تفسير الاصحاح الثانى من سفر اللاويين للقس انطونيوس فكرى
تقدمه الدقيق
السيد المسيح له المجد كان رائحة سرور لله الآب وأرضى الآب بطريقتين أساسيتين وهما1- هو أرضى الآب بتقديم نفسه ذبيحة محرقة إشتعل بها الغضب الإلهى وإستوفت أجر العدل الإلهى حين تحولت إلى رماد
2- وهو أرضى الآب كذلك بحياته الطاهرة الخالية من أى إثم وأى خطية فهو لم يوجد فى فمه غش وكان باراً قدوساً بلا خطية
وحياته الطاهرة رمزت لها تقدمة الدقيق. إذاً فهو أرضى الرب بحياته وبموته. بحياته يرمز لها بتقدمة الدقيق وبموته يرمز لها بذبيحة المحرقة. والهدف المشترك بينهما هو إرضاء الله الآب. لذلك سميت تقدمة الدقيق أيضاً رائحة سرور للرب.
+ وتقدمة الدقيق لا تمثل الكفارة ولا الفداء فى شئ لماذا ؟ لأنها خالية من الدم فهى تمثل حياة المسيح الشخصية كخادم للرب ممسوح للخدمة وككاهن وتمثل ألامه وأحزانه التى إحتملها فى حياته. وهو شبه نفسه بحبة الحنطة التى إن لم تقع فى الأرض وتمت لا يكون لها ثمر. ولكننا هنا نحن لسنا أمام حبة حنطة إنما دقيق فهو مسحوق لأجل معاصينا. واللون الأبيض الذى للدقيق يشير لنقاوته. وأيضاً المسيح كدقيق هو خبز الحياة، الخبز الذى نزل من السماء "من يأكلنى يحيا بى" فتقدمة الدقيق تمثل تجسد المسيح وحياته فى الجسد. وملمس الدقيق الناعم يشير لحنان المسيح.
+ هذه التقدمة أخذت أشكالاً متعددة (دقيق - فطير – فريك) على أى الحالات كله خبز وكله حبة حنطة وكله دقيق أى الكل يرمز للحياة.
+ صاحب هذه التقدمة وضع اللبان. واللبان هو أحد مركبات البخور (خر 30 : 34) واللبان يمثل الكهنوت فالمسيح كان رئيس كهنتنا، ويمثل أيضاً الصلاة "لتستقم صلاتى كالبخور قدامك" وتمثل أيضاً الرائحة الزكية، فالمسيح كان يحترق من أجل الآخرين لكى يقدم رائحة سرور للرب. ومن الناحية العملية كان البخور يخفف من رائحة الذبائح الأخرى. وكان يقدم مع هذه التقدمة ملحاً ولا يقدم خمير. فالخمير يشير للخطية كما قال السيد لتلاميذه " تحرزوا من خمير الفريسيين" وهو أى السيد كانت حياته بلا خطية فعدم وجود خمير يمثل الجانب السلبى فى حياته أنه هو بلا خطية ووجود الملح يمثل الجانب الإيجابى فهو يصلح حياة الناس "فالملح يحفظ الطعام من الفساد ".
ملتوتة بزيت وممسوحة بزيت
هو تعبير مذهل ودقيق جداً يشرح العلاقة بين الإبن والروح القدس فعبارة ملتوتة بزيت أى دقيق معجون بزيت وهذه العجينة لا يمكن فصل الدقيق عن الزيت فيها وهذا تعبير واضح عن العلاقة الأقنومية بين الإبن والروح القدس فهم واحد من الناحية اللاهوتية. أما عبارة ممسوحة بزيت فتشير لمسح المسيح بالروح القدس، هذا من ناحية جسده وهذا تم يوم العماد حين حل عليه الروح القدس وهذا بالطبع تم لحساب الكنيسة التى هى جسده وكان الملوك والكهنة يمسحون وهو كان رئيس كهنتنا وهو ملك الملوك. والزيت رمز للروح القدس 1صم 16 : 13.يشوى بنار
هذه لا تشير لألام الصليب بل تشير لألام المسيح فى حياته. فكل حياته كانت ألام (رجل أوجاع ومختبر الحزن اس 53 : 3) محتقر ومخزول من الناس لم يواجه سوى بالإهانات والشتائم فقالوا عنه مختل العقل وأكول وشريب خمر محب للعشارين والخطاة وكاسر للسبت وناقض للشريعة وأنه ضد قيصر وأنه ضال ومضل. وكم من مرة كانوا يطردونه ويحاولون قتله وكم من مرة تآمروا عليه ليسقطوه فى الخطأ ومن ثم يشتكون عليه. ولم يقابل هو كل ذلك إلا بالحب والرحمة فكان رائحة سرور. بالإضافة إلى أن مقدم الذبيحة حين كان يرى تقدمته تحرق بالنار يداخله إحساس بأن هذا الجزء الذى تأكله النار هو مقدم لله الذى له كل شئ فهو صاحب كل شئ وهو الذى أعطى كل شئ فمنه وله كل شئ. وقد يرتقى مقدم الذبيحة بفكره ويتأمل فيها ويصل إلى ما وصل إليه بولس الرسول أن "الأطعمة للجوف والجوف للأطعمة والله سيبيد هذا وتلك 1كو 6 : 13. فيفهم أن الجسد زائل وعليه أن يهتم بأن يقدس نفسه لأبديتهوهنا شرح ووصف لتقدمة الدقيق منفصلة فهى قد تقدم منفصلة وقد تقدم كمرافقة للذبائح الدموية (عد 15 : 1 – 16) فإذا ما قدمت مرافقة للذبائح فتشير الذبيحة لغفران الخطية أما تقدمة الدقيق فتشير لشكر الله على إحساناته.
هذه التقدمة يمكن أن يقدمها أفقر الناس وهى تبدأ بالدقيق الفاخر (دقيق الحنطة) المنخول وفى هذه الحالة يكون أقل مقدار يمكن تقديمه هو عشر الإيفة وهذا يساوى 2.29 لتر وتنتهى بالفريك أو أرغفة الخبز وهذه يأكلها أفقر الفقراء. من عنده فرن يقدم خبزاً مخبوزاً ومن ليس لديه فليقدم مما يأكل طاجن دقيق بزيت وهكذا فالله لا يهتم بقيمة التقدمة بل بأن يقدم الإنسان تقدمته بقلبه شاكراً الله على ما أعطاه. فى هذه التقدمة أيضاً إعترافاً من مقدمها بأنه يعتمد على الله فهو مصدر رزقه.
+ وكان الزيت الذى يستخدم من زيت الزيتون النقى وكان الزيت الموضوع على الدقيق من الأطعمة الشائعة عند اليهود. ووضع الزيت هو شكر لله على عطاياه فى الإثمار
+ فى قصة يوسف فى أرض مصر بعد أن أنقذ الشعب من المجاعة جعلهم يتنازلون عن أرضهم وأملاكهم لفرعون فى هذا إشارة لعمل المسيح فهو قد إشترانا بدمه بعد أن أنقذ حياتنا فصرنا نحن وكل ما نملك ملكاً له. ومما نملك نقدم له. ولاحظ أن التقدمة إختيارية وهى تعنى أن "كل ما نملك بل ونحن أيضاً ملك لك، الكل منك ولك أو أننا نعطيك مما لك". وبحريتنا نستطيع أن لا نعطى بل ونرفض أن نكون ملكاً له وهذه الحال يمتلكنا غيره ألا وهو عدو الخير. والله حين يملك علينا فهو يحررنا وعدو الخير حين يملك علينا يستعبدنا فنصرخ فى ذلنا لنا سادة سواك، كانت هذه صرخة أشعياء "إستولى علينا سادة سواك 26 : 13 وهؤلاء يذلوننا.
+ فى دا 9 : 27 "يبطل الذبيحة والتقدمة" والمقصود الذبائح الحيوانية الدموية وتقدمات الدقيق
+ كانت خطية قايين أنه قدم من باكورات حقله دون تقدمة دموية كما فعل أخوه ومعنى تقديم ذبيحة دموية أنه يعترف بأنه يستحق الموت ودم الذبيحة الذى يرمز لدم المسيح يطهره أى إعترافه بالإحتياج لدم المسيح. ورفضت تقدمة قايين لأنه لم يعترف بأنه محتاج لدم المسيح وتصور أنه مقبول أمام الله بدون دم المسيح.
+ وهذه التقدمة تشير للمسيح وكنيسته فهو قدم نفسه كسر حياتها وموضوع شبعها. فيه صارت مقبولة أمام الله الآب. فعلينا نحن أن نقدم حياتنا الآن لمجد الله بحياة نقيه.
آية 1 :- و اذا قرب احد قربان تقدمة للرب يكون قربانه من دقيق و يسكب عليها زيتا و يجعل عليها لبانا.
وإذا قرب = إذا فهى إختيارية مثل المحرقة. قربان = هذه تعنى عطية أو منحة أو هدية أو هبة فالمسيح أعطانا حياته فينا هبة مجانية. من دقيق = فالمسيح خبز الحياة ويسكب عليها زيتاً = إشارة لمسحه بالروح القدس وهو إسمه المسيح أى الممسوح بالروح القدس. وسكب الروح القدس على جسد المسيح هو سكبه على الكنيسه فالكنيسة هى جسده. وهذا السكب تم بعد المعمودية وهذا ما كان مرموزاً له فى قصة نوح فبعد أن نجا نوح بالفلك على مثال المعمودية أتت له الحمامة (رمز الروح القدس) بغصن زيتون (الزيت) رمز المسحة المقدسة. (1بط 3 : 20، 21) والزيت يشير لقوة عمل المسيح فكل عمله كان بالروح القدس فكانت خدمته قوية. راجع لو 4 : 1، 14، 18 والمسيح أمر تلاميذه أن لا يبدأوا الخدمة إلى أن يلبسوا قوة من الأعالى لو 24 : 49. ويجعل عليها لبان = اللبان يشير للصلاة ولشفاعة المسيح ولعمل المسيح الكهنوتى
آية 2 :- و ياتي بها الى بني هرون الكهنة و يقبض منها ملء قبضته من دقيقها و زيتها مع كل لبانها و يوقد الكاهن تذكارها على المذبح وقود رائحة سرور للرب.
ملء قبضته. ويوقد تذكارها = الله يتقبل هذا الجزء القليل. هذا هو نصيبه لأن نار المذبح تأكله وهو تذكار للمقدم أن كل شئ لنا هو من الله وكل شئ من إحساناته وهويذكر للمقدم عطاياه ومحبته. "يقول أحد القديسين ليست عطية بلا زيادة إلا التى بلا شكر" ولاحظ أن ما يوضع على المذبح من هذه التقدمة يختلط بدم الذبائح المقدمة بلا أنقطاع وبذلك لا تحرم التقدمة من فاعلية الدم المقدس لغفران الخطايا. مع مع كل لبانه = اللبان يشير للصلاة والعبادة ونحن نقدم كل العبادة والمجد لله. القلب كله مرفوع لله لذلك فاللبان يقدم كله لله. وهناك معنى آخر أن كل ما نحصل عليه هو بشفاعة المسيح الكفارية لذلك نضع فى نهاية الصلاة الربانية "بالمسيح يسوع ربنا"
رائحة سرور = الكنيسة ليس لديها ما يسر الآب سوى مسيحها القدوس.
آية 3 :- و الباقي من التقدمة هو لهرون و بنيه قدس اقداس من وقائد الرب.
قدس أقداس = فالكاهن يأخذ ملء قبضته ويضع على المذبح، هذا هو نصيب الله والباقى يأكله الكهنة فقط دون نسائهم. والمعنى الآن أن لا يأكل من جسد المسيح سوى من نال الكهنوت العمومى أى كل معمد. ولأنها قدس أقداس ينبغى الآن أن نتقدس حتى نأكل منها فمن يأكل بدون إستحقاق يصبح مجرماً فى جسد الرب ودمه (1كو 11) وكان رئيس الكهنة له صفيحة على تاجه (عمامته) مكتوب عليها قدس للرب أى مكرس أو مخصص للرب وهكذا نحن ينبغى أن يكون القلب كله للرب. وهناك أنصبه للكهنة يقال عنها قدس فقط وليس قدس أقداس وهذه يأكل منها عائلات الكهنة ولا يشترط أن تؤكل فى خيمة الإجتماع وهذه كباكورات الزيت والخمر وأنصبتهم من ذبائح عيد الفصح وذبائح السلامة لا 23 : 20 + عد 6 : 20.
وهنا فارق هام بين تقدمة الدقيق وذبيحة المحرقة :- فذبيحة المحرقة كانت تقدم كلها على مذبح تأكلها النار فهى كلها للرب أما هنا فما يقدم لله على المذبح ملء قبضة والباقى للكهنة والمعنى أن المسيح هنا قدم حياته لله (يرمز لها ملء القبضة) ولكنه أيضاً قدم نفسه للبشر لكى يكون لهم سر حياتهم. ولنلاحظ أن المسيح قدم ذاته تماماً لله ولنا ولم يبخل بشئ فهل نفعل مثله ويكون القلب كله لله وبكل الحب نخدم الآخرين. بهذا نصبح ذبائح حية.
+ والكنيسة التى ليس لديها شئ تقدمه للآب سوى مسيحها القدوس فتقدمة لتسر الآب وبينما هى تقدم هذه الذبيحة الفريدة إذ بها تتقبل المسيح فى حياتها قدس أقداس تتناول جسده ودمه المبذولين كسر حياتها وشبعها الروحى.
آية 4 :- و اذا قربت قربان تقدمة مخبوزة في تنور تكون اقراصا من دقيق فطيرا ملتوتة بزيت و رقاقا فطيرا مدهونة بزيت.
النوع الثانى هو الفطير سواء كان مخبوزاً فى تنور = فرن على شكل أقراص ملتوته أى معجونة بالزيت أو بكونه رقاقاً مدهوناً بالزيت. والعجن بالزيت يشير للوحدة الأقنومية بين المسيح والروح القدس ومدهونة بزيت تشير لحلول الروح القدس على المسيح ودخول الفرن إشارة لألام المسيح فى حياته
آية 5، 6 :- و ان كان قربانك تقدمة على الصاج تكون من دقيق ملتوتة بزيت فطيرا. تفتها فتاتا و تسكب عليها زيتا انها تقدمة.
النوع الثالث هو أيضاً فطير مخبوز ومقدم فى هيئة قطع على صاج ومسكوب عليه زيت. وتفتها فتاتاً = هى الأكلة المعروفة بإسم الفتة وهى أكله مفضلة فى الشرق. مرة أخرى نجد هنا ما يشير للمسيح وأعضاء كنيسته، فكما كان فى ذبيحة المحرقة الكاهن يرتب على المذبح قطع الذبيحة ورأينا فى هذه المسيح (الرأس) مع أعضاء الكنيسة (أعضاء جسد الذبيحة) نجد هنا المسيح بين شعبه كبكر بين إخوة كثيرين. وراجع 1كو 10 : 16، 17 "فإننا نحن الكثيرين خبز واحد جسد واحد.." وتسكب عليها زيتاً = هذا هو الروح القدس الذى يحل على شعب المسيح بعد دهنه بزيت الميرون
آية 7 :- و ان كان قربانك تقدمة من طاجن فمن دقيق بزيت تعمله.
النوع الرابع تقدمة من طاجن دقيق بزيت تعمله = الطاجن هو أناء فخارى وهذا يشير للعذراء مريم " إذ لنا هذا الكنز فى أوانى خزفية" 2كو 4 : 7.فهى الأناء الذى تقدس ليتحقق فيها تجسد كلمة الله الدقيق الفاخر وهذا تم بالروح القدس "الروح القدس يحل عليك". وكلمة زيت تعمله بذلك تعنى أن الروح القدس هو الذى عمل أو جسد أو كون جسد المسيح فى بطن العذراء. وهذه العطية لأنها عطية الفقراء فالكاهن يقدمها بنفسه ولنذكر فقر العذراء بالجسد وتقديمها محرقة طيور.
آية 8 :- فتاتي بالتقدمة التي تصطنع من هذه الى الرب و تقدمها الى الكاهن فيدنو بها الى المذبح.
تقدمها إلى الكاهن = فهى عطية الفقراء
آية 11 :- كل التقدمات التي تقربونها للرب لا تصطنع خميرا لان كل خمير و كل عسل لا توقدوا منهما وقودا للرب.
لأن كل خمير وكل عسل لا توقدوا منها = الخمير يشير للشر الذى يؤثر على الآخرين تحرزوا من خمير الفريسيين والصدوقيين مت 16 : 6 وفى مر 8 : 15 خمير هيرودس أى شره وريائه.
والمسيح كان بلا خطية. ولكننا نستعمل فى سر التناول خبزاً مختمراً لأن المسيح كان حاملاً خطايانا. والشعب عند خروجه من أرض مصر أكل خبز غير مختمر فكان هذا ليذكرهم بنجاتهم من العبودية. والعسل يرمز للملذات الزمنية ونحن لن ننعم بالملذات الإلهية إلا لو تخلينا عن الملذات الزمنية، هذه التى لم يراها المسيح فى حياته بل كان مختبر الأحزان قال عنه الكتاب مراراً أنه بكى ولم يقول أبداً أنه ضحك. إذا فالعسل يرمز للملذات ويرمز للشر المحبوب. والعسل عكس البخور (اللبان) فالنار تفسد العسل أما مع البخور فتخرج رائحة جميلة. فألام المسيح أو الشهيد التى يحتملها من أجل الله الآب هى المر والمر له رائحة ذكية
آية 12 :- قربان اوائل تقربونهما للرب لكن على المذبح لا يصعدان لرائحة سرور.
قربان أوائل تقربونها للرب. لكن على المذبح لا يصعدان = فكان الخمير والعسل يقدمان كبكورات للكاهن دون أن يقدم منهم للمذبح فهما فى حد ذاتهما لا عيب فيهما(لا 23 :17 + 2أى 31 : 5). والخمير له إشارة أخرى فهو يشير لملكوت السموات وهذا واضح فى مت 13 : 33 فالمسيح ترك خميرة من 11 تلميذ لكنهم خمروا العالم فإمتد ملكوت المسيح فى العالم كله أى إختمر عجين البشرية. ولاحظ فى هذا المثل أن الخمير وضع فى ثلاثة أكيال دقيق ورقم 3 يشير للقيامة. لذلك لا يقدم الخمير على المذبح فبعد قيامة المسيح لا يعود يصلب ثانية ولا يتألم ثانية. بل يقدم عسل أيضاً فبعد القيامة أفراح ولا يوجد معنى لتقديم الخمير والعسل على المذبح من هذه الناحية التى تشير لقيامة المسيح وإمتداد ملكوت وأفراح السماويات.
آية 13 :- و كل قربان من تقادمك بالملح تملحه و لا تخل تقدمتك من ملح عهد الهك على جميع قرابينك تقرب ملحا.
بالملح تملحه = الملح يستخدم لحفظ الطعام من الفساد. وأكل الخبز والملح رمز للعهد بين الله والناس فى الشرق. وكان أكل الملح رمز للعهد فهو ملح عهد (عز 4 : 14) وكان الملح فى الهيكل بصفة مستمرة بل كانت هناك حجرة إسمها حجرة الملح وهى من عطايا الشعب. فالملح كان تقدمة عامة (عز 7 : 20 – 22) وكان مقدم الذبيحة أو التقدمة لا يأتى بالملح معه بل يؤخذ من الملح الذى فى الهيكل وهذا يعنى أن تقدماتهم فى حد ذاتها فاسدة لولا الملح الذى فى الهيكل. ولذلك سمى هنا ملح عهد إلهك = والمعنى أن علينا أن نحفظ العهد مع الله دون فساد. وليكن كلامنا مصلحاً بملح كو 4 : 6 أى غير فاسد وبوقار ورزانة ولمجد الله فنحن ملح الأرض وإذا فسد الملح يلقى خارجاً. وأيضاً الملح مع هذه التقدمة كان يرمز إلى أن ناسوت المسيح لن يرى فساداً "لن تدع قدوسك يرى فساداً" (مر 9 : 49، 50)
الآيات 14 – 16 :- و ان قربت تقدمة باكورات للرب ففريكا مشويا بالنار جريشا سويقا تقرب تقدمة باكوراتك. و تجعل عليها زيتا و تضع عليها لبانا انها تقدمة. فيوقد الكاهن تذكارها من جريشها و زيتها مع جميع لبانها وقودا للرب
النوع الخامس الباكورات من الفريك = والفريك هو سنابل قمح تم قطفها مبكراً وهى ما زالت خضراء ثم تفرك هذه السنابل وتدش أى تضرب = دشيشاً سويقا = أى مدقوقة ومشوية. وكانت الباكورات تقدم حسب الناموس فى عيد الحصاد أو يوم الخمسين (خر 23 : 16 + تث 16 : 9) والكنيسة نالت الباكورات من الروح القدس يوم الخمسين يوم حل الروح القدس على التلاميذ (أع 2 : 4). كانت تقدمات وعطايا جديدة إذ كان كل شئ جديداً وإلتهب التلاميذ بالنار. والسنابل الخضراء هذه تشير للمسيح الذى شبه نفسه بالغصن الرطب لو 23 :31 وفرك السنابل وشيها يشير للألام التى واجهها المسيح فى حياته إلى درجة أنه قال "نفسى حزينه جداً حتى الموت" مت 26 : 38 ولكن أن كان المسيح شبه نفسه بحبة الحنطة.
يو 12 : 24 فتكون السنبلة هى كنيسة المسيح ولكن هى حية بمسيحها فيها وهى ستواجه نفس الألام "فى العالم سيكون لكم ضيق"، هذا هو الفرك والشى بالنار. فما حدث للمسيح سيحدث للكنيسة. ولاحظ أن الفريك بعد أن يشوى بالنار ( الألام التى عانى منها المسيح فى حياتة) يطبخ بعد ذلك أى يعود للنار مرة أخرى (هذه هى ألام الصلب). وتجعل عليها زيتاً = هذا هو الروح القدس المنسكب على الكنيسة.
ولو تتبعنا أنواع التقدمات فى هذا الإصحاح لرأينا قصة المسيح مع الكنيسة فهو حياتها
1- الدقيق = يشير للمسيح الطاهر النقى الذى تجسد وعاش حياة طاهرة وكان رجل أوجاع مسحوق.
2- أقراص دقيق ملتوتة بزيت = تشير لأن المسيح المتجسد واحد مع الروح القدس بلاهوته.
3- رقاق فطير مدهونة بزيت = تشير لأن الروح القدس حل على المسيح لحساب الكنيسة يوم العماد
4- الفتات = تشير للمسيح البكر بين أخوة كثيرين والروح القدس حل على أعضاء جسد المسيح (الكنيسة)
5- تقدمة من طاجن = تشير لتجسد المسيح من بطن العذراء بالروح القدس
6- الفريك = هى الكنيسة المتألمة مع مسيحها ولكنه هو سر حياتها وهذه الأخيرة شرحها بولس الرسول تماماً فى قوله "الذى الأن أفرح فى ألامى لأجلكم وأكمل نقائص شدائد المسيح فى جسمى لأجل جسده الذى هو الكنيسة كو 1 : 24
تأمل :-
تقدمة الدقيق كانت تحتاج لإعداد فى المنزل حيث يعد الدقيق أو يعجن ويعد فطير أو فتات أو طاجن.. ألخ ويأتى به من أعده إلى خيمة الإجتماع ونتعلم من هذا أنه يجب أن تكون لنا علاقة خاصة مع المسيح فى مخدع الصلاة حتى يكون لتقدمتنا فى الكنيسة رائحة سرور. هذا سؤال كثيرين لماذا لا أفرح بالقداس والإجابة لأنه لا يوجد علاقة فى مخدع الصلاة.وكان الكهنة يأكلون نصيبهم فى مكان مقدس أى خيمة الإجتماع والمعنى أن معرفة المسيح التى نتغذى بها لن تتم إلا بإنعزالنا عن شرور هذا العالم أى بتقديم توبة أولاً
+