تفسير الاصحاح السادس عشر من سفر اللاويين للقس انطونيوس فكرى
يوم الكفارة العظيم
كان لهذا اليوم أهميته الخاصة عند اليهود، وله طقسه الفريد. وهو يقدم لنا مفاهيم رائعة عن ذبيحة المسيح وعملها الكفارى كما كشف لنا بولس الرسول فى عب 9 : 7 وما بعده. وعظمة هذا اليوم أنه كان رمزاً ليوم الفداء العظيم وشوق البشرية له. وهذا اليوم فريد لتميزه بالآتى :-1- هو اليوم الوحيد الذى يدخل فيه رئيس الكهنة لقدس الأقداس
2- هو اليوم الوحيد الذى يقوم فيه رئيس الكهنة بالعمل بمفرده
3- هو اليوم الوحيد الذى يخلع فيه رئيس الكهنة ملابسه الفاخرة ويلبس ملابس بيضاء
4- هو اليوم الوحيد الذى يصوم فيه الشعب حسب ناموس موسى.
وكان لأهمية هذا اليوم وشهرته عند اليهود أن علماء اليهود دعوه "اليوم" وربما لهذا أشار بولس الرسول فى عب 7 : 27. وربما كان الصوم المشار إليه فى سفر الأعمال أع 27 : 9 فهو لا يحتاج لتعريف لشهرته. وكان اليهود ينظرون لهذا اليوم كما ننظر نحن ليوم الجمعة العظيمة.
بعض المفسرين حسب يوم عماد المسيح فكان هو نفس يوم عيد الكفارة أى اليوم العاشر من الشهر السابع. وقالوا إذاً يوم الكفارة يرمز لهذا اليوم الذى فيه قد إنشقت السموات وكان الصوت "هذا هو إبنى الحبيب". وبعضهم أشار لأن هذا اليوم هو يوم صلب المسيح وصار لنا رئيس كهنة أعظم يشفع بدمه الثمين عن العالم كله ليدخل لمؤمنيه منهم إلى سماء السموات. ولكن يوم الكفارة مرتبط بالصليب بالأكثر.
وكان هذا اليوم هو العاشر من الشهر السابع. والشهر السابع كان عند اليهود هو شهر الإحتفالات والأعياد العظيمة عندهم. ففى يومه الأول إحتفال الهتاف بالبوق وفى العاشر منه يوم الكفارة وفى الرابع عشر منه عيد المظال ومدته 8 أيام. ويأتى الشهر السابع خلال شهرى سبتمبر وأكتوبر وترتيبه السابع فى السنه الدينية والأول فى السنة السياسية. ولاحظ أن رقمى 10، 7 هما رقمى الكمال. فيكون الإحتفال بيوم الكفارة فى اليوم العاشر من الشهر السابع هو إعلان أن كفارة المسيح عنا كانت كاملة "قد أكمل"
وكلمة كفارة تعنى تغطية أو ستر إذ فى هذا اليوم تغفر الخطايا ويستر على الإنسان بالدم الثمين. فيكفر رئيس الكهنة عن نفسه وعن الكهنة وعن كل الجماعة بل وعن الخيمة وكل محتوياتها تكفيراً عاماً وجماعياً عن كل ما سقطت فيه الجماعة ككل أو كأعضاء طوال العام، لذلك إرتبط هذا اليوم بالصوم والتذلل. ولكن حسب شريعة اليهود كان من يرتكب ذنباً ويعتمد على أنه سيغفر فى هذا اليوم. ما كان هذا الذنب يغفر، كذلك لا يغفر لمن أساء لأحد ولم يصلح هذه الإساءة
الإستعداد ليوم الكفارة
كان يساعد رئيس الكهنة أكثر من 500 كاهن، لكن هو وحده يقوم بكل العمل. وكان رئيس الكهنة يقضى السبعة أيام السابقة ليوم الكفارة فى حجرة داخل الهيكل خارج بيته ويلازمه الشيوخ يقرأون عليه أوامر الرب الخاصة بهذا اليوم مراراً وتكراراً ليحفظها. وفى الليلة السابقة لليوم كان يظل مستيقظاً حتى الصباح حتى لا يتعرض لحلم أو عارض ليل يدنس جسده والشيوخ حوله حتى لا يغفل
طقوس يوم الكفارة
يقوم رئيس الكهنة بأربع خدمات
1- خدمة الصباح اليومية (المحرقة الصباحية) يقوم بها رئيس الكهنة بدلاً من الكهنة.
+ يرفع الكهنة الرماد القديم عند منتصف الليل حتى لا تقدم ذبائح يوم الكفارة عليها
+ يأخذون رئيس الكهنة إلى المغسل لغسل جسده ويلبس رئيس الكهنة الملابس الفاخرة ويدخل القدس ويصلح السرج ويرفع البخور ثم يقدم المحرقة الدائمة خروفاً حولياً مع 1/10 من دقيق ملتوت
2- خدمة يوم الكفارة العظيم
3- تقديم ذبائح إضافية (عد 29 : 7 – 11) محرقات وذبائح خطية
4- خدمة المساء اليومية التى تماثل خدمة الصباح. ويقوم بها رئيس الكهنة بملابسة الفاخرة
السيد المسيح والكفارة
· خلع الملابس الفاخرة إشارة إلى إخلاء المسيح لذاته.
· إرتداء ملابس بيضاء والإغتسال المتكرر رمز لطهارة المسيح وبره.
· كان هذا اليوم يتكرر كل عام وكأن فترة العام تشير لفترة بقاء المسيح بالجسد على الأرض.
· فى نهاية العام أى نهاية حياة المسيح على الأرض قدم نفسه كفارة عن خطايانا
· دخول رئيس الكهنة إلى قدس الأقداس يرمز لأن المسيح يحملنا فيه إلى حضن أبيه.
· شفاعة رئيس الكهنة عن الشعب هى شفاعة المسيح عنا شفاعة كفارية.
· عند دخول رئيس الكهنة للأقداس يتطلع الشعب كله للأقداس منتظرين خروجه ثانية وهكذا نحن نتطلع للسماء منتظرين ظهور المسيح فى مجيئه الثانى.
آية 1 :- و كلم الرب موسى بعد موت ابني هرون عندما اقتربا امام الرب و ماتا.
بعد موت إبنى هرون = ربما خافوا من الإقتراب من الله لئلا يموتوا. ويكون المقصود هنا، لا تخافوا وإقتربوا إلى الله ولكن راعوا توقير المكان والشرائع التى أعطيها لكم فلا تموتوا بل أقبلكم. ولكن إذا حدث تهاون وإستهتار عند الإقتراب منى فستموتوا كما حدث لهم.
آية 2 :- و قال الرب لموسى كلم هرون اخاك ان لا يدخل كل وقت الى القدس داخل الحجاب امام الغطاء الذي على التابوت لئلا يموت لاني في السحاب اتراءى على الغطاء.
إلى القدس = المقصود قدس الأقداس وهذا يتضح مما بعده داخل الحجاب أمام الغطاء. والسبب أن الله بمجده فى هذا المكان وقوله فى السحاب أتراءى على الغطاء = يعنى أن السحاب يحجب مجده ولا يظهر سوى ما نحتمل رؤيته. والغطاء هو هنا رمز لعرش الله. وكان رئيس الكهنة يدخل مرة واحده كل سنة بمصاحبة طقس طويل والسبب فى هذا ليس إنحجاب الله بل السبب فسادنا كبشر فلن نستطيع أن نحتمل. ولأن هناك حجاب قال بولس الرسول "أن طريق الأقداس لم يظهر بعد عب 9 : 8 وطقس يوم الكفارة هو ظل لعمل المسيح وشق الحجاب يوم صلبه أعلن نزع العداوة وأصبحنا ندخل هيكل الله كل وقت نتناول جسده ودمه ولكن لنحذر من التهاون
آية 3 :- بهذا يدخل هرون الى القدس بثور ابن بقر لذبيحة خطية و كبش لمحرقة.
بهذا يدخل هرون = يحتاج لمحرقة وذبيحة خطية عن نفسه حتى يستطيع الدخول فهو كرئيس كهنة خاطئ أيضاً. والكاهن المسيحى فى القداس دائماً يصلى قائلاً "عن خطاياى وجهالات شعبك". إذاً رئيس الكهنة يحتاج أن يقدم ذبائح عن نفسه كما عن الشعب. وذبيحة الخطية تشير لغفران الخطايا (جانب سلبى) والمحرقة تشير إلى تقديم حياتنا ذبيحة طاعة للرب (جانب إيجابى) وكان رئيس الكهنة يشترى الثور والكبش من ماله الخاص وليس من مال الهيكل.
آية 4 :- يلبس قميص كتان مقدسا و تكون سراويل كتان على جسده و يتنطق بمنطقة كتان و يتعمم بعمامة كتان انها ثياب مقدسة فيرحض جسده بماء و يلبسها.
إذ ينتهى رئيس الكهنة من الخدمة الصباحية الدائمة ليبدأ طقس يوم الكفارة يخلع ملابسه الذهبية التى للمجد (إشارة لتخلى المسيح عن صورة مجده آخذاً صورة عبد) ويرحض جسده بماء ويرتدى ملابس كتانية (إشارة لطهارة وبر المسيح) "لأجلهم أقدس أنا ذاتى يو 17 : 19. وهو الذى رُفِع على الصليب عرياناً ليكسونا بثوب بره وقد يشير هذا الطقس أيضاً إلى أن يشعر رئيس الكهنة أنه مثل الكهنة الكل يحتاج للتكفير. ولاحظ أن الكتان هو من نبات الأرض لذلك هو يشير لجسد المسيح الذى لبسه، فقد قيل عن الجسد "من تراب وإلى تراب يعود" تك 3 : 19 هو أخذ الذى لنا ليعطينا الذى له"
آية 5 :- و من جماعة بني اسرائيل ياخذ تيسين من المعز لذبيحة خطية و كبشا واحدا لمحرقة.
من جماعة بنى إسرائيل يأخذ تيسين = هذا من مال الجماعة (من صندوق الهيكل ) فهو عن كل الجماعة
آية 6 :- و يقرب هرون ثور الخطية الذي له و يكفر عن نفسه و عن بيته.
يقرب هرون ثور الخطية = أى يقدمة ذبيحة فكلمة يقرب تستخدم بهذا المعنى.وكان هناك نص يقال كإعتراف بخطيته قبل أن يقدم الثور ذبيحة. وفى هذا النص كان يذكر إسم يهوة 10 مرات وفى كل مرة يخر الجميع شعباً وكهنة ساجدين قائلين "مبارك هو الإسم، المجد لملكوته إلى أبد الأبد"
الأيات 7، 8 :- و ياخذ التيسين و يوقفهما امام الرب لدى باب خيمة الاجتماع. و يلقي هرون على التيسين قرعتين قرعة للرب و قرعة لعزازيل.
كان التيسين واحد منهم يقدم ذبيحة خطية والأخر يطلق فى البرية إعلاناً عن حمل الخطايا ورفعها. وكانت تلقى عليهم قرعة من يقدم ذبيحة ومن يطلق حياً ولنلاحظ أن من يموت يشير للمسيح الذى صلب ومات بسبب خطايانا. والذى يطلق حياً يشير له من حيث أنه قام غافراً خطايانا. ويمكن القول أن الأول الذى مات يشير لأنه بموته يعطى المجد للرب الإله القدوس الذى لا يحتمل ولا يرضى بالخطية والثانى يعطى راحة للشعب بأن خطاياهم رفعت. فالأول الذى يموت هو نصيب الرب لمجده والآخر خاص بالشعب يرمز لغفران خطاياهم. وكان التيسين يجب أن يكونوا متشابهين فى الحجم والشكل والقيمة وإن أمكن يشتريان فى وقت واحد. وهناك عدة أراء فى كلمة عزازيل
1- يرى البعض أن عزازيل إسم شخص علم، يعنى به الشيطان. وأن إنطلاق التيس فى البرية يشير إلى قوة الذبيحة التى تتحدى الشيطان، وكأن المسيح قد جاء ليحطم إبليس فى عقر داره. ولاحظ أن الشيطان ينسب له السكن فى الأماكن الخربة المهجورة (راجع أش 13 :21 + مت 12 : 43 + لو 11 : 24 + رؤ 18 : 12). وهذا ما حدث يوم معمودية المسيح أنه إنطلق إلى البرية وإنتصر على إبليس يوم التجربة. (راجع أن بعضهم حسب يوم عماد المسيح أنه العاشر من الشهر السابع). وهذا التفسير يوافق قوله قرعة للرب وقرعة لعزازيل.
2- يرى آخرين أن قوله عزازيل من أصل "عزل" العبرية تعنى أفرز أو أبعد. بمعنى الإقصاء التام أوالعزل الكامل. ومغفرة الخطايا عبر عنها بإقصائها إلى أقاصى الأرض أو أعماق البحر مى 7 : 19 + مز 103 : 12. وكأن ذبح التيس الأول يشير لحمل السيد للخطية للتكفير عنها، أما إطلاق الثانى فيشير إلى إنتزاعها تماماً وإقصائها بعيداً عن الشعب
وهناك إحتمال بأن الرأيين هما شئ واحد إذا تذكرنا أن الشيطان هو إسمه المشتكى. فالمسيح يواجهه بأنه حمل خطايانا وطرحها رو 33 : 34.
الأيات 9، 10 :- و يقرب هرون التيس الذي خرجت عليه القرعة للرب و يعمله ذبيحة خطية. و اما التيس الذي خرجت عليه القرعة لعزازيل فيوقف حيا امام الرب ليكفر عنه ليرسله الى عزازيل الى البرية.
حتى هذه الآية شرح ماذا سيقدمه هرون ولكن حتى هذه الآية لم تقدم ذبيحة واحدة. والذبائح أو الحيوانات المشار إليها حتى الأن كلها واقفة أمام الرب لدى باب خيمة الإجتماع وهى
ثور (ذبيحة خطية) وكبش (المحرقة) آية 3، 6 عن هرون وبنيه
تيسين ماعز (ذبيحة خطية) وكبش (المحرقة) آية 5 عن الشعب
آية 11 :- و يقدم هرون ثور الخطية الذي له و يكفر عن نفسه و عن بيته و يذبح ثور الخطية الذي له.
هنا يقدم هرون الثور ذبيحة خطية عن نفسه وعن بيته.
الأيات 12، 13 :- و ياخذ ملء المجمرة جمر نار عن المذبح من امام الرب و ملء راحتيه بخورا عطرا دقيقا و يدخل بهما الى داخل الحجاب. و يجعل البخور على النار امام الرب فتغشي سحابة البخور الغطاء الذي على الشهادة فلا يموت.
هنا يدخل هرون للمرة الأول إلى داخل قدس الأقداس ومعه المجمرة الذهبية (تستخدم فى هذا اليوم فقط) وبخوراً. وكان يدخل بجنبه كى لا يتطلع بعينيه إلى تابوت العهد. ويضع البخور فى المجمرة ويقدم صلاة خاصة يسترضى بها الله ويطلب عن الشعب. ويخرج رئيس الكهنة من قدس الأقداس بظهره حتى يكون وجهه متجهاً أمام الرب فلا يصح أن يعطى ظهره للرب، وهكذا يفعل الكاهن القبطى الآن فهو يخرج من الهيكل ووجهه ناحية المذبح.
والبخور يشير لتجسد المسيح. فالنار فى المجمرة تشير للمسيح بلاهوته فى بطن العذراء والمسيح حياته كانت رائحة طيبة سواء للآب أو لنا نحن شعبه، هو رائحة زكية أمام الله.
فلا يموت = هذا يشير لشفاعة المسيح عنا شفاعة كفارية فلا نموت.
آية 14 :- ثم ياخذ من دم الثور و ينضح باصبعه على وجه الغطاء الى الشرق و قدام الغطاء ينضح سبع مرات من الدم باصبعه.
يتسلم رئيس الكهنة إناء الدم من الكاهن ويدخل للمرة الثانية إلى قدس الأقداس وينضح بأصابعه مرة واحدة على غطاء التابوت من ناحيته التى للشرق أى التى للخارج. ثم ينضح 7 مرات على ارضية قدس الأقداس أمام التابوت. فالطريق لقدس الأقداس لا يفتح سوى بالدم. ورقم 7 يشير لكمال الغفران وقوله للشرق يشير للمسيح شمس البر الذى ظهر نجمه فى المشرق وبه كانت الكفارة
+ طقس تقديم الثور لرفع خطايا هرون وبيته كان ليؤهله لتقديم التيس عن الجماعة.
آية 15 :- ثم يذبح تيس الخطية الذي للشعب و يدخل بدمه الى داخل الحجاب و يفعل بدمه كما فعل بدم الثور ينضحه على الغطاء و قدام الغطاء.
يذبح تيس الخطية (التيس الأول) الذى وقعت قرعته أنه ليهوة ويفعل بدمه كما فعل بدم الثور. وهنا لا يضع يديه ويعترف بالخطايا. فهو مقدم عن خطايا الكل بصفة عامة. وهو يقدم لمجد الله.
آية 16 :- فيكفر عن القدس من نجاسات بني اسرائيل و من سياتهم مع كل خطاياهم و هكذا يفعل لخيمة الاجتماع القائمة بينهم في وسط نجاساتهم.
يكفر عن القدس بالدم لئلا يكون قد أساء إليه أحد من بنى إسرائيل كهنة أو شعباً. طالباً مراحم الله حتى لا يترك الرب البيت بسبب خطاياهم. فبسبب خطاياهم ترك الرب التابوت ليد الفلسطينين. بل وغادر الهيكل كله حز 11 : 23.
الأيات 17 – 19 :- و لا يكن انسان في خيمة الاجتماع من دخوله للتكفير في القدس الى خروجه فيكفر عن نفسه و عن بيته و عن كل جماعة اسرائيل. ثم يخرج الى المذبح الذي امام الرب و يكفر عنه ياخذ من دم الثور و من دم التيس و يجعل على قرون المذبح مستديرا. و ينضح عليه من الدم باصبعه سبع مرات و يطهره و يقدسه من نجاسات بني اسرائيل.
ولا يكن إنسان فى خيمة الإجتماع = فلا أحد من البشر يقوم بدور ما فى عمل الكفارة. العمل كله عمل المسيح رئيس الكهنة الذى يقوم بدوره هرون الآن. بل أن فى عدم وضع يد هرون على تيس الخطية وإعترافه معنى أن المسيح جاء إلينا ليكفر عن خطيتنا دون أن نسأله أو نعترف بخطايانا. بل هو أتى لنا دون أن نشعر أننا فى إحتياج إليه وقام بالعمل كله بمفرده
والتكفير هنا عن الكهنة ورئيسهم والشعب والخيمة بمشتملاتها. ولذلك يكفر بدم ثور ودم التيس معاً. (دم الثور هو تكفير عن رئيس الكهنة ودم التيس عن الشعب كله). الكل أخطأ والكل محتاج للتكفير. وكما قلنا فإن رئيس الكهنة وحده فى الأقداس يشير للمسيح الذى دخل وحده للأقداس السماوية ودمه الآن يقدسنا ويكفر عنا. ثم يخرج إلى المذبح = غالباً هو مذبح المحرقة لأنه سبق وكفر عن القدس الذى يشمل مذبح البخور ولكن ما معنى تطهير المذبح ولماذا ينص عليه مستقلاً ؟ سبق وعرفنا من دراسة خيمة الأجتماع أن مذبح المحرقة يشير للمسيح حامل خطايانا وتطهير المذبح يشير إلى أن المسيح بالرغم من حمله لخطايانا فهى لم تنجسه بل ظل كما هو القدوس الذى بلا شر.
الأيات 20 – 22 :- و متى فرغ من التكفير عن القدس و عن خيمة الاجتماع و عن المذبح يقدم التيس الحي. و يضع هرون يديه على راس التيس الحي و يقر عليه بكل ذنوب بني اسرائيل و كل سياتهم مع كل خطاياهم و يجعلها على راس التيس و يرسله بيد من يلاقيه الى البرية. ليحمل التيس عليه كل ذنوبهم الى ارض مقفرة فيطلق التيس في البرية.
هنا يعترف رئيس الكهنة بكل ذنوب الشعب وذنوبه. وكأنه يلقى بكل الخطايا عليه، ويعترف عن خطاياه وخطايا الشعب بنصوص محددة. ويرسل التيس مع أحد الكهنة يعينه رئيس الكهنة ليطلقه فى البرية = ويرسله بيد من يلاقيه = أى بيد أى كاهن. ولكن اليهود خوفاً من أن يأخذ أحد هذا التيس صاروا فيما بعد يلقون هذا التيس من فوق صخرة، ولكن هذا الأسلوب لم يأمر به الكتاب (هم غيروا تعاليم الله بحسب أقوال معلميهم). وقد عُرِفَ أسلوب قتل التيس الثانى فى مدة الهيكل الثانى ولكن بحسب تعاليم الكتاب كان يجب إطلاقه حياً ليرمز هذا لقيامة المسيح غافراً ذنوبنا. وكان عند إطلاق هذا التيس يشعر الشعب براحة فقد غفرت ذنوبهم
الأيات 23 – 28 :- ثم يدخل هرون الى خيمة الاجتماع و يخلع ثياب الكتان التي لبسها عند دخوله الى القدس و يضعها هناك. و يرحض جسده بماء في مكان مقدس ثم يلبس ثيابه و يخرج و يعمل محرقته و محرقة الشعب و يكفر عن نفسه و عن الشعب. و شحم ذبيحة الخطية يوقده على المذبح. و الذي اطلق التيس الى عزازيل يغسل ثيابه و يرحض جسده بماء و بعد ذلك يدخل الى المحلة. و ثور الخطية و تيس الخطية اللذان اتي بدمهما للتكفير في القدس يخرجهما الى خارج المحلة و يحرقون بالنار جلديهما و لحمهما و فرثهما. و الذي يحرقهما يغسل ثيابه و يرحض جسده بماء و بعد ذلك يدخل الى المحلة.
يعود هرون ويلبس ثياب البهاء كما عاد المسيح وجلس عن يمين الآب ويقوم بتقديم المحرقات عن نفسه وعن الشعب بعد أن يرحض جسده. ولم يكن ممكناً لرئيس الكهنة أن يقدم المحرقات التى هى موضع سرور الله إلاً بعد التكفير عن نفسه و عن كل الشعب خلال ذبيحة الخطية. و كان هناك ذبائح إضافية ( راجع عد 29 : 7 – 11 ) مع تقدماتها و سكائبها ( عد 28 : 12 – 14) ويرى بعض الدارسون أن هذه الذبائح كانت تقدم بعد المحرقة الصباحية. ويقدم رئيس الكهنة أيضاً ذبيحة خطية إضافية هى تيس من المعز (عد 29 : 10، 11) خشية أن تكون هناك أخطاء إرتكبت سهواً أثناء خدمة اليوم سواء من جانب الكهنة أو رئيس الكهنة أو أحد من الشعب وأما الذى أطلق التيس الحى والذين حملوا لحم ذبائح الخطية فيغسلوا ثيابهم ويرحضوا جسدهم بماء فهم قد تنجسوا بلمسهم للتيس حامل الخطايا أو بذبائح الخطية. وبالنسبة للحم ذبائح الخطية العادية وجلدها كانوا من نصيب الكاهن ولكنهم يحرقونهم فى هذا اليوم
آية 29 :- و يكون لكم فريضة دهرية انكم في الشهر السابع في عاشر الشهر تذللون نفوسكم و كل عمل لا تعملون الوطني و الغريب النازل في وسطكم.
تذللون أنفسكم = تصومون (أش 58 : 3، 5، 10) + مز 35 : 13. وهذا الصوم هو الوحيد الذى سنه موسى. وكانوا يصومون من مساء اليوم التاسع حتى مساء اليوم العاشر. وكانوا يمتنعون عن الأكل والشرب وغسل الرأس ودهنها والعلاقات الزوجية ولبس الأحذية وكل ما يدل على الفرح. وكانوا يمتنعون عن أى عمل. وعبارة تذللون أنفسكم تعنى تقديم توبة وتعويض الأخرين عن ما أخطأوا به فى حقهم. وقوله فريضة دهرية = أى يلتزمون بها حتى يأتى رئيس الكهنة الأعظم ربنا يسوع فيتممه فى جسده
آية 36 :- سبت عطلة هو لكم و تذللون نفوسكم فريضة دهرية.
سبت عطلة = أى هو يوم عطله وراحة. وإذا جاء يوم سبت يسمى سبت السبوت أو راحة الراحات
آية 32 :- و يكفر الكاهن الذي يمسحه و الذي يملا يده للكهانة عوضا عن ابيه يلبس ثياب الكتان الثياب المقدسة.
كان الكاهن الأعظم يمسح إبنه ليكهن مكانه ويقوم بشريعة يوم الكفارة وكانوا يختارون إبن رئيس الكهنة بشرط كمالات صفاته
ملحوظة :- كان هذا العيد يختلف عن عيد المظال وباقى الأعياد فهذا اليوم هو يوم تذلل وأما باقى الأعياد فأيام فرح. ولذلك أفرد ذكر طقسه فى إصحاح مستقل وليس فى إصحاح 23 وهو إصحاح الأعياد وكان هذا ليشعر الشعب أنه طقس منفرد ليس له مثيل. وكان لهم طقوس ممتعة جداً فى هذا اليوم، وإكتفى فى لا 23 بأنه يوم عطلة. ولا نجد هنا طقس تقدمة دقيق فموضعنا ليس حياة المسيح والشركة معه بل هو تقديم المسيح ذبيحة كفارة عنا.
+