تفسير الاصحاح الخامس عشر من سفر ملوك الأول للقمص تادري يعقوب ملطى
إصلاحات آسا
يكشف لنا هذا الأصحاح عن سلوك ملوك يهوذا، إذ لم يكونوا في البداية قد بلغوا شر ملوك إسرائيل.يقدِّم لنا شخصيَّتين من ملوك يهوذا هما أبيام الشرِّير، وكانت أيَّام ملكه قصيرة، وآسا أيَّام ملكه صالحة وطويلة. كما يقدِّم لنا شخصيََّتين من ملوك إسرائيل ناداب بن يربعام وبعشا مبدِّد بيت يربعام، وكلاهما كانا شرِّيرين.
1. أبيام بن رحبعام الشرِّير [1-8].
2. آسا بن يربعام المُصلح [9-15].
3. تحالف آسا مع بنهدد ضد إسرائيل [16-22].
4. مرض آسا وموته [23-24].
5. ناداب بن يربعام الشرِّير [25-28].
6. بعشا يبيد بيت يربعام [29-34].
1. أبيام بن رحبعام الشرِّير :
يقدِّم لنا ملِّخصًا موجزًا لفترة حكم الملك أبيام بن رحبعام القصيرة. هذا الذي سار في خطايا أبيه، لكنَّه وُجد فيه بصيص من النور. من أجل جدُّه داود أعطاه الرب سراجًا في أورشليم أن يملك ابنه آسا. وكان رجلاً صالحًا، بدأ بالإصلاحات لكنَّه سقط في بعض ضعفات خطيرة.ذكر سفر أخبار الأيَّام الثاني (2 أي 13) نصرة الملك أبيام بن رحبعام الفائقة على يربعام وذلك بمعونة الله. حين تحدَّث عن التصاقه بالله في أخبار الأيَّام دعاه أبيَّا حيث يرتبط اسمه بيهوه، أمَّا هنا فإنَّه إذ يتحدَّث عن خطاياه يدعوه أبيام.
يرى البعض أن الاسم في الأصل أبيام ثم استبدله اليهود بأبيّا لكي ينسبوا صاحب الاسم ليهوه. ويرى آخرون أن اسمه الحقيقي أبيَّا التي تعني "يهوه هو أبي أو رغبتي" لكن بسبب شرِّه دعاه اليهود "أبيام" حتى لا يُنسب ليهوه، وهي تعني "أب البحر". وهذا ما حدث عندما استبدلوا اسم مدينة "بيت إيل" ببيت أون في هوشع (1 مل 4: 15)، وأيضًا يهوآحاز إلى آحاز (2 مل 15: 38).
لقد منع الله الحرب بين المملكتين (1 مل 12: 24)، لكن صراعات يربعام المستمرَّة خاصة على الحدود اضطرت أبيام أن يدافع عن مملكته، فالتجأ إلى الله لكي يسنده. وإذ غُلب يربعام اضطرَّ أن ينسحب، ويهدأ بقيَّة أيَّام ملكه (2 أي 13: 20).
"وفي السنة الثامنة عشر للملك يربعام بن نباط ملك أبيام على يهوذا.
ملك ثلاث سنين في أورشليم،
واسم أمِّه معكة ابنة أبشالوم.
وسار في جميع خطايا أبيه التي عملها قبله،
ولم يكن قلبه كاملاً مع الرب إلهه كقلب داود أبيه" [1-3].
كان لرحبعام 28 ابنًا (2 أي 11: 21)، ولم يكن أبيام البكر بل الأكبر من أبناء معكة التي أحبَّها أكثر من جميع نسائه. ملك أبيام في السنة الثامنة عشر من مُلك يربعام إذ ملك رحبعام (والد أبيّا) لمدَّة 17 سنة (1 مل 14: 21). وقد كان لكل منهما ابن يدعى أبيَّا أو أبيام. وقد مات أبيَّا بن يربعام كما رأينا في الأصحاح السابق، أمَّا أبيَّا بن رحبعام فعاش بعد والده وملك ليصير رعبًا ليربعام.
ملك أبيام في الواقع أقل من ثلاث سنوات لكن كانت عادة اليهود أن يحسبوا الجزء من السنة سنة كاملة، وأيضًا الجزء من اليوم يومًا كاملاً. مات في السنة العشرين من الملك يربعام وملك ابنه آسا.
اسم أمِّه معكة، وهو اسم سامي معناه "ظلم". هي حفيدة أو بنت ابنة أبشالوم، وثالثة نساء رحبعام. تُسمى أيضًا ميخايا بنت أوريئيل من جبعة (2 أي 13: 2). أمَّا أوريل فكان زوج ثامار ابنة أبشالوم (2 صم 14: 27).
"ولكن لأجل داود أعطاه الرب إلهه سراجًا في أورشليم،
إذ أقام ابنه بعده وثبَّت أورشليم" [4].
سند الله أبيَّا فغلب يربعام، لكنَّه إذ غلب سقط في الكبرياء، إذ لم يكن قلبه كاملاً، لهذا قطعه الرب من ملكه ليتسلَّم ابنه آسا العرش.
"أعطاه الرب إلهه سراجًا في أورشليم": كانت العادة في الشرق ألاَّ يترك البيت في ظلام قط إلاَّ إذا مات صاحبه أو تهدَّم البيت. لذلك كان بقاء السراج مضيئًا يعني دوام حياة الإنسان. "نعم! نور الأشرار ينطفئ ولا يُضيء لهيب ناره، النور يُظلم في خيمته وسراجه فوقه ينطفئ" (أي 18: 5) "نور الصدِّيقين يفُرح، وسراج الأشرار ينطفئ" (أم 13: 9).
خطايا الملك أبيام أظلمت المملكة، لكن من أجل داود أعطى الله سراجًا في أورشليم، وهو الوعد الذي أُعطيَ لداود أن يكون بيته منيرًا حتى يأتي يسوع المسيح، ابنه حسب الجسد، الذي يضيء العالم كلُّه[1].
في العهد القديم كان للمنارة الذهبيَّة طقسها الخاص، من جهة سُرجها السبعة ونوع الزيت والفتائل، وكان ديمومة إنارتها أمرًا جوهريًا في حياة هذا الشعب. فقد كان ذلك رمزًا إلى حاجة الطبيعة البشريَّة إلى الاستنارة الإلهيَّة حتى تُنزع عنها طبيعة الظلمة، وتحمل الشركة مع المسيح النور الحقيقي الذي ينير العالم.
إن كان السيِّد المسيح هو "الطريق" الذي يقود إنساننا الداخلي إلى حضن الآب، فإنَّه هو أيضًا النور الذي يكشف لنا هذا السبيل الملوكي فلا ننحرف عنه.
+ كان النور بالحق مخفيًا ومحتجبًا في ناموس موسى، لكن لما جاء يسوع، أشرق إذ رُفع البرقع وأعلنت في الحال وبالحق البركات التي قدَّم ظلَّها في الحرف[2]
العلامة أوريجينوس
+ أشعة الكلمة مستعدَّة سرمديًا أن تشرق مادامت نوافذ النفس مفتوحة خلال الإيمان البسيط.
القدِّيس هيلاري أسقف بواتييه
+من يرفض قبول نور كلمة الله ينبغي أن يخشى عقاب الظلمة الأبديَّة[3].
الأب قيصريوس أسقف آرل
+ترجُّوا واحتملوا حتى يعبر غضب الله على الليل الذى هو أب الأشرار. لقد كنَّا نحن أبناء الليل، كنَّا أحيانًا ظلامًا (أف 2: 3؛ 5: 8)، وها هي تظهر أثاره في جسدنا إذ نحن أموات بالخطايا (رو 8: 10) حتى يميل النهار وتهرب الظلال (نش 2: 17)[4].
القدِّيس أغسطينوس
+ قيل هذا أيضًا عن المسيح، فقد قيل أنَّه أُعطيَ نورًا للأمم كما يقول إشعياء النبي: "أعطيتك كنورٍ لكل الأمم، لكي تكون أنت خلاصي إلى أقاصي الأرض". لهذا يقول داود: "مصباح لرجلي كلمتك، ونور لسبيلي"[5].
الأب أفراهات
+ ليست خليقة، سواء كانت عاقلة أو لها قوَّة فهم، تنير بذاتها، بل تستنير بالشركة مع الحق الأبدي.
القدِّيس أغسطينوس
"لأن داود عمل ما هو مستقيم في عينيّ الرب،
ولم يحد عن شيء ممَّا أوصاه به كل أيَّام حياته إلاَّ في قضيَّة أوريَّا الحثِّي" [5].
لقد سمح الله أن يبقى سراج بيت داود منيرًا، ليس من أجل أبيام ولا من أجل أبيه رحبعام إذ صنعا الشرّ، وإنَّما من أجل داود أبيهما، فقد بقيت أمانته للرب واستقامة قلبه وحبُّه الصادق بركة لأحفاد أحفاده.
إذ انسحق داود في داخله طالبًا مجد الله، مترنِّمًا: "لا أدخل بيتي، ولا أصعد على سرير فراشي، ولا أعطي وسنًا لعينيّ ولا نومًا لأجفاني إلى أن أجد موضعًا للرب ومسكنًا لإله يعقوب" (مز 132: 3-5). تمتَّع بالوعد الإلهي: "هناك أنبت قرنًا لداود، رتَّبت سراجًا لمسيحي" (مز 132: 17). هذا هو السراج الذي لا تقدر كل قوَّات الظلمة أن تُطفئه؛ ألا وهو يسوع المسيح ابن داود، نور العالم. إذ تمسَّك داود بالوصيَّة الإلهيَّة كسراج تضيء له الطريق (مز 119: 105)، أقام الله في بيته سراجًا لا ينطفئ.
تمتدح كلمة الله داود من أجل استقامة قلبه، ويُحسب أنَّه لم يحد عن وصايا الرب. لقد أخطأ داود لكن لم يُذكر شيء من خطاياه، إنَّما فقط ذكرت خطيَّته بخصوص "قضيَّة أوريَّا الحثِّي". هذا لا يعني إنَّها لم تُغفر، إنَّما أراد الله أن يؤكِّد خطورتها حتى لا يسقط فيها أحد. حقًا بتوبته لم يفقد عهده مع الرب ولا خسر المواعيد الإلهيَّة له ولنسله من بعده.
ذِكر هذه الخطيَّة يحثُّنا على الحذر الشديد منها لأنَّها تبقى ملتصقة بنا لا من جهة خلاصنا ومجدنا الأبدي وإنَّما لكي يعتبر الآخرون فلا يسقطون. ومن جانب آخر ذكرها يؤكِّد مراحم الله الذي يتطلَّع إلى قلب داود أنَّه مستقيم وبلا لوم بالرغم من سقوطه في هذه الخطيَّة البشعة. ذِكرها يفتح باب الرجاء أمام كل خاطئ.
"وكانت حرب بين رحبعام ويربعام كل أيَّام حياته" [6].
يروي لنا سفر أخبار الأيَّام الثاني (ص 13) كيف قام أبيَّا على جبل صمارايم الذي في جبل أفرايم وطالب يربعام وكل إسرائيل بالعودة إلى الارتباط بالهيكل والكهنوت الذي لبني هرون واللآويِّين، عِوض مقاومة الرب ومحاربة إله آبائهم. هكذا كان يبدو في حديثه أنَّه إنسان غيور على شعبه وعلى مجد الرب، لكن كما يظن الكثيرون أنَّه لم يكن مخلصًا في حديثه إنَّما استخدم ذلك لإثارة إسرائيل ضدّ يربعام ولتثبيت ملكه. وكما يذكر الكاتب هنا: "لم يكن قلبه كاملاً مع الرب إلهه كقلب داود أبيه" [3].
يرى البعض في القول "لم يكن قلبه كاملاً مع الرب" إشارة إلى أنَّه كان يعبد الأوثان جنبًا إلى جنب مع عبادته لله. وإن كان قد أعدَّ أوانِ ثمينة قدَّمها للهيكل [15]، ربَّما عِوض الأواني التي حملها شيشق ملك مصر، كما بدا كخادمٍ غيورٍ على مجد الرب في حربه ضد يربعام (2 أي 10: 12-13).
لقد وهبه الرب النصرة على يربعام، لكنَّه للأسف سار في جميع خطايا أبيه [3]. وكما يقول إشعياء النبي: "يُرحم المنافق ولا يتعلَّم العدل. في أرض الاستقامة يصنع شرًا ولا يرى جلال الرب" (إش 26: 10).
"وبقيَّة أمور أبيام وكل ما عمل أمَّا هي مكتوبة في سفر أخبار الأيَّام لملوك يهوذا،
وكانت حرب بين أبيام ويربعام" [7].
بقيت الكراهيَّة مستمرَّة بين المملكتين في أيَّام يربعام ورحبعام، وأيضًا في أيَّام أبيَّا بن رحبعام حيث حدثت معركة صريحة وعلنيَّة وخطيرة (1 أي 13).
"ثم اضطجع أبيام مع آبائه فدفنوه في مدينة داود،
وملك آسا ابنه عوضا عنه" [8].
2. آسا بن يربعام المُصلح :
"وفي السنة العشرين ليربعام ملك إسرائيل ملك آسا على يهوذا.
ملك إحدى وأربعين سنة في أورشليم،
واسم أمِّه معكة ابنة أبشالوم" [9-10].
يقصد هنا الجدَّة، ربَّما ذُكرت دون ذكر والدة آسا لأنَّها كانت امرأة قويَّة متسلِّطة على رجلها رحبعام وابنها أبيام، لاسيما في العبادة الوثنيَّة. خلعها من أن تكون ملكة [13]، دليل على قوَّة إيمان أسا وغيرته للرب. كان اسمها في الأصل ميخايا، وصار "معكة". حين صارت ملكة؛ إذ كانت العادة أن يُغيِّر الإنسان اسمه أحيانًا عندما تتغيَّر ظروفه.
"وعمل آسا ما هو مستقيم في عينيّ الرب كداود أبيه" [11].
لم يكن آسا نبيًا كداود أبيه ولا مرتِّلاً، ولم تكن له النصرات المستمرَّة في الحروب لكنَّه اقتاد به في عمل المستقيم في عينيّ الرب اقتدى به في أمانته للرب وإخلاصه واهتمامه بمجد الرب. بدأ إصلاحاته بالإيجابيَّة: "ما هو مستقيم في عينيّ الرب"، دون تجاهل الجانب السلبي وهو تحطيم الشرّ وإزالة كل أثرٍ له.
"وأزال المأبونين من الأرض،
ونزع جميع الأصنام التي عملها آباؤه" [12].
بدأ آسا قويًا روحيًا وسياسيًا. لقد ورث عن سليمان الهيكل، كما ورث عنه تسلُّل الوثنيَّة إلى الشعب، وورث شرورًا ورجاسات مُرَّة عن والده أبيَّا وجده رحبعام. نزع بيوت الفساد، حيث كانت الممارسات الجسديَّة الشاذة (المأبونون) منتشرة كجزء من العبادة. انجذبوا إلى الرجاسات الوثنيَّة فمزجوا العبادة بالزنا والشذوذ الجنسي سواء بين الذكور أو الإناث.
حسبوا أنفسهم خدَّامًا للفساد. كان بعض الكهنة الوثنيِّين يحثُّون الشعب، خاصة من الأوساط الدنيئة لممارسة الشرّ لحساب المعابد. يقصد بالمأبونين ممارسة الدعارة بين الذكور، حيث كان بعض الرجال والكهنة وخدام الهيكل في معبد عشتروت يرتدون ثيابًا كالنساء لممارسة الفساد. لم يزل المأبونين تمامًا لأنَّه بقي منهم إلى أيَّام ابنه يهوشفاط (22: 46).
تلي ذلك تحطيم الأوثان حتى التي صنعها والده، حتى يزيل كل لعنة عن المملكة. الانحراف نحو العبادة الوثنيَّة يدفع إلى نزع المملكة من نسل الشخص كما حدث مع يربعام (1 مل 14: 10-14)، بعشا (1 مل 16: 2-4) وزمري (1 مل 16: 19)، ودفعها إلى عائلة أخرى. لم يحدث هذا مع أبيَّا ولا مع كل ملوك يهوذا، ذلك بسبب أمانة داود الفريدة. ففي الفترة ما بين انقسام المملكة إلى السبي لم تتغيَّر الأسرة المالكة في يهوذا، بينما تغيَّرت تسع مرَّات في إسرائيل في قرنين ونصف.
"حتى أن معكة أمُّه خلعها من أن تكون ملكة،
لأنَّها عملت تمثالاً لسارية،
وقطع آسا تمثالها وأحرقه في وادي قدرون" [13].
إخلاصه للرب حقيقي وعميق، لم يجامل والده الميِّت بل حطَّم التماثيل التي أقامها. تسلَّم مع المملكة الأم الملكة معكة والدته الوثنيَّة، وكان للملكة الأم دورها الخطير في ذلك الحين. وإذ كان قلبه مستقيمًا لم يقف أمامه أي عائق. خلع أمُّه الملكة لأنَّها عملت تمثالاً لساريَّة.
طردها من القصر المكي لتعيش في مسكن خاص، فلا يكون لها أثرها على زوجته، ولا على العاملين في القصر ورجال الدولة. فعل كما يفعل اللآويُّون (تث 33: 9) الذين يضعون خدمة الله فوق كل اعتبار أُسري. قطع تمثال أمُّه وأحرقه في وادي قدرون متمثِّلاً بموسى النبي (خر 32: 20) لينزع كل أثرٍ للعبادة الوثنيَّة. وكما فعل منسَّى حيث نزع العشتاروت من بيت الرب وجاء به إلى نهر قدرون وحرقه هناك. وغاية ذلك ربَّما لمنع تدنيس المدينة المقدَّسة بالدخان أو الرماد الدنس للتمثال.
جاء في الفولجاتا أن آسا خلع أمُّه من قيامها بالدور كرئيسة في الطقوس المقدَّسة المقدَّمة لبريابس Priapus وساريته التي قدَّستها الملكة له. وجاء في الترجمة السبعينيَّة أنَّه خلعها من مركزها كحاكمة حيث أقامت لها جماعة في ساريتها. وفي الترجمة السريانيَّة أنَّه خلعها من عظمتها حيث كانت تحتفل بالعبادة الوثنيَّة في مهابة. وفي الكلدانيَّة خلعها من مملكتها.
الكلمة المترجمة هنا "تمثال" مشتقَّة من الكلمة العبريَّة التي تعني "رعبًا" أو "خوفًا". وهي تنطبق على تمثالٍ قبيح الصورة جدًا ومُخيف مثل الإله فتاح للمصريِّين.
"وأمَّا المرتفعات فلم تنزع، إلاَّ أن قلب آسا كان كاملاً مع الرب كل أيَّامه" [14].
أزال الأوثان وحطَّمها حتى التي كان البعض يتعبَّد لله خلالها. لكنَّه لم ينزع المرتفعات، أي المذابح المُقامة على قمم التلال لتقديم الذبائح لله الحيّ. وقد استخدمها اليهود قبل بناء الهيكل، وجاءت الوصيَّة صريحة بأن تقدم الذبائح في موضع واحد وهو الهيكل (تث 12: 11). ربَّما شعر آسا بأن وجودها لا يمثِّل خطورة على العبادة لله الحيّ، ولم يُدرك إنَّها شبكة تصطاد الكثيرين للعبادة الوثنيَّة. فلا يُفهم من المرتفعات هنا مذابح وثنيَّة بل مذابح يقدِّمون عليها ذبائح لله الحيّ، وهي عبادة ممنوعة ولكنَّها ليست كالعبادة الوثنيَّة.
بقوله أن قلبه كان كاملاً مع الرب لا يعني أنَّه لم يُخطئ، لكنَّه كان مخلصًا في عبادته وخدمته للرب ومشتاقًا أن يحيا كما يليق. كان هذا الملك الشاب صاحب قلب ملتهب ومتجدِّد، حطَّم الشرّ الذي تسلَّمه عن والده وحده، مقرِّرًا أن يصنع ما هو صالح في عينيّ الرب، متمثِّلاً بأبيه داود.
نجد هنا حديثًا مختصرًا عن مُلك آسا، جاء تاريخه بتوسُّع في (2 أي 14، 15، 16).
مع كل الإصلاحات التي عملها والنصرة التي نالها باسم الرب سقط في الضعف:
أولاً: اتَّكل على بنهدد ملك آرام لكي ينقذه من بعشا ملك إسرائيل [18-19]. لم يعد يتَّكل على الرب الذي أعطاه مهابة ونصرة.
ثانيًا: إذ وبَّخه حناني الرائي على ذلك، لم يسمع له بل غضب عليه وسجنه (2 أي 16: 7-10).
ثالثًا: سمح الله له بمرض في رجليه ليتوب، لكنَّه في مرضه لم يطلب الرب بل الأطبَّاء (2 أي 16: 12).
"وادخل أقداس أبيه وأقداسه إلى بيت الرب من الفضَّة والذهب والآنيَّة" [15].
الأقداس هي الغنيمة التي كان أبيام أخذها في حروبه ومنها حربه مع يربعام (2أي 13: 16-17) وقدَّسها للرب كما فعل داود (2 صم 8: 11). آسا أيضًا قدس للرب غنيمة أعدائه في المعركة مع زارح الأثيوبي (2 أي 14: 9-15) التي تمَّت في السنة الحاديَّة عشر من ملكه (2 أي 15: 10، 18). وكان الملوك الوثنيُّون يقدِّمون من غنيمة حروبهم لآلهتهم كنبوخذنصَّر (عز 1: 7). حاول آسا أن يعوِّض ما كان شيشق قد أخذه في زمان ملك رحبعام.
إن تطلَّعنا إلى ملوك يهوذا نجد تقريبًا النصف ملوك صالحين والنصف الآخر أشرارًا، لكن من عناية الله بشعبه نلاحظ غالبًا ما يسمح للملوك الصالحين أن يملكوا مدَّة طويلة، أمَّا الأشرار فلفترة قصيرة. جاءت الوصيَّة الإلهيَّة أن من يُكرم أباه وأمُّه تطول أيَّام حياته على الأرض، فكم من يكرم أباه السماوي وأمُّه كنيسة الله المقدَّسة.
هذا لا يعني أن الأشرار يموتون صغار السن والصالحين كبار السن، فإن يومًا عند الرب كألف سنة. كثيرون شيوخ تحسب حياتهم كدقائق عبرت بلا ثمر، وآخرون مع كل نسمة يُعتبرون قد قدَّموا عملاً لا تفنيه الأزمنة.
3. تحالف آسا مع بنهدد ضد إسرائيل : كان هناك تحالف بين أبيام والد آسا وطبرعون ملك آرام والد بنهدد. مما ساعد أبيام على التمتُّع بنصرة عظيمة على يربعام ونواله نصرات متوالية (2 أي 13: 17-20). انتهى هذا التحالف عندما نجح بعشا في إقامة تحالف مع بنهدد بن طبريمون. هذا ما دفع آسا أن يُحطِّم هذا التحالف بدفع رشوة ثمينة لبنهدد. سبق أيضًا فالتجأ يربعام إلى التحالف مع شيشق ملك مصر لمساندته ضد يهوذا.
كان بعشا ملك إسرائيل رجل حرب لا يعرف السلام، دخل في حروب مع آسا. صنع تحالفًا مع بنهدد ضدّ يهوذا، واضطر آسا أن يدفع الكثير لينقض بنهدد التحالف. على أي الأحوال انقسام المملكة دمَّر المملكتين وبدَّد إمكانيَّاتهما البشريَّة والماديَّة؛ واستغلَّ الملوك المجاورين هذا لحسابهم.
ربَّما ضعفت القوَّة العسكريَّة لآسا وأُنهكت بعد حربه مع الكوشيِّين (2 أي 14: 9)، فلجأ إلى التحالف مع بنهدد ملك دمشق (آرام) ضد ملك إسرائيل. هذا الأمر لن يبرِّر تصرفه وقد وبَّخه حنانيا الرائي على اتِّكاله على آرام (سوريا) عِوضًا عن اتِّكاله على الرب، فسجنه (2 أي 16: 7-10).
يرى البعض أنَّه لم يكن يوجد خطر حقيقي من جهة إسرائيل للاستيلاء على يهوذا، لكن آسا أراد تحطيم إسرائيل، ولو كان الثمن هو سلب بيت الرب آنيته. أخطأ آسا إذ أغرى بنهدد ملك آرام (سوريا) بالفضَّة والذهب لكي ينقض عهده مع إسرائيل. لم يعتمد أسا على الرب إلهه الذي صنع معه ومع آبائه الكثير، وهو قادر أن يخلِّصه من المأزق دون الاعتماد على ذراع بشري. أساء التصرُّف إذ أخذ جميع الفضَّة والذهب الباقية في خزائن بيت الرب وبيت الملك ودفعها لملك آرام.
هكذا دفع انقسام المملكة إلى الصراع بين المملكتين في كسب الدول المجاورة خاصة آرام ومصر للتحالف معها الواحد ضدّ الآخر.
"وكانت حرب بين آسا وبعشا ملك إسرائيل كل أيَّامهما" [16].
في (2 أي 14: 1) أن الأرض استراحت عشر سنين في أول ملك آسا، فنستنتج أنَّه كان في الأول اختلاف ومخاصمة بين آسا وبعشا، ولكن لم تكن حرب عظيمة حتى الحرب المذكورة هنا. تقوى أسوار المدن (2 أي 14: 6-7). لقد غلب زارح الأثوبي، حيث اعتمد آسا على اسم الرب إلهه (2 أي 14: 9-15).
"وصعد بعشا ملك إسرائيل على يهوذا،
وبنى الرامة لكي لا يدع أحد يخرج أو يدخل إلى آسا ملك يهوذا" [17].
كانت هناك عداوة قائمة ومستمرَّة بين الملكين، لكن لم تحدث حربًا علنيَّة تستحق التسجيل إلاَّ عندما بدأ بعشا ملك إسرائيل يبني قرية الرامة على هضبة عالية في نصيب سبط بنيامين (يش 18: 15؛ 1 صم 1: 19؛ مت 2: 18). وهي تبعد حوالي 6 أميال شمال أورشليم على طريق بيت إيل. موضعها اليوم "الرام".
حلول بعشا فيها يمثِّل تهديدًا ليهوذا (إش 10: 29).
يتنبَّأ إرميا عن قتل أطفال بيت لحم بقوله: "صوت سُمع في الرامة، نوح وبكاء مُرّ، راحيل تبكي على أولادها وتأبى أن تتعزَّى عن أولادها لأنَّهم ليسوا بموجودين" (إر 31: 15).
بنى هذه القرية للأغراض التالية:
أ. لكي يقطع العلاقات التجاريَّة بين يهوذا ومملكة الشمال.
ب. لكي يمنع هجرة الراغبين في الانضمام إلى يهوذا (2 أي 15: 9)، ويمنع شعبه من العبور إلى أورشليم ليعبدوا الرب في الهيكل.
ج. كانت خطوة أولى للهجوم على مملكة الجنوب، أو على أورشليم.
"وأخذ آسا جميع الفضَّة والذهب الباقية في خزائن بيت الرب وخزائن بيت الملك،
ودفعها ليد عبيده،
وأرسلهم الملك آسا إلى بنهدد بن طبريمون بن حزيون ملك أرام الساكن في دمشق قائلاً:
إن بيني وبينك، وبين أبي وأبيك عهدًا.
هوذا قد أرسلت لك هديَّة من فضَّة وذهب، فتعال انقض عهدك مع بعشا ملك إسرائيل فيصعد عني" [18-19].
في (2 أي 16: 7-10) جاء حناني الرائي إلى آسا ووبَّخه لأنَّه استند على ملك آرام ولم يتَّكل على الرب، وتنبَّأ عن حروب ستأتي عليه.
بنهدد تعني ابن هدَّد أو ابن الإله الشمس. يرى البعض الدارسين أنَّه يوجد ثلاثة ملوك لدمشق حملوا هذا الاسم. الأرجح أن حزبون هو رزون الذي أقامه الرب خصمًا لسليمان (11: 23)؛ وبنهدد الثاني هو الذي حارب آخاب (22: 1-36)، وبنهدد الثالث هو الذي ضايق إسرائيل في ملك يهوآحاز (2 مل 13: 3-13). أرسل بنهدد جيشًا في المناطق الشماليَّة من إسرائيل واستولى على بعض المدن في الجليل على حدود سوريا ممَّا ألزم بعشا أن ينسحب من الرامة.
مهما بلغت كميَّات الفضَّة والذهب التي في القصر وفي الهيكل تحسب كنفاية بعدما استولى شيشق ملك مصر على كل الخزائن في أيَّام أبيه رحبعام (1 مل 14: 26). لقد أدخل أبيام وآسا أقداسهما إلى بيت الرب، أي غنائم أعدائهما [15]، وكان آسا قد أخذ غنائم كثيرة من زارح الكوشي (2 أي 14: 13).
"فسمع بنهدد للملك آسا،
وأرسل رؤساء الجيوش التي له على مدن إسرائيل،
وضرب عيون ودان وابل بيت معكة وكل كنروت مع كل أرض نفتالي" [20].
قبِل ملك آرام الهديَّة الثمينة ورأى أنَّه بدخوله في عهد مع يهوذا يستطيع أن يستولى على بعض مدن إسرائيل القريبة منه.
عيون Ijon: غرب وادي التيم Teim – Wady et وهي من أفضل المناطق في ميرج عيون Mej Ayun تفصلها التلال عن التيم. وهي سهل خصب جميل يروي بالآبار، تحيطه التلال بعضها مرتفع لكن أغلبها أرض منزرعة.
آبل بيت معكة: تدعى آبل مايم (2 أي 16: 4)، ويدعوها يوسيفوس Abellare[6].
كل كِنروت: منطقة شماليَّة من فلسطين ربَّما أخذت اسمها من امتدادها المتَّصل بالبحيرة. وهي شمال طبريَّة، عرفت في عصور متأخِّرة باسم "سهل جنيسارت"، إذ كما يدعوها يوسيفوس "بلدة جنِّيسارت".
"ولما سمع بعشا كف عن بناء الرامة وأقام في ترصة" [21].
توقَّف عن بناء الرامة لأنَّه لم يكن ممكنًا أن يحارب عدوِّين في وقت واحد. إذ سمع بعشا بذلك ذهب إلى عاصمته ترصة أو إلى قصره وأغلق على نفسه، وهي قريبة من شكيم، أي نابلس.
"فاستدعى الملك آسا كل يهوذا لم يكن بريء،
فحملوا كل حجارة الرامة وأخشابها التي بناها بعشا،
وبنى بها الملك آسا جبع بنيامين والمصفاة" [22].
أخذ آسا المواد التي جمعها بعشا لتحصين الرامة وبنى بها جبع والمصفاة.
يليق بنا ألاَّ نخلط جبع Geba بنيامين هنا بجبع Gibeah التي لبنيامين أو شاول. فالمذكور هنا هي Jeba الحاليَّة التي تبعد حوالي ميل في شمال شرق الرامة (يش 18: 24). وهي قمَّة كذلك من جهة وادي سونيت Wady Suweinit (1 صم 13: 3؛ 14: 5) عمقه يبلغ نحو 800 قدمًا. رأى آسا أن تحصين جبع يعطيه دفاعًا من الشمال أكثر من الرامة.
المصفاة: هي حاليًا "بيت صموئيل" حوالي ميل من جنوب غربي الرامة (يش 18: 26). وهي أعلى قمَّة بقرب أورشليم. وهي المدينة التي اجتمع فيها بنو إسرائيل لانتخاب ملكهم الأول (1 صم 10: 17-27)، وصنع آسا فيها جبًّا (إر 41: 5-9).
4. مرض آسا وموته : "وبقيَّة كل أمور آسا وكل جبروته وكل ما فعل والمدن التي بناها أمَّا هي مكتوبة في سفر أخبار الأيَّام لملوك يهوذا
غير أنَّه في زمان شيخوخته مرض في رجليه" [23].
في (2 أي 14-16) ورد عنه أنَّه بنى مدنًا حصينة، وكان عدد جيشه ثلاثمائة ألف من يهوذا ومائتين وثمانين ألفًا من بنيامين. وانتصر على زارح الكوشي الذي كان في جيشه ألف ألف. وكلمه الله بفم عزريا بن عوديد وشجَّعه لينزع الرجاسات من كل أرض يهوذا وبنيامين.
حين مرض في شيخوخته وهو ابن خمسين سنة لم يطلب الله الذي أدبه بالمرض، لكنَّه التجأ إلى الأطباء، الذين غالبًا ما كانوا من السحرة.
"ثم اضطجع آسا مع آبائه ودفن مع آبائه في مدينة داود أبيه،
وملك يهوشافاط ابنه عوضًا عنه" [24].
رقد آسا مع آبائه، وملك عِوضًا عنه يهوشافاط. مات الملك الصالح ليرثه ابن تقي (873-848) اشترك معه في الحكم لمدَّة ثلاث سنوات.
5. ناداب بن يربعام الشرِّير : "وملك ناداب بن يربعام على إسرائيل في السنة الثانية لآسا ملك يهوذا فملك على إسرائيل سنتين" [25].
ملك سنتين غير كاملتين، لأنَّه ملك في السنة الثانية لآسا وخلفه بعشا في السنة الثالثة.
"وعمل الشرّ في عينيّ الرب،
وسار في طريق أبيه وفي خطيَّته التي جعل بها إسرائيل يخطئ" [26].
إذ أراد تثبيت مملكته سار في طريق أبيه، مصمِّمًا على عبادة العجلين الذهبيَّين ومنع الشعب من الذهاب إلى أورشليم، والعبادة في هيكل الرب. كان الملكان ورجالهما يخدعون أنفسهم بزعمهم أنَّهم يسجدون للرب بواسطة العجلين. لذلك سمح الله باغتياله سريعًا بواسطة بعشا، في السنة الثانية من حكمه. كان محاصرًا جبثون، المدينة التي استولى عليها الفلسطينيُّون، وكان يحاول استردادها. وبينما هو وسط جيشه تآمر عليه بعشا ومن معه وقتلوه. لم يقف الجيش ضد القاتل بل أقامه خلفًا لناداب.
"وفتن عليه بعشا بن أخيّا من بيت يساكر،
وضربه بعشا في جبثون التي للفلسطينيِّين،
وكان ناداب وكل إسرائيل محاصرين جبثون" [27].
نلاحظ كثرة الفتن في تاريخ إسرائيل بخلاف تاريخ يهوذا.
لم يُقم غيره ملكًا أو قاضيًا من سبط يسّاكر إلاَّ القاضي تولع (قض 10: 1-2). سكن سبط يسّاكر في مرج ابن عامر، وكان كما تنبَّأ عنه يعقوب حمارًا جسيمًا رابضًا بين الحظائر، فرأى المحل أنَّه حسن والأرض إنَّها نزهة، فأحنى كتفه للحمل، وصار للجزية عبدًا" (تك 49: 14-15). وأثار الرب إلى أصله الدنيء بقوله لبعشا: "رفعتك من التراب" (16: 1). يُستنتج من هذا القول أن الرب دعاه للمَّلك كما دعى يربعام.
جبثون: اسم عبري معناه "جبل" أو "ارتفاع"، في أرض دان على حدود أرض الفلسطينيِّينن أُعطيت لبني قهات اللآويِّين (يش 19: 44؛ 21: 23). وكان الفلسطينيُّون قد أخذوها وحاول ناداب أن يسترجعها ولم يزالوا يحاربون في زمان عمري، أي بعد مدَّة نحو 26 عامًا (16: 25). ربَّما هي المعروفة اليوم بتل الميلاط، على بعد خمسة أثمان الميل جنوب نمنه وشرق عقرون مباشرة.
"وأماته بعشا في السنة الثالثة لآسا ملك يهوذا وملك عوضًا عنه" [28].
6. بعشا يبيد بيت يربعام :
"ولما ملك ضرب كل بيت يربعام،لم يبقِ نسمة ليربعام حتى أفناهم حسب كلام الرب الذي تكلَّم به عن يد عبده أخيّا الشيلوني" [29].
أول عمل قام به الملك الجديد هو أنَّه أباد بيت يربعام. كان ذلك العمل وحشيًّا، سمح به الرب كدرسٍ للشعب حتى يدركوا ثمرة الانحراف عن الله مصدر الحياة. لقد تحقَّقت نبوَّة أخيّا النبي، ولم تسقط كلمة الرب. لكن للأسف هذا الذي استخدمه الرب عصا تأديب لبيت يربعام سلك في نفس طريقه ولم يتَّعظ منه.
"لأجل خطايا يربعام التي أخطأها،
والتي جعل بها إسرائيل يخطئ الشعب، بإغاظته التي أغاظ بها الرب إله إسرائيل.
وبقيَّة أمور ناداب وكل ما عمل أمَّا هي مكتوبة في سفر أخبار الأيَّام لملوك إسرائيل.
وكانت حرب بين آسا وبعشا ملك إسرائيل كل أيَّامهما.
في السنة الثالثة لآسا ملك يهوذا ملك بعشا بن أخيّا على جميع إسرائيل في ترصة أربعًا وعشرين سنة.
وعمل الشرّ في عينيّ الرب وسار في طريق يربعام
وفي خطيَّته التي جعل بها إسرائيل يخطئ" [30-34].
من وحي 1 ملوك 15
أنت برِّي! أنت صلاحي!
لن ألهو متَّكلاً على برّ آبائي!
+ هوذا تاريخ مملكة يهوذا يهزّ كل كياني.
كم من ملوك صالحين انجبوا أشرارًا، وأشرار انجبوا صالحين!
كل ملك مسئول أمامك عن نفسه.
أبيام بن رحبعام سلك في عدم الكمال.
وآسا بن أبيام عمل المستقيم في عينيك كجدِّه داود.
خلع أمُّه معكة من المملكة، وأزال ساريتها.
دخل بأقداسه إلى بيت الرب، وقدَّم كنوزًا للخزينة.
لم يكن قلبه كاملاً كقلب جدُّه.
أخطأ إذ اتَّكل على بنهدد الآرامي ليقاتل أخاه ملك إسرائيل.
وفي شيخوخته لم يطلب الرب ليشفيه.
هب لي يا رب قلبًا كاملاً كداود أبي.
هب لي يا رب ألاَّ ألهو متَّكلاً على برّ آبائي.
أنت برِّي! أنت هو صلاحي!
+ لم تنجب مملكة إسرائيل ملكًا واحدًا مقدَّسا لك.
يربعام الشرِّير أنجب ناداب فأكمل طريق أبيه.
بعشا اغتاله وسلك في طريق شرِّه.
من يُصلح طريقي سواك؟
من يُقيم فيَّ ملكًا (إرادة) مقدَّسة غيرك؟
المراجع:
[1] Boyd’s Bible Handbook, p. 162
[2] On Principiis 4:1:6 (Die griechischen christlichen Schrifsteller, 4:302.)
[3] Sermon 76:3
[4] Confessions 13:14 (15).
[5] Select Demonstration, 1:10.
[6] Antiquities: bviii, ch ii, sec.4.