تفسير الاصحاح الثامن والاربعون من سفر التكوين للقس انطونيوس فكرى
مرض يعقوب ومباركته لأفرايم ومنسي
الأيات 1،2: " 1 وحدث بعد هذه الامور انه قيل ليوسف هوذا ابوك مريض فاخذ معه ابنيه منسى وافرايم 2 فاخبر يعقوب وقيل له هوذا ابنك يوسف قادم اليك فتشدد اسرائيل وجلس على السرير "
يوسف يريد بركة أبيه لإبنيه كما بارك إسحق أبنه يعقوب. فيكون لهما رجاء في الخلاص.
أية 3:
" 3 وقال يعقوب ليوسف الله القادر على كل شيء ظهر لي في لوز في ارض كنعان وباركني "
إشارة يعقوب لظهور الله له في لوز معناه أن كل بركة له راجعة إلي الله الذي باركه وهكذا فكل بركة تقدمها الكنيسة لأولادها إنما هي من قبل الله واهب البركة.
أية 5:
" 5 والان ابناك المولودان لك في ارض مصر قبلما اتيت اليك الى مصر هما لي افرايم ومنسى كراوبين وشمعون يكونان لي "
هنا يعقوب يعطي يوسف نصيب البكر أي ضعف إخوته فيصير إفرايم ومنسي كلاهما مثل باقي الأسباط وهو بهذا حرم رأوبين من هذه البركة بسبب خطيته.
أية 6:
" 6 واما اولادك الذين تلد بعدهما فيكونون لك على اسم اخويهم يسمون في نصيبهم "
فيكونون لك : أي اولاد أخرين غير إفرايم ومنسي لا يحسبون من الأسباط.
أية 7:
" 7 وانا حين جئت من فدان ماتت عندي راحيل في ارض كنعان في الطريق اذ بقيت مسافة من الارض حتى اتي الى افراتة فدفنتها هناك في طريق افراتة التي هي بيت لحم "
حتي النفس الأخير لا ينسى زوجته المحبوبة راحيل. وهو يبارك أحفادها. وكأنه يريد أن يركز الأولاد أنظارهم علي كنعان حيث أمهم مدفونة فلا تنسيهم مصر كنعان أرضهم. وحزن يعقوب علي راحيل هو حزن المسيح علي كنيسته التي مازال أعضائها يعانون الموت ولكن المسيح لا ينسى نفساً واحدة منهم. ولاحظ أن راحيل دفنت في بيت لحم حيث ولد المسيح الذي يعطي حياة لكل من مات علي الرجاء.
أية 12:
" 12 ثم اخرجهما يوسف من بين ركبتيه وسجد امام وجهه الى الارض "
وسجد : أي أن يوسف سجد أمام ابيه. والأغلب أن يوسف وأبنيه سجدوا أمامه.
أية 14:
" 14 فمد اسرائيل يمينه ووضعها على راس افرايم وهو الصغير ويساره على راس منسى وضع يديه بفطنه فان منسى كان البكر "
بفطنة: جاءت في السبعينية متقاطعتين أي علي شكل صليب. لقد أراد يوسف وربما يعقوب أيضاً أن يبارك منسي البكر. ولكن الله أرشد يعقوب أن الذي سيأخذ البركة الأكبر هو الأصغر (وهذا ما حدث مع هابيل واسحق ويعقوب، فليس الأكبر جسدياً هو الذي يستحق دائما) والتاريخ يشير أن يعقوب قد صنع هذا بفطنة ففي أول أحصاء عمل في أيام موسي كان سبط إفراييم 40500 بينما سبط منسي 22200. وعاش سبط منسي منقسماً نصفه شرقي الأردن والأخر غربه مما عرضه للإختلاط بالشعوب الوثنية.
أما سبط أفرايم فكان قوياً دائماً حتي أن المملكة الشمالية (أسرائيل) دعيت إفرايم ومن هذا السبط خرج يشوع بن نون ودبورة النبية وجدعون ويفتاح وصموئيل النبي ومنهم يربعام أول ملوك إسرائيل بعد الإنفصال عن يهوذا. ووضع يعقوب يديه علي شكل صليب يشير لأن البركة الحقيقية كانت بالصليب. وإختيار إفرايم الأصغر للبركة إشارة للكنيسة الأصغر جسدياً من شعب اليهود (الإبن البكر خر 22:4) ولكنها استحقت البركة. وهكذا فآدم الأخير أي المسيح صار أولاً وصار آدم الأول أخيراً.
ولقد ركز بولس الرسول في عب 21:11 علي أن يعقوب كان قد فقد البصر الجسدي ولكن الإيمان أعطاه بصراً روحياً فبارك الأصغر ضد الرغبات الطبيعية وسجد لعصا يوسف (الصليب).
أية 15:
" 15 وبارك يوسف وقال الله الذي سار امامه ابواي ابراهيم واسحق الله الذي رعاني منذ وجودي الى هذا اليوم "
وبارك يوسف : مع أنه وضع يديه علي أفرايم ومنسي إلا أن البركة حسبت ليوسف.
أية 16:
" 16 الملاك الذي خلصني من كل شر يبارك الغلامين وليدع عليهما اسمي واسم ابوي ابراهيم واسحق وليكثرا كثيرا في الارض "
لم يطلب لهما مجداً كمجد يوسف ولكن بركة الله التي أعطاها لإبراهيم ولإسحق. وأن يخلصهم الملاك الذي خلصه من كل شر. ولاحظ ان الملاك لا يمنع الشر بل هو يخلص منه. يدعي عليهما اسمي : صار أفرايم ومنسي سبطين مستقلين كباقي الأسباط
أية 20:
" 20 وباركهما في ذلك اليوم قائلا بك يبارك اسرائيل قائلا يجعلك الله كافرايم وكمنسى فقدم افرايم على منسى "
أي إذا صلي إنسان من أجل احد يطلب من الله أن يباركه كما بارك إفرايم ومنسي ولقد ظل اليهود يستعملون هذه البركة دائماً.
أية 22:
" 22 وانا قد وهبت لك سهما واحدا فوق اخوتك اخذته من يد الاموريين بسيفي وقوسي "
كلمة سهم في أصلها العبراني "شكيم" وشكيم تعني المرتفع عن الأرض أوكتف ولقد أشتري يعقوب أرضاً في شكيم بمئة قسيطة. ثم أخذ أولاد يعقوب أرض شكيم بالسيف والقوس، حقا هم حاربوا بخدعة ولكنهم أخذو الأرض. وربما الأشارة هنا للسيف والقوس هي إشارة لهذه المعركة بين أبنائه وأبناء شكيم، لكن الأصح أنها نبوة عن إستيلاء شعب أسرائيل بقيادة يشوع بن نون علي كل الأرض. ومعني قول يعقوب هنا أنه حين تأخذون الأرض يكون ليوسف هذه الأرض. فهذه الأرض كانت عربون إقتناء الأرض كلها. ولقد كانت شكيم إحدي مدن إفرايم بعد ذلك (يش 7:20) وهناك دفن يوسف. ولهذه الأرض يشير الأنجيلي في يو 6،5:4 فكان مفهوماً أن يعقوب وهب هذه الأرض ليوسف ولنلاحظ أن:-
يهوذا: جاء منه الملوك
لاوي: جاء منه الكهنة.
يوسف: كان له نصيب البكر، هو أخذ عربون الميراث المميز ونجد أن (تث 17:21) ينص علي أن البكر له نصيبن. وراجع إثباتاً لهذا (ا أي 1:5) لذلك قال يعقوب ليوسف (تك 26:49) بركات أبيك فاقت بركات أبوي.
+