تفسير الاصحاح العاشر من سفر الخروج للقس انطونيوس فكرى
الضربة الثامنة : ضربة الجراد
الآيات (1-20): "ثم قال الرب لموسى ادخل إلى فرعون فأني أغلظت قلبه وقلوب عبيده لكي اصنع آياتي هذه بينهم. ولكي تخبر في مسامع ابنك وابن ابنك بما فعلته في مصر وبآياتي التي صنعتها بينهم فتعلمون أنى أنا الرب. فدخل موسى وهرون إلى فرعون وقالا له هكذا يقول الرب اله العبرانيين إلى متى تأبى أن تخضع لي أطلق شعبي ليعبدوني. فانه أن كنت تأبى أن تطلق شعبي ها أنا أجيء غداً بجراد على تخومك. فيغطي وجه الأرض حتى لا يستطاع نظر الأرض ويأكل الفضلة السالمة الباقية لكم من البرد ويأكل جميع الشجر النابت لكم من الحقل.
ويملا بيوتك وبيوت جميع عبيدك وبيوت جميع المصريين الأمر الذي لم يره آباؤك ولا آباء آبائك منذ يوم وجدوا على الأرض إلى هذا اليوم ثم تحول وخرج من لدن فرعون. فقال عبيد فرعون له إلى متى يكون هذا لنا فخا أطلق الرجال ليعبدوا الرب إلههم ألم تعلم بعد أن مصر قد خربت. فرد موسى وهرون إلى فرعون فقال لهما اذهبوا اعبدوا الرب إلهكم ولكن من ومن هم الذين يذهبون. فقال موسى نذهب بفتياننا وشيوخنا نذهب ببنينا وبناتنا بغنمنا وبقرنا لأن لنا عيداً للرب. فقال لهما يكون الرب معكم هكذا كما أطلقكم وأولادكم انظروا أن قدام وجوهكم شراً.
ليس هكذا اذهبوا انتم الرجال واعبدوا الرب لأنكم لهذا طالبون فطردا من لدن فرعون. ثم قال الرب لموسى مد يدك على ارض مصر لأجل الجراد ليصعد على ارض مصر ويأكل كل عشب الأرض كل ما تركه البرد. فمد موسى عصاه على ارض مصر فجلب الرب على الأرض ريحاً شرقية كل ذلك النهار وكل الليل ولما كان الصباح حملت الريح الشرقية الجراد. فصعد الجراد على كل ارض مصر وحل في جميع تخوم مصر شيء ثقيل جداً لم يكن قبله جراد هكذا مثله ولا يكون بعده كذلك.
وغطى وجه كل الأرض حتى أظلمت الأرض وآكل جميع عشب الأرض وجميع ثمر الشجر الذي تركه البرد حتى لم يبق شيء اخضر في الشجر ولا في عشب الحقل في كل ارض مصر. فدعا فرعون موسى وهرون مسرعا وقال أخطأت إلى الرب إلهكما وإليكما.
والآن اصفحا عن خطيتي هذه المرة فقط وصليا إلى الرب إلهكما ليرفع عني هذا الموت فقط. فخرج موسى من لدن فرعون وصلى إلى الرب.فرد الرب ريحا غربية شديدة جداً فحملت الجراد وطرحته إلى بحر سوف لم تبق جرادة واحدة في كل تخوم مصر.ولكن شدد الرب قلب فرعون فلم يطلق بني إسرائيل."
الجراد مفسد للزرع ومجلب للقحط، إذ يبيد كل نبات أخضر. هنا عجزت آلهتهم عن إعالتهم حتى جسدياً. والجراد يأكل كل ما هو أخضر ثم يأكل خشب الشجر واللحاء ويترك الشجر بفروعه بيضاء (يؤ7:1). وحين يأتي الجراد يأتي بجيوش رهيبة من كثرتها قد تظلم الشمس، ثم يغطى الأرض (آية5)
(آية 5) الفضلة السالمة= التي تبقت وفضلت سليمة من ضربة البَردْ أي الحنطة والقطاني.
(آية8) هنا فرعون يدخل في مماطلة جديدة فهو لا يريد أن يطلقهم (هذه هي أفعال إبليس)
(آية10) يكون الرب معكم= هو تعبير تهكمي مثل "ما شاء الله عليكم" أو "اسم الله عليكم" والمعنى هل تريدون أن أطلق كل شئ وأحرم الأرض من العبيد الذين يعملون فيها مجاناً. قدام وجوهكم شراً= هي تعني إما أنه يخيفهم أنهم إن أنطلقوا إلى البرية فسيواجهوا الأعداء وسيكونون بلا طعام أو ماء أو تعني أنكم بذهابكم تقصدون الشر بالبلاد.
(آية 11) لأنكم لهذا طالبون= معنى كلام فرعون أنتم طلبتم العبادة وهذا عمل الرجال فليذهب الرجال وحدهم. ولكن هذا ضد ما طلبه موسى أن يذهب الجميع. وطبعاً لو ذهب الرجال وحدهم فلابد أن يعودوا من أجل نسائهم وأولادهم (مماطلة إبليس حتى لا يطلق شعب الله).
الضربة التاسعة : ضربة الظلام
الآيات (21-29): "ثم قال الرب لموسى مد يدك نحو السماء ليكون ظلام على ارض مصر حتى يلمس الظلام. فمد موسى يده نحو السماء فكان ظلام دامس في كل ارض مصر ثلاثة أيام. لم يبصر أحد أخاه ولا قام أحد من مكانه ثلاثة أيام ولكن جميع بني إسرائيل كان لهم نور في مساكنهم. فدعا فرعون موسى وقال اذهبوا اعبدوا الرب غير أن غنمكم وبقركم تبقى أولادكم أيضاً تذهب معكم. فقال موسى أنت تعطي أيضاً في أيدينا ذبائح ومحرقات لنصنعها للرب إلهنا. فتذهب مواشينا أيضاً معنا لا يبقى ظلف لأننا منها نأخذ لعبادة الرب إلهنا ونحن لا نعرف بماذا نعبد الرب حتى نأتي إلى هناك. ولكن شدد الرب قلب فرعون فلم يشأ أن يطلقهم. وقال له فرعون اذهب عني احترز لا تر وجهي أيضاً انك يوم ترى وجهي تموت.فقال موسى نعما قلت أنا لا أعود أرى وجهك أيضاً."هذه الضربة بدون إنذار. وكان المصريون يعبدون الإله رع أي الشمس. فهذه الضربة وجهت ضد معبودهم الأكبر. لقد إنطفأ معبودهم وكأن إله الشر في نظرهم قد انتصر على إلههم وهذا في حد ذاته مرعب جداً لهم. لذلك سادت هذه الضربة رعبة عظيمة.
(آية 21) حتى يلمس الظلام= من شدة حلوكته لا يكون كظلام الليل المعتاد بل شئ غير عادي.
(آية22) ثلاثة أيام= كما غضبت الطبيعة عند صلب المسيح وعم الظلام ثلاث ساعات من الساعة السادسة حتى التاسعة هكذا كانت هذه الظلمة احتجاجاً على تحدي فرعون وعصيانه لله. وهكذا يكون ظلام في العالم حتى يشرق المسيح شمس البر في مجيئه الثاني وهكذا كان المسيح 3 أيام في القبر قبل أن يشرق فجر القيامة وينير القبر. وبنفس المفهوم فكل خاطئ عاصي هو في ظلمة فاقداً لبصيرته الروحية الداخلية وفي حاجة أن يطلب أن يشرق عليه المسيح بنوره، نور قيامته.
(آية23) عدم حركتهم راجع للظلمة الشديدة وللرعب الذي أصابهم (مز49:78)
(آية24) لاحظ أن فرعون يعطي مسموحات أكثر لكنه لا يريد أن يطلق الكل.
(آية26) لا نعرف بماذا نعبد الرب حتى نأتي إلى هناك= أي لن نعرف عدد الذبائح التي يطلبها الرب منا حتى تذهب إلى هناك (مسيرة الثلاثة أيام) لذلك يجب أن نخرج بكل ما لنا وبكل مواشينا فلعل الله يطلب كل الماشية. وبالنسبة لنا فعلينا أن نعتبر أن كل ما لنا هو لله وهو يطلب ما يريد. ونحن لن نعرف كل قصد الله في حياتنا تماماً. إلا بعد مسيرة ال3 أيام أي بعد تذوق الموت (صلب الأهواء والشهوات) ثم اختبار قوة القيامة.
ملاحظات على الضربات:
1. فرعون يقدم أنصاف حلول حتى لا يطلق الشعب ويضع معوقات كثيرة أمامهم.أ. إتهام موسى وهرون أنهما يبطلان الشعب وأن الشعب متكاسل.
ب. كان مع الضربة أن فرعون يستجيب لموسى ومع الفرج يغلظ قلبه.
ج. سمح لهم أولاً بأن يذبحوا في مصر وهي خطة خبيثة بها يبقيهم في مصر، وستختلط عبادتهم بعبادة المصريين الوثنية فيصير الله إلهاً وسط آلهة كثيرة لذلك يقول الله "أخرجوا منها" ولنلاحظ أن الشيطان قد يوافق أن نعبد الله على أن نصنع الشر في نفس الوقت.
د. ثم سمح لهم أن ينطلقوا على أن لا يذهبوا بعيداً (حتى لا يختبروا الثلاثة أيام، الموت والقيامة) ولنلاحظ أن العبادة الحقة هي باختبار صلب الأهواء والشهوات لنتذوق قوة القيامة.
ه. ثم يسمح بخروج الرجال فقط (لمسيرة الثلاثة أيام). ثم يسمح بخروجهم دون مواشيهم.
2. لاحظ تنوع الضربات وأنها تأتي من كل مكان. فالطبيعة تلاحق الخطاة.
أ. الهواء (الريح تأتي بالجراد).
ب. الماء (تحويله دم ومنه خرجت الضفادع).
ج. التراب (البعوض).
د. الشمس (تظلم).
ه. رماد الأتون (الدمامل).
و. السماء (البَرَدْ والنار).
ز. الوبأ (للبهائم).
3. لاحظ الصراع بين الحق والباطل داخل نفس فرعون. إذهبوا. لا تذهبوا بعيداً وحين استجاب لصوت الباطل خسر ثم هلك
+