تفسير الاصحاح الثالث من سفر العدد للقس انطونيوس فكرى
خدمة اللاويين وعددهم ونسبهم
نأتى هنا لتعداد اللاويين. فهم لم يحصيهم موسى ضمن الشعب لأن عملهم مختلف. فهم لهم خدمتهم الروحية. ويبدأ الإصحاح بعقوبة ناداب وأبيهو. ولنلاحظ أن إختيار الله لأحد ليخدمه لا يشفع لهُ بل يصبح عرضة أكثر من غيره لسخط الرب عليه. فهنا مات كلاهما بالنار لتقديمهما ناراً غريبة وقد تكون خطيتهما إما أ) تقديمها وهم سكارى ب) تقديم نار غريبة فعلاً غير النار النازلة من السماء ج) خدمتهما دون إرادة أبيهما لهذا أمر الرب أن يقف اللاويون أمام هرون الكاهن ليخدموه. والكهنة المسيحيين لا يخدمون سوى بحل خاص من أسقفهم وبطريركهم أى رئيس الكنيسة.
ولم يعد اللاويون ضمن السبط أيضاً فهم موهوبون لله هبه من عند بنى إسرائيل آية 9 ثم يعطى الله اللاويين لهرون. الله فى حبه للإنسان يريد أن يدخل دوماً فى معاملات معه، فيها عطاء وأخذ، فكما يعلن الله حبه لنا بالعطاء يهبنا فرصة لرد الحب بالحب بأن يأخذ من أيدينا لا لعجز فى إمكانياته بل للدخول مع الإنسان فى علاقة حب مشترك.
والمسيح هو عطية الله لنا وجسده هو مأخوذ من البشر. ونحن فى القداس لا نجد شيئاً أعظم نقدمه للآب سوى إبنه الذى أعطاه هو لنا.
واللاويين هم كالشمامسة الآن. مكان اللاويين يذبحون والكهنة يضعون على المذبح. هم يعدون البخور والكهنة يقدمونه.
ولاوى نفسه كان يعقوب أبيه غير راضياً عنهُ "فى مجلسهما لا تدخل نفس" لكن أولاد لاوى أثبتوا أنهم يستحقون هذا الإختيار فهم الذين غادروا للرب. راجع (خر25:32-29). ويكفى أن منهم موسى وهرون. وراجع (عد7:25) لترى غيرة فينحاس بن العازار بن هرون.
موقف أبناء لاوى يمثل التوبة المقبولة أمام الله (مل 4:2-6) ونلاحظ بذلك أن الله ترك رأوبين البكر وشمعون التالى وأخذ الثالث وهو لاوى وهكذا صنع فهو ترك إسماعيل وأخذ إسحق وترك عيسو وأخذ يعقوب. فالله لا يهتم بالبكورية بحسب الجسد بل بحسب الإستعداد والإستحقاق. وهكذا إختار الله الأمم وترك اليهود (إبنه البكر) بل صارت الكنيسة والمؤمنين أبكاراً فى المسيح البكر.
ولكن اللاويين فى حد ذاتهم هم ليسوا بطاهرين ويحتاجون لتطهير (عد 5:8-7). وكان هذا بالماء (معمودية – توبة). وبالموس لحلق الشعر (نزع ما هو نمو بالطبيعة)
والموس هنا يمثل كلمة الله التى هى أمضى من كل سيف ذى حدين وتعطى تبكيت للنفس وغسل الثياب
(التطهير من العادات السيئة كالعناد والقساوة) ثم الذبائح (دم المسيح).
إقامة اللاويين حول الخيمة
ناحية الشرق :- رأس الصليب عنده نجد موسى وهرون رمز للمسيح كلمة الله (موسى) ورئيس الكهنة
(هرون).
ناحية الغرب:- بنو جرشون = أى المطرودة أو المنفى فالمسيح حمل صليبه خارج المحلة وكان مرفوضاً.
ناحية الجنوب:- بنو قهات = أى ابناء المجمع فبالمسيح صار الإثنين واحداً وصارت شركة لله مع الناس
ناحية الشمال:- بنو مرارى = إشارة للمر الذى إحتمله المسيح لأجلنا وتحتمله الكنيسة.
آية1:- و هذه تواليد هرون و موسى يوم كلم الرب موسى في جبل سيناء.
هذه تواليد هرون وموسى = هرون ذُكِرَ أولاً فالخدمة المشار لها هنا، أى الخدمة الكهنوتية هى خدمته هو وأولاده. وهو المسئول عن هذه الخدمة. وأولاده أو تواليده هو الكهنة وأولادهم سيصيرون كهنة. ولاحظ عدم ذكر أولاد موسى فهم كانوا مجرد لاويين. وموسى لم يكتب عن أولاده فهذا ليس كتاب بشرى
آية3: هذه اسماء بني هرون الكهنة الممسوحين الذين ملا ايديهم للكهانة.
ملأ أيديهم = أى تم تكريسهم
آية4:- و لكن مات ناداب و ابيهو امام الرب عندما قربا نارا غريبة امام الرب في برية سيناء و لم يكن لهما بنون و اما اليعازار و ايثامار فكهنا امام هرون ابيهما.
لم يكن لهما ينون = كان الموت عقوبة وعدم وجود بنون عقوبة كبيرة أيضاً
أمام هرون أبيهما = أى تحت سلطته وقيادته وتوجيهاته.
آية7،6:- قدم سبط لاوي و اوقفهم قدام هرون الكاهن و ليخدموه.
فيحفظون شعائره و شعائر كل الجماعة قدام خيمة الاجتماع و يخدمون خدمة المسكن.
وليخدموه = هذه مثل أمام هرون أبيهما السابقة وتفسرها. فيحفظون شعائره = أى أوامره وإرشاداته. وشعائر كل الجماعة = أى تنفيذ كل الطقوس لكل الجماعة.
آية9:- فتعطي اللاويين لهرون و لبنيه انهم موهوبون له هبة من عند بني اسرائيل.
موهوبون لهُ = أى لهرون (راجع 19:8)
آية10:- و توكل هرون و بنيه فيحرسون كهنوتهم و الاجنبي الذي يقترب يقتل.
توكل = أى تُعد هى نفس الكلمة فى العبرية.
آية12:- و ها اني قد اخذت اللاويين من بين بني اسرائيل بدل كل بكر فاتح رحم من بني اسرائيل فيكون اللاويون لي.
اللاويين هنا بدلاً عن الأبكار يكونون للرب. فالأبكار فى مصر كلهم ماتوا ليلة الخروج وكان مفروضاً أن يموت اللاويين وغيرهم من أبكار اليهود فى نفس الليلة لكن خروف الفصح فداهم. والله هنا لا يطلب كل الأبكار بل اللاويين، يطلبهم لنفسه. وكأن المعنى أن المسيح حين فدانا من الموت يطلب منا أن نكون لهُ نسبحه ونخدمه كل حياتنا والمسيح بفدائه صار عوضاً عن الشعب الذين فيه صارو أبكاراً. وهنا تأمل خاص بالخدام. فعلى اللاوى أن يترك كل نصيب لهُ وكل عمل لهُ من أجل أن يقوم بخدمة الشعب وهكذا كل خادم يجب أن يترك راحته وكرامته لأجل خلاص مخدوميه.
آية15:- عد بني لاوي حسب بيوت ابائهم و عشائرهم كل ذكر من ابن شهر فصاعدا تعدهم.
من إبن شهر:- بينما كان الرجال فى باقى الأسباط يتم عدهم من إبن 20 سنة فصاعداً. فهنا الكلام عن اللاويين الذين يخدمون الرب ويسبحوه. وخدمة التسبيح غير مرتبطة بسن بل من أفواه الأطفال والرضعان هيأت سبحاً.
" ودعوا الأولاد يأتون إلىَ ولا تمنعوهم لأن لمثل هؤلاء ملكوت السموات مت 14:19" بل أن الله قدس أرمياء وهو فى بطن أمه (أر5:1) وصموئيل قُدم للهيكل بمجرد أن فُطِمَ (1صم24:1) ويوحنا المعمدان إمتلأ بالروح القدس وهو فى بطن أمه (لو15:1) وكان تيموثاوس يعرف الكتب وهو طفل (2تى 15:3).
ولأن اللاويين كانوا فداء لباقى الأسباط (أى أبكار باقى الأسباط) وكان هؤلاء الأبكار يوجد منهم من كل عمر فكان يجب أن اللاويين يمثلون كل الأعمار ويضاف لذلك فالبكر كان يفدى إذا كان عمره شهراً (عد 16،15:18)
ولذلك فالكنيسة الأرثوذكسية تعمد الأطفال وتناولهم.
آية32:- و لرئيس رؤساء اللاويين العازار بن هرون الكاهن وكالة حراس حراسة القدس.
وكالة حراس حراسة القدس = وكالة أى رئاسة. وحراس حراسة القدس هم الرؤساء الثلاثة للجرشونيين والقهاتيين والمراريين، هم كانوا رؤساء لعشائرهم وحراساً لعملهم. وكان العازار رئيساً على الثلاثة رؤساء. ونلاحظ أن العمل فى بيت الرب يسمى وكالة وحراسة لأن العامل فى كرم الرب وكيل أسندت إليه أمور خطيرة ويطلب من الوكيل أن يكون أميناً، كما أنه حارس أيضاً، فى عهدته نفوس إشتراها الله بدمه
ملاحظات على أعداد اللاويين
1- هم أقل الأسباط عدداً فنصيب الله هو القطيع الصغير
2- يجمع أرقام العشائر 7500 + 8600 + 6200 = 22300 بينما فى آية 39 فالعدد الإجمالى 22000 وتفسير هذا أحد إحتمالين
1- خطأ فى النسخ ويرجع المفسرون أنه بين رقم 500 وهو بالعبرية 6 ورقم 200
وهو بالعبرية 6 فرق بسيط ويكون الناسخ قد كتب 7500 عوضاً عن 7200
2-ال 300 هم أبكار اللاويين أنفسهم الذين فداهم أباؤهم مع أبكار الأسباط الأخرى
بناء على أمر الرب لعبده موسى فى (خر 1:13-2) بتقديس كل أبكار بنى إسرائيل
وقد كان ذلك قبل أن يأمر بأخذ اللاويين عوضاً عن الأبكار.
ولذلك فما داموا قد عمهم الفداء من قبل فإنهم استثنوا من الشريعة التى أعطيت هنا
لأن أباءهم قد قدموا الفداء عنهم فلم يعودوا بديلين عن أبكارالشعب.
الآيات 45،44:- و كلم الرب موسى قائلا. خذ اللاويين بدل كل بكر في بني اسرائيل و بهائم اللاويين بدل بهائمهم فيكون لي اللاويون انا الرب.
بهائم اللاويين بدل بهائم الشعب = كل ما للاويين فهو للرب
بركة موسى للاوى:- تث 8:33-11
هى تحمل مفهوم السيد المسيح من لا يبغض أباه وأمه.. فلا يستحقنى حتى الآن نجد أن الشعب حدد نسبه وعدده وكان لهُ رايات وخدمة كهنوتية ولشعب الله المسيحى فهم ينتسبوا لله أبيهم يرتفع فوقهم علمه وهم لهم خدمة كهنوتية على طقس ملكى صادق. يقضون حياتهم مسيحيين مرنمين عيونهم نحو السماء.
+