تفسير الاصحاح السابع والعشرون من سفر التثنية للقس انطونيوس فكرى
الوصية والذبيحة
آية 2،1:- و اوصى موسى و شيوخ اسرائيل الشعب قائلا احفظوا جميع الوصايا التي انا اوصيكم بها اليوم.فيوم تعبرون الاردن الى الارض التي يعطيك الرب الهك تقيم لنفسك حجارة كبيرة و تشيدها بالشيد.
عليهم أن يقيموا شىء مثل حائط كبير بأن يجمعوا حجارة ويكومونها فى كومة كبيرة ويطلونها بالشيد = شىء مثل الجبس أو الإسمنت أو الجير حتى تصير ملساء ويمكن الكتابة عليها. الله لا يترك وسيلة حتى يجعلهم يذكرون شريعته وهنا موسى يشرك معه الشيوخ فليس هو وحده المهتم بالوصية.
آية3، 4:- و تكتب عليها جميع كلمات هذا الناموس حين تعبر لكي تدخل الارض التي يعطيك الرب الهك ارضا تفيض لبنا و عسلا كما قال لك الرب اله ابائك. حين تعبرون الاردن تقيمون هذه الحجارة التي انا اوصيكم بها اليوم في جبل عيبال و تكلسها بالكلس.
كلمات هذا الناموس = إما الوصايا العشر أو البركات واللعنات أو سفر التثنية كله
آية5:- و تبني هناك مذبحا للرب الهك مذبحا من حجارة لا ترفع عليها حديدا.
المذبح يشير للمسيح الذى جاء متواضعاً لذلك لم يصنع المذبح من الألاباستر أو الرخام بل حجارة عادية ولا ترفع عليها حديداً = فالمسيح هو الحجر الذى قطع بدون يد إنسان (ولد بدون زرع بشر) كما أن العمل الخلاصى الذى عمله بصليبه كان بدون أن يتدخل إنسان. ولنلاحظ فى آية(4) حائط مكتوب عليه الشريعة وفى آية(5) مذبح فالحائط يشير للمسيح المتجسد المنقوشة الشريعة على قلبه فهو كلمة الله الذى تجسد والمذبح هو المسيح مصلوباً. فالكلمة المتجسد المصلوب هو سر دخولنا أرض الميعاد ووجود المذبح هنا هو رجاء لمخالفى الوصايا التى على الحائط.
آية6-8:- من حجارة صحيحة تبني مذبح الرب الهك و تصعد عليه محرقات للرب الهك. و تذبح ذبائح سلامة و تاكل هناك و تفرح امام الرب الهك. و تكتب على الحجارة جميع كلمات هذا الناموس نقشا جيدا.
بعد الصليب فى آية(5) يتكلم هنا عن التناول فهو سر فرح وشبع شعب المسيح نقشاً جيداً = تترجم كتابة واضحة جداً
آية10،9:- ثم كلم موسى و الكهنة اللاويون جميع اسرائيل قائلين انصت و اسمع يا اسرائيل اليوم صرت شعبا للرب الهك. فاسمع لصوت الرب الهك و اعمل بوصاياه و فرائضه التي انا اوصيك بها اليوم.
هنا نجد أن موسى أشرك معه الكهنة فى توجيه رسائله للشعب
الآيات 11-15:- و اوصى موسى الشعب في ذلك اليوم قائلا. هؤلاء يقفون على جبل جرزيم لكي يباركوا الشعب حين تعبرون الاردن شمعون و لاوي و يهوذا و يساكر و يوسف و بنيامين. و هؤلاء يقفون على جبل عيبال للعنة راوبين و جاد و اشير و زبولون و دان و نفتالي. فيصرح اللاويون و يقولون لجميع قوم اسرائيل بصوت عال. ملعون الانسان الذي يصنع تمثالا منحوتا او مسبوكا رجسا لدى الرب عمل يدي نحات و يضعه في الخفاء و يجيب جميع الشعب و يقولون امين.
إختار الرب جبلين فى أرض كنعان لينطق الكهنة بالبركة واللعنة بينهما. ولاحظ فى آية(12) هؤلاء يقفون. لكى يباركوا وفى آية(13) هؤلاء يقفون للعنة. فمع البركة يقول الشعب ومع اللعنة لا يقول الشعب فما باركه الله لا يلعنه إنسان.
ولاحظ أن من خصص للبركة هم أبناء ليئة وراحيل الحرتين والبركة للأحرار (غل31:4)
واما أبناء الجاريتين ومعهم رأوبين المحروم من البكورية وزبولون أصغر أولاد ليئة فقد خصصوا للعنة. وجبلى جرزيم وعيبال قريبان من بعضهما ويواجه أحدهما الآخر وبينهما وادٍ ضيق. وتوجد بئر يعقوب بالقرب من جبل جرزيم (يو20:4) وقد بنى السامريون هيكلهم على جبل جرزيم وكانوا يقولون أنه الوضع الذى ينبغى أن يسجد فيه. ومدينته نابلس الحالية تقع فى الوادى بين الجبلين وكأن جبل جرزيم يقع فى جنوب الوادى وجبل عيبال فى شمال الوادى
والشعب كان يشترك مع الكهنة وكان الكهنة فى وسط كل الأسباط هم الذين ينطقون بالبركات واللعنات والشعب يرد عليهم.
وهناك إحتمالين للطريقة التى كانوا ينطقون بها بالبركات واللعنات.
1- ينطق الكاهن باللعنات ويقول ملعون من يعمل كذا وكذا.. فيرد عليه من هم على جبل عيبال قائلين آمين ثم ينطق الكاهن بالبركات قائلاً مبارك من لا يعمل كذا وكذا.. فيرد من هم على جبل جرزيم قائلين آمين. ولم يذكر هنا نصوص البركة، فمن هم تحت الناموس ما زالوا تحت اللعنة (لاحظ أن آخر كلمة فى العهد القديم فى سفر ملاخى.. بلعنٍ) وأما المسيح إبتدأ خدمته بالتطويبات على جبل التطويبات فى عظة الجبل . فكانت كلماته بركة "طوبى للمساكين بالروح..
2- الإحتمال الآخر أن الكهنة كانوا ينظرون ناحية جبل عيبال وينطقوا باللعنات ويرد عليهم كل الأسباط بقولهم آمين ثم ينظرون لجبل جرزيم وينطقوا بالبركات ويرد عليهم كل الأسباط بقولهم آمين. وكلمة آمين إستخدمت فى العهد القديم وإمتدت للعهد الجديد. آمين = هى الكلمة التى نقلت لكل اللغات وتفيد.
1- التأمين على ما قيل بمعنى حقاً
2- الدعاء بالإستجابة بمعنى ليكن ذلك أو أستجب يا رب.
وإذا فهمنا ها بمعنى حقاً الأولى فكأن قولهم آمين أى هم موافقون أن مثل هذا يستوجب اللعنة. وما كان يحدث هنا هو نوع من العبادة الجمهورية وهو نفس ما يحدث فى الكنيسة الآن فالكاهن يصلى والشعب يرد عليه فتكون صلاة جماعية. ولاحظ أن الله يستخدم طرق ووسائل عديدة حتى يطبع الشريعة فى قلوبهم.
ومن المعروف أن البركة هى كل ما هو خير ومبهج، هى الفرح والراحة والسلام سواء فى الأمور المادية أو الروحية. البركة هى حضور الرب مع الإنسان وإشتراكه معه. أما اللعنة تكون للإنسان الذى يصر على الخطيئة وحيث أنه لا شركة للنور مع الظلمة فإن الله وبركته يفارقان الإنسان فتحل عليه اللعنة نتيجة رذل الله فيأتى عليه كل ما هو شر وبؤس وفشل وغم. وفى آية (15) يمنع الله عبادة الأوثان حتى ولو فى الخفاء
آية18:- ملعون من يضل الاعمى عن الطريق و يقول جميع الشعب امين.
يمتد مفهومها لكل من يسخر من كل ذى عاهة والمعنى الروحى للآية من يضلل البسطاء والأطفال والجهلاء.. (مت7،6:18)
آية20:- ملعون من يضطجع مع امراة ابيه لانه يكشف ذيل ابيه و يقول جميع الشعب امين.
يكشف ذيل أبيه = المقصود به هو إمرأة أبيه فهو وزوجته جسد واحد. ذيل أبيه إشارة لزوجة أبيه. فالأب يبسط ذيله على إمرأته (را9:3) والمعنى أن لا يقيم علاقة مع زوجة أبيه كما فعل رأوبين ففقد البركة
آية21:- ملعون من يضطجع مع بهيمة ما و يقول جميع الشعب امين.
يقول هذا الآن فهذا منتشر فى كنعان التى هم داخلون إليها.
آية26:- ملعون من لا يقيم كلمات هذا الناموس ليعمل بها و يقول جميع الشعب امين
هى آية عامة لكل كلمات الناموس فى سفر التثنية. ولنسأل ومن الذى لم يخالف وصية ولو واحدة من الناموس. إذاً فالكل ملعون ولذلك هو ناموس اللعنة، اللعنة التى حملها المسيح على الصليب (أع10:15) والمسيح جاء تحت الناموس أى هو الوحيد الذى لم يخالف وصية واحدة من الناموس (غل4:4) وقارن مع (غل5:4)
+