تفسير الاصحاح السابع من سفر اللاويين للقس انطونيوس فكرى
الأيات 1 – 10 :- و هذه شريعة ذبيحة الاثم انها قدس اقداس. في المكان الذي يذبحون فيه المحرقة يذبحون ذبيحة الاثم و يرش دمها على المذبح مستديرا. و يقرب منها كل شحمها الالية و الشحم الذي يغشي الاحشاء. و الكليتين و الشحم الذي عليهما الذي على الخاصرتين و زيادة الكبد مع الكليتين ينزعها. و يوقدهن الكاهن على المذبح وقودا للرب انها ذبيحة اثم. كل ذكر من الكهنة ياكل منها في مكان مقدس تؤكل انها قدس اقداس. ذبيحة الاثم كذبيحة الخطية لهما شريعة واحدة الكاهن الذي يكفر بها تكون له. و الكاهن الذي يقرب محرقة انسان فجلد المحرقة التي يقربها يكون له. و كل تقدمة خبزت في التنور و كل ما عمل في طاجن او على صاج يكون للكاهن الذي يقربه. و كل تقدمة ملتوتة بزيت او ناشفة تكون لجميع بني هرون كل انسان كاخيه.
ذبيحة الإثم تقريباً فى شريعتها مثل ذبيحة الخطية. وفى آية (7) يقول أن لهما شريعة واحدة ولكن هذه الآية أعقبت تحديد نصيب الكاهن من أكل لحم الذبيحة فى آية (6) وسبقت آية (8) التى حددت أن الجلد للكاهن. فذبيحة الخطية والإثم واحد فى شريعتهما بالنسبة لهاتين النقطتين ولكنهما كما رأينا يختلفان فى نوع الحيوانات التى تقدم ويختلفان أيضاً فى التصرف فى دم الذبيحة ففى ذبيحة الإثم يرش دم الذبيحة على المذبح مستديراً. وكما رأينا أن الإستدارة تشير إلى أن الشئ لا بداية له ولا نهاية وهذا يتفق مع الآية 6 : 7 التى تنص على أن الله يصفح عن الشئ من كل ما فعله مذنباً به. هذه هى لا محدودية فاعلية دم المسيح. إذاً كل ذبيحة تنظر لذبيحة الصليب من ناحية حتى تتبلور أمام عيوننا ويتجسم عمل الصليب.
+ تأمل للعلامة أوريجانوس = الكاهن الذى يأكل من الذبيحة يشير للمسيح والذبيحة تشير للمسيح فكيف يأتى هذا ؟ هذا إشارة للمسيح الذى يأكل خطايا العالم ويرفعها فإلهنا نار آكلة تأكل خطايا العالم وتحطمها وتبددها وتنقينا منها. والمسيح يقول جئت لألقى ناراً على الأرض "لو 12 49 وهى تحرق أشواك الخطية.
+ ولاحظ أن نفس الأجزاء التى تقدم على المذبح هى أجزاء ذبيحة السلامة التى تقدم على المذبح وهذا يشير لأن غفران الخطية يستتبعه حلول سلام الله فى القلب
+ فى مكان مقدس تؤكل = الكهنة كأولاد لله يشتركون فى شركة عمل مع المسيح، لا يكفون عن الدخول بنفس كل خاطئ إلى دائرة الصليب حتى تحترق خطاياه. بهذا يحسب الكهنة أيضاً كمن يأكلون ذبيحة الخطية وذبيحة الإثم. ودائرة هذا العمل هى الكنيسة المكان المقدس الذى يتم فيه الأكل.
+ الجلد للكاهن = كان الكهنة يجمعون الجلود ويبيعونها ويقتسمون ثمنها، هذا بالنسبة لذبائح الأفراد أى المحرقات الخاصة، ويتم توزيع الثمن ليلة السبت. أما الذبائح العامة مثل المحرقات اليومية فكان ثمن جلودها يخصص لإلتزامات الهيكل والخدمة. وكأن الجلد هنا مكافأة الكاهن على عمله الكهنوتى. ويرى البعض أن فى هذا تذكرة بما حدث مع آدم فهو أخذ مكافأة عمله الكهنوتى جلد الذبيحة التى قدمها وبها كسا عريه.
تأمل :- هناك كهنوت عام لكل المسيحيين المعمدين وفيه يقدمون ذبائح تسبيح وصلاة ويقدمون أجسادهم ذبيحة حية.. الخ. ومن يقوم بعمله الكهنوتى هذا يمنحه الله الجلد أى يستر عريه. فالخطية تفضح وتعرى والذبيحة تستر، ومن يقدم نفسه ذبيحة يثبت فى المسيح الذى قدم نفسه ذبيحة لذلك يقول إحمل صليبك وإتبعنى إذا أردت أن تكون لى تلميذاً. راجع (رؤ 3 : 17، 18 )
1- كانت المحرقة الدائمة اليومية ومحرقة يوم السبت تقترن بتقدمة دقيق (عد 28 : 3 – 5، 9، 10) وكذلك فى عيد الباكورة (عد 28 : 27، 28)
2- كان شحم ذبيحة السلامة يوقد دائما مع المحرقة (لا 3 : 3 – 5)
3- كانت ذبيحة الخطية تقترن مع المحرقة وتقدمة الدقيق فى المناسبات الأتية
أ) تقديس اللاويين (عد 8 : 8 – 12)
ب) خطية سهو الجماعة (عد 15 : 22 – 26)
ت) فى رأس كل شهر (عد 28 : 11 – 15)
ث) عيد الفصح (عد 28 : 19 – 22)
ج) عيد هتاف البوق (عد 29 : 2 – 5)
ح) عيد الكفارة (عد 29 : 8 – 11)
خ) عيد المظال (عد 29 : 13 – 16)
4- كانت ذبيحة الخطية وذبيحة الإثم مع المحرقة مع تقدمة الدقيق يقترنون معاً فى طقس تطهير الأبرص (لا 14 : 10 – 20)
5- فى عيد الخمسين (لا 23 : 18، 19) وعند إنتهاء مدة إنتذار النذير (عد 6 : 14، 15) وعند تدشين المذبح (عد 7 : 87، 88) تقترن ذبائح الخطية والسلامة والمحرقة والدقيق
6- وكانت تقترن المحرقة مع ذبيحة الخطية عند تطهير الوالدة (لا 12 : 6 – 8) وذو السيل وذات السيل (لا 15 : 14، 15 + 15 : 29، 30)
7- أما عند مسح الكهنة فكانت تقدم كل التقدمات والذبائح العادية ما عدا ذبيحة الإثم مضافاً إليها كبش الملء أو كبش التقديس وكذلك قربان الملء (لا 8 : 14 – 29، 9 : 2 – 4)
8- كان يقدم خمر مع بعض التقدمات والذبائح مثل المحرقة الدائمة (عد 28 : 6 – 8) والخمر تشير للفرح مز 104 : 15 + قض 9 : 13 وهذا تعبير عن سرور الله بهذه التقدمة.
الأيات 9، 10 :- و كل تقدمة خبزت في التنور و كل ما عمل في طاجن او على صاج يكون للكاهن الذي يقربه. و كل تقدمة ملتوتة بزيت او ناشفة تكون لجميع بني هرون كل انسان كاخيه.
هى تطبيق لما سبق. ما التصرف فى تقدمة الدقيق لو إقترنت مع ذبيحة الخطية أو ذبيحة الإثم ؟ هنا نجد نوعين من تقدمات الدقيق
أ) مخبوزة أو فى طاجن أو على صاج آية (9)..يأكلها الكاهن الذى يقربها
ب) ملتوتة (معجونة)بزيت أو ناشفة أى مجرد دقيق (10).. توزع على كل الكهنة.
وهناك سبب منطقى فالمخبوزة جاهزة وساخنة فتؤكل فوراً وأما الأخرى فيمكن توزيعها فيما بعد. والتأمل الروحى فى هذا أن الكهنة يلزمهم أن يأكلوا كلمة الله ليتغذوا بها ويطعموا بها الآخرين "حز 2 : 8 + 3 : 1" والكاهن لن يستطيع أن يقدم كلمة الله للآخرين إن لم تسوى فى التنور أى بنار الروح القدس. أما الطاجن فسبق أن أشرنا فى تفسير إصحاح (2) أنه يشير لبطن العذراء التى عمل فيها الروح القدس ليتجسد المسيح.
وهنا أيضاً فالروح القدس يعمل داخلياً فى بطوننا أى فى داخلنا لنعرف المسيح معرفة باطنية.
هنا نستطيع أن نخبر به الآخرين وأما الصاج، فالتقدمة فيه مكشوفة أى أن معرفة المسيح هذه ظهرت فى صورة مكشوفة فى شخص هذا الكاهن.
هنا فقط تكون كلماته مؤثرة فالشعب يرى فيه صورة المسيح. أما لو كانت التقدمة دقيق فقط أى مجرد معلومات وحتى لو كانت معجونة بزيت أى بإرشاد الروح القدس لكن لم تمر فى المراحل السابقة فيحسن أن توزع ويؤجل إستعمالها حتى تمر فى هذه المراحل. ولاحظ أن الله يحرم الكهنة من الكلمة أما مسئولية إختبارها تقع عليهم (تسوية التقدمة بنار الروح القدس) هذا ما عناه الله حينما قال لحزقيال "أطعم بطنك وإملأ جوفك" "حز 13 : 3" ولاحظ أن هذه التقدمات بلا لبان فهى مصاحبة لذبيحة خطية.
وذبيحة السلامة المقدمة للشكر كان يقرب معها أقراص فطير ملتوتة بزيت مع أقراص خبز خمير. ونحن سبق وفهمنا أن ذبيحة السلامة ترمز لسر الإفخارستيا أو سر الشكر. فلماذا إقترنت مع الفطير والخمير ؟ يفهم من ذلك الآتى
1- هى الذبيحة التى نقدم فيها الشكر للمسيح لأنه بها أعطانا الحياة والسلام.
2- من يأكل منها تكون حياته، ومن حياته المسيح يحيا فى سلام.
3- أقراص الفطير هى بلا خمير تشير للمسيح القدوس الذى بلا خطية المتحد لاهوتياً بروحه القدوس والذى مسح بالروح القدس من أجلنا. وهنا نرى صورة عجيبة يرسمها الوحى لهذه الذبيحة. ولنرى أنواع هذه التقدمة
أ) أقراص فطير ملتوتة بزيت: هذه تشير للإتحاد الأقنومى بين المسيح والروح القدس وأن الروح القدس هو الذى جسد المسيح فى بطن العذراء.
ب) رقاق فطير مدهونة بزيت: هذه تشير للمسيح يوم حل عليه الروح القدس لحسابنا.
ت) دقيق مربوكاً أقراصاً ملتوتة بزيت: الأقراص تشير لتعدد الأشخاص أى الكنيسة فسر الشركة يجمعنا كلنا مع المسيح رأسنا.
4- أقراص خبز خمير: الخمير يشير للخطية. وكنيستنا تصر على إستعمال خبزاً مختمراً فى سر التناول للإشارة إلى أن المسيح حامل خطايانا. فالفطير يشير لحياة المسيح قبل الصليب التى كانت خالية من كل شر أما وقد حمل خطايانا فى جسده على الصليب كان يلزم أن يضاف الخمير فى الخبز المقدم فى سر الإفخارستيا فى القداس القبطى الأرثوذكسى إشارة إلى الخطية التى حملها فى جسده فذبيحة القداس الإلهى تشمل الصليب وما قبل الصليب. لكن الكنيسة لم تكتفى بوضع الخمير بل لزم أن يدخل النار حتى تموت هذه الخميرة ثانياً كما ماتت الخطية فى جسد المسيح المقام من الأموات. فالخميرة موجودة فى قربان القداس ولكنها ميتة بفعل النار. وكما أبطلت النار فعل الخميرة كذلك أبطل المسيح الخطية بذبيحة نفسه حينما إشتعلت فيه نار العدل الإلهى على الصليب
2- نذر :- يقدمه إنسان فى ضيقة وهو يقدم هذا النذر إختيارياً، أنه لو مرت هذه الضيقة يقدم نذراً لله كذا وكذا. ويحمل النذر معنى أكبر فهناك من نذر نفسه لله فى ضيقة هذا العالم. أى أصبح مكرساً للرب تماماً (نذير)
3- نافلة :- هى تشبه النذور تماماً. لكن لا يوجد تكرار فى الكتاب المقدس بلا داعى والفرق فى هذه التقدمة بين النذر والنافلة. أن مقدم النافلة ليس فى ضيقة ولكن هو إنسان فرح وينتظر من الرب أكثر ويقول من خلال فرحه لو أصابنى أكثر سأعطى لله كذا وكذا. ومعنى كلمة نافلة = تقدمة إختيارية
والأن لنتأمل هذه المعانى !! أليست بهذه المعانى تتبلور ذبيحة وعمل المسيح. فهو قدم حياتة لمجد الله (شكر) وهو من خلال ضيقاته كان مكرساً بالكامل فى طاعة كاملة للآب (نذر) ولم يكن هذا عن إجبار بل كان هذا بفرح. فالمسيح فرح بالخلاص وكان يشتهيه كالآب تماماً وهوأعطى نفسه بفرح لخلاصنا والنافلة أيضاً قد تكون تطوعية تماماً أى إنسان فرح من كثرة ما أعطاه الله فيذهب ويقدم نافلة. وكان هناك فرق فى طقس النذر عن طقس النافلة، أنه إذا مات الحيوان الذى نذر أو فقد أو أصابه عيب يلتزم صاحب النذر أن يقدم ما يساويه فى القيمة، أما فى حالة مقدم النافلة لا يلزم بشئ فهو قد تعهد بتقديم حيوان بعينه (22 : 17 – 25)
فى المرة الأول كان يشرح ماذا قدم المسيح لنا لذلك بدأ بالمحرقة أى أنه أرضى الآب حتى نكون نحن مقبولين أمام الآب. ثم شرح تقدمة الدقيق حتى يظهر أنه أعطانا حياته وروحه القدس. ثم ذبيحة السلامة ليظهر غرضه أنه أتى ليعطينا سلام وآخر الكل ذبائح الخطية والإثم ليظهر كحامل خطايانا. المسيح فى هذه المجموعة ظاهراً أمام الآب مقدماً نفسه كرأس للكنيسة ساتراً خطاياها أما فى المجموعة الثانية يشير إلى كيف نحصل على هذا السلام لذلك تسبق شريعة ذبيحة السلام شريعتى ذبيحة الخطية والإثم فلا سلام لنا دون أن تغفر خطايانا. هنا فى هذه المجموعة يتقدم المسيح لنا كحامل خطايانا حتى يعطينا السلام. لكن فى الحالتين تسبق المحرقة الجميع. فبدون رضاء الآب لم نكن لنحصل على شئ
الأيات 11 – 13 :- و هذه شريعة ذبيحة السلامة الذي يقربها للرب. ان قربها لاجل الشكر يقرب على ذبيحة الشكر اقراص فطير ملتوتة بزيت و رقاق فطير مدهونة بزيت و دقيقا مربوكا اقراصا ملتوتة بزيت. مع اقراص خبز خمير يقرب قربانه على ذبيحة شكر سلامته.
هذه شريعة ذبيحة السلامة لأجل الشكر
الأيات 14، 15 :- و يقرب منه واحدا من كل قربان رفيعة للرب يكون للكاهن الذي يرش دم ذبيحة السلامة. و لحم ذبيحة شكر سلامته يؤكل يوم قربانه لا يبقي منه شيئا الى الصباح.
يقرب منه واحداً من كل قربان = كان المقدم يأتى بعشرين دقيق، عشراً منها يخمر وعشراً يترك بدون خمير ويخبزون العشر الأول 10 أرغفة خبز مختمر. والعشر الثانى يخبز 30 فطيرة. والكل مخبوز بزيت. وكان الكاهن يأخذ 3 فطائر ورغيف خبز = رفيعة للرب. يكون للكاهن. وكلمة رفيعة أى مرفوع أو مقدم لله الذى فى الأعالى. وباقى الخبز والفطير يكون لمقدم التقدمة يأكله مع عائلته وأقرباؤه والفقراء الذين يدعوهم، هى مائدة شركة وحب يشكر فيها الله على إحساناته عليه. طبعاً يأكلوا من الخبز والفطير واللحم. هذه ذبيحة فرح، الكل يأكل منها حتى مقدمها (المذبح والكاهن ومقدمها والمدعوين) أما ذبيحة الخطية فمقدمها خاطئ، لا يجوز له أن يأكل منها. وفى كنيستنا فذبيحة شكرنا هى طعامنا حتى القيامة.
لا يبقى منه شيئاً حتى الصباح = كان يشترط على مقدم الذبيحة أن يأكل هو ومن دعاهم من لحم ذبيحة السلامة فى نفس اليوم، وكان يفضل أن يكون هذا ليلاً، ويدعو الجميع خصوصاً الفقراء وهم يأتون ليلاً ولن يشعروا بالخجل فلن يراهم أحد.
لحم ذبيحة السلامة هو خاص بالله، له وحده (راجع آية 21) وهو وحده له حق التصرف فيه، حتى لو أخذه مقدمه إلى بيته. والله صاحب الحق فى التوزيع يأمر من قدم الذبيحة أن يستعملها بكرم مع الآخرين، الكل يأكل منها والفقراء إخوة الرب أولاً. وعلى من يريد أن يشكر الرب فعليه أن يظهر فرحه المقدس بالله بإحتفال مقدس يدعو إليه الآخرين. ولذلك نص الله أن مقدم الذبيحة يجب أن ينتهى من أكلها فى نفس الليلة ولا يبقى منها للصباح. فكيف ينتهى منها إن لم يدعو آخرين.
هذا النص يشجعه على دعوة الآخرين وأن لا يكون بخيلاً فيبقى منها لنفسه حتى اليوم التالى لإستعماله الشخصى مما يخالف فكرة الشركة.
ولكن قوله لا يبقى منه شيئاً حتى الصباح يشير لجانب هام من القيامة فالمسيح قام والظلام باقى أى لم يبقى ميتاً كذبيحة فى الصباح (صباح الأحد).
وهناك معنى آخر أننا نأكل من ذبيحة الإفخارستيا فى ليل هذا العالم حتى يجئ صباح يوم القيامة وهناك فى الملكوت لن تكون هناك ذبيحة. وإشارة أنه لا يبقى منه حتى الصباح سبق الإشارة إليها فى خروف الفصح (خر 12 : 8، 10) وهذه أيضاً تشير للقيامة. ذبيحة السلامة فيها مائدة شبع للجميع (لحم وفطير وخبز) هى مائدة دسمة، مائدة التناول أشار لها إشعياء فى 25 : 6 أنها وليمة سمائن ممخة مع دردى (خمر).
الأيات 16، 17 :- و ان كانت ذبيحة قربانه نذرا او نافلة ففي يوم تقريبه ذبيحته تؤكل و في الغد يؤكل ما فضل منها. و اما الفاضل من لحم الذبيحة في اليوم الثالث فيحرق بالنار.
هذه خاصة بشريعة النذور والنافلة. وهذه تستكمل بلورة قصة القيامة. هنا يسمح بالأكل منها فى اليوم التالى لكن لا تستمر حتى اليوم الثالث. وهنا تشرح قيامة المسيح فى اليوم الثالث هو 6 : 2. وهنا يظهر وتكتمل الصورة أنه يقوم فى اليوم الثالث قبل الفجر. ويضاف لهذا أن الشريعة أعطت الحق لمقدم النذر والنافلة الحق فى إستخدام لحم ذبيحته حتى اليوم الثانى فهى تقدمة إختيارية. وكانوا يملحون لحم ذبائحهم حتى لا تفسد وتتعفن (مر 9 : 49) "كل ذبيحة تملح بملح"
وأما الفاضل من لحم الذبيحة فى اليوم الثالث فيحرق بالنار = تمليح الذبيحة وعدم الإبقاء منها حتى اليوم الثالث، وحرق المتبقى يشير إلى أن جسد المسيح إذ مات لم يتطرق إليه الفساد مز 16 : 9، 10"لن تدع تقيك يرى فساداً"
آية 18 :- و ان اكل من لحم ذبيحة سلامته في اليوم الثالث لا تقبل الذي يقربها لا تحسب له تكون نجاسة و النفس التي تاكل منها تحمل ذنبها.
من يخالف هذا فقد كسر الرمز الذى يرمز للمسيح فى قيامته بجشعه إذ أراد أن يحتفظ بجزء من الذبيحة لنفسه وإمتنع عن دعوة الآخرين. مرة أخرى هذه الخطية هى التمركز حول الأنا والذات والخلو من المحبة وفى هذا إنفصال عن الله لذلك سمى هذا نجاسة. والذى يقربها لا تحسب له = إذن عليه أن يقرب غيرها، هذا ليشجع مقدم الذبيحة على الإلتزام بالطقس الصحيح.
آية 19 :- و اللحم الذي مس شيئا ما نجسا لا يؤكل يحرق بالنار و اللحم ياكل كل طاهر منه.
هذه الآية تشير لأن إنتقال النجاسة أسهل كثيراً من إنتقال القداسة أى إذا وجد إنسان طاهر فى مجلس مستهزئين فستنتقل نجاستهم وخطاياهم إليه أسهل كثيراً من أن تنتقل نعمته إليهم. لذلك داود فضل أن لا يجلس فى مثل هذا المجلس وأن يعتزل الخطية. وهذا يفسر لماذا سأل حجى سؤاله حج 2 : 12، 13
الأيات 20، 21 :- و اما النفس التي تاكل لحما من ذبيحة السلامة التي للرب و نجاستها عليها فتقطع تلك النفس من شعبها. و النفس التي تمس شيئا ما نجسا نجاسة انسان او بهيمة نجسة او مكروها ما نجسا ثم تاكل من لحم ذبيحة السلامة التي للرب تقطع تلك النفس من شعبها.
الآية (20) متطابقة مع 1كو 11 : 27 لذلك ينبغى أن نقدم توبة وأن نعترف قبل أن نتقدم لسر التناول والآية (21) تدعو من يأكل أن يحفظ نفسه طاهراً ولا يتنجس. وهذه الآية تفسر لماذا رفض اليهود دخول دار الولاية يو 18 : 28 لأنهم كانوا يريدون الأكل من ذبيحة السلامة فى الفصح وخافوا أن يتنجسوا.
تقطع تلك النفس من شعبها = يحرم المخالف من ممارسة الشعائر
الأيات 22 – 27 :- و كلم الرب موسى قائلا. كلم بني اسرائيل قائلا كل شحم ثور او كبش او ماعز لا تاكلوا. و اما شحم الميتة و شحم المفترسة فيستعمل لكل عمل لكن اكلا لا تاكلوه. ان كل من اكل شحما من البهائم التي يقرب منها وقودا للرب تقطع من شعبها النفس التي تاكل. و كل دم لا تاكلوا في جميع مساكنكم من الطير و من البهائم. كل نفس تاكل شيئا من الدم تقطع تلك النفس من شعبها.
سبق شرحها فالشحم والدم من نصيب الرب لا يأكل منها أحد. الشحم يشير لكل رغبة وطاقة أعضائنا الدفينة وهذا ينبغى أن يكون لله وحده والدم يشير للنفس وهذه النفس لله. أما شحوم الميتة وشحم الحيوانات المفترسة = فكان يحل لهم أن يستعملوها فى عمل الشموع والإيقاد لكن لا تؤكل.
الأيات 28 – 34 :- و كلم الرب موسى قائلا. كلم بني اسرائيل قائلا الذي يقرب ذبيحة سلامته للرب ياتي بقربانه الى الرب من ذبيحة سلامته. يداه تاتيان بوقائد الرب الشحم ياتي به مع الصدر اما الصدر فلكي يردده ترديدا امام الرب. فيوقد الكاهن الشحم على المذبح و يكون الصدر لهرون و بنيه. و الساق اليمنى تعطونها رفيعة للكاهن من ذبائح سلامتكم. الذي يقرب دم ذبيحة السلامة و الشحم من بني هرون تكون له الساق اليمنى نصيبا. لان صدر الترديد و ساق الرفيعة قد اخذتهما من بني اسرائيل من ذبائح سلامتهم و اعطيتهما لهرون الكاهن و لبنيه فريضة دهرية من بني اسرائيل.
يأتى بقربانه.. يداه تأتيان = أى يقدم تقدماته بيديه علامة الرضى وأنه يقدم لله هذه التقدمة برضى علامة حب لله بإختياره.
الصدر والساق للكاهن = الكاهن هنا يمثل الله وكونه يقبل الصدر والرجل اليمنى معناه أن مقدم الذبيحة يعطى لله كل مشاعره وقلبه ومحبته (الصدر) وأعماله (الرجل) وبقوة (اليمنى) فهكذا قدم المسيح لنا محبته (الصدر وعمل فداؤه القوى (الرجل اليمنى) فنحن نقدم له ذبيحة سلامتنا (الصدر والرجل). وتشير إلى أن الله يعطى لخدامه محبته وقوة تسندهم فى خدمتهم، وهم عليهم أن يقدموا محبتهم وأن يسلكوا ببر وبإستقامة. وهذه العطية لهرون ولبنيه = أى لكل الكنيسة، الكل يتمتع بمحبة المسيح وعمله القوى (رجله اليمنى) التى داس لنا بها الشيطان. وعلى الكاهن أن يعطى حبه لرعيته، لذلك نقشت أسماء أسباط إسرائيل على صدرة رئيس الكهنة (قلبه) وكتفه.
الترديد = كان الكاهن يضع على يد مقدم الذبيحة الشحم وفوقه الصدر وفوق الصدرالساق والخبز فوقهم ويرددهم أى يضع يديه تحت يد مقدم الذبيحة ويرفعها ثم يحركها للجهات الأربع شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً. والمعنى أن الكاهن يقدم الذبيحة لله ويقدم شكره له فهو يملأ المسكونة كلها. ثم يتقبل نصيبه من يد الرب. وكأنه يقدم لله صدره وقدمه ويتسلمهم منه بقوة ليعمل لحسابه.
وأيضاً يشكر الرب على إحسانه وفى تقديم الحمل فى الكنيسة القبطية يحرك الكاهن يديه فى حركة مشابهة ويقول "إعط يارب أن تكون هذه الذبيحة مقبولة أمامك عن خطاياى وجهالات شعبك " بمعنى التضرع لله بأن يقبل ويغفر فإحساناته تغمر المسكونة كلها شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً. ولاحظ أن حركة الترديد + على مثال الصليب. فالصليب كائن وراء كل ذبيحة فالذبائح كلها تشير لشئ واحد وهوالمسيح المقدم ذبيحة على الصليب
رفيعة = هذه لها معنيان الأول أنها ترفع من التقدمة ليأخذها الكاهن والمعنى الآخر أنها ترفع أمام الله إلى أعلى وتردد أمام جلاله
الأيات 35، 36 :- تلك مسحة هرون و مسحة بنيه من وقائد الرب يوم تقديمهم ليكهنوا للرب. التي امر الرب ان تعطى لهم يوم مسحه اياهم من بني اسرائيل فريضة دهرية في اجيالهم.
مسحة هرون = كلمة مسحة تعنى مسحة الزيت وهناك كلمة أخرى عبرية لها نفس الشكل وهى مشحة بمعنى آخر وهو نصيب. ووضع كلمة مسحة فى هذه الآية تعنى المعنيان أنه يوم أن قدم هرون وبنيه ليمسحوا أى يتم تكريسهم للرب صاروا نصيباً للرب والرب أعطاهم نصيب لهم من ذبائحه فهم شركاؤه فى الخدمة والعمل.
الله هو الكاهن الأعظم وهارون وبنيه هم ممثلوه على الأرض هذه الأية قد تفهم مادياً بأنها نصيب هرون وبنيه من الأكل حتى لا يجوعوا وهذا ليس خطأ ولكن الله الذى قال "أطلبوا أولاً ملكوت الله وبره وهذه الباقية تزاد لكم" يطلب من كهنته أن يهتموا أولاً بالروحيات وخدمتهم الكهنوتية وخلاص نفوس شعب الله وهو سيملأهم روحياً لأجل نجاح هذه الخدمة. أما إمتلاء بطونهم فهذه تزاد لهم.
الأيات 37، 38 :- تلك شريعة المحرقة و التقدمة و ذبيحة الخطية و ذبيحة الاثم و ذبيحة الملء و ذبيحة السلامة. التي امر الرب بها موسى في جبل سيناء يوم امره بني اسرائيل بتقيرب قرابينهم للرب في برية سيناء
هذه هى الشريعة التى أمر بها الرب = إذاً يلزم التدقيق فيها فهى أوامر من الرب، أوامر مقدسة. وأما ذبيحة الملء = فهى الخاصة برئيس الكهنة التى يقدمها يومياً والخاصة بالكهنة حتى يمتلئوا. وهذه شرحها فى سفر الخروج أما هنا فقد وردت فى 6 : 19 – 23.
ملحوظة = قدم صموئيل لشاول الملك من ساق الرفيعة دلالة على أنه ينتظره مركزاً هاماً (1صم 9 : 24) وينتظره عملاً مقدساً.
كانت الذبائح خمسة أنواع :- محرقة، دقيق، سلامة، خطية، إثم. ورقم خمسة كما أشرنا سابقاً يشير للنعمة التى ظهرت بصليب أى ذبيحة المسيح. ولكن رقم خمسة يشير أيضاً للمسؤلية وهذا يتضح من مثال الخمس عذارى الحكيمات والخمس الجاهلات.
فالله أعطانا نعمة الإمتلاء من الروح القدس أى الزيت الذى فى الآنية ولكن كون أن نمتلئ فهى مسئوليتنا الشخصية. لذلك يقول الرسول بولس لتلميذه تيموثاوس "إضرم موهبة الله التى فيك بوضع يدىَ فتيموثاوس قد حصل على موهبة الله ولكن إضرامها أى إشعالها أى إمتلاءه من الروح القدس هو مسئوليته الشخصية 2تى 1 : 6. ورقم 5 أيضاً يشير للحواس الخمس وبالتالى أيضاً يشير للمسئولية الشخصية، فمسئوليتى هى أن أسمح بدخول أى شئ لداخلى من خلال منافذ التعامل مع العالم، فما يدخل ويستقر يساعد أن أمتلئ أو أفرغ من مواهب الله التى أعطاها لى.
والمسيح بذبيحته على الصليب إستوفى كل شئ فهو أرضى الآب وحمل خطايانا ولعنتنا بدلاً منا. ولكننا واحد مع المسيح نحن جسده من لحمه ومن عظامه، إذاً يجب علينا أن نتبع خطواته ونقدم جسدنا ذبيحة حية لنرضى الله. ونكون نحن الذين نقدم الذبيحة ونحن بأجسادنا الذبائح أيضاً "قدموا أجسادكم ذبيحة حية مقدسة رو 12 : 1" وكيف يمكن أن يتم هذا
1- ذبيحة المحرقة :- رأينا فيها المسيح فى طاعة كاملة للآب حتى الموت. فما هو مطلوب منا أن نقدم ذواتنا فى طاعة كاملة وتسليم كامل حتى لو قادنا هذا للصليب. ويتضمن هذا طاعة وصايا الله. وقطعاً فهذا له تكلفته، فإذا أردنا أن نقدم خدمة أو نتسامح مع من يريد أن يؤذينا، أو أن نتواضع أمام من لا يحبنا يصبح هذا شيئاً صعباً جداً ولكن هذا معنى الذبيحة. وهذه أشياء لا تكلل هنا بل فى السماء.
2- تقدمة الدقيق :- هنا المسيح يقدم حياته لنا، هو يُطحن ليصير لنا طعاماً وحياة، فهل نقبل أن نكون طعاماً للآخرين، نخدمهم فى محبة،نُنفِق ونُنفَق من أجلهم 2كو 12 :15 نبحث عن الجوعى والمساجين والمحتاجين. راجع فى 4 : 18 لتفهم معنى هذه الذبيحة. وراجع قوله فى 1تس 2 : 8 كنا نرضى أن نعطيكم لا إنجيل الله فقط بل أنفسنا أيضاً.
وكان يصاحب ذبيحة السلامة تقدمة خمر أى سكيب وفى ذلك يقول بولس الرسول "لكننى وإن كنت أنسكب أيضاً على ذبيحة إيمانكم وخدمته أسر وأفرح". فهو لا يقدم نفسه فقط لهم فى خدمته بل ينسكب من أجلهم ولكن لاحظ أنه فى هذا يسر !! هذا هو الفرح الحقيقى.فى 2 : 17. ولنلاحظ ماذا يصاحب هذه التقدمة أيضاً بخور أى صلاة وملح وزيت.
3- ذبيحة السلامة :- هى حياة الشركة والحب مع الجميع. ولنلاحظ أننا فى القداسات ملزمون أن نصلى من أجل الجميع وليس من أجل خلاصنا وحياتنا فقط.
4- ذبيحة الخطية :- حقاً المسيح مات لأجلى وحمل خطيتى ولكن علىَ أنا أن أموت للخطية وأن أحسب نفسى ميتاً عن خطايا وشهوات هذا العالم راجع رو 6 فنحن لن نختبر حياة القيامة مع المسيح مالم نقبل أن نموت معه عن خطايا العالم. وهذه ذبيحة مثل التى قدمها يوسف البار الشاب العفيف الذى كان جسده الخاطئ يحتاج لهذه الخطية لكنه فضل أن يقدم نفسه ذبيحة ويصلب أهواؤه وشهواته فكان مثالاً لجده إبراهيم الذى قدم إبنه ذبيحة وهذه الصورة الرائعة صورها قداسة البابا شنودة فى ترنيمة "هوذا الثوب خذيه" وراجع أيضاً 1بط 4 : 1 + غل 6 : 14 + فى 3 : 19 + غل 5 : 24 + 1كو 11 : 31 + 1بط 3 : 18
5- ذبيحة الإثم :- هى تقريباً متطابقة مع ذبيحة الخطية ولكن نخرج منها بشئ جديد، فلا يكفى أن نعترف بخطيتنا أمام الكاهن ونحصل على الحل فيجب أولاً أن نعوض من أخطأنا فى حقه. فلا يصح أن يعترف أحد بأنه أهان شخص آخر ويأتى ليعترف دون أن يذهب أولاً ليعتذر لأخيه المجروح. وقد تقف أمام هذا كبريائنا الشخصية والمقصود أن نقدمها ذبيحة وفى هذا أيضاً من يسرق فلا بد أن يرد المسروق بطريقة أو بأخرى. هكذا فعل زكا وهكذا قال السيد المسيح مت 5 : 23، 24
+ ذبيحة المحرقة تشير إلى البر الموهوب لنا فى دم المسيح بينما ذبيحة الخطية والإثم تشيران إلى رفع الخطية عنا. أما ذبيحة السلامة فتكشف عن حق جديد لنا فى الدم وهو حق الشركة فى حياة المسيح لنوال السلام الأبدى. المقصود بالشركة قطعاً ليست الشركة فى لاهوته، بل فى محبته وقداسته وحياته ومجده وأبديته...
+ ولكن نقف أمام عدم الأكل من ذبيحة السلامة إذا كانت نجاساتنا علينا !!
ونقارن مع قول بولس الرسول من يأكل ويشرب بدون إستحقاق (1كو 11 ) نجد الطقس لا يقول نجاساتها فيها بل عليها. وهناك فرق كبير بين قوله عليها وقوله فيها. فهناك إستحالة أن أقول "لا يجب أن يكون فِىَ خطية" لأن الرسول يوحنا يقول "إن قلنا أنه ليست لنا خطية نضل أنفسنا وليس الحق فينا" 1يو 1 : 8 وبولس الرسول يقول "الخطاه الذين أولهم أنا" وفى رو 7 : 17 "الخطية الساكنة فِىَ" إذاً الخطية ساكنة فينا لا محالة. ولكن هذا ليس معناه أن أعيش مستعبداً للخطية، بل علىَ أن أحاربها وأحارب أعضائى التى تشتهى الخطية. وأنا أحارب بالروح الذى فِىَ (رو 8 : 2) والروح القدس يعين فى هذه الحرب. ومن يجاهد ويقمع جسده ويستعبده ويضبط نفسه حتى بالرغم من وجود الخطية فيه لا تصبح عليه خطية راجع 1كو 9 : 25 + 1كو 9 : 27 + كو 3 : 5. فلنقدم توبة وإعتراف وإن إعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا 1يو 1 : 9. وبعد هذا إن لامنا ضميرنا أن هناك خطية ولا يجب أن نتقدم للتناول فهذا تشكيك فى فاعلية دم المسيح كذبيحة عن خطايانا وأثامنا راجع عب 10 : 19 – 23
الكاهن يأكل من ذبائح السلامة والخطية وتقدمة الدقيق. وإذا كان الكاهن يشير للمسيح رئيس كهنتنا فما معنى أنه يأكل من هذه الذبائح ؟ ربما يفسر هذا قول إشعياء عن المسيح "من تعب نفسه يرى ويشبع" أش 53 : 11 فالمسيح يشبع حين يرى شعبه فى سلام وشركة جسده الواحد (ذبيحة السلامة) وهم بدون خطية، مبررين (ذبيحة الخطية)، وحياتهم للآخرين (تقدمة الدقيق).
الإصحاحات 8 – 10
هذه الإصحاحات تقدم صورة رائعة لحياة التكريس وهى تشير لأن التكريس يبنى على
1- التقديس :- وهذا يكون بدم يسوع. فكان هرون عليه أن يغتسل وأن تتقدس ملابسه
2- التخصيص :- عدم الإنشغال بالعالم ورمز لهذا أن يبقى فى الخيمة 7 أيام. وعليهم أيضاً (هرون وأبناؤه) آلا يفرحوا كالعالم وآلا يحزنوا كالباقين الذين لا رجاء لهم. وعليهم أيضاً أن يعتبروا الرب نصيبهم، هو يعولهم
والمؤمنين بهذا المفهوم كلهم مكرسين لحساب ربنا يسوع، كل من قبل المعمودية أى أغتسل وقدس ملابسه يصير مكرساً للرب، كاهنا بالمفهوم العام للكهنوت أى يقدم ذبائح الحمد والتسبيح ومقدماً نفسه ذبيحة حية.
وكما حدث فى سفر الخروج فقد قدم الله شرحاً لموسى عن خيمة الإجتماع فى الإصحاحات 25 – 30 وقدم فيها أيضاً شرحاً لملابس الكهنة وطقس تكريسهم نجد هناك فى الإصحاحات لا 8 – 10 تنفيذ طقس تكريس الكهنة وبدء خدمتهم فى الخيمة.
وقد أرجئ أمر تكريس الكهنة إلى هنا حتى يأتى بعد الحديث عن شرائع الذبائح والتقدمات (لا 1 – 7) ليربط الذبائح بالكهنوت والكهنوت بالذبائح، فلا ذبيحة بدون كاهن، كما أنه لا عمل كهنوتى خارج الذبيحة. والخيمة بدون كهنة ستشبه المنارة بدون فتائل الإيقاد
شريعة ذبيحة الإثم
ذبيحة الإثم تقريباً فى شريعتها مثل ذبيحة الخطية. وفى آية (7) يقول أن لهما شريعة واحدة ولكن هذه الآية أعقبت تحديد نصيب الكاهن من أكل لحم الذبيحة فى آية (6) وسبقت آية (8) التى حددت أن الجلد للكاهن. فذبيحة الخطية والإثم واحد فى شريعتهما بالنسبة لهاتين النقطتين ولكنهما كما رأينا يختلفان فى نوع الحيوانات التى تقدم ويختلفان أيضاً فى التصرف فى دم الذبيحة ففى ذبيحة الإثم يرش دم الذبيحة على المذبح مستديراً. وكما رأينا أن الإستدارة تشير إلى أن الشئ لا بداية له ولا نهاية وهذا يتفق مع الآية 6 : 7 التى تنص على أن الله يصفح عن الشئ من كل ما فعله مذنباً به. هذه هى لا محدودية فاعلية دم المسيح. إذاً كل ذبيحة تنظر لذبيحة الصليب من ناحية حتى تتبلور أمام عيوننا ويتجسم عمل الصليب.
+ تأمل للعلامة أوريجانوس = الكاهن الذى يأكل من الذبيحة يشير للمسيح والذبيحة تشير للمسيح فكيف يأتى هذا ؟ هذا إشارة للمسيح الذى يأكل خطايا العالم ويرفعها فإلهنا نار آكلة تأكل خطايا العالم وتحطمها وتبددها وتنقينا منها. والمسيح يقول جئت لألقى ناراً على الأرض "لو 12 49 وهى تحرق أشواك الخطية.
+ ولاحظ أن نفس الأجزاء التى تقدم على المذبح هى أجزاء ذبيحة السلامة التى تقدم على المذبح وهذا يشير لأن غفران الخطية يستتبعه حلول سلام الله فى القلب
+ فى مكان مقدس تؤكل = الكهنة كأولاد لله يشتركون فى شركة عمل مع المسيح، لا يكفون عن الدخول بنفس كل خاطئ إلى دائرة الصليب حتى تحترق خطاياه. بهذا يحسب الكهنة أيضاً كمن يأكلون ذبيحة الخطية وذبيحة الإثم. ودائرة هذا العمل هى الكنيسة المكان المقدس الذى يتم فيه الأكل.
+ الجلد للكاهن = كان الكهنة يجمعون الجلود ويبيعونها ويقتسمون ثمنها، هذا بالنسبة لذبائح الأفراد أى المحرقات الخاصة، ويتم توزيع الثمن ليلة السبت. أما الذبائح العامة مثل المحرقات اليومية فكان ثمن جلودها يخصص لإلتزامات الهيكل والخدمة. وكأن الجلد هنا مكافأة الكاهن على عمله الكهنوتى. ويرى البعض أن فى هذا تذكرة بما حدث مع آدم فهو أخذ مكافأة عمله الكهنوتى جلد الذبيحة التى قدمها وبها كسا عريه.
تأمل :- هناك كهنوت عام لكل المسيحيين المعمدين وفيه يقدمون ذبائح تسبيح وصلاة ويقدمون أجسادهم ذبيحة حية.. الخ. ومن يقوم بعمله الكهنوتى هذا يمنحه الله الجلد أى يستر عريه. فالخطية تفضح وتعرى والذبيحة تستر، ومن يقدم نفسه ذبيحة يثبت فى المسيح الذى قدم نفسه ذبيحة لذلك يقول إحمل صليبك وإتبعنى إذا أردت أن تكون لى تلميذاً. راجع (رؤ 3 : 17، 18 )
إقتران التقدمات
من الواضح أن كل نوع من أنواع التقدمات والذبائح يشير إلى ناحية معينة فى حياة الرب يسوع أو فى صليبه. وحتى يتجسم المفهوم، كثيراً ما كانت تقترن بعض أنواع التقدمات والذبائح وسنرى هذا حالاً فى طقس ذبيحة السلامة.أمثلة لإقتران الذبائح والتقدمات
1- كانت المحرقة الدائمة اليومية ومحرقة يوم السبت تقترن بتقدمة دقيق (عد 28 : 3 – 5، 9، 10) وكذلك فى عيد الباكورة (عد 28 : 27، 28)
2- كان شحم ذبيحة السلامة يوقد دائما مع المحرقة (لا 3 : 3 – 5)
3- كانت ذبيحة الخطية تقترن مع المحرقة وتقدمة الدقيق فى المناسبات الأتية
أ) تقديس اللاويين (عد 8 : 8 – 12)
ب) خطية سهو الجماعة (عد 15 : 22 – 26)
ت) فى رأس كل شهر (عد 28 : 11 – 15)
ث) عيد الفصح (عد 28 : 19 – 22)
ج) عيد هتاف البوق (عد 29 : 2 – 5)
ح) عيد الكفارة (عد 29 : 8 – 11)
خ) عيد المظال (عد 29 : 13 – 16)
4- كانت ذبيحة الخطية وذبيحة الإثم مع المحرقة مع تقدمة الدقيق يقترنون معاً فى طقس تطهير الأبرص (لا 14 : 10 – 20)
5- فى عيد الخمسين (لا 23 : 18، 19) وعند إنتهاء مدة إنتذار النذير (عد 6 : 14، 15) وعند تدشين المذبح (عد 7 : 87، 88) تقترن ذبائح الخطية والسلامة والمحرقة والدقيق
6- وكانت تقترن المحرقة مع ذبيحة الخطية عند تطهير الوالدة (لا 12 : 6 – 8) وذو السيل وذات السيل (لا 15 : 14، 15 + 15 : 29، 30)
7- أما عند مسح الكهنة فكانت تقدم كل التقدمات والذبائح العادية ما عدا ذبيحة الإثم مضافاً إليها كبش الملء أو كبش التقديس وكذلك قربان الملء (لا 8 : 14 – 29، 9 : 2 – 4)
8- كان يقدم خمر مع بعض التقدمات والذبائح مثل المحرقة الدائمة (عد 28 : 6 – 8) والخمر تشير للفرح مز 104 : 15 + قض 9 : 13 وهذا تعبير عن سرور الله بهذه التقدمة.
الأيات 9، 10 :- و كل تقدمة خبزت في التنور و كل ما عمل في طاجن او على صاج يكون للكاهن الذي يقربه. و كل تقدمة ملتوتة بزيت او ناشفة تكون لجميع بني هرون كل انسان كاخيه.
هى تطبيق لما سبق. ما التصرف فى تقدمة الدقيق لو إقترنت مع ذبيحة الخطية أو ذبيحة الإثم ؟ هنا نجد نوعين من تقدمات الدقيق
أ) مخبوزة أو فى طاجن أو على صاج آية (9)..يأكلها الكاهن الذى يقربها
ب) ملتوتة (معجونة)بزيت أو ناشفة أى مجرد دقيق (10).. توزع على كل الكهنة.
وهناك سبب منطقى فالمخبوزة جاهزة وساخنة فتؤكل فوراً وأما الأخرى فيمكن توزيعها فيما بعد. والتأمل الروحى فى هذا أن الكهنة يلزمهم أن يأكلوا كلمة الله ليتغذوا بها ويطعموا بها الآخرين "حز 2 : 8 + 3 : 1" والكاهن لن يستطيع أن يقدم كلمة الله للآخرين إن لم تسوى فى التنور أى بنار الروح القدس. أما الطاجن فسبق أن أشرنا فى تفسير إصحاح (2) أنه يشير لبطن العذراء التى عمل فيها الروح القدس ليتجسد المسيح.
وهنا أيضاً فالروح القدس يعمل داخلياً فى بطوننا أى فى داخلنا لنعرف المسيح معرفة باطنية.
هنا نستطيع أن نخبر به الآخرين وأما الصاج، فالتقدمة فيه مكشوفة أى أن معرفة المسيح هذه ظهرت فى صورة مكشوفة فى شخص هذا الكاهن.
هنا فقط تكون كلماته مؤثرة فالشعب يرى فيه صورة المسيح. أما لو كانت التقدمة دقيق فقط أى مجرد معلومات وحتى لو كانت معجونة بزيت أى بإرشاد الروح القدس لكن لم تمر فى المراحل السابقة فيحسن أن توزع ويؤجل إستعمالها حتى تمر فى هذه المراحل. ولاحظ أن الله يحرم الكهنة من الكلمة أما مسئولية إختبارها تقع عليهم (تسوية التقدمة بنار الروح القدس) هذا ما عناه الله حينما قال لحزقيال "أطعم بطنك وإملأ جوفك" "حز 13 : 3" ولاحظ أن هذه التقدمات بلا لبان فهى مصاحبة لذبيحة خطية.
شريعة ذبيحة السلامة
نجد هنا مثلاً آخر لإقتران الذبائح نفهم منه كيف يتجسم ويتبلور عمل الصليب فى تجميع الذبائح ليتضح عمل معين أو وجه معين لذبيحة المسيح. ففى ذبيحة السلامة نوعين ا) شكر ب) نذر أو نافلةوذبيحة السلامة المقدمة للشكر كان يقرب معها أقراص فطير ملتوتة بزيت مع أقراص خبز خمير. ونحن سبق وفهمنا أن ذبيحة السلامة ترمز لسر الإفخارستيا أو سر الشكر. فلماذا إقترنت مع الفطير والخمير ؟ يفهم من ذلك الآتى
1- هى الذبيحة التى نقدم فيها الشكر للمسيح لأنه بها أعطانا الحياة والسلام.
2- من يأكل منها تكون حياته، ومن حياته المسيح يحيا فى سلام.
3- أقراص الفطير هى بلا خمير تشير للمسيح القدوس الذى بلا خطية المتحد لاهوتياً بروحه القدوس والذى مسح بالروح القدس من أجلنا. وهنا نرى صورة عجيبة يرسمها الوحى لهذه الذبيحة. ولنرى أنواع هذه التقدمة
أ) أقراص فطير ملتوتة بزيت: هذه تشير للإتحاد الأقنومى بين المسيح والروح القدس وأن الروح القدس هو الذى جسد المسيح فى بطن العذراء.
ب) رقاق فطير مدهونة بزيت: هذه تشير للمسيح يوم حل عليه الروح القدس لحسابنا.
ت) دقيق مربوكاً أقراصاً ملتوتة بزيت: الأقراص تشير لتعدد الأشخاص أى الكنيسة فسر الشركة يجمعنا كلنا مع المسيح رأسنا.
4- أقراص خبز خمير: الخمير يشير للخطية. وكنيستنا تصر على إستعمال خبزاً مختمراً فى سر التناول للإشارة إلى أن المسيح حامل خطايانا. فالفطير يشير لحياة المسيح قبل الصليب التى كانت خالية من كل شر أما وقد حمل خطايانا فى جسده على الصليب كان يلزم أن يضاف الخمير فى الخبز المقدم فى سر الإفخارستيا فى القداس القبطى الأرثوذكسى إشارة إلى الخطية التى حملها فى جسده فذبيحة القداس الإلهى تشمل الصليب وما قبل الصليب. لكن الكنيسة لم تكتفى بوضع الخمير بل لزم أن يدخل النار حتى تموت هذه الخميرة ثانياً كما ماتت الخطية فى جسد المسيح المقام من الأموات. فالخميرة موجودة فى قربان القداس ولكنها ميتة بفعل النار. وكما أبطلت النار فعل الخميرة كذلك أبطل المسيح الخطية بذبيحة نفسه حينما إشتعلت فيه نار العدل الإلهى على الصليب
أنواع ذبيحة السلامة
1- شكر :- على سلامة من خطر أو شفاء وهذا لخصه مزمور 107 وهنا نجد نصاً على تقديم ذبيحة سلامة فى الآية "22". هى ذبيحة تسبيح لمجد الله تعالى.2- نذر :- يقدمه إنسان فى ضيقة وهو يقدم هذا النذر إختيارياً، أنه لو مرت هذه الضيقة يقدم نذراً لله كذا وكذا. ويحمل النذر معنى أكبر فهناك من نذر نفسه لله فى ضيقة هذا العالم. أى أصبح مكرساً للرب تماماً (نذير)
3- نافلة :- هى تشبه النذور تماماً. لكن لا يوجد تكرار فى الكتاب المقدس بلا داعى والفرق فى هذه التقدمة بين النذر والنافلة. أن مقدم النافلة ليس فى ضيقة ولكن هو إنسان فرح وينتظر من الرب أكثر ويقول من خلال فرحه لو أصابنى أكثر سأعطى لله كذا وكذا. ومعنى كلمة نافلة = تقدمة إختيارية
والأن لنتأمل هذه المعانى !! أليست بهذه المعانى تتبلور ذبيحة وعمل المسيح. فهو قدم حياتة لمجد الله (شكر) وهو من خلال ضيقاته كان مكرساً بالكامل فى طاعة كاملة للآب (نذر) ولم يكن هذا عن إجبار بل كان هذا بفرح. فالمسيح فرح بالخلاص وكان يشتهيه كالآب تماماً وهوأعطى نفسه بفرح لخلاصنا والنافلة أيضاً قد تكون تطوعية تماماً أى إنسان فرح من كثرة ما أعطاه الله فيذهب ويقدم نافلة. وكان هناك فرق فى طقس النذر عن طقس النافلة، أنه إذا مات الحيوان الذى نذر أو فقد أو أصابه عيب يلتزم صاحب النذر أن يقدم ما يساويه فى القيمة، أما فى حالة مقدم النافلة لا يلزم بشئ فهو قد تعهد بتقديم حيوان بعينه (22 : 17 – 25)
ترتيب الذبائح
ورد ترتيب الذبائح مختلفاً فى المرتين اللتين ذكرت فيها الذبائح. المرة الأولى عندما حدد الكتاب هذه الذبائح ونوعياتها (الإصحاحات 1:1 – 7:6 والمرة الثانية فى شرحة لطقوس وشريعة تقديم هذه الذبائح (6 : 8 – 7 : 34) فلماذا ؟فى المرة الأول كان يشرح ماذا قدم المسيح لنا لذلك بدأ بالمحرقة أى أنه أرضى الآب حتى نكون نحن مقبولين أمام الآب. ثم شرح تقدمة الدقيق حتى يظهر أنه أعطانا حياته وروحه القدس. ثم ذبيحة السلامة ليظهر غرضه أنه أتى ليعطينا سلام وآخر الكل ذبائح الخطية والإثم ليظهر كحامل خطايانا. المسيح فى هذه المجموعة ظاهراً أمام الآب مقدماً نفسه كرأس للكنيسة ساتراً خطاياها أما فى المجموعة الثانية يشير إلى كيف نحصل على هذا السلام لذلك تسبق شريعة ذبيحة السلام شريعتى ذبيحة الخطية والإثم فلا سلام لنا دون أن تغفر خطايانا. هنا فى هذه المجموعة يتقدم المسيح لنا كحامل خطايانا حتى يعطينا السلام. لكن فى الحالتين تسبق المحرقة الجميع. فبدون رضاء الآب لم نكن لنحصل على شئ
مقارنة
الأيات 11 – 13 :- و هذه شريعة ذبيحة السلامة الذي يقربها للرب. ان قربها لاجل الشكر يقرب على ذبيحة الشكر اقراص فطير ملتوتة بزيت و رقاق فطير مدهونة بزيت و دقيقا مربوكا اقراصا ملتوتة بزيت. مع اقراص خبز خمير يقرب قربانه على ذبيحة شكر سلامته.
هذه شريعة ذبيحة السلامة لأجل الشكر
الأيات 14، 15 :- و يقرب منه واحدا من كل قربان رفيعة للرب يكون للكاهن الذي يرش دم ذبيحة السلامة. و لحم ذبيحة شكر سلامته يؤكل يوم قربانه لا يبقي منه شيئا الى الصباح.
يقرب منه واحداً من كل قربان = كان المقدم يأتى بعشرين دقيق، عشراً منها يخمر وعشراً يترك بدون خمير ويخبزون العشر الأول 10 أرغفة خبز مختمر. والعشر الثانى يخبز 30 فطيرة. والكل مخبوز بزيت. وكان الكاهن يأخذ 3 فطائر ورغيف خبز = رفيعة للرب. يكون للكاهن. وكلمة رفيعة أى مرفوع أو مقدم لله الذى فى الأعالى. وباقى الخبز والفطير يكون لمقدم التقدمة يأكله مع عائلته وأقرباؤه والفقراء الذين يدعوهم، هى مائدة شركة وحب يشكر فيها الله على إحساناته عليه. طبعاً يأكلوا من الخبز والفطير واللحم. هذه ذبيحة فرح، الكل يأكل منها حتى مقدمها (المذبح والكاهن ومقدمها والمدعوين) أما ذبيحة الخطية فمقدمها خاطئ، لا يجوز له أن يأكل منها. وفى كنيستنا فذبيحة شكرنا هى طعامنا حتى القيامة.
لا يبقى منه شيئاً حتى الصباح = كان يشترط على مقدم الذبيحة أن يأكل هو ومن دعاهم من لحم ذبيحة السلامة فى نفس اليوم، وكان يفضل أن يكون هذا ليلاً، ويدعو الجميع خصوصاً الفقراء وهم يأتون ليلاً ولن يشعروا بالخجل فلن يراهم أحد.
لحم ذبيحة السلامة هو خاص بالله، له وحده (راجع آية 21) وهو وحده له حق التصرف فيه، حتى لو أخذه مقدمه إلى بيته. والله صاحب الحق فى التوزيع يأمر من قدم الذبيحة أن يستعملها بكرم مع الآخرين، الكل يأكل منها والفقراء إخوة الرب أولاً. وعلى من يريد أن يشكر الرب فعليه أن يظهر فرحه المقدس بالله بإحتفال مقدس يدعو إليه الآخرين. ولذلك نص الله أن مقدم الذبيحة يجب أن ينتهى من أكلها فى نفس الليلة ولا يبقى منها للصباح. فكيف ينتهى منها إن لم يدعو آخرين.
هذا النص يشجعه على دعوة الآخرين وأن لا يكون بخيلاً فيبقى منها لنفسه حتى اليوم التالى لإستعماله الشخصى مما يخالف فكرة الشركة.
ولكن قوله لا يبقى منه شيئاً حتى الصباح يشير لجانب هام من القيامة فالمسيح قام والظلام باقى أى لم يبقى ميتاً كذبيحة فى الصباح (صباح الأحد).
وهناك معنى آخر أننا نأكل من ذبيحة الإفخارستيا فى ليل هذا العالم حتى يجئ صباح يوم القيامة وهناك فى الملكوت لن تكون هناك ذبيحة. وإشارة أنه لا يبقى منه حتى الصباح سبق الإشارة إليها فى خروف الفصح (خر 12 : 8، 10) وهذه أيضاً تشير للقيامة. ذبيحة السلامة فيها مائدة شبع للجميع (لحم وفطير وخبز) هى مائدة دسمة، مائدة التناول أشار لها إشعياء فى 25 : 6 أنها وليمة سمائن ممخة مع دردى (خمر).
الأيات 16، 17 :- و ان كانت ذبيحة قربانه نذرا او نافلة ففي يوم تقريبه ذبيحته تؤكل و في الغد يؤكل ما فضل منها. و اما الفاضل من لحم الذبيحة في اليوم الثالث فيحرق بالنار.
هذه خاصة بشريعة النذور والنافلة. وهذه تستكمل بلورة قصة القيامة. هنا يسمح بالأكل منها فى اليوم التالى لكن لا تستمر حتى اليوم الثالث. وهنا تشرح قيامة المسيح فى اليوم الثالث هو 6 : 2. وهنا يظهر وتكتمل الصورة أنه يقوم فى اليوم الثالث قبل الفجر. ويضاف لهذا أن الشريعة أعطت الحق لمقدم النذر والنافلة الحق فى إستخدام لحم ذبيحته حتى اليوم الثانى فهى تقدمة إختيارية. وكانوا يملحون لحم ذبائحهم حتى لا تفسد وتتعفن (مر 9 : 49) "كل ذبيحة تملح بملح"
وأما الفاضل من لحم الذبيحة فى اليوم الثالث فيحرق بالنار = تمليح الذبيحة وعدم الإبقاء منها حتى اليوم الثالث، وحرق المتبقى يشير إلى أن جسد المسيح إذ مات لم يتطرق إليه الفساد مز 16 : 9، 10"لن تدع تقيك يرى فساداً"
آية 18 :- و ان اكل من لحم ذبيحة سلامته في اليوم الثالث لا تقبل الذي يقربها لا تحسب له تكون نجاسة و النفس التي تاكل منها تحمل ذنبها.
من يخالف هذا فقد كسر الرمز الذى يرمز للمسيح فى قيامته بجشعه إذ أراد أن يحتفظ بجزء من الذبيحة لنفسه وإمتنع عن دعوة الآخرين. مرة أخرى هذه الخطية هى التمركز حول الأنا والذات والخلو من المحبة وفى هذا إنفصال عن الله لذلك سمى هذا نجاسة. والذى يقربها لا تحسب له = إذن عليه أن يقرب غيرها، هذا ليشجع مقدم الذبيحة على الإلتزام بالطقس الصحيح.
آية 19 :- و اللحم الذي مس شيئا ما نجسا لا يؤكل يحرق بالنار و اللحم ياكل كل طاهر منه.
هذه الآية تشير لأن إنتقال النجاسة أسهل كثيراً من إنتقال القداسة أى إذا وجد إنسان طاهر فى مجلس مستهزئين فستنتقل نجاستهم وخطاياهم إليه أسهل كثيراً من أن تنتقل نعمته إليهم. لذلك داود فضل أن لا يجلس فى مثل هذا المجلس وأن يعتزل الخطية. وهذا يفسر لماذا سأل حجى سؤاله حج 2 : 12، 13
الأيات 20، 21 :- و اما النفس التي تاكل لحما من ذبيحة السلامة التي للرب و نجاستها عليها فتقطع تلك النفس من شعبها. و النفس التي تمس شيئا ما نجسا نجاسة انسان او بهيمة نجسة او مكروها ما نجسا ثم تاكل من لحم ذبيحة السلامة التي للرب تقطع تلك النفس من شعبها.
الآية (20) متطابقة مع 1كو 11 : 27 لذلك ينبغى أن نقدم توبة وأن نعترف قبل أن نتقدم لسر التناول والآية (21) تدعو من يأكل أن يحفظ نفسه طاهراً ولا يتنجس. وهذه الآية تفسر لماذا رفض اليهود دخول دار الولاية يو 18 : 28 لأنهم كانوا يريدون الأكل من ذبيحة السلامة فى الفصح وخافوا أن يتنجسوا.
تقطع تلك النفس من شعبها = يحرم المخالف من ممارسة الشعائر
الأيات 22 – 27 :- و كلم الرب موسى قائلا. كلم بني اسرائيل قائلا كل شحم ثور او كبش او ماعز لا تاكلوا. و اما شحم الميتة و شحم المفترسة فيستعمل لكل عمل لكن اكلا لا تاكلوه. ان كل من اكل شحما من البهائم التي يقرب منها وقودا للرب تقطع من شعبها النفس التي تاكل. و كل دم لا تاكلوا في جميع مساكنكم من الطير و من البهائم. كل نفس تاكل شيئا من الدم تقطع تلك النفس من شعبها.
سبق شرحها فالشحم والدم من نصيب الرب لا يأكل منها أحد. الشحم يشير لكل رغبة وطاقة أعضائنا الدفينة وهذا ينبغى أن يكون لله وحده والدم يشير للنفس وهذه النفس لله. أما شحوم الميتة وشحم الحيوانات المفترسة = فكان يحل لهم أن يستعملوها فى عمل الشموع والإيقاد لكن لا تؤكل.
الأيات 28 – 34 :- و كلم الرب موسى قائلا. كلم بني اسرائيل قائلا الذي يقرب ذبيحة سلامته للرب ياتي بقربانه الى الرب من ذبيحة سلامته. يداه تاتيان بوقائد الرب الشحم ياتي به مع الصدر اما الصدر فلكي يردده ترديدا امام الرب. فيوقد الكاهن الشحم على المذبح و يكون الصدر لهرون و بنيه. و الساق اليمنى تعطونها رفيعة للكاهن من ذبائح سلامتكم. الذي يقرب دم ذبيحة السلامة و الشحم من بني هرون تكون له الساق اليمنى نصيبا. لان صدر الترديد و ساق الرفيعة قد اخذتهما من بني اسرائيل من ذبائح سلامتهم و اعطيتهما لهرون الكاهن و لبنيه فريضة دهرية من بني اسرائيل.
يأتى بقربانه.. يداه تأتيان = أى يقدم تقدماته بيديه علامة الرضى وأنه يقدم لله هذه التقدمة برضى علامة حب لله بإختياره.
الصدر والساق للكاهن = الكاهن هنا يمثل الله وكونه يقبل الصدر والرجل اليمنى معناه أن مقدم الذبيحة يعطى لله كل مشاعره وقلبه ومحبته (الصدر) وأعماله (الرجل) وبقوة (اليمنى) فهكذا قدم المسيح لنا محبته (الصدر وعمل فداؤه القوى (الرجل اليمنى) فنحن نقدم له ذبيحة سلامتنا (الصدر والرجل). وتشير إلى أن الله يعطى لخدامه محبته وقوة تسندهم فى خدمتهم، وهم عليهم أن يقدموا محبتهم وأن يسلكوا ببر وبإستقامة. وهذه العطية لهرون ولبنيه = أى لكل الكنيسة، الكل يتمتع بمحبة المسيح وعمله القوى (رجله اليمنى) التى داس لنا بها الشيطان. وعلى الكاهن أن يعطى حبه لرعيته، لذلك نقشت أسماء أسباط إسرائيل على صدرة رئيس الكهنة (قلبه) وكتفه.
الترديد = كان الكاهن يضع على يد مقدم الذبيحة الشحم وفوقه الصدر وفوق الصدرالساق والخبز فوقهم ويرددهم أى يضع يديه تحت يد مقدم الذبيحة ويرفعها ثم يحركها للجهات الأربع شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً. والمعنى أن الكاهن يقدم الذبيحة لله ويقدم شكره له فهو يملأ المسكونة كلها. ثم يتقبل نصيبه من يد الرب. وكأنه يقدم لله صدره وقدمه ويتسلمهم منه بقوة ليعمل لحسابه.
وأيضاً يشكر الرب على إحسانه وفى تقديم الحمل فى الكنيسة القبطية يحرك الكاهن يديه فى حركة مشابهة ويقول "إعط يارب أن تكون هذه الذبيحة مقبولة أمامك عن خطاياى وجهالات شعبك " بمعنى التضرع لله بأن يقبل ويغفر فإحساناته تغمر المسكونة كلها شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً. ولاحظ أن حركة الترديد + على مثال الصليب. فالصليب كائن وراء كل ذبيحة فالذبائح كلها تشير لشئ واحد وهوالمسيح المقدم ذبيحة على الصليب
رفيعة = هذه لها معنيان الأول أنها ترفع من التقدمة ليأخذها الكاهن والمعنى الآخر أنها ترفع أمام الله إلى أعلى وتردد أمام جلاله
الأيات 35، 36 :- تلك مسحة هرون و مسحة بنيه من وقائد الرب يوم تقديمهم ليكهنوا للرب. التي امر الرب ان تعطى لهم يوم مسحه اياهم من بني اسرائيل فريضة دهرية في اجيالهم.
مسحة هرون = كلمة مسحة تعنى مسحة الزيت وهناك كلمة أخرى عبرية لها نفس الشكل وهى مشحة بمعنى آخر وهو نصيب. ووضع كلمة مسحة فى هذه الآية تعنى المعنيان أنه يوم أن قدم هرون وبنيه ليمسحوا أى يتم تكريسهم للرب صاروا نصيباً للرب والرب أعطاهم نصيب لهم من ذبائحه فهم شركاؤه فى الخدمة والعمل.
الله هو الكاهن الأعظم وهارون وبنيه هم ممثلوه على الأرض هذه الأية قد تفهم مادياً بأنها نصيب هرون وبنيه من الأكل حتى لا يجوعوا وهذا ليس خطأ ولكن الله الذى قال "أطلبوا أولاً ملكوت الله وبره وهذه الباقية تزاد لكم" يطلب من كهنته أن يهتموا أولاً بالروحيات وخدمتهم الكهنوتية وخلاص نفوس شعب الله وهو سيملأهم روحياً لأجل نجاح هذه الخدمة. أما إمتلاء بطونهم فهذه تزاد لهم.
الأيات 37، 38 :- تلك شريعة المحرقة و التقدمة و ذبيحة الخطية و ذبيحة الاثم و ذبيحة الملء و ذبيحة السلامة. التي امر الرب بها موسى في جبل سيناء يوم امره بني اسرائيل بتقيرب قرابينهم للرب في برية سيناء
هذه هى الشريعة التى أمر بها الرب = إذاً يلزم التدقيق فيها فهى أوامر من الرب، أوامر مقدسة. وأما ذبيحة الملء = فهى الخاصة برئيس الكهنة التى يقدمها يومياً والخاصة بالكهنة حتى يمتلئوا. وهذه شرحها فى سفر الخروج أما هنا فقد وردت فى 6 : 19 – 23.
ملحوظة = قدم صموئيل لشاول الملك من ساق الرفيعة دلالة على أنه ينتظره مركزاً هاماً (1صم 9 : 24) وينتظره عملاً مقدساً.
تأمل عام فى الذبائح
كانت الذبائح خمسة أنواع :- محرقة، دقيق، سلامة، خطية، إثم. ورقم خمسة كما أشرنا سابقاً يشير للنعمة التى ظهرت بصليب أى ذبيحة المسيح. ولكن رقم خمسة يشير أيضاً للمسؤلية وهذا يتضح من مثال الخمس عذارى الحكيمات والخمس الجاهلات.
فالله أعطانا نعمة الإمتلاء من الروح القدس أى الزيت الذى فى الآنية ولكن كون أن نمتلئ فهى مسئوليتنا الشخصية. لذلك يقول الرسول بولس لتلميذه تيموثاوس "إضرم موهبة الله التى فيك بوضع يدىَ فتيموثاوس قد حصل على موهبة الله ولكن إضرامها أى إشعالها أى إمتلاءه من الروح القدس هو مسئوليته الشخصية 2تى 1 : 6. ورقم 5 أيضاً يشير للحواس الخمس وبالتالى أيضاً يشير للمسئولية الشخصية، فمسئوليتى هى أن أسمح بدخول أى شئ لداخلى من خلال منافذ التعامل مع العالم، فما يدخل ويستقر يساعد أن أمتلئ أو أفرغ من مواهب الله التى أعطاها لى.
والمسيح بذبيحته على الصليب إستوفى كل شئ فهو أرضى الآب وحمل خطايانا ولعنتنا بدلاً منا. ولكننا واحد مع المسيح نحن جسده من لحمه ومن عظامه، إذاً يجب علينا أن نتبع خطواته ونقدم جسدنا ذبيحة حية لنرضى الله. ونكون نحن الذين نقدم الذبيحة ونحن بأجسادنا الذبائح أيضاً "قدموا أجسادكم ذبيحة حية مقدسة رو 12 : 1" وكيف يمكن أن يتم هذا
1- ذبيحة المحرقة :- رأينا فيها المسيح فى طاعة كاملة للآب حتى الموت. فما هو مطلوب منا أن نقدم ذواتنا فى طاعة كاملة وتسليم كامل حتى لو قادنا هذا للصليب. ويتضمن هذا طاعة وصايا الله. وقطعاً فهذا له تكلفته، فإذا أردنا أن نقدم خدمة أو نتسامح مع من يريد أن يؤذينا، أو أن نتواضع أمام من لا يحبنا يصبح هذا شيئاً صعباً جداً ولكن هذا معنى الذبيحة. وهذه أشياء لا تكلل هنا بل فى السماء.
2- تقدمة الدقيق :- هنا المسيح يقدم حياته لنا، هو يُطحن ليصير لنا طعاماً وحياة، فهل نقبل أن نكون طعاماً للآخرين، نخدمهم فى محبة،نُنفِق ونُنفَق من أجلهم 2كو 12 :15 نبحث عن الجوعى والمساجين والمحتاجين. راجع فى 4 : 18 لتفهم معنى هذه الذبيحة. وراجع قوله فى 1تس 2 : 8 كنا نرضى أن نعطيكم لا إنجيل الله فقط بل أنفسنا أيضاً.
وكان يصاحب ذبيحة السلامة تقدمة خمر أى سكيب وفى ذلك يقول بولس الرسول "لكننى وإن كنت أنسكب أيضاً على ذبيحة إيمانكم وخدمته أسر وأفرح". فهو لا يقدم نفسه فقط لهم فى خدمته بل ينسكب من أجلهم ولكن لاحظ أنه فى هذا يسر !! هذا هو الفرح الحقيقى.فى 2 : 17. ولنلاحظ ماذا يصاحب هذه التقدمة أيضاً بخور أى صلاة وملح وزيت.
3- ذبيحة السلامة :- هى حياة الشركة والحب مع الجميع. ولنلاحظ أننا فى القداسات ملزمون أن نصلى من أجل الجميع وليس من أجل خلاصنا وحياتنا فقط.
4- ذبيحة الخطية :- حقاً المسيح مات لأجلى وحمل خطيتى ولكن علىَ أنا أن أموت للخطية وأن أحسب نفسى ميتاً عن خطايا وشهوات هذا العالم راجع رو 6 فنحن لن نختبر حياة القيامة مع المسيح مالم نقبل أن نموت معه عن خطايا العالم. وهذه ذبيحة مثل التى قدمها يوسف البار الشاب العفيف الذى كان جسده الخاطئ يحتاج لهذه الخطية لكنه فضل أن يقدم نفسه ذبيحة ويصلب أهواؤه وشهواته فكان مثالاً لجده إبراهيم الذى قدم إبنه ذبيحة وهذه الصورة الرائعة صورها قداسة البابا شنودة فى ترنيمة "هوذا الثوب خذيه" وراجع أيضاً 1بط 4 : 1 + غل 6 : 14 + فى 3 : 19 + غل 5 : 24 + 1كو 11 : 31 + 1بط 3 : 18
5- ذبيحة الإثم :- هى تقريباً متطابقة مع ذبيحة الخطية ولكن نخرج منها بشئ جديد، فلا يكفى أن نعترف بخطيتنا أمام الكاهن ونحصل على الحل فيجب أولاً أن نعوض من أخطأنا فى حقه. فلا يصح أن يعترف أحد بأنه أهان شخص آخر ويأتى ليعترف دون أن يذهب أولاً ليعتذر لأخيه المجروح. وقد تقف أمام هذا كبريائنا الشخصية والمقصود أن نقدمها ذبيحة وفى هذا أيضاً من يسرق فلا بد أن يرد المسروق بطريقة أو بأخرى. هكذا فعل زكا وهكذا قال السيد المسيح مت 5 : 23، 24
+ ذبيحة المحرقة تشير إلى البر الموهوب لنا فى دم المسيح بينما ذبيحة الخطية والإثم تشيران إلى رفع الخطية عنا. أما ذبيحة السلامة فتكشف عن حق جديد لنا فى الدم وهو حق الشركة فى حياة المسيح لنوال السلام الأبدى. المقصود بالشركة قطعاً ليست الشركة فى لاهوته، بل فى محبته وقداسته وحياته ومجده وأبديته...
+ ولكن نقف أمام عدم الأكل من ذبيحة السلامة إذا كانت نجاساتنا علينا !!
ونقارن مع قول بولس الرسول من يأكل ويشرب بدون إستحقاق (1كو 11 ) نجد الطقس لا يقول نجاساتها فيها بل عليها. وهناك فرق كبير بين قوله عليها وقوله فيها. فهناك إستحالة أن أقول "لا يجب أن يكون فِىَ خطية" لأن الرسول يوحنا يقول "إن قلنا أنه ليست لنا خطية نضل أنفسنا وليس الحق فينا" 1يو 1 : 8 وبولس الرسول يقول "الخطاه الذين أولهم أنا" وفى رو 7 : 17 "الخطية الساكنة فِىَ" إذاً الخطية ساكنة فينا لا محالة. ولكن هذا ليس معناه أن أعيش مستعبداً للخطية، بل علىَ أن أحاربها وأحارب أعضائى التى تشتهى الخطية. وأنا أحارب بالروح الذى فِىَ (رو 8 : 2) والروح القدس يعين فى هذه الحرب. ومن يجاهد ويقمع جسده ويستعبده ويضبط نفسه حتى بالرغم من وجود الخطية فيه لا تصبح عليه خطية راجع 1كو 9 : 25 + 1كو 9 : 27 + كو 3 : 5. فلنقدم توبة وإعتراف وإن إعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا 1يو 1 : 9. وبعد هذا إن لامنا ضميرنا أن هناك خطية ولا يجب أن نتقدم للتناول فهذا تشكيك فى فاعلية دم المسيح كذبيحة عن خطايانا وأثامنا راجع عب 10 : 19 – 23
+ الذبائح التى يأكل منها الكاهن
الكاهن يأكل من ذبائح السلامة والخطية وتقدمة الدقيق. وإذا كان الكاهن يشير للمسيح رئيس كهنتنا فما معنى أنه يأكل من هذه الذبائح ؟ ربما يفسر هذا قول إشعياء عن المسيح "من تعب نفسه يرى ويشبع" أش 53 : 11 فالمسيح يشبع حين يرى شعبه فى سلام وشركة جسده الواحد (ذبيحة السلامة) وهم بدون خطية، مبررين (ذبيحة الخطية)، وحياتهم للآخرين (تقدمة الدقيق).
الإصحاحات 8 – 10
هذه الإصحاحات تقدم صورة رائعة لحياة التكريس وهى تشير لأن التكريس يبنى على
1- التقديس :- وهذا يكون بدم يسوع. فكان هرون عليه أن يغتسل وأن تتقدس ملابسه
2- التخصيص :- عدم الإنشغال بالعالم ورمز لهذا أن يبقى فى الخيمة 7 أيام. وعليهم أيضاً (هرون وأبناؤه) آلا يفرحوا كالعالم وآلا يحزنوا كالباقين الذين لا رجاء لهم. وعليهم أيضاً أن يعتبروا الرب نصيبهم، هو يعولهم
والمؤمنين بهذا المفهوم كلهم مكرسين لحساب ربنا يسوع، كل من قبل المعمودية أى أغتسل وقدس ملابسه يصير مكرساً للرب، كاهنا بالمفهوم العام للكهنوت أى يقدم ذبائح الحمد والتسبيح ومقدماً نفسه ذبيحة حية.
وكما حدث فى سفر الخروج فقد قدم الله شرحاً لموسى عن خيمة الإجتماع فى الإصحاحات 25 – 30 وقدم فيها أيضاً شرحاً لملابس الكهنة وطقس تكريسهم نجد هناك فى الإصحاحات لا 8 – 10 تنفيذ طقس تكريس الكهنة وبدء خدمتهم فى الخيمة.
وقد أرجئ أمر تكريس الكهنة إلى هنا حتى يأتى بعد الحديث عن شرائع الذبائح والتقدمات (لا 1 – 7) ليربط الذبائح بالكهنوت والكهنوت بالذبائح، فلا ذبيحة بدون كاهن، كما أنه لا عمل كهنوتى خارج الذبيحة. والخيمة بدون كهنة ستشبه المنارة بدون فتائل الإيقاد
+