تفسير الاصحاح السادس عشر من سفر ملوك الأول للقمص تادري يعقوب ملطى
ثورات في مملكة إسرائيل
يروي لنا هذا الأصحاح عن الثورات المستمرَّة في مملكة إسرائيل في فترة زمنيَّة قصيرة. فكانت الاغتيالات تُرتكب لتحتلّ أسرة ملكيَّة شرِّيرة مكان غيرها تتَّسم أيضًا بالشرّ. فبعد أن أباد بعشا بيت يربعام، أباد زُمري بيت بعشا. وحاول عُمري اغتيال زُمري.1. نبوَّة ياهو ضدّ بيت بعشا [1-8].
2. اغتيال زُمري لإيلة [9-14].
3. زُمري يملك لمدَّة أسبوع [15].
4. زُمري ينتحر في قصره حرقًا [16-20].
5. عُمري يبني السامرة [21-27].
6. آخاب عابد البعل [28-34].
1. نبوَّة ياهو ضدّ بيت بعشا :
أقام بعشا من بيته أسرة ملكيَّة، فقد كان نشيطًا، رجلاً محنَّكًا في السياسة وجريئًا، لكنَّه كان عابد وثن فبدَّد بيته بشرِّه. حذَّره الرب بواسطة ياهو بن حناني لعلَّه يرجع عن شرِّه فيحيا، وقد سبق فأرسل الله حناني إلى آسا ملك يهوذا."وكان كلام الرب إلى ياهو بن حناني على بعشا قائلاً:
من أجل إنِّي قد رفعتك من التراب وجعلتك رئيسًا على شعبي إسرائيل،
فسرتَ في طريق يربعام،
وجعلتَ شعبي إسرائيل يخطئون ويغيظونني بخطاياهم.
هانذا أنزع نسل بعشا ونسل بيته
وأجعل بيتك كبيت يربعام بن نباط.
فمن مات لبعشا في المدينة تأكله الكلاب،
ومن مات له في الحقل تأكله طيور السماء" [1-4].
وبَّخ حناني آسا الملك لأنَّه استند على أرام في حربه مع يربعام (2 أي 16: 7)، وجاء ابنه ياهو الشاب يبعثه الله إلى بعشا الملك ليقدِّم له رسالة جريئة وخطيرة، يعلن فيها عن دمار بيت بعشا بصورة مخزية للغاية. وبعد أربعين سنة أرسله أيضًا إلى يهوشافاط ليوبِّخه لأنَّه اتَّحد مع آخاب (2 أي 19: 2-3). يبدو أنَّه كان ساكنًا في أورشليم.
جاءت رسالة ياهو لبعشا مطابقة لرسالة أخيّا النبي للملك يربعام التي بعثها إليه بواسطة زوجته عندما مرض ابنهما أبيَّا (14: 11).
قبلما يعلن الله عن تأديبه للشرِّير يكشف عن عمله الإلهي وإحساناته عليه، يذكِّره كيف أقامه من التراب إلى العرش. بعد ذلك يكشف له مدى الجرم الذي سقط فيه، وكأنَّه يقابل إحسانات الله بالشرّ العظيم.
هذه هي حيثيَّات الحكم بتأديب الشرِّير، التي يقدِّمها الله لا ليبرِّر تأديبه الذي يبدو قاسيًا، وإنَّما لكي يعطي للشرِّير فرصة لمراجعة نفسه والعودة إلى الله بالتوبة.
يبدو التأديب قاسيًا، لكن إذ نرجع إلى جحود بعشا المُرّ لإحسانات الله الفائقة، ليس فقط بارتكابه الشرّ وإنَّما بدفعه شعب الله أن يخطئ ندرك سرّ تأديبه. حقًا إن خطيَّة القائد أو الراعي تستوجب تأديبًا أمرّ وأقسى، لأنَّه يقود اخوته معه إلى الشرّ.
كان بعشا هو أداة تأديب لبيت يربعام الشرِّير، لكنَّه سلك في نفس طريق بعشا ولم يتَّعظ، فبعث إليه الرب بمن يؤدِّبه هو أيضًا.
سمح الله بتأجيل تأديب بعشا إلى ما بعد موته بان يُنزع نسله من العرش الملكي، وسمح بتأديب نسله بعد موتهم بأن تأكل الكلاب والطيور الجارحة جثثهم، لماذا؟ لكي يفكِّر الأشرار لا فيما يحلّ بهم من تأديب وهم على قيد الحياة بل في العقوبة الأبديَّة التي تحلّ بهم بعد موتهم، فيخافون ذاك الذي بعدما يقتل الجسد له سلطان أن يلقي في نار جهنَّم.
غالبًا ما يتقسَّى القلب، فلا يبالي بأيَّة تأديبات تحلّ به شخصيًا، لكنَّه من الصعب جدًا أن يرى أن ما يفعله من شرور تسبِّب مرارة لأبنائه وأحفاده. لهذا كثيرًا ما يهدِّد الله الأشرار بالثمار المُرَّة التي يجتنيها أولادهم. هذا لا يعني أن الأبناء والأحفاد يعاقبون على خطايا لم يرتكبوها هم، إنَّما تحلّ التأديبات بالنسل الذي يكمل كأس الآباء الشرِّير.
"وبقيَّة أمور بعشا وما عمل وجبروته
أمَّا هي مكتوبة في سفر أخبار الأيَّام لملوك إسرائيل.
واضطجع بعشا مع آبائه ودفن في ترصة،
وملك إيلة ابنه عوضًا عنه.
وأيضًا عن يد ياهو بن حناني النبي،
كان كلام الرب على بعشا وعلى بيته،
وعلى كل الشرّ الذي عمله في عينيّ الرب،
بإغاظته إيَّاه بعمل يديه وكونه كبيت يربعام ولأجل قتله إيَّاه" [5-7].
لا نعرف الكثير عن ياهو النبي سوى أن ظهر فجأة ليُعلن تأديب الرب لبعشا، وبعد أربعين سنه ذهب ليهوشافاط ويسجل لنا حياة يهوشافاط. لا نعرف شيئًا عن عمله النبوي وحياته طوال عمره. له موقفان استغرقا ربَّما دقائق بسيطة لكنَّهما دقائق تقدَّر بكل سنوات عمره.
من يمارس العمل الإلهي، ويعلن الإرادة الإلهيَّة يصبغ على عمره مِسحة خاصة تقدر بسنوات لا تُحصى. وكأنَّ عمر الإنسان لا يقدَّر بالسنوات التي يعيشها على الأرض، بل بالعمل الذي يقوم به بروح الرب.
وكما يقول العلامة أوريجينوس: [إنَّنا سنفاجأ في يوم الرب العظيم أن كثير من الأطفال يظهرون كشيوخٍ، بينما كثير من الشيوخ يظهرون كأطفالٍ صغارٍ. ما قام به الجنين يوحنا المعمدان في بطن أمِّه اليصابات في دقائق تقدَّر بسنوات كثيرة، وأيضًا الشهور القليلة التي خدمها ليُهيِّئ الطريق للرب لا يمكن لإنسان أن يقدِّرها. بينما في أيَّامه قضى كثير من قادة اليهود عشرات السنوات يدرسون الكتاب المقدَّس ويعلِّمون ويقودون الشعب في العبادة، وحُسبت هذه السنوات كلا شيء].
"وفي السنة السادسة والعشرين لآسا ملك يهوذا ملَكَ إيلة بن بعشا على إسرائيل في ترصة سنتين" [8].
2. اغتيال زُمري لإيلة :
"ففتن عليه عبده زُمري رئيس نصف المركبات،وهو في ترصة يشرب ويسكر في بيت أرصا الذي على البيت في ترصة" [9].
تعبير "رئيس نصف المركبات" يعني أنَّه أحد قادة الجيش كرئيس مشارك للمركبات العسكريَّة.
اُغتيل ناداب وهو في حقل العمل، حيث كان هو وجيشه يحاصرون جبثون (1 مل 15: 27)، فكان حتى في اغتياله مكرَّمًا. أمَّا إيله فكان رجل الملذَّات اُغتيل في قصره وهو يشرب ويسكر!
يقدِّم لنا الكتاب المقدَّس أمثلة كثيرة ليكشف عن الهلاك الذي يقدِّمه الُسُكر للإنسان المحبّ لذاته. ففي سكره أُغتيل إيله، واِغتال أبشالوم أخاه آمنون في سكره (2 صم 13: 28)، وسقط لوط في الخطيَّة المشينة مع ابنتيه (تك 19: 30-38)، وسقطت الإمبراطوريَّة البابليَّة بسكر بيلشاصَّر (دا 5).
حينما يباغت الموت إنسانًا ساهرًا ومخلصًا في عمله وحياته مع الرب يكون الموت هبة وعطيَّة مفرحة، وعبورًا به إلى الحياة الجديدة، أمَّا من يباغته الموت وهو في سكر وملذَّات، في لحظات الخطيَّة فيكون الموت كلصٍ يسلبه الحياة الأبديَّة (لو 21: 34).
قيل عن أرصا "الذي على البيت" أي الوكيل steward، وهو تعبير يكشف عن منصب غاية في الأهميَّة. فكان سليمان يقدِّم هذا المنصب للأمراء. وفي فارس كان الوكيل على القصر يقوم بالحكم في حالة غياب الملك، أيّ أشبه بنائب للملك.
"فدخل زُمري وضربه فقتله في السنة السابعة والعشرين لآسا ملك يهوذا وملك عوضًا عنه.
وعند تملُّكه وجلوسه على كرسيه ضرب كل بيت بعشا،
لم يبقَ له بائلاً بحائط مع أوليائه وأصحابه" [10-11].
أرسل الله ياهو الرائي إلى بعشا، لكن بعشا لم يبالِ بكلمات الرب على فمه. مسكين هو الإنسان الذي لا يتجاوب مع كلمة الرب المرسلة إليه بطريق أو آخر. فلكل إنسان على الأرض يبعث الله إليه ياهو الداخلي، أي ناموس الطبيعة، أو ياهو الخارجي خلال الأحداث والآخرين لعلَّه يتمتَّع بالشركة مع الله والتجاوب مع إرادته عِوض الانحراف عنه والهرب منه.
"لم يبقَ له بائلاً بحائط مع أوليائه وأصحابه" [11]، كل أقربائه وأصدقائه، وقد جاء التعبير "أولياء" يعني كل من له الحق أن ينتقم لموته. لقد ظنَّ زُمري أنَّه لم يعد يوجد من ينتقم لدم سيِّده إيله. إذ لم يترك له قريب ينتقم لدمه ولا صديق. لكن العدالة الإلهيَّة لحقت به، فنسمع ياهو بعد زمنٍ طويلٍ يردِّد مثلاً صار دارجًا: "أسلام لزُمري قاتل سيِّده؟" (2 مل 9: 31). أراد زُمري أن يمسح كل ذكرى لبيت بعشا فقتل حتى أصدقاءهم. جاء المثل اليهودي في هذا الشأن أنَّه يقتل حتى خامس جار حتى تُزال كل ذكرى للشخص من على وجه الأرض.
كثيرون يتجاهلون العدالة الإلهيَّة، فيظنُّون إنَّهم بسلطانهم أو أموالهم أو مراكزهم يفعلون ما يريدون وليس من رقيبٍ. لكن يبقى الصوت الإلهي: "كما فعلت يُفعل بك" (عو 15).
يظنّ البعض أن الزمن كفيل أن يغطِّي على الخطأ أو الشرّ، لكنَّه حتمًا يشرب الإنسان من الكأس التي ملأها لاخوته، مادام لم يتب عما فعله.
في كل يوم نتلمَّس يد الله العجيبة، فقد يلقي الإنسان خبزه على وجه المياه ويظن أنَّه قد فُقد، لكنَّه في الوقت المناسب يرجع إليه كقول سليمان الحكيم: "ارم خبزك على وجه المياه فإنَّك تجده بعد أيَّام كثيرة" (جا 1: 11).
"فأفنى زُمري كل بيت بعشا حسب كلام الرب الذي تكلَّم به على بعشا عن يد ياهو النبي" [12].
لقد تنبَّأ أخيّا عن إبادة بيت يربعام، وسمح الله لبعشا أن يكون عصا التأديب له، ومع هذا فإنَّه إذ فعل ذلك بروح الوحشيَّة صار مسئولاً عن تصرُّفاته البشعة. لم يصدر له الرب أمرًا بإبادة بيت يربعام، ولا قام يربعام بذلك بدافع إصلاحي، لكن بروح الجريمة، لهذا صار ذلك خطيَّة يُعاقب عليها.
"لأجل كل خطايا بعشا وخطايا إيلة ابنه التي أخطأ بها،
وجعلا إسرائيل يخطئ لإغاظة الرب إله إسرائيل بأباطيلهم.
وبقيَّة أمور إيلة وكل ما فعل أمَّا هي مكتوبة في سفر أخبار الأيَّام لملوك إسرائيل" [13-14].
3. زُمري يملك لمدَّة أسبوع :
"في السنة السابعة والعشرين لآسا ملك يهوذا ملك زُمري سبعة أيَّام في ترصة،وكان الشعب نازلاً على جبثون التي للفلسطينيِّين" [15].
باغتيال إيلة ظهرت الأسرة الملكيَّة الثالثة لإسرائيل التي لم تستمر أكثر من أسبوع لتحتل الأسرة الرابعة العرش.
صار عرش إسرائيل مسرحًا خطيرًا لأشرار، كل منهم يظن أنَّه يرتفع ولن يصيبه شرّ. يظنّ أنَّه بقوَّته واقتداره يحكم ويملك دون أن يتَّعظ من الملوك الأشرار السابقين له، وفيما هو يرتفع إذا به يُطرح أرضا فيتدمَّر هو وأهل بيته. قدَّم الله لهم العرش كهبة من قبله، لكنَّهم بشرِّهم حوّلوا العطيَّة الإلهيَّة إلى علَّة تدمير لهم.
يظنّ الكثيرون أن الأشرار أقوياء وأكثر دوامًا، لكنَّهم كما يقول القدِّيس أمبروسيوس: [إنَّهم كالظل سرعان ما يختفون. يعبر الزمن سريعًا وتتحطَّم قوى الأشرار ويزال سلطانهم]. أو كما يقول داود النبي إنَّهم كحلم يستيقظ المؤمنون فلا يرون وجودًا للأشرار.
+ من ثم، فإن أناسًا من هذا القبيل يُطرحون وهم يرتفعون. فما ينالونه ليس إحسانًا، بقدر ما هو مصيبة، حينما لا يثبتون في التمتُّع بالهبة لمدَّة طويلة الأمد، يُزال العذر الناجم عن الفشل. لأنَّه أيَّة شكوى تحمل ثقلاً أعظم من تلك الشكوى الإلهيَّة، التي تجدونها في سفر النبي ميخا "يا شعبي ماذا صنعتُ بك، أو هل أحزنتك أو هل أضجرتك؟ أجبني.
ألم أُصعدك من أرض مصر وخلَّصتك من بيت العبوديَّة؟" (مي 6: 3-4 LXX). انظروا كيف ينطرح الأشرار وهم يرتفعون، وكيف تكف شكواهم ويتراكم عقابهم! وإذ تفيض عليهم الانعامات السماويَّة، كان ينبغي عليهم ألاَّ يهجروا معطي الرجاء وطمأنينة الحياة بل بالأحرى يطيعونه.
ولكن كما أن عدل الله عظيم، هكذا أيضًا انتقامه صارم. لأن الشرِّير دائم التمسُّك بشرِّه، وبخصوصه تجدون مكتوب في نص أخر أيضًا: "قد رأيت الشرِّير عاتيًا عاليًا فوق أرز لبنان، وعبرت ونظرت، فإذا هو ليس بموجود، والتمسته فلم يوجد" (مز 37: 35-36).
إن سرعة فنائه تفوق الظنّ! فجأة ترى شرِّيرا قويًا في هذه الحياة، وإذ تعبر به سرعان ما يختفي عن الوجود. كم يظهر الظلّ كأنَّه دائم علي الأرض مع أنَّه يستمر لبرهةً محدودة! انقلوا خُطاكم وسرعان ما يزول الظل، وإن كان ثمَّة اضطراب هنا، ارفعوا خطى أرواحكم إلى الأشياء العتيدة، وسوف تكتشفون أن الشرِّير الذي اعتقدتم أنَّه هنا لن يكون هناك، لأن من هو "لا شيء" غير موجود.
حقًا و"الرب يعرف خاصته" (2 تي 2: 19)، لكنَّه لا يتعرَّف علي الذين هم غير موجودين؛ لأنَّهم لم يعرفوا ذاك الذي هو كائن (خر 3: 14)[1].
v لهذا، فبالنسبة للأخير يقول داود أيضًا: "كفوا عن الوجود وفنوا بإثمهم، كحلم من يتيقَّظ" (مز 73: 19-20). وهذا يعني: توقَّف الأشرار عن الوجود، واختفوا كحلم يضمحل بمجرَّد استيقاظ الإنسان من النوم، لأنَّهم في ظلمةً، وفي الظلمة يمشون" (مز 82: 5). ولا يتبقَّى أثر من عملهم الصالح، بل يشبهون من يري حلمًا. والمرء حينما يحلم في الليل، والليل في الظلام، وبنو الظلمة محرومون من شمس البر (مل 3: 20، 4: 2)، ومن سماء الفضيلة، لأنَّهم ينامون دائمًا ولا يسهرون.
وقيل عنهم حقًا "ناموا سنتهم (نومهم) ولم يجدوا شيئًا" (مز 76: 5)، لأنَّهم حقًا حينما تنفصل نفوسهم عن أجسادهم، ويتحرَّرون حقًا من نوم الجسد، لا يجدون شيئًا، ولا يملكون شيئًا. إنَّهم يفقدون ما ظنُّوا إنَّهم يملكونه. لأنَّه حتى إن اكتظَّ الأحمق الغبي بالثروات، فإنَّه يتركها لغرباء، ولا يهبط مجد بيته معه إلى الهاويَّة! (مز 49: 17)[2].
القدِّيس أمبروسيوس
4. زُمري ينتحر في قصره حرقًا :
"فسمع الشعب النازلون من يقول:قد فتن زُمري وقتل أيضًا الملك.
فملَّك كل إسرائيل عُمري رئيس الجيش على إسرائيل في ذلك اليوم في المحلة.
وصعد عُمري وكل إسرائيل معه من جبثون وحاصروا ترصة.
ولما رأى زُمري أن المدينة قد أُخذت،
دخل إلى قصر بيت الملك،
وأحرق على نفسه بيت الملك بالنار فمات" [16-18].
إذ اغتال زُمري إيلة أراد رجال الجيش، ربَّما بتحريض من عُمري رئيس الجيش، أن ينتقموا منه، لذلك صعدوا بعد محاصرتهم لجبثون، وحاصروا العاصمة، فانتحر زُمري حرقًا بالنار. ولعلَّه استطاع بعض الفلسطينيِّين أن يحثُّوا الجيش الإسرائيلي على ذلك حتى يحدث انشقاقًا في إسرائيل.
لم تكن ترصة مدينة محصَّنة، إنَّما كانت مدينة جميلة يُقام فيها القصر الملكي. لم يكن أمام الملك مفر، فالجيش الذي كان يرجو أن يكون حارسًا له من الأعداء صار هو نفسه ضدًّا له. وقد قام بحرق القصر وهو في داخله. حرق القصر لكي لا يستخدمه من يغتاله، ومن جهة أخرى خشي أن يُشهِّر به مغتاله إن أُمسك به حيّا أو ميِّتًا، لذلك فضّل أن يحترق جثمانه مع القصر عن أن يُشهَّر بالجثمان في عارٍ وخزي.
لم يحرق كل القصور بل "بيت الملك" حيث العرش والمباني الخاصة بالعمل الملكي وليس "بيت الحريم".
هكذا تفعل بنا الخطيَّة حين نسكن وسط اللهو، ولا نهتم بالحصانة الإلهيَّة، تتحوَّل الطاقات التي لخدمتنا إلى عدوّ يحطِّم أعماقنا. نفقد حياتنا الداخليَّة، وتصير الحياة أشبه بلهيب نارٍ قاتل.
لم يفكِّر الجيش ولا الشعب في الانتقام من بعشة حين اغتال كل بيت يربعام وقتل ناداب الملك، ربَّما لأنَّه كان الشعب مع الجيش في حالة ضجر من يربعام وبيته بسبب عنف الأسرة المالكة واستقلالهم لمراكزهم، فكانوا يميلون إلى الخلاص منهم.
يقول سليمان الحكيم: "لمعصية أرض تكثر رؤساءها" (أم 28: 2). لقد صارع زُمري وعُمري وتبني من أجل نوال العرش، فانتحر زُمري في قصره إذ أشعل في نفسه النار، ومات تبني بطريقة غامضة، واستلم عُمري العرش سالكًا في طريق يربعام الشرِّير.
لم يبقَ زُمري على العرش سوى سبعة أيَّام واضطر أن يحرق نفسه وقصره، وكان ذلك ثمرة لإصراره أن يسلك في ذات طريق يربعام وحثه في مدَّة قصيرة الشعب على السلوك في الشرّ، فجاءت الثمرة للشرّ سريعة للغاية. فمع طول أناة الله العجيبة حتى على الأشرار يسمح أحيانًا أن يشرب البعض من الكأس التي ملئوها سريعًا ليكونوا عبرة لغيرهم، فلا يسيء أحد استغلال طول أناة الله. وكما يقول بولس الرسول: "أم تستهين بغنى لطفه وإمهاله وطول أناته، غير عالمٍ أن لطف الله إنَّما يقتادك إلى التوبة، ولكنَّك من أجل قساوتك وقلبك غير التائب تذخر لنفسك غضبًا في يوم الغضب واستعلان دينونة الله العادلة" (رو 2: 4-5).
"من أجل خطاياه التي أخطأ بها بعمله الشرّ في عينيّ الرب،
وسيره في طريق يربعام،
ومن أجل خطيَّته التي عمل بجعله إسرائيل يخطئ.
وبقيَّة أمور زُمري وفتنته التي فتنها أمَّا هي مكتوبة في سفر أخبار الأيَّام لملوك إسرائيل.
حينئذ انقسم شعب إسرائيل نصفين،
فنصف الشعب كان وراء تبني بن جينة لتمليكه،
ونصفه وراء عُمري" [19-21].
انقسم الشعب إلى فريقين، واحد يناصر عُمري الذي ثار ضدّ زُمري، والثاني يناصر تبني غالبًا ما كان هذا الفريق هو الذي يناصر زُمري، وفي ثورة داخليَّة ضدّ تحرُّك عُمري وإثارته للجيش ضدّ زُمري. استمر هذا الانقسام ربَّما إلى أربع سنوات، ولعلَّه سبب سفكًا لدماء كثيرة من الجانبين. مات في معركة أهليَّة أو اغتاله عُمري أو أحد من أتباعه ليفسح الطريق تمامًا له.
يرى يوسيفوس[3] أن خصمه هو الذي قتله.
ربَّما يتساءل البعض: وسط هذه الصورة البشعة من الاغتيالات المستمرَّة والانقسامات لماذا لم يفكِّر إسرائيل في العودة إلى بيت داود، والاتِّحاد مع يهوذا؟
كان الملوك والقادة يثيرون في الأجيال الجديدة روح الانقسام بدعوى أن ملوك يهوذا متسلِّطون ويملكون بروح الغطرسة، مقدِّمين رحبعام مثلاًً عمليًا لذلك. هذا وإن العيِّنات التقيَّة المُحبَّة لعبادة الله من المملكة الشماليَّة كانت قليلة وقد تسلَّلت وهربت إلى يهوذا. فلم يكن لدى الشعب استعدادًا أن يترك اللهو والزنا والرجاسات الوثنيَّة، حتى إن كان ثمرة هذا دمارًا للمملكة وسفك دماء مستمرَّة وانقسامات حتى بين الجيش والشعب.
5. عُمري يبني السامرة :
"وقويَ الشعب الذي وراء عُمري على الشعب الذي وراء تبني بن جينة،
فمات تبني وملك عُمري.
في السنة الواحدة والثلاثين لآسا ملك يهوذا ملك عُمري على إسرائيل اثنتي عشرة سنة،
ملك في ترصة ستّ سنين.
واشترى جبل السامرة من شامر بوزنتين من الفضَّة،
وبنى على الجبل،
ودعا اسم المدينة التي بناها باسم شامر صاحب جبل السامرة" [22-24].
يرى البعض أن الجيش كان وراء قائده عُمري، بينما كان الشعب ملتصقًا بتبني، غير أن النصرة تحقَّقت للجيش.
نقل عُمري العاصمة التي فيها حَرق زُمري نفسه مع القصر الملكي واشترى جبل السامرة ليقيمها عاصمة لإسرائيل. اشتراها بثمن بخس من شامر، وذلك ربَّما لأن الملك وعده بأن يدعو المدينة باسمه شاميرين Shemeren (بالعبريَّة) وهي من شامر. وإن كان البعض يرون أن وزنتين من الفضَّة قيمتهما حوالي 700 جنيها إسترلينيًا يُحسب مبلغًا كبيرًا بالنسبة لشراء جبلٍ كهذا.
لم يكن ممكنًا لمملكة إسرائيل المنشقَّة والتي أعطت ظهرها لله أن تستقر. كانت العاصمة في أيَّام يربعام هي شكيم ثم ترصة، فالسامرة، أمَّا مملكة يهوذا فعاصمتها هي مدينة الله "أورشليم". هكذا النفس التي تعطي ظهرها لله لن تستقر قط، أمَّا التي ترتبط فيه فتجد راحتها في أورشليم العليا، المدينة التي صانعها هو الرب.
نال عُمري شهرة ببنائه السامرة وشجاعته ونصراته ومات على سريره ليُدفن مع آبائه، لكنَّه بشرِّه ترك ميراثًا من الشرور لنسله ليحطِّم كل بيته ونسله. أنَّه مثل يربعام وبعشا هكذا عُمري. الكل أشرار ماتوا ودفنوا، لكن بيوتهم لم تبقَ بل دمَّرها الشرّ الذي ارتكبوه وتلقفته أيادي نسلهم.
وجد على لوح أثري في خرائب نينوى نقش عن مدينة السامرة تدعى فيها "بيت عُمري Beth-Khumri[4].
في أيَّام تغلث فلاسر دُعيت Sammirim، وعند إعادة بنائها دعاها هيرودس سبسطيَّة Sebustiyeh، ثم دعيت فيما بعد Sebaste.
من الجانب السياسي تعتبر السامرة في مركزٍ أفضل من شكيم، وربَّما أفضل من ترصة. ومن الجانب العسكري فهي محصَّنة. ومن الجانب الاقتصادي فالمدينة يحوط بها ينابيع مياه كثيرة، على خلاف شكيم وترصة حيث كانتا جافتين ومهجورتين.
"وعمل عُمري الشرّ في عينيّ الرب،
وأساء أكثر من جميع الذين قبله" [25].
هذا يذكِّرنا بما كان يحدث فيما بعد في الدولة الرومانيَّة حينما كان الجيش يسمع بأن الملك قد اُغتيل في الحال يقوم الجيش بتقديم الثوب الأرجواني للقائد العام للجيش.
استلم عُمري المُلك بعد صراع طويل مع تبني، لكنَّه إذ استقر في العاصمة الجديدة التي من عمله قاوم الحق وصنع الشرّ أكثر من سابقيه. صار هو وابنه آخاب مثلين خطيرين للشرّ. جاء صوت الرب للشرِّير: "وتحفظ فرائض عُمري وجميع أعمال بيت آخاب، وتسلكون بمشوراتهم لكي أسلك للخراب وسكَّانها للصفير، فتحملون عار شعبي" (مي 6: 16).
حثّ يربعام الشعب على الوثنيَّة وأغراهم بإقامة مركزين للعبادة والعجلين الذهبيِّين؛ أمَّا عُمري فاستخدم العنف ملزمًا إيَّاهم عليها.
"وسار في جميع طريق يربعام بن نباط،
وفي خطيَّته التي جعل بها إسرائيل يخطئ،
لإغاظة الرب إله إسرائيل بأباطيلهم" [26].
يدعو العبرانيُّون الأوثان "أباطيل" أو "فراغًا" أو "عدمًا". من يلتصق بهم يصير باطلاً معهم، كما من يلتصق بالله الحق يصير حقًا.
فمن يعبد الرب بالحق يصير شريكًا في الطبيعة الإلهيَّة (2 بط 1: 3-4) باتِّحاده معه. ومن يعبد الباطل يُشارك الباطل طبيعته الباطلة باتِّحاده معه. فالعبادة ليست روتينًا يُمارسه الجسد، بل هي بالحق اتِّحاد الإنسان بكل كيانه مع المعبود ليصير واحدًا معه، يشاركه طبيعته وأمجاده أو عاره (للأوثان)، أبديته أو دماره الأبدي (كعبادة الشيطان).
لا نعجب إن رأينا في العصر الحديث وقد انتشرت عبادة الشيطان علانيَّة في الغرب وتسلَّلت إلى الشرق أن المتعبِّدين له صاروا يحملون الكثير من سماته، خاصة التجديف على الله ومقاومة الكلمة الإلهيَّة، واستخدام العنف، وكل شذوذ، وكسر حتى للناموس الطبيعي. يمكننا بحق القول بأنَّهم صاروا سفراء إبليس الحاملين سماته، ليحقِّقوا غايته من نشر الكذب الباطل والفساد وبعث روح الضلال وسفك الدماء.
"وبقيَّة أمور عُمري التي عمل وجبروته الذي أبدى
أمَا هي مكتوبة في سفر أخبار الأيَّام لملوك إسرائيل" [27].
6. آخاب عابد البعل
"واضطجع عُمري مع آبائه ودفن في السامرة،وملك آخاب ابنه عوضًا عنه" [28].
ملك عُمري لمدَّة حوالي 12 عامًا، أربعة أعوام في صراع مع تبني وحوالي ثمانية أعوام أو أقل منفردًا بعد موت تبني. قضى الأربعة أعوام الأولى في ترصة ثم عامين بعد موت تبني حتى بنى العاصمة الجديدة (السامرة) وانتقل إليها، حيث قضى حوالي ستّ سنوات فيها.
في السنة 27 من ملك آسا أقامه الجيش ملكًا.
في السنة 31 من ملك آسا (بعد 4 سنوات) انفرد بالحكم بعد موت تبني.
في السنة 32/33 من ملك آسا صارت السامرة عاصمته (بعد سنتين من الحكم).
في السنة 28 من ملك آسا مات واحتل ابنه آخاب العرش.
"وآخاب بن عُمري ملك على إسرائيل في السنة الثامنة والثلاثين لآسا ملك يهوذا.
وملك آخاب بن عُمري على إسرائيل في السامرة اثنتين وعشرين سنة.
وعمل آخاب بن عُمري الشرّ في عينيّ الرب أكثر من جميع الذين قبله" [29-30].
كان والده قد صنع الشرّ وأساء أكثر من جميع الذين قبله حيث أصدر منشورًا يُلزم الشعب أن يعبدوا الأوثان، الأمر الذي لم يسبق له مثيل، حيث كان الملوك يُغرون الشعب بكل وسيلة دون إصدار قوانين ملزمة. أمَّا آخاب فبزواجه إيزابل فاق والده في الشرّ، إذ لم يقف الأمر عند إلزامه الشعب للعبادة الوثنيَّة، وإنَّما قتل الأنبياء وهدم مذابح الرب، وصارت الحرب علنيَّة ضدّ كل ما يمس الرب (1 مل 18: 4). لم تعد عبادة العجلين عبادة رمزيَّة لله الحيّ، بل صارت عبادة موجَّهة للأوثان علنيَّة.
"وكأنَّه كان أمرًا زهيدًا سلوكه في خطايا يربعام بن نباط،
حتى اتَّخذ إيزابل ابنة إثبعل ملك الصيدونيِّين امرأة،
وسار وعبد البعل وسجد له" [31].
إثبعل Eth-baal، ترتبط بالـ Ithobalus of Menandrt الذي ملك في صور، وربَّما على كل فينيقيَّة بعد موت حيرام بحوالي 50 عامًا. كلمة "إثبعل" تعني "معه البعل"، وكان كاهنًا على معبد عشتارت العظيم في صور. عندما بلغ السادسة والثلاثين اغتال فيليس Pheles أو Philetes ملك صور، واغتصب عرشه. بقي ملكًا لمدَّة 32 عامًا وأسس أسرة ملكيَّة دامت على الأقل 62 عامًا.
كرَّست ابنته إيزابل كل طاقاتها لنشر عبادة البعل في إسرائيل وإزالة كل أثر لعبادة الله الحيّ، حتى صار اسمها رمزًا لكل فساد (رؤ 22: 24).
بلاشك كان هذا الزواج يحمل مسحة سياسيَّة. فتزوَّج آخاب ابنة ملك صور كنوعٍ من معاهدة السلام بين إسرائيل وصيدون، كما سبق ففعل سليمان من قبل وتزوَّج كثيرات لإقامة علاقات ودّ مع الدول المجاورة. ظنَّت إيزابل كابنة كاهن البعل أنَّها تقدِّم خدمة بنشر عبادة البعل بكل سلطان، وأن تقتل أنبياء الله وتحطَّم المذابح، لكن لم يكن لآخاب ما يبرِّره بأن يطلق العنان لزوجته تفعل ما تشاء في حياة الشعب، وأن يبني هيكلاً للبعل ويثبِّت عبادة العشتاروت، فينوس الصيدونيَّة.
"وأقام مذبحًا للبعل في بيت البعل الذي بناه في السامرة" [32].
بنى مذبحًا للبعل في العاصمة، حتى صارت العاصمة أحد مراكز عبادة البعل الرئيسيَّة، فكان الشعب يعبد البعل وزوجته عشتاروت. كانت الذبائح مستمرَّة والنيران لم تُطفأ قط، يعمل الكهنة وهم حفاة، يرقصون ويُقبِّلون الصنم (1 مل 19: 18) كجزء رئيسي من العبادة.
"وعمل آخاب سواري،
وزاد آخاب في العمل لإغاظة الرب إله إسرائيل أكثر من جميع ملوك إسرائيل الذين كانوا قبله.
في أيَّامه بنى حيئيل البيتئيلي أريحا بأبيرام بِكرِه وضع أساسها،
وبسجوب صغيره نصب أبوابها.
"حسب كلام الرب الذي تكلَّم به عن يد يشوع بن نون" [33-34].
لعن يشوع بن نون من يقوم ببناء أريحا (يش 6: 26). هذه النبوَّة كانت منذ حوالي خمسة قرون قبل حدوثها.
ماذا يعني أنَّه بناها: ببِكرِه وضع أساسها، وبصغيره نصب أبوابها؟ الرأي الأول: أن بحكم إلهي إذ حلّت اللعنة على الأسرة مات الابن البكر – رجاء الأسرة – عند بدء وضع الأساسات، ومات اخوته الواحد تلو الآخر حتى مات أصغرهم عند نصب أبواب المدينة.
الرأي الثاني: أن هذا النص يُشير إلى أن بناء المدينة استغرق وقتًا طويلاً جدًا. فقد بدأ وضع الأساسات عند ميلاد الابن البكر واستمر البناء حتى نصبت الأبواب عند ميلاد أصغر طفل. بمعنى آخر سمح الله بمعطِّلات كثيرة حتى يكف حيئيل عن البناء فلا تحلّ به اللعنة. لكنَّه صمَّم على البناء بالرغم من العقبات، فاستغرق البناء كل هذا الوقت.
الرأي الثالث: أن حيئيل عند بنائه للمدينة كرَّس أساسها بتقديم بِكرِه ذبيحة لكي تساعده الآلهة الوثنيَّة على هذا العمل. وذبح أصغر ابن له عند نصب الأبواب كذبيحة شكر للآلهة التي ساعدته على البناء. هذا الرأي الأخير أخذ به الكلدانيُّون.
لقد حلَّت اللعنة على أريحا إلى يومنا هذا، فلم تُمح من الوجود، بل بقيت قرية صغيرة جدًا بها حوالي 30 بيتًا صغيرًا، لم يوجد أي آثار ثمينة في موقعها تكشف عن مجدها السابق.
ورَدَ هذا الأمر كعيِّنة من الشرّ الذي ساد الشعب، ورغبة الكل في العصيان وعدم المبالاة حتى باللعنة التي أعلنها يشوع بن نون.
من وحي 1 مل 16
من ينزع فسادي عنِّي غيرك؟
+ تبقى ثورات مملكة إسرائيل أمام عينيّ.
انقسموا، وتركوا أورشليم مدينتك المقدَّسة.
تركوا هيكلك، وأقاموا لهم عجلين ذهبيِّين.
نجَّسوا حياتهم بالوثنيَّة.
ياهو يغتال بيت بعشا،
وزُمري يغتال أيلة.
وزُمري ينتحر في قصره فيملك عُمري.
وعُمري يقدِّم ابنه أشرّ ملوك إسرائيل.
+ اجتذبني إليك، فلا أسلك بروح الانقسام.
احفظني في مدينتك المقدَّسة، كنيسة المسيح التي بلا لوم.
قدِّس عبادتي، فاحفظ شرائعك بالروح والحق.
احفظ وصيَّتك بأمانة فتحفظني فيها.
+ هب لي ألاَّ انحرف مع إسرائيل،
فأعبد الباطل لئلاَّ أصير باطلاً!
لأعبدك أيها الحق الخالد،
أتَّحد بك، فأكون شريكًا في الطبيعة الإلهيَّة،
وشريكًا لك في المجد الأبدي.
+ من ينزع فسادي سواك؟
من يقدِّسني غير روحك القدُّوس؟
من يحفظني غير حضن أبيك؟