انحرف إسرائيل إلى عبادة الأوثان.
صرفه النبي بسلام دون أن يعطيه إجابة على الطلبتين أن يأخذ حمل بغلين من التراب والصفح عنه في سجوده الشكلي في بيت ريمون، تاركًا الحكم فيها لضميره.
20 قال جيحزي غلام اليشع رجل الله هوذا سيدي قد امتنع عن أن ياخذ من يد نعمان الارامي هذا ما احضره حي هوالرب اني اجري وراءه واخذ منه شيئا
محبة المال دفعت جيحزي إلى السقوط في سلسلة من الخطايا:
أولًا: طلب مالًا على ما لم يعمله.
ثانيًا: قدم صورة مؤلمة وخاطئة لنعمان ومن حوله، إذ طلب المال كبديلٍ لعطية اللَّه المجانية، ألا وهي شفاء نعمان من البرص.
ثالثًا: أراد تغطية الموقف فكذب على النبي، ففقد سمة الأمانة والصدق، ليصير ابنًا لإبليس الذي يدعى كذّابًا وأب الكذابين.
رابعًا: محبة المال أفسدت قلب جيحزي، وعاقته عن خدمة اللَّه. لهذا يقول السيد المسيح أنه لا يقدر إنسان أن يخدم اللَّه والمال (مت24:6).
21 فسار جيحزي وراء نعمان ولما راه نعمان راكضا وراءه نزل عن المركبة للقائه وقال اسلام
22 فقال سلام أن سيدي قد ارسلني قائلًا هوذا في هذا الوقت قد جاء الي غلامان من جبل أفرايم من بني الانبياء فاعطهما وزنة فضة وحلتي ثياب
23 فقال نعمان اقبل وخذ وزنتين والح عليه وصر وزنتي فضة في كيسين وحلتي الثياب ودفعها لغلاميه فحملاها قدامه
24 ولما وصل إلى الاكمة اخذها من ايديهما واودعها في البيت واطلق الرجلين فانطلقا
25 واما هوفدخل ووقف أمام سيده فقال له اليشع من أين يا جيحزي فقال لم يذهب عبدك إلى هنا اوهناك
26 فقال له الم يذهب قلبي حين رجع الرجل من مركبته للقائك اهووقت لاخذ الفضة ولاخذ ثياب وزيتون وكروم وغنم وبقر وعبيد وجوار
أعطى الله إليشع معرفة الغيب، فكان لمن قد رأى وسمع ما جرى. وكانت تلك المعرفة محدودة ووقتية بإرادة الله لخدمة ملكوته.
27 فبرص نعمان يلصق بك وبنسلك إلى الابد وخرج من امامه ابرص كالثلج
تأملات على الإصحاح الخامس
كما أن جيحزى خدم الطوباوي بطريقة لكي يقتنى مالًا هكذا كان يهوذا ملاصقًا لربنا ومخلصنا لكي يرتكب غشًا وينال غنى أرضيًا. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و التفاسير الأخرى). حقًا كتب عنه في الإنجيل: "كان سارقًا، وكان الصندوق عنده، وكان يحمل ما ُيلقى فيه" يو6:12.الآن جيحزى الذي كان يمكنه أن يتأهل للتمتع بميزات سيده كما فعل سيده حيث نال تلك التي للطوباوي إيليا، لكنه ُغلب بالطمع واستحق أن يمسك به البرص القاسي إلى الأبد. فقد يهوذا نعمة الرسولية خلال محبته للمال، وانتهت حياته ب noose. هكذا نفهم كل بشر طامعين ومحبين للمال تصاب نفوسهم في الداخل ببرص الخطية.
الأب قيصريوس أسقف آرل
Sermon 129:1.
الآن نعمان رشيس الجيش الذي كان أبرصًا جاء إلى الطوباوي اليشع بناء على اقتراح صبيَّة خادمة لكي ُيشفى، رمزًا للأمم. هذه الصبيَّة جاءت من اليهودية أسيرة، وأخبرت سيدتها أنه إذا ذهب سيدها إلى الطوباوي اليشع يرد له صحته.
كانت رمزًا للنبوة لأنه بالرغم من أن النبوة كانت في ذلك الحين محصورة في اليهودية وحدها، إلاّ أنها inevitable إن المعرفة المطوبة لها تبلغ إلى الأمم المجاورة أيضًا. لذلك أصغى نعمان إلى الصبيَّة وذهب إلى اليشع؛ سمع الأمم النبي وجاءوا إلى المسيح. عند المجيء إلى اليشع ُشفى نعمان من برصه، وعند المجيء إلى المسيح تطهر الأمم من كل برص خطاياهم.
الأب قيصريوس أسقف آرل
Sermon 129:2.
على أي الأحوال يمكن أن يرمز جيحزى للشعب اليهودي، كما سبق أن قلت، إذ ُضربوا ببرص الخطية في نفس الوقت الذي شفى منه الأمم. أخيرًا، صرخ اليهود البؤساء أثناء آلام المسيح: "دمه علينا وعلى أولادنا" مت25:27. عندئذ استحقوا بالحق أن ُيصابوا ببرص الخطية، عندما صرخوا بشفاة شريرة نحو الطبيب السماوي: "خذه خذه أصلبه" يو15:19.
لذلك لصق بهم البرص في الوقت الذي فيه عبرت النعمة إلينا. أخيرّا تحدث الرسول بولس إليهم هكذا: "كان يجب أن تكلموا أنتم أولًا بكلمة اللَّه، ولكن إذ دفعتموها عنكم وحكمتم أنكم غير مستحين للحياة الأبدية هوذا نتوجه إلى الأمم" أع46:13. عندما عبر تعليم الرسل إلى الأمم لصق برص الخطية باليهود الأشقياء[3].
الأب قيصريوس أسقف آرل
Sermon 129:3.
عندما سمعع نعمان أنه يلزمه أن يغتسل في الأردن سبع مرات كان indignant ولم يرد أن comply، لكنه سمع مشورة أصدقائه وقبل أن يغتسل ويتطهر. هذا نعنى أنه قبل صليب المسيح. لم يؤمن الأمم بالمسيح عندما تحدث بشخصه، لكن بعد ذلك جاءوا بروح التقوى إلى سر العماد بعد كرازة الرسل..
أضف إلى هذا حقيقة عدم لمس اليشع لنعمان نفسه أو تعميده يظهر أن المسيح لم يأتِ للأمم بنفسه بل خلال رسله الذين قال لهم: "اذهبوا عمدوا كل الأمم باسم الآب والابن والروح القدس" (راجع مت19:28).
لاحظ أيضًا أن نعمان رمز الأمم استرد صحته في نفس النهر الذي فيه قدس اللَّه عماده فيما بعد..
الحقيقة بأن نعمان اعتقد بأنه كان يمكن أن يسترد صحته من خلال أنهره (2مل12:5) تشير إلى أن الجنس البشرى ظن أن يعتمد على إرادته واستحقاقاته الذاتية، ولكن بدون نعمة المسيح لا تقدر استحقاقاتهم أن تعطيهم صحة وإن كان يمكنهم أن يصيروا برص[4].
الأب قيصريوس أسقف آرل
Sermon 129:4
عندما نزل نعمان في النهر رمز المعمودية "رجع لحمه كلحم صبى صغير" 2مل14:5. لاحظوا أيها الإخوة الأحباء أن هذا الشبه قد كمل في الشعب المسيحي، إذ تعلمون أن كل الذين يعتمدون لا يزالوا ُيدعَون أطفالًا، سواء كانوا كبارًا أو صغارًا.
الذين ُولدوا عتقاء بآدم وحواء يولدون من جديد كصغار بالمسيح والكنيسة، الميلاد الأول يلد أناسًا للموت، والثاني للحياة. الأول يجلب أبناء الغضب والثاني يلدهم من جديد كأوانٍ للرحمة. يقول الرسول: "في آدم يموت الجميع" 1كو22:15.
لذلك كما أن نعمان وهو رجل كبير صار صبيًا بالغسل سبع مرات، هكذا الأم مع أنهم عتقاء بسبب خطاياهم السالفة ومصابون بوصمات البرص الكثيرة، تجددوا بنعمة المعمودية بطريقة لا يبقى فيهم برص الخطية الأصلية أو الفعلية.. عندئذ يتحقق فيهم ما يخبر به الرسول الكنيسة بخصوص المسيح: "ليقدم لنفسه كنيسة بلا عيب ولا غضن" أف27:5.
الأب قيصريوس أسقف آرل
Sermon 129:5.
كانت رغبة نعمان أن يأخذ "حمل بغلين من التراب" من إسرائيل (ع17) وريما كان هذا مبنيًا على الفكرة الخاطئة أنه لا يمكن عبادة أي أله بعيدًا عن أرض وطنه. وهكذا أعتقد أن يهوه يمكن عبادته فقط على التراب الذي أحضره من إسرائيل.
2 مل 5: 9 -14
يرى العلامة ترتليان أن نزوله في النهر سبع مرات يشير إلى تلوثه بسبع خطايا مميته وهي العبادة الوثنية والتجديف والقتل والزنا والنجاسة وشهادة الزور والغش. وكأنه في كل مرة يغطس يتطهر من خطية ما بالترتيب
Tertullian against Marcion, 4: 9.
+ انه الأردن وليس النبي هو الذي يفعل ذلك (يطهر البرص). عمل النبي هو أن يوجه إلى موضع الشفاء. ناثان لعدم فهمه للسر العظيم الذي للأردن يقول: [9، 10] فان وضع يده على البرص والتطهير منه هذا من اختصاص ربنا يسوع وحده (مت 8: 1، 3) فإنه توسل إليه البرص بإيمان: "إن أردت تقدر تطهرني" لم يقل "أريد فتطهر" إنما أضاف إلى الكلمة أنه لمسه، فبرأ من البرص كان نعمان مخطئا، ولم ير كيف أن كل الأنهار الأخرى أقل من الأردن لشفاء الألم.
العلامة اوريجاينوس
Commentary on John, book 6: 28
يكمل العلامة اوريجنيوس حديثه موضحا امتياز نهر الأردن عن بقية الأنهار، فانه لا يوجد غير الأردن قادر على التطهير من البرص. فعلى انهار بابل جلس الإسرائيليون وتذكروا صهيون، وهناك بكوا. لقد سبوا إلى بابل وتذوقوا مياه غير مياه الأردن المقدسة، فاشتاقوا إلى نهر الخلاص لقد جلسوا ولم يقدروا أن يقفوا (مز) ويوبخ إرميا النبي من يشرب من مياه جيئون (إر 2: 28)
2 مل 5: 14
+ ليس بلا سبب تطهر نعمان القديم المصاب بالبرص بالعماد، إنما كان ذلك أشارة لنا. فكما نحن برص بالخطية، وعاجزون عن التطهير، فانه بالمياه المقدسة واستدعاء الرب نطهر من معاصينا القديمة، إذ نتجدد روحيا كأطفال مولودين حديثا. وذلك كما أعلن الرب: "إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله" (يو 3: 5)
القديس ايريناؤس
Fragments from the lost writings of Ireneaus, 34.
2 مل 5
تقدم لنا الدسقولية امثلة عملية لاهمية الأسقف أو الشمامسة الأبرار الذين بلا لوم فتقول بإنه العاصى إذ يراهم بلا لوم لا يجسر أن يستخف بسلطانهم ويدخل كنيسة الله بالمرة، إذ يضربه ضميره، أما أن كان لا يبإلى بشيء ويجسر على الدخول فإنه يدان فورا كما حدث مع عاخان (يش 7) عندما سرق المحرمات.
وكما حدث مع جيحزى عندما طمع في مال نعمان معوقب فورا. أو يوبخ بواسطة الراعي فيتوب، إذ يتطلع حوله فيجد الاسقف والشعب الذين تحت رعايته بلا لوم، فيضربه قلبه، وبهدوء ينسحب عن طريقه في خزي ساكبا كثرى من الدموع، تائبا عن خطاياه، ويحمل رجاءا. فيتعلم الشعب عندما يرى دموعه.
Constitutions of the Apostles, book 2: 3: 10.
من وحي، ملوك 5
لادخل معك نهر الأردن، واتمتع بميلاد روحي جديد!
+ معك يا سيد الكل ادخل نهر الأردن.
لا لكي أطهر مع نعمان من برص الجسد،
بل لأتمتع بميلادٍ روحي جديد.
تهبني البنوة لله أبيك،
وتجدد بروحك القدوس طبيعتي.
أغطس معك فأدفن معك.
أقوم معك حاملا قوة قيامتك !