تفسير الاصحاح التاسع والثلاثون من سفر التكوين للقس انطونيوس فكرى
قصة يوسف مع إمرأة فوطيفار
هذا الإصحاح يشير لطهارة يوسف رمز المسيح الذي كان بلا خطية ولم تستطع إمراة سيده أن تدنسه بالرغم من ظروفه الصعبة في مقابل يهوذا الذي دنس نفسه مع الكنعانية ثم في زنا.أية 2:
" 2 وكان الرب مع يوسف فكان رجلا ناجحا وكان في بيت سيده المصري "
ظهرت بركة الرب مع يوسف في ألمه وهو كعبد محروم من حنان أبيه فصار بركة.
أية 4:
" 4 فوجد يوسف نعمة في عينيه وخدمه فوكله على بيته ودفع الى يده كل ما كان له "
فوكله: في اليونانية جعله أسقفاً أي ناظراً. ولاحظ أمانته فلم يتكاسل ويقول أنا إبن يعقوب المحبوب، أو أنا إبن إبراهيم. والمسيح صار عبداً ليخدم ويعمل.
أية 6:
" 6 فترك كل ما كان له في يد يوسف ولم يكن معه يعرف شيئا الا الخبز الذي ياكل وكان يوسف حسن الصورة وحسن المنظر "
إلا الخبز : أي ترك البيت كله ليوسف ولم يهتم إلا بما يأكله فقط. حسن الصورة والمنظر لقد كشفت الضيقة عن جماله وسلام قلبه الداخلي، كل هذا (البركة والجمال) لم يظهرا في بيت أبيه. وهذا ما حدث مع يعقوب أبيه فهو لم يتمتع برؤيا السلم إلا وهو محروم من أبويه
.
الأيات 7-15:
" 7 وحدث بعد هذه الامور ان امراة سيده رفعت عينيها الى يوسف وقالت اضطجع معي 8 فابى وقال لامراة سيده هوذا سيدي لا يعرف معي ما في البيت وكل ما له قد دفعه الى يدي 9 ليس هو في هذا البيت اعظم مني ولم يمسك عني شيئا غيرك لانك امراته فكيف اصنع هذا الشر العظيم واخطئ الى الله 10 وكان اذ كلمت يوسف يوما فيوما انه لم يسمع لها ان يضطجع بجانبها ليكون معها 11 ثم حدث نحو هذا الوقت انه دخل البيت ليعمل عمله ولم يكن انسان من اهل البيت هناك في البيت 12 فامسكته بثوبه قائلة اضطجع معي فترك ثوبه في يدها وهرب وخرج الى خارج 13 وكان لما رات انه ترك ثوبه في يدها وهرب الى خارج 14 انها نادت اهل بيتها وكلمتهم قائلة انظروا قد جاء الينا برجل عبراني ليداعبنا دخل الي ليضطجع معي فصرخت بصوت عظيم 15 وكان لما سمع اني رفعت صوتي وصرخت انه ترك ثوبه بجانبي وهرب وخرج الى خارج "
عدو الخير لم يكتف بأن يهيج إخوته ضده، بل أثار زوجة فوطيفار ضده فهجمات عدو الخير متنوعة. ولكن الله من بعيد ينظر ويحول كل الأمور للخير لمن يحبون الله ويوسف أحب الله ولم يسقط فتحولت كل الأمور للخير. وكان يوسف له أعذار قوية ليسقط في الخطية.
1. هو شاب في سن صغيرة وغير متزوج وفاقد لحنان أبويه.
2. هو مظلوم في عبوديته شاعراً بخيانة من حوله حتي إخوته (أي ظروف نفسية سيئة).
3. زوجة سيده هي التي تطلبه وهي قادرة أن تلحق به الأذي وقد حدث.
4. إلحاحها المستمر فهي لم تطلب الخطية مرة واحدة بل مرات : كلمت يوسف يوماً فيوماً.
5. كانا وحدهما في المنزل.
6. ترك الثوب فيه خطورة عليه ويعرض حياته للخطر.
7. كانت شريعة موسي " لا تزن" لم تأتي بعد. لكن كانت وصايا الله مكتوبة في قلبه فهو يحب الله وكان حب زوجة فوطيفار له لا يسمي حباً بل هو شهوة وهذا النوع من السهل أن ينقلب إلي عداوة وقد حدث ووضعته في السجن أما يوسف فقد أحبها حباً حقيقياً فهو الذي أحب إخوته بالرغم مما فعلوه. ودليل هذا :-
أ. انه لم يفضحها
ب. ولم ينتقم منها بعد أن صار في مجده
ج. لم يجرح مشاعرها بكلمة بل كان يذكرها بمركزها ومركز زوجها ويسدي لها النصح وفي تواضع يذكرها بأنها سيدته (وهذا الحب الشهواني ظهر في قصة أولاد داود 2 صم 15:13) حقا صار يوسف مثالاً للطهارة. لقد خاطر بكل شئ ثمناً لطهارته وعلاقته بالله
.
أية 20:
" 20 فاخذ يوسف سيده ووضعه في بيت السجن المكان الذي كان اسرى الملك محبوسين فيه وكان هناك في بيت السجن "
من مزمور 18:105 نعرف ان يوسف عذب أولاً في السجن ويبدو أنهم عرفوا براءته فيما بعد لكنهم لم يطلقوه:
1. منعاً للفضيحة.
2. ربما خاف فوطيفار أن تخونه زوجته معه ثانية.
لكن صار له مكانة مميزة في السجن. ولاحظ أن هذا السجن كان يوضع فيه أسري الملك وهذه تدبيرات الله:
1. فهو يباع لفوطيفار.
2. يسجن في سجن الملك ليتقابل مع الساقي. لأن الله كان واضعاً في خطته أن يتمجد يوسف وينقذ العالم من المجاعة.
والله كان مع يوسف في بيت فوطيفار وفي السجن. كما كان مع الفتية الثلاث في أتون النار وإذ كان الله معنا فحتي النار تتحول إلي سماء والسجن يتحول إلي سماء وبيت العبودية يتحول إلي سماء. ونلاحظ أن الفريسي حرم من اللقاء مع الله وهو داخل الهيكل فالله ينظر للقلب. ويوسف كان متضعاً والله يسكن عند المتضعين (أش 15:57) فتتحول قلوبهم أينما كانوا إلي سماء. ويتحول السجن إلي طريق للمجد. وما كنا نظنه شراً إذا هو بعينه الذي يكون لنا الخير
+