تفسير الاصحاح الرابع من سفر ملوك الثانى للقمص تادري يعقوب ملطى
الآيات 1-7:- وصرخت إلى اليشع امراة من نساء بني الانبياء قائلة أن عبدك زوجي قد مات وانت تعلم أن عبدك كان يخاف الرب فاتى
القصة الأولى تكشف عن مدى اهتمام إليشع النبي بعامة الشعب والتزامه بعمل رعوي.
القصة الثانية تكشف عن ارتباط العمل الإلهي باللمس "وضع العصى على رأس الميت" (راجع مر28:5).
استنجدت باليشع النبي، وكان أمامه أحد أمرين إما أن يفي عنها الدين أو يسأل المرابي أن يمهلها. لم يكن لدى اليشع مالا يفي به الدين، ولم يكن لدى المرابي قلبا رحيما ينصت لحديث النبي وطلبته. استحسن النبي التعامل مع دهنة الزيت عن التعامل مع المرابي. فالطبيعة تستجيب للصوت النبوي عن الإنسان القاسي القلب.
انه لأمر محزن أن تستجيب دهنة الزيت لطلبة النبي فتحل بها البركة لتسدد دين الأرملة المسكينة وتنقذ الابنين ولا يستجيب قلب الإنسان ليحمل حنوا ورأفة.
لقد أكد النبي بعمله هذا أن الله قادر أن يشبع احتياجات المؤمنين حتى المادية.
لقد أشركت المرأة ابنيها في العمل حيث كانا يقدمان لها الأواني الفارغة وهي تسكب من دهنة الزيت لكي تكون لها خبرة عملية بعمل الله المشبع لاحتياجاتنا.
كانت المرأة حكيمة وتقية، فإنه إذ امتلأت الأواني لم تتصرف في الحال من عندياتها بل سألت النبي عما تفعله. سلكت بروح الاتضاع، لا تفعل شيئًا بدون مشورة رجل الله.
أما بالنسبة للنبي فواضح أنه في أبوة صادقة يهتم بالجميع ويشبع احتياجاتهم ويحل مشاكله الروحية والاجتماعية والمالية.
1 وصرخت إلى اليشع امراة من نساء بني الأنبياء قائلة أن عبدك زوجي قد مات وانت تعلم أن عبدك كان يخاف الرب فاتى المرابي لياخذ ولدي له عبدين
كان يجوز للفقراء والمدنيين أن يبيعوا أنفسهم أو أولادهم عبيدًا لسداد ديونهم، وكانت الشعب تطلب من الأغنياء الترفق بهم كاخوة لهم، وعدم استغلال ظروفهم (تث1:15-18). لكن الدائن هنا لم يحفظ الشريعة، وجاء عمل إليشع يكشف عن سخاء عطية اللَّه ومحبته ورحمته بالمتألمين.
قدم اللَّه للأرملة زيتًا قدر ما قدمت من أوانٍ، فإن عطاياه لا تحد، يهب قدر ما نطلب، ويملأ قدر ما نستقبل. إيماننا وطاعتنا يفتحان مخازن اللَّه لنأخذ أكثر مما نطلب وفوق ما نحتاج.
2 فقال لها اليشع ماذا اصنع لك اخبريني ماذا لك في البيت فقالت ليس لجاريتك شيء في البيت إلا دهنة زيت
3 فقال اذهبي استعيري لنفسك اوعية من خارج من عند جميع جيرانك اوعية فارغة لا تقللي
4 ثم ادخلي واغلقي الباب على نفسك وعلى بنيك وصبي في جميع هذه الاوعية وما امتلا انقليه
طلب منها أن تغلق الباب لتدرك أن ما تتمتع به هو من الله الساكن في أعماقها وفي بيتها.
5 فذهبت من عنده واغلقت الباب على نفسها وعلى بنيها فكانوا هم يقدمون لها الاوعية وهي تصب
6 ولما امتلات الاوعية قالت لابنها قدم لي أيضًا وعاء فقال لها لا يوجد بعد وعاء فوقف الزيت
"ماذا اصنع لك؟" لم يكن ممكنًا لأليشع النبي أن يتحدث مع المرابي فقد اغلق الطمع قلبه وحرمه
قساوة القلب من قبول النصيحة، فكان من الأسهل على أليشع أن يتعامل مع "دهنة الزيت" لتملأ كل الأوعية التي استعادتها من الجيران عن أن يتعامل مع قلب المرائى وفكرة، لأن إرادت الشرير أغلقت عليه فلا يقبل مشورة ولا يمارس حبًا ورحمة.
ومن المؤلم أنه لم يكن للمرأة أوعية ليملأها النبي من دهنة الزيت، فطلب منها أن تستعير من جاراتها، غالبًا ما كن نساء الأنبياء.
دعوة الله لنا على لسان نبيه أليشع هي:"لا تقللي"،وكأنه يحثنا بطلب الأمور العظيمة وبكثرة، فان يليق بنا كأبناء لله أن نطلب ما يليق بابينا.
7 فاتت واخبرت رجل الله فقال اذهبي بيعي الزيت واوفي دينك وعيشي أنت وبنوك بما بقي
لم تنشغل بالزيت ولا انبهرت بالمعجزة لكنها أسرعت إلى رجل الله تخبره بما حدث حتى تتمم إرادة الله.
لم يستغل محبة المرأة العظيمة إنما سألها إن كان يقدر أن يخدمها لدى الملك أو أحد رجال الدولة. فقد تدرب ألا يمتنع عن أن يأخذ، ولكنه وهو يأخذ يرد العطاء بالعطاء والحب بالحب العملي.
أدرك جيحزي مشاعر سيدة عاقر متزوجه رجلا قد شاخ، لا يوجد من يشبع أمومتها ولا من يريها وهي غنية. لذا سأل النبي لا أن يخدمها لدى الملك أو لدى أحد رجال الدولة العظماء، بل لدى الله نفسه، القادر وحده أن يهبها ابنا. آمن جيحزي بالله إله المستحيلات، المتخصص في الأمور المستعصية
وهب اليشع عطية إقامة الابن الميت، فإن الله لا يبخل على القلوب المتسعة بالحب أن تصنع عجائب، حتى وإن كان إقامة موتى.
رسالة الأنبياء والرسل هي إقامة النفوس الميتة التي حرمت نفسها من الله واهب الحياة. هذه هي أحاسيس اليشع النبي وهو يقيم الصبي، فإنه يشتهي اقامة كل نفس برجوعها إلى الله واهب الحياة المقامة.
لم تقبل المرأة العظيمة أن تقبل الأمر عند إرسال جيحزي بعصا سيده اليشع ليضعه على رأس الصبي الميت. لقد أصرت أن ينطلق معها اليشع نفسه لكي يصلي، فيعمل الله بحضرته الإلهية ويقيم ابنها من الموت.
انها اقتدت بموسى النبي الذي شفع في شعبه الخاطئ فغفر لهم الرب، لكنه أصر أن يتقدم الرب ويسير أمامه.
هكذا فعلت مريم المجدلية التي رأت الملاكين في قبر السيد المسيح ولم تنشغل بهما، بل بإصرار أرادت اللقاء مع رب الملائكة نفسه.
عظيمة هي الشركة مع القديسين، لكنها لا تقف عندها بل خلالها نتمتع باللقاء الحي والشخصي مع رب القديسين نفسه.
8 وفي ذات يوم عبر اليشع إلى شونم وكانت هناك امراة عظيمة فامسكته لياكل خبزا وكان كلما عبر يميل إلى هناك لياكل خبزا
شونم: كانت لسبط (يش18:19)، حل الفلسطينيون فيها قبل معركة جلبوع العظيمة، وكانت مسكن أبيشج (1مل3:1). وهي سولم على جانب جبل الدوجي الجنوبي الغربي على بعد ثلاثة أميال من يزرعيل.
كان أليشع النبي يمر على شونم كثيرًا لأنها على طريقه من الكرمل إلى مدن الجليل ومدارس الأنبياء في الجلجال وبيت إيل وغيرها.
وسط الانحلال العام والفساد توجد قله مقدسة للرب مثل هذه المرأة التي يصفها الكتاب المقدس بأنها "عظيمة" [8].
9 فقالت لرجلها قد علمت أنه رجل الله مقدس الذي يمر علينا دائما
10 فلنعمل علية على الحائط صغيرة ونضع له هناك سريرا وخوانا وكرسيا ومنارة حتى إذا جاء الينا يميل اليها
11 وفي ذات يوم جاء إلى هناك ومال إلى العلية واضطجع فيها
12 فقال لجيحزي غلامه ادع هذه الشونمية فدعاها فوقفت امامه
13 فقال له قل لها هوذا قد انزعجت بسببنا كل هذا الانزعاج فماذا يصنع لك هل لك ما يتكلم به إلى الملك اوإلى رئيس الجيش فقالت انما انا ساكنة في وسط شعبي
كان أليشع كريمًا يود أن يرد لكل من يعمل له خيرًا خدمة يحتاج إليها. واضح من حديثه أن الملك مع كونه شريرًا لكنه هو ورئيس جيشه كانا يعتبران أليشع ويسمعان له.
14 ثم قال فماذا يصنع لها فقال جيحزي أنه ليس لها ابن ورجلها قد شاخ
15 فقال ادعها فدعاها فوقفت في الباب
16 فقال في هذا الميعاد نحوزمان الحياة تحتضنين ابنا فقالت لا يا سيدي رجل الله لا تكذب على جاريتك
17 فحبلت المراة وولدت ابنا في ذلك الميعاد نحوزمان الحياة كما قال لها اليشع
18 وكبر الولد وفي ذات يوم خرج إلى أبيه إلى الحصادين
لا تزال أراضي شونم مخصبة جدًا.
19 وقال لابيه راسي راسي فقال للغلام احمله إلى امه
20 فحمله واتى به إلى امه فجلس على ركبتيها إلى الظهر ومات
21 فصعدت واضجعته على سرير رجل الله واغلقت عليه وخرجت
22 ونادت رجلها وقالت ارسل لي واحدًا من الغلمان واحدى الاتن فاجري إلى رجل الله وارجع
23 فقال لماذا تذهبين إليه اليوم لا راس شهر ولا سبت فقالت سلام
24 وشدت على الاتان وقالت لغلامها سق وسر ولا تتعوق لاجلي في الركوب أن لم أقل لك
25 وانطلقت حتى جاءت إلى رجل الله إلى جبل الكرمل فلما راها رجل الله من بعيد قال لجيحزي غلامه هوذا تلك الشونمية
26 اركض الآن للقائها وقل لها اسلام لك اسلام لزوجك اسلام للولد فقالت سلام
27 فلما جاءت إلى رجل الله إلى الجبل امسكت رجليه فتقدم جيحزي ليدفعها فقال رجل الله دعها لأن نفسها مرة فيها والرب كتم الأمر عني ولم يخبرني
يعلق القديس إكليمنضس الروماني على تصرف جيحزى هذا بأنه هكذا كان طابع الحياة بالنسبة لأليشع، حيث لا يسمح لامرأة غريبة أن يكون لديها دالة أن تمسك بقدميه.
Clement of Rome: Two Epistles Concerning Virginity, 1:15.
28 فقالت هل طلبت ابنا من سيدي الم أقل لا تخدعني
29 فقال لجيحزي اشدد حقويك وخذ عكازي بيدك وانطلق وإذا صادفت أحد فلا تباركه وأن باركك أحد فلا تجبه وضع عكازي على وجه الصبي
طلب أليشع النبي أن يستخدم تلميذه العكاز، ولعله شعر بأن عكازه يحمل قوة كما حملت عصا موسى ورداء إيليا. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و التفاسير الأخرى). لكن الله لم يرد أن يستعمل.
30 فقالت ام الصبي حي هوالرب وحية هي نفسك انني لا اتركك فقام وتبعها
31 وجاز جيحزي قدامهما ووضع العكاز على وجه الصبي فلم يكن صوت ولا مصغ فرجع للقائه واخبره قائلًا لم ينتبه الصبي
32 ودخل اليشع البيت وإذا بالصبي ميت ومضطجع على سريره
33 فدخل واغلق الباب على نفسيهما كليهما وصلى إلى الرب
34 ثم صعد واضطجع فوق الصبي ووضع فمه على فمه وعينيه على عينيه ويديه على يديه وتمدد عليه فسخن جسد الولد
35 ثم عاد وتمشى في البيت تارة إلى هنا وتارة إلى هناك وصعد وتمدد عليه فعطس الصبي سبع مرات ثم فتح الصبي عينيه
العكاز بل استعمل النبي نفسه وأقام الولد استجابة للصلاة بلجاجة.
36 فدعا جيحزي وقال ادع هذه الشونمية فدعاها ولما دخلت إليه قال احملي ابنك
37 فاتت وسقطت على رجليه وسجدت إلى الأرض ثم حملت ابنها وخرجت
ماذا يقدم لنا العالم إلا الموت؟! لذا صارت الحاجة أن يسكب الدقيق في القدر فلا يكون موت بل حياة. هذا الدقيق هو جسد الرب يسوع الذي صار خبز الحياة، من يأكله يتمتع بالحياة الأبدية عوض الموت (يو 6: 53).
38 ورجع اليشع إلى الجلجال وكان جوع في الأرض وكان بنو الانبياء جلوسا امامه فقال لغلامه ضع القدر الكبيرة واسلق سليقة لبني الانبياء
39 وخرج واحد إلى الحقل ليلتقط بقولا فوجد يقطينا بريا فالتقط منه قثاء بريا ملء ثوبه واتى وقطعه في قدر السليقة لأنهم لم يعرفوا
40 وصبوا للقوم لياكلوا وفيما هم ياكلون من السليقة صرخوا وقالوا في القدر موت يا رجل الله ولم يستطيعوا أن ياكلوا
41 فقال هاتوا دقيقا فالقاه في القدر وقال صب للقوم فياكلوا فكانه لم يكن شيء رديء في القدر
ليس في الدقيق ما يضاد السم، لكنه الواسطة التي اختارها كالملح في 20:2.
أظهر بنو الانبياء إيمانهم بالرب ونبيه فأكلوا حسب قوله مما كان قبلًاً سامًا.
هذا هو عمل الخادم الحقيقي، بل وكل مسيحي، ألا يمد يده كمحتاج، بل يمدها ليعطى بسخاء فيشبع من هم حوله ويفيض عنهم.
رقم 100 يشير إلى كمال الجماعة، لذا عندما تحدث السيد عن الخروف الضال قال أنه كان لدى الراعي مائة خروف. هكذا كان ما فعله النبي إنما هو دعوى لكل خادم أن يهتم بكل البشرية ليشبعها. وكما يقول القديس بوحنا الذهبي الفم: "أيها الكاهن أنت أب العالم كله".
42 وجاء رجل من بعل شليشة واحضر لرجل الله خبز باكورة عشرين رغيفا من شعير وسويقا في جرابه فقال اعط الشعب لياكلوا
بعل شليشة: ذكرت أرض شليشة في 1صم 4:9، موقعها مجهول، غير أنها كانت قريبة من الجلجال.
خبز باكورة: ربما أحضره الرجل لأنه من الواجبات الدينية أن يقدمه للرب (لا 14:23) فكان ذلك دليلًاً على وجود من يخافون الرب اللذين لم يشاركوا العامة في عبادة البعل.
ظهر كرم الرجل فقدم الخبز في وقت الجوع، وكرم النبي الذي لم يرد أن يحفظ الخبز لنفسه. أما عمل الرب فهو أنه بارك العشرين رغيفٍ ليشبع المئة رجل ويفضل عنهم.
+ ليس بلا هدف يشير يوحنا إليها (الأرغفة في إشباع الجموع) " أرغفة الشعير" (يو 9:6)، وإنما لكي يعلمنا أن نطأ بأقدامنا كبرياء العيش الرغد. هكذا كان نظام الأكل عند الأنبياء أيضًا (1).
القديس يوحنا الذهبي الفم
St. John Chrysostom: Homilies on St. Matthew, hom. 49:1.
43 فقال خادمه ماذا هل اجعل هذا أمام مئة رجل فقال اعط الشعب فياكلوا لانه هكذا قال الرب ياكلون ويفضل عنهم
44 فجعل امامهم فاكلوا وفضل عنهم حسب قول الرب
2مل4
* هذه الأرملة، أي الكنيسة عليها دين ثقيل من الخطايا، ليس دينًا ماديًا. عليها دين ودائنيها أقسى ما يكون، إذ جعلت نفسها خاضعة للشيطان بخطاياها الكثيرة. هكذا بالحقيقة سبفق فأخبرنا النبي: "هوذا من أجل آثامكم قد ُبعتم، ومن أجل ذنوبكم طلقَّت أُمُّكم" إش1:500. لهذا السبب صارت الأرملة مستعبدة لدين ثقيل هكذا. كانت مسبية إذ لم يكن بعد قد جاء الفادي، لكن بعد مجئ المسيح ربنا الفادي الحقيقي افتقد الأرملة، وحررها من كل ديونها. لنرى الآن كيف تحررت هذه الأرملة، كيف تم ذلك إلا بفيض الزيب؟ نفهم بالزيت الرحمة.
لاحظوا يا إخوة إن الزيت قلَّ والدين زاد؛ وإذ زاد الزيت اختفى الدين.. هكذا عند مجئ اليشع الحقيقي، المسيح ربنا، تحررت الأرملة أو الكنيسة من دين الخطية بزيادة الزيت، أي بعطية النعمة والرحمة أو غنى الحب.
الأب قيصريوس أسقف آرل
Sermon 128:1.
* لنأخذ في الاعتبار ما قاله الطوباوى اليشع لها: "استعيرى لنفسك أوعية ككثيرة من جيرانك وأصدقائك، واغلقى بابك وصبى هذا الزيت في آنية جيرانك" (راجع2مل3:4،4.
من هم جيرانها إلاّ الأمم؟ بالرغم من أن هذه الأرملة تشير إلى الكنيسة، لكنها كانت لا تزال أرملة، والجيران الذين استعارت منهم الآنية همم الأمم. قدموا آنية فارغة لكي يستحقوا استلام زيت الرحمة، لأنه قبل الحصول على عطية النعمة كان الأمم معروفين أنهم بلا إيمان ومحبة وأعمال صالحة. أخيرًا، كل الذين ُقدِّموا للكنيسة لنوال العماد المكرم ونالوا المسحة وزيت البركة حتى لا يعودوا بعد أوانٍ فارغة بل مملؤين من اللَّه بكونه هياكله.
الأب قيصريوس أسقف آرل
Sermon 128:2.
* لاحظوا أيها الأحباء الأعزاء أنه طالما كان لدى الأرملة زيتًا في آنيتها لم يكنن ذلك كافيًا لكي تشد دينها. هذا حق يا إخوة. إن أحب إنسان نفسه فقط لا يكفى هذا ولا يعنى دين خطاياه، لكنه عندما يبدأ يسكب زيت الحب على كل أصدقائه وجيرانه، وبالحقيققة على كل بشر، عندئذ يصير قادرُا أن يشبع ويتحرر من كل الديون.
حقا يا إخوة هذه هي طبيعة الحب المقدس والمحبة الصادقة إنها تزيد عندما ُتنفق وبقدر ما تدفع بلآخرين بقدر ما تنمو بفيض وتتكدس في الإنسان..
إن قدمت خبز الحب لمئة إنساٍ يبقى خبز الحب سالمًا بكماله. في الواقع إن كنت تمنحه للعالم لكه لن تفقد منه شيئًا، بالحرى ليس فقط لا ينقص وإنما الربح الذي ناله كل الذين وهبتهم هذا الحب يزداد بالأكثر فيك.
الأب قيصريوس أسقف آرل
Sermon 128:3.
* يلزمنا من جانبنا أن نبحث عن أوانٍ نسكب فيها الزيت، فقد أظهرنا أنه طالما نحن نسكب الزيت على آهرين يكون لنا ما هو أكثر.
البشر هم أواني الحب، إن أردنا أن نحمل فيضًا من زيت الحب يلزمنا أن نحب الأشرار كماا الصالحين، الصالحين لأنهم صالحون والأشرار لكي يصيروا صالحين. حقًا إن زيت الحب له هذه القوة، يجعل الصالحون في حالٍ أفضل، ويرد الأشرار من ظلمة خطاياهم إلى هور الحق.
الأب قيصريوس أسقف آرل
Sermon 128:4.
* حقيقة أن الكتاب المقدس يقول بأن الأرملة صبَّت زيتًا في الأواني والباب مغلق يعنى أن كل واحدٍ يلزم أن يقدم الصدقة وداره مغلق، أي من أجل اللَّه وحده، وليس بطريقة بها يمدحه الناس، وإنما أن يتأهل أن يجد نعمة لدى اللَّه.
إن قدم إنسان صدقة من أجل مديح بشرى يصنعها وبابه مفتوح، إذ هو مفتوح لرؤية كل بشرٍ. على أي الأحوال إن تمم أحد أعمالًا صالحة من أجل الحياة الأبدية وغفران خطايااه، حتى إن مارسها علنًا إنما يمارسها وبابه مغلق، لأنه لا يطلب ما ُيرى أثناء عطائه بل ما لا ُيرى (2كو18:4).
الأب قيصريوس أسقف آرل
Sermon 128:5.
2مل9:4
* كانت المرأة عاقرًا، لكن بصلاة اليشع أنجبت ابنًا. هكذا أييضًا كانت الكنيسة عاقرٍا قبل مجئ المسيح، لكن لما هذه قد أنجبت ابنًا بصلارة اليشع هكذا انجبت الكنيسة الشعب المسيحي عندما جاء اليها المسيح.
على أي الأحوال مات ابن هذه المرأة في غياب اليشع، هكذا مات ابن الكنيسة أي الأمم بالخطية قبل مجئ المسيح. عندما نزل اليشع من الجبل عاد ابن الأرملة إلى الحياة، وعندما نزل المسيح من السماء عاد ابن الكنيسة أي الأمم إلى الحياة.
الأب قيصريوس أسقف آرل
Sermon 128:6.
2مل19:4
* يشير هذا الغلام إلى الطوباوى موسى الذي أرسله اللَّه إلى مصر بعصا، بدون المسيح لم يستطع موسى أن scourge الشعب بالعصا، ولا أن يحررهم أو يحييهم من الخطية الأصلية أو الواقعية. وكما يقول الرسول: "إإذ الناموس لم ُيكمل شيئًا" عب19:7. كان ضروريًا أن الذي أرسل العصا ينزل بنفسه. العصا بدون اليشع لا تنفع شيئًا لأن الصليب بدون المسيح بلا قوة.
الأب قيصريوس أسقف آرل
Sermon 128:7.
انحنى اليشع ليحيى الصبى، واتضع المسيح ليرد العالم الملقى في الخطية.
وضع اليشع عينيه على عيني الصبى، وفمه على فمه ويديه على يديخ. لاحظوا يا إخوة كيف أن رجلًا كامل السن يسحب نفسه ليتناسب مع صبى ُملقى ميتًا، لأن ما فعله اليشع في حالة الصبى حققه المسيح باكامل مع الجنس البشرىكله. انصت إلى قول الرسول: "وضع نفسه وأطاع حتى الموت" فى8:2. جعل نفسه صغيرًا إذ نحن ملقون مائتين، انحنى الطبيب الحنون لأنه بالحق يا إخوة لا يقدر أحد أن يرفع أحدًا ُملقى أرضًا إن رفض أن ينحنى.
الأب قيصريوص أسقف آرل
Sermon 128:8.
* حقيقة عطس الصبي سبع مرات يطهر نعمة الروح القدس السباعية التي منحت للجنس البشرى عند مجيء المسيح ليرده إلى الحياة. خصوص الروح نفسه يقول الرسول: "إن كان أحد ليس له روح المسيح فلا ينتسب للمسيح" (راجع رو9:8).. حقًا بطريقة وضع فمه على أفواههم ونفخ عليهم وأعطى لهم الروح[9].
الأب قيصريوس أسقف آرل
Sermon 128:8.
2مل 34:4
[بالرغم من كونه على هيئة الله تقبل هيئة الإنسان، هكذا نقص حتى نزداد نحن خلاله).
القديس جيروم
Hom. 25 on Ps.97 (98).
+امرأة عظيمة أقامت لنبيك علية،
يصعد إليها وهناك يستريح
هب لي أن أسلمك أعماقي،
فتقيم فيها هيكلا مقدسا لك.
تسكن فيها وتدعوا أصدقاءك السمائيين !
نعم لتقم في داخلي،
ولتحول أعماقي إلى ملكوت مفرح.
+ أنت تنزع عقم نفسي!
تهبني أبناء لك، أتمخض بهم لحسابك !
إن ماتت نفسي الوحيدة،
أو هلكت نفس أخي،
إلى من أذهب إلا إليك؟ !
أنت هو الحياة ! أنت هو القيامة !
أنت محطم الموت ! أنت واهب النصرة !
ليلتصق جسدي بجسدك،
لتتحد نفسي بك !
فمن يرتبط بك يهرب منه الموت،
وتجري إليه الحياة الأبدية !
+التفت حولك الجموع تطلب كلمتك.
اشبعت نفوسها بوصيتك،
وملأت بطونها بالطعام !
ليس من يقترب إليك ويرجع فارغا.
تشبعه وترويه،
يفيض منه ليهب أيضًا آخرين !
لك المجد يا خبز السماء!
لك المجد يا مشبع الجميع !
القصة الأولى تكشف عن مدى اهتمام إليشع النبي بعامة الشعب والتزامه بعمل رعوي.
القصة الثانية تكشف عن ارتباط العمل الإلهي باللمس "وضع العصى على رأس الميت" (راجع مر28:5).
دهنة الزيت
يبدو أن أحد الأنبياء أصيب بمرض فأنفق كل ما لديه واستدان من مرابي. طالب المرابي الزوجة بإيفاء الدين وإذ لم استطع هددها بأن يأخذ ابنيها عبدين له.
استنجدت باليشع النبي، وكان أمامه أحد أمرين إما أن يفي عنها الدين أو يسأل المرابي أن يمهلها. لم يكن لدى اليشع مالا يفي به الدين، ولم يكن لدى المرابي قلبا رحيما ينصت لحديث النبي وطلبته. استحسن النبي التعامل مع دهنة الزيت عن التعامل مع المرابي. فالطبيعة تستجيب للصوت النبوي عن الإنسان القاسي القلب.
انه لأمر محزن أن تستجيب دهنة الزيت لطلبة النبي فتحل بها البركة لتسدد دين الأرملة المسكينة وتنقذ الابنين ولا يستجيب قلب الإنسان ليحمل حنوا ورأفة.
لقد أكد النبي بعمله هذا أن الله قادر أن يشبع احتياجات المؤمنين حتى المادية.
لقد أشركت المرأة ابنيها في العمل حيث كانا يقدمان لها الأواني الفارغة وهي تسكب من دهنة الزيت لكي تكون لها خبرة عملية بعمل الله المشبع لاحتياجاتنا.
كانت المرأة حكيمة وتقية، فإنه إذ امتلأت الأواني لم تتصرف في الحال من عندياتها بل سألت النبي عما تفعله. سلكت بروح الاتضاع، لا تفعل شيئًا بدون مشورة رجل الله.
أما بالنسبة للنبي فواضح أنه في أبوة صادقة يهتم بالجميع ويشبع احتياجاتهم ويحل مشاكله الروحية والاجتماعية والمالية.
1 وصرخت إلى اليشع امراة من نساء بني الأنبياء قائلة أن عبدك زوجي قد مات وانت تعلم أن عبدك كان يخاف الرب فاتى المرابي لياخذ ولدي له عبدين
كان يجوز للفقراء والمدنيين أن يبيعوا أنفسهم أو أولادهم عبيدًا لسداد ديونهم، وكانت الشعب تطلب من الأغنياء الترفق بهم كاخوة لهم، وعدم استغلال ظروفهم (تث1:15-18). لكن الدائن هنا لم يحفظ الشريعة، وجاء عمل إليشع يكشف عن سخاء عطية اللَّه ومحبته ورحمته بالمتألمين.
قدم اللَّه للأرملة زيتًا قدر ما قدمت من أوانٍ، فإن عطاياه لا تحد، يهب قدر ما نطلب، ويملأ قدر ما نستقبل. إيماننا وطاعتنا يفتحان مخازن اللَّه لنأخذ أكثر مما نطلب وفوق ما نحتاج.
2 فقال لها اليشع ماذا اصنع لك اخبريني ماذا لك في البيت فقالت ليس لجاريتك شيء في البيت إلا دهنة زيت
3 فقال اذهبي استعيري لنفسك اوعية من خارج من عند جميع جيرانك اوعية فارغة لا تقللي
4 ثم ادخلي واغلقي الباب على نفسك وعلى بنيك وصبي في جميع هذه الاوعية وما امتلا انقليه
طلب منها أن تغلق الباب لتدرك أن ما تتمتع به هو من الله الساكن في أعماقها وفي بيتها.
5 فذهبت من عنده واغلقت الباب على نفسها وعلى بنيها فكانوا هم يقدمون لها الاوعية وهي تصب
6 ولما امتلات الاوعية قالت لابنها قدم لي أيضًا وعاء فقال لها لا يوجد بعد وعاء فوقف الزيت
"ماذا اصنع لك؟" لم يكن ممكنًا لأليشع النبي أن يتحدث مع المرابي فقد اغلق الطمع قلبه وحرمه
قساوة القلب من قبول النصيحة، فكان من الأسهل على أليشع أن يتعامل مع "دهنة الزيت" لتملأ كل الأوعية التي استعادتها من الجيران عن أن يتعامل مع قلب المرائى وفكرة، لأن إرادت الشرير أغلقت عليه فلا يقبل مشورة ولا يمارس حبًا ورحمة.
ومن المؤلم أنه لم يكن للمرأة أوعية ليملأها النبي من دهنة الزيت، فطلب منها أن تستعير من جاراتها، غالبًا ما كن نساء الأنبياء.
دعوة الله لنا على لسان نبيه أليشع هي:"لا تقللي"،وكأنه يحثنا بطلب الأمور العظيمة وبكثرة، فان يليق بنا كأبناء لله أن نطلب ما يليق بابينا.
7 فاتت واخبرت رجل الله فقال اذهبي بيعي الزيت واوفي دينك وعيشي أنت وبنوك بما بقي
لم تنشغل بالزيت ولا انبهرت بالمعجزة لكنها أسرعت إلى رجل الله تخبره بما حدث حتى تتمم إرادة الله.
إقامة ابن الشونمية
كان اليشع رجلا عظيما يحمل قلبا متسعا للجميع، ويهتم بكل أحد. لذلك أرسل الله إليه امرأة عظيمة تهتم هي وزوجها به، وتقيم له مسكنا في العلية لكي يستريح فيها أثناء عبوره ورحلاته المتكررة، خاصة بين مراكز الأنبياء أو مدارسهم.
لم يستغل محبة المرأة العظيمة إنما سألها إن كان يقدر أن يخدمها لدى الملك أو أحد رجال الدولة. فقد تدرب ألا يمتنع عن أن يأخذ، ولكنه وهو يأخذ يرد العطاء بالعطاء والحب بالحب العملي.
أدرك جيحزي مشاعر سيدة عاقر متزوجه رجلا قد شاخ، لا يوجد من يشبع أمومتها ولا من يريها وهي غنية. لذا سأل النبي لا أن يخدمها لدى الملك أو لدى أحد رجال الدولة العظماء، بل لدى الله نفسه، القادر وحده أن يهبها ابنا. آمن جيحزي بالله إله المستحيلات، المتخصص في الأمور المستعصية
وهب اليشع عطية إقامة الابن الميت، فإن الله لا يبخل على القلوب المتسعة بالحب أن تصنع عجائب، حتى وإن كان إقامة موتى.
رسالة الأنبياء والرسل هي إقامة النفوس الميتة التي حرمت نفسها من الله واهب الحياة. هذه هي أحاسيس اليشع النبي وهو يقيم الصبي، فإنه يشتهي اقامة كل نفس برجوعها إلى الله واهب الحياة المقامة.
لم تقبل المرأة العظيمة أن تقبل الأمر عند إرسال جيحزي بعصا سيده اليشع ليضعه على رأس الصبي الميت. لقد أصرت أن ينطلق معها اليشع نفسه لكي يصلي، فيعمل الله بحضرته الإلهية ويقيم ابنها من الموت.
انها اقتدت بموسى النبي الذي شفع في شعبه الخاطئ فغفر لهم الرب، لكنه أصر أن يتقدم الرب ويسير أمامه.
هكذا فعلت مريم المجدلية التي رأت الملاكين في قبر السيد المسيح ولم تنشغل بهما، بل بإصرار أرادت اللقاء مع رب الملائكة نفسه.
عظيمة هي الشركة مع القديسين، لكنها لا تقف عندها بل خلالها نتمتع باللقاء الحي والشخصي مع رب القديسين نفسه.
8 وفي ذات يوم عبر اليشع إلى شونم وكانت هناك امراة عظيمة فامسكته لياكل خبزا وكان كلما عبر يميل إلى هناك لياكل خبزا
شونم: كانت لسبط (يش18:19)، حل الفلسطينيون فيها قبل معركة جلبوع العظيمة، وكانت مسكن أبيشج (1مل3:1). وهي سولم على جانب جبل الدوجي الجنوبي الغربي على بعد ثلاثة أميال من يزرعيل.
كان أليشع النبي يمر على شونم كثيرًا لأنها على طريقه من الكرمل إلى مدن الجليل ومدارس الأنبياء في الجلجال وبيت إيل وغيرها.
وسط الانحلال العام والفساد توجد قله مقدسة للرب مثل هذه المرأة التي يصفها الكتاب المقدس بأنها "عظيمة" [8].
9 فقالت لرجلها قد علمت أنه رجل الله مقدس الذي يمر علينا دائما
10 فلنعمل علية على الحائط صغيرة ونضع له هناك سريرا وخوانا وكرسيا ومنارة حتى إذا جاء الينا يميل اليها
11 وفي ذات يوم جاء إلى هناك ومال إلى العلية واضطجع فيها
12 فقال لجيحزي غلامه ادع هذه الشونمية فدعاها فوقفت امامه
13 فقال له قل لها هوذا قد انزعجت بسببنا كل هذا الانزعاج فماذا يصنع لك هل لك ما يتكلم به إلى الملك اوإلى رئيس الجيش فقالت انما انا ساكنة في وسط شعبي
كان أليشع كريمًا يود أن يرد لكل من يعمل له خيرًا خدمة يحتاج إليها. واضح من حديثه أن الملك مع كونه شريرًا لكنه هو ورئيس جيشه كانا يعتبران أليشع ويسمعان له.
14 ثم قال فماذا يصنع لها فقال جيحزي أنه ليس لها ابن ورجلها قد شاخ
15 فقال ادعها فدعاها فوقفت في الباب
16 فقال في هذا الميعاد نحوزمان الحياة تحتضنين ابنا فقالت لا يا سيدي رجل الله لا تكذب على جاريتك
17 فحبلت المراة وولدت ابنا في ذلك الميعاد نحوزمان الحياة كما قال لها اليشع
18 وكبر الولد وفي ذات يوم خرج إلى أبيه إلى الحصادين
لا تزال أراضي شونم مخصبة جدًا.
19 وقال لابيه راسي راسي فقال للغلام احمله إلى امه
20 فحمله واتى به إلى امه فجلس على ركبتيها إلى الظهر ومات
21 فصعدت واضجعته على سرير رجل الله واغلقت عليه وخرجت
22 ونادت رجلها وقالت ارسل لي واحدًا من الغلمان واحدى الاتن فاجري إلى رجل الله وارجع
23 فقال لماذا تذهبين إليه اليوم لا راس شهر ولا سبت فقالت سلام
24 وشدت على الاتان وقالت لغلامها سق وسر ولا تتعوق لاجلي في الركوب أن لم أقل لك
25 وانطلقت حتى جاءت إلى رجل الله إلى جبل الكرمل فلما راها رجل الله من بعيد قال لجيحزي غلامه هوذا تلك الشونمية
26 اركض الآن للقائها وقل لها اسلام لك اسلام لزوجك اسلام للولد فقالت سلام
27 فلما جاءت إلى رجل الله إلى الجبل امسكت رجليه فتقدم جيحزي ليدفعها فقال رجل الله دعها لأن نفسها مرة فيها والرب كتم الأمر عني ولم يخبرني
يعلق القديس إكليمنضس الروماني على تصرف جيحزى هذا بأنه هكذا كان طابع الحياة بالنسبة لأليشع، حيث لا يسمح لامرأة غريبة أن يكون لديها دالة أن تمسك بقدميه.
Clement of Rome: Two Epistles Concerning Virginity, 1:15.
28 فقالت هل طلبت ابنا من سيدي الم أقل لا تخدعني
29 فقال لجيحزي اشدد حقويك وخذ عكازي بيدك وانطلق وإذا صادفت أحد فلا تباركه وأن باركك أحد فلا تجبه وضع عكازي على وجه الصبي
طلب أليشع النبي أن يستخدم تلميذه العكاز، ولعله شعر بأن عكازه يحمل قوة كما حملت عصا موسى ورداء إيليا. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و التفاسير الأخرى). لكن الله لم يرد أن يستعمل.
30 فقالت ام الصبي حي هوالرب وحية هي نفسك انني لا اتركك فقام وتبعها
31 وجاز جيحزي قدامهما ووضع العكاز على وجه الصبي فلم يكن صوت ولا مصغ فرجع للقائه واخبره قائلًا لم ينتبه الصبي
32 ودخل اليشع البيت وإذا بالصبي ميت ومضطجع على سريره
33 فدخل واغلق الباب على نفسيهما كليهما وصلى إلى الرب
34 ثم صعد واضطجع فوق الصبي ووضع فمه على فمه وعينيه على عينيه ويديه على يديه وتمدد عليه فسخن جسد الولد
35 ثم عاد وتمشى في البيت تارة إلى هنا وتارة إلى هناك وصعد وتمدد عليه فعطس الصبي سبع مرات ثم فتح الصبي عينيه
العكاز بل استعمل النبي نفسه وأقام الولد استجابة للصلاة بلجاجة.
36 فدعا جيحزي وقال ادع هذه الشونمية فدعاها ولما دخلت إليه قال احملي ابنك
37 فاتت وسقطت على رجليه وسجدت إلى الأرض ثم حملت ابنها وخرجت
في القدر موت
وجه الأنبياء هذه الصرخة لاليشع النبي، فإنه إذ كان جوع وضعوا قثاء بريا أو حنضلا ساما في القدر، ولم يستطيعوا أن يأكلوا. أمر اليشع النبي بوضع قليل من الدقيق في القدر ثم طلب منهم أن يأكلوا، فأكلوا وشبعوا.
ماذا يقدم لنا العالم إلا الموت؟! لذا صارت الحاجة أن يسكب الدقيق في القدر فلا يكون موت بل حياة. هذا الدقيق هو جسد الرب يسوع الذي صار خبز الحياة، من يأكله يتمتع بالحياة الأبدية عوض الموت (يو 6: 53).
38 ورجع اليشع إلى الجلجال وكان جوع في الأرض وكان بنو الانبياء جلوسا امامه فقال لغلامه ضع القدر الكبيرة واسلق سليقة لبني الانبياء
39 وخرج واحد إلى الحقل ليلتقط بقولا فوجد يقطينا بريا فالتقط منه قثاء بريا ملء ثوبه واتى وقطعه في قدر السليقة لأنهم لم يعرفوا
40 وصبوا للقوم لياكلوا وفيما هم ياكلون من السليقة صرخوا وقالوا في القدر موت يا رجل الله ولم يستطيعوا أن ياكلوا
41 فقال هاتوا دقيقا فالقاه في القدر وقال صب للقوم فياكلوا فكانه لم يكن شيء رديء في القدر
ليس في الدقيق ما يضاد السم، لكنه الواسطة التي اختارها كالملح في 20:2.
أظهر بنو الانبياء إيمانهم بالرب ونبيه فأكلوا حسب قوله مما كان قبلًاً سامًا.
إشباع مائة رجل بعشرين رغيفا
لم يكن ممكنا لرجل الله أن يترك الرجال -مهما بلغوا- أن يخرجوا جائعين، فان الله قد أوجد الإنسان وهو ملتزم أن يشبع كل احتياجاته. يهبه أكثر مما يسأل وفوق ما يحتاج.
هذا هو عمل الخادم الحقيقي، بل وكل مسيحي، ألا يمد يده كمحتاج، بل يمدها ليعطى بسخاء فيشبع من هم حوله ويفيض عنهم.
رقم 100 يشير إلى كمال الجماعة، لذا عندما تحدث السيد عن الخروف الضال قال أنه كان لدى الراعي مائة خروف. هكذا كان ما فعله النبي إنما هو دعوى لكل خادم أن يهتم بكل البشرية ليشبعها. وكما يقول القديس بوحنا الذهبي الفم: "أيها الكاهن أنت أب العالم كله".
42 وجاء رجل من بعل شليشة واحضر لرجل الله خبز باكورة عشرين رغيفا من شعير وسويقا في جرابه فقال اعط الشعب لياكلوا
بعل شليشة: ذكرت أرض شليشة في 1صم 4:9، موقعها مجهول، غير أنها كانت قريبة من الجلجال.
خبز باكورة: ربما أحضره الرجل لأنه من الواجبات الدينية أن يقدمه للرب (لا 14:23) فكان ذلك دليلًاً على وجود من يخافون الرب اللذين لم يشاركوا العامة في عبادة البعل.
ظهر كرم الرجل فقدم الخبز في وقت الجوع، وكرم النبي الذي لم يرد أن يحفظ الخبز لنفسه. أما عمل الرب فهو أنه بارك العشرين رغيفٍ ليشبع المئة رجل ويفضل عنهم.
+ ليس بلا هدف يشير يوحنا إليها (الأرغفة في إشباع الجموع) " أرغفة الشعير" (يو 9:6)، وإنما لكي يعلمنا أن نطأ بأقدامنا كبرياء العيش الرغد. هكذا كان نظام الأكل عند الأنبياء أيضًا (1).
القديس يوحنا الذهبي الفم
St. John Chrysostom: Homilies on St. Matthew, hom. 49:1.
43 فقال خادمه ماذا هل اجعل هذا أمام مئة رجل فقال اعط الشعب فياكلوا لانه هكذا قال الرب ياكلون ويفضل عنهم
44 فجعل امامهم فاكلوا وفضل عنهم حسب قول الرب
2مل4
* هذه الأرملة، أي الكنيسة عليها دين ثقيل من الخطايا، ليس دينًا ماديًا. عليها دين ودائنيها أقسى ما يكون، إذ جعلت نفسها خاضعة للشيطان بخطاياها الكثيرة. هكذا بالحقيقة سبفق فأخبرنا النبي: "هوذا من أجل آثامكم قد ُبعتم، ومن أجل ذنوبكم طلقَّت أُمُّكم" إش1:500. لهذا السبب صارت الأرملة مستعبدة لدين ثقيل هكذا. كانت مسبية إذ لم يكن بعد قد جاء الفادي، لكن بعد مجئ المسيح ربنا الفادي الحقيقي افتقد الأرملة، وحررها من كل ديونها. لنرى الآن كيف تحررت هذه الأرملة، كيف تم ذلك إلا بفيض الزيب؟ نفهم بالزيت الرحمة.
لاحظوا يا إخوة إن الزيت قلَّ والدين زاد؛ وإذ زاد الزيت اختفى الدين.. هكذا عند مجئ اليشع الحقيقي، المسيح ربنا، تحررت الأرملة أو الكنيسة من دين الخطية بزيادة الزيت، أي بعطية النعمة والرحمة أو غنى الحب.
الأب قيصريوس أسقف آرل
Sermon 128:1.
* لنأخذ في الاعتبار ما قاله الطوباوى اليشع لها: "استعيرى لنفسك أوعية ككثيرة من جيرانك وأصدقائك، واغلقى بابك وصبى هذا الزيت في آنية جيرانك" (راجع2مل3:4،4.
من هم جيرانها إلاّ الأمم؟ بالرغم من أن هذه الأرملة تشير إلى الكنيسة، لكنها كانت لا تزال أرملة، والجيران الذين استعارت منهم الآنية همم الأمم. قدموا آنية فارغة لكي يستحقوا استلام زيت الرحمة، لأنه قبل الحصول على عطية النعمة كان الأمم معروفين أنهم بلا إيمان ومحبة وأعمال صالحة. أخيرًا، كل الذين ُقدِّموا للكنيسة لنوال العماد المكرم ونالوا المسحة وزيت البركة حتى لا يعودوا بعد أوانٍ فارغة بل مملؤين من اللَّه بكونه هياكله.
الأب قيصريوس أسقف آرل
Sermon 128:2.
* لاحظوا أيها الأحباء الأعزاء أنه طالما كان لدى الأرملة زيتًا في آنيتها لم يكنن ذلك كافيًا لكي تشد دينها. هذا حق يا إخوة. إن أحب إنسان نفسه فقط لا يكفى هذا ولا يعنى دين خطاياه، لكنه عندما يبدأ يسكب زيت الحب على كل أصدقائه وجيرانه، وبالحقيققة على كل بشر، عندئذ يصير قادرُا أن يشبع ويتحرر من كل الديون.
حقا يا إخوة هذه هي طبيعة الحب المقدس والمحبة الصادقة إنها تزيد عندما ُتنفق وبقدر ما تدفع بلآخرين بقدر ما تنمو بفيض وتتكدس في الإنسان..
إن قدمت خبز الحب لمئة إنساٍ يبقى خبز الحب سالمًا بكماله. في الواقع إن كنت تمنحه للعالم لكه لن تفقد منه شيئًا، بالحرى ليس فقط لا ينقص وإنما الربح الذي ناله كل الذين وهبتهم هذا الحب يزداد بالأكثر فيك.
الأب قيصريوس أسقف آرل
Sermon 128:3.
* يلزمنا من جانبنا أن نبحث عن أوانٍ نسكب فيها الزيت، فقد أظهرنا أنه طالما نحن نسكب الزيت على آهرين يكون لنا ما هو أكثر.
البشر هم أواني الحب، إن أردنا أن نحمل فيضًا من زيت الحب يلزمنا أن نحب الأشرار كماا الصالحين، الصالحين لأنهم صالحون والأشرار لكي يصيروا صالحين. حقًا إن زيت الحب له هذه القوة، يجعل الصالحون في حالٍ أفضل، ويرد الأشرار من ظلمة خطاياهم إلى هور الحق.
الأب قيصريوس أسقف آرل
Sermon 128:4.
* حقيقة أن الكتاب المقدس يقول بأن الأرملة صبَّت زيتًا في الأواني والباب مغلق يعنى أن كل واحدٍ يلزم أن يقدم الصدقة وداره مغلق، أي من أجل اللَّه وحده، وليس بطريقة بها يمدحه الناس، وإنما أن يتأهل أن يجد نعمة لدى اللَّه.
إن قدم إنسان صدقة من أجل مديح بشرى يصنعها وبابه مفتوح، إذ هو مفتوح لرؤية كل بشرٍ. على أي الأحوال إن تمم أحد أعمالًا صالحة من أجل الحياة الأبدية وغفران خطايااه، حتى إن مارسها علنًا إنما يمارسها وبابه مغلق، لأنه لا يطلب ما ُيرى أثناء عطائه بل ما لا ُيرى (2كو18:4).
الأب قيصريوس أسقف آرل
Sermon 128:5.
2مل9:4
* كانت المرأة عاقرًا، لكن بصلاة اليشع أنجبت ابنًا. هكذا أييضًا كانت الكنيسة عاقرٍا قبل مجئ المسيح، لكن لما هذه قد أنجبت ابنًا بصلارة اليشع هكذا انجبت الكنيسة الشعب المسيحي عندما جاء اليها المسيح.
على أي الأحوال مات ابن هذه المرأة في غياب اليشع، هكذا مات ابن الكنيسة أي الأمم بالخطية قبل مجئ المسيح. عندما نزل اليشع من الجبل عاد ابن الأرملة إلى الحياة، وعندما نزل المسيح من السماء عاد ابن الكنيسة أي الأمم إلى الحياة.
الأب قيصريوس أسقف آرل
Sermon 128:6.
2مل19:4
* يشير هذا الغلام إلى الطوباوى موسى الذي أرسله اللَّه إلى مصر بعصا، بدون المسيح لم يستطع موسى أن scourge الشعب بالعصا، ولا أن يحررهم أو يحييهم من الخطية الأصلية أو الواقعية. وكما يقول الرسول: "إإذ الناموس لم ُيكمل شيئًا" عب19:7. كان ضروريًا أن الذي أرسل العصا ينزل بنفسه. العصا بدون اليشع لا تنفع شيئًا لأن الصليب بدون المسيح بلا قوة.
الأب قيصريوس أسقف آرل
Sermon 128:7.
انحنى اليشع ليحيى الصبى، واتضع المسيح ليرد العالم الملقى في الخطية.
وضع اليشع عينيه على عيني الصبى، وفمه على فمه ويديه على يديخ. لاحظوا يا إخوة كيف أن رجلًا كامل السن يسحب نفسه ليتناسب مع صبى ُملقى ميتًا، لأن ما فعله اليشع في حالة الصبى حققه المسيح باكامل مع الجنس البشرىكله. انصت إلى قول الرسول: "وضع نفسه وأطاع حتى الموت" فى8:2. جعل نفسه صغيرًا إذ نحن ملقون مائتين، انحنى الطبيب الحنون لأنه بالحق يا إخوة لا يقدر أحد أن يرفع أحدًا ُملقى أرضًا إن رفض أن ينحنى.
الأب قيصريوص أسقف آرل
Sermon 128:8.
* حقيقة عطس الصبي سبع مرات يطهر نعمة الروح القدس السباعية التي منحت للجنس البشرى عند مجيء المسيح ليرده إلى الحياة. خصوص الروح نفسه يقول الرسول: "إن كان أحد ليس له روح المسيح فلا ينتسب للمسيح" (راجع رو9:8).. حقًا بطريقة وضع فمه على أفواههم ونفخ عليهم وأعطى لهم الروح[9].
الأب قيصريوس أسقف آرل
Sermon 128:8.
2مل 34:4
[بالرغم من كونه على هيئة الله تقبل هيئة الإنسان، هكذا نقص حتى نزداد نحن خلاله).
القديس جيروم
Hom. 25 on Ps.97 (98).
من وحي، ملوك 4
+امرأة عظيمة أقامت لنبيك علية،
يصعد إليها وهناك يستريح
هب لي أن أسلمك أعماقي،
فتقيم فيها هيكلا مقدسا لك.
تسكن فيها وتدعوا أصدقاءك السمائيين !
نعم لتقم في داخلي،
ولتحول أعماقي إلى ملكوت مفرح.
+ أنت تنزع عقم نفسي!
تهبني أبناء لك، أتمخض بهم لحسابك !
إن ماتت نفسي الوحيدة،
أو هلكت نفس أخي،
إلى من أذهب إلا إليك؟ !
أنت هو الحياة ! أنت هو القيامة !
أنت محطم الموت ! أنت واهب النصرة !
ليلتصق جسدي بجسدك،
لتتحد نفسي بك !
فمن يرتبط بك يهرب منه الموت،
وتجري إليه الحياة الأبدية !
+التفت حولك الجموع تطلب كلمتك.
اشبعت نفوسها بوصيتك،
وملأت بطونها بالطعام !
ليس من يقترب إليك ويرجع فارغا.
تشبعه وترويه،
يفيض منه ليهب أيضًا آخرين !
لك المجد يا خبز السماء!
لك المجد يا مشبع الجميع !