تفسير الاصحاح الحادى عشر من سفر التثنية للقس انطونيوس فكرى
ايامنا علي الارض
آية1:- فاحبب الرب الهك و احفظ حقوقه و فرائضه و احكامه و وصاياه كل الايام.هذه تساوى من يحبنى يحفظ وصاياى (يو23،21:14)
آية2:- و اعلموا اليوم اني لست اريد بنيكم الذين لم يعرفوا و لا راوا تاديب الرب الهكم عظمته و يده الشديدة و ذراعه الرفيعة.
لست أريد بنيكم = فى الترجمات الأخرى لست أقصد بكلامى بنيكم الذين لم يروا أعمالى سواء المعجزات أو التاديب. فمن يعرف أكثر يدان أكثر ولكن علموا بنيكم ليعرفوا
آية9:- و لكي تطيلوا الايام على الارض التي اقسم الرب لابائكم ان يعطيها لهم و لنسلهم ارض تفيض لبنا و عسلا.
إذاً إستقرارهم وسلامهم مشروطاً بسلوكهم فى وصاياه
الآيات 10-12:- لان الارض التي انت داخل اليها لكي تمتلكها ليست مثل ارض مصر التي خرجت منها حيث كنت تزرع زرعك و تسقيه برجلك كبستان بقول. بل الارض التي انتم عابرون اليها لكي تمتلكوها هي ارض جبال و بقاع من مطر السماء تشرب ماء. ارض يعتني بها الرب الهك عينا الرب الهك عليها دائما من اول السنة الى اخرها.
يعقد موسى هنا مقارنة بين أرض مصر وأرض كنعان فمع أن أرض مصر تربتها جيدة وغنية وشبهها الكتاب بجنة الله (تك 10:13) إلا أن الفلاح فى مصر يبذل جهداً كبيراً. تسقيه برجلك وهذه قد تعنى أنه يتعب فى شق القنوات أو دفع الآلات التى تأتى بالماء من القنوات إلى الأراضى أو يسير حاملاً الماء… إذاً هو يزرع بمجهوده أى برجله. أما أرض كنعان فهى تروى بالأمطار وفيها الفلاح ينظر للسماء منتظراً عطية الله دون مجهود منه فى ذلك. والرب يعتنى بها ويعطى المطر ولكن هناك شروط هى حفظ الوصايا. هذه الأيات موجهة لكل من يظن أن مصدر رزقه وخيراته فى يده وبمجهوده فلا يهتم أن يرضى الله ولا يحفظ وصاياه فالله يريد أن يقول هنا أنه هو مصدر خيراتنا وحتى تظل البركات تأتى علينا، علينا أن نحفظ وصاياه
آية13-16:- فاذا سمعتم لوصاياي التي انا اوصيكم بها اليوم لتحبوا الرب الهكم و تعبدوه من كل قلوبكم و من كل انفسكم. اعطي مطر ارضكم في حينه المبكر و المتاخر فتجمع حنطتك و خمرك و زيتك. و اعطي لبهائمك عشبا في حقلك فتاكل انت و تشبع. فاحترزوا من ان تنغوي قلوبكم فتزيغوا و تعبدوا الهة اخرى و تسجدوا لها.
المطر المبكر = يأتى فى الخريف ويصحب بذر البذار أو يليها وهو يعد التربة للزرع.
والمطر المتأخر يأتى فى الربيع قبل الحصاد بقليل وفى أثنائه وهو يقوى النبات. وكلا النوعين لازم لنمو النبات والله يعطيه لهم. وهذه الآية تشير للعطايا الروحية فالمطر يشير للروح القدس الذى يحول قلوبنا القفر إلى فردوس مثمر فيه حنطة أى نتمتع بالشبع الروحى وخمر أى بالأفراح الروحية والزيت (المسحة الملوكية وسلطان روحى)
آية17:- فيحمى غضب الرب عليكم و يغلق السماء فلا يكون مطر و لا تعطي الارض غلتها فتبيدون سريعا عن الارض الجيدة التي يعطيكم الرب.
فتبيدون سريعاً = من القحط والمجاعات والأعداء والهرب من الضيقات
آية18-23:- فضعوا كلماتي هذه على قلوبكم و نفوسكم و اربطوها علامة على ايديكم و لتكن عصائب بين عيونكم. و علموها اولادكم متكلمين بها حين تجلسون في بيوتكم و حين تمشون في الطريق و حين تنامون و حين تقومون. و اكتبها على قوائم ابواب بيتك و على ابوابك. لكي تكثر ايامك و ايام اولادك على الارض التي اقسم الرب لابائك ان يعطيهم اياها كايام السماء على الارض. لانه اذا حفظتم جميع هذه الوصايا التي انا اوصيكم بها لتعملوها لتحبوا الرب الهكم و تسلكوا في جميع طرقه و تلتصقوا به. يطرد الرب جميع هؤلاء الشعوب من امامكم فترثون شعوبا اكبر و اعظم منكم.
كأيام السماء على الأرض = تكون أيامهم طويلة وأجيالهم لا حصر لها لذلك جاءت الآية فى ترجمات أخرى… مادامت السماء على الأرض. أى يكونوا فى خير دائماً وتحمل الآية أيضاً معنى أنهم يحيون بطريقة سمائية وشركة مع الله كأنهم فى السماء.
علامة على أيديكم وعصائب بين عيونكم = تذكرونها دائماً وتنفذونها
آية24:- كل مكان تدوسه بطون اقدامكم يكون لكم من البرية و لبنان من النهر نهر الفرات الى البحر الغربي يكون تخمكم
كل مكان تدوسه بطون أقدامكم = أى من الأراضى التى صرحت لكم أن تأخذوها لذلك حدد الله لهم الحدود من البرية ولبنان ومن نهر الفرات حتى البحر المتوسط
آية25-29:- لا يقف انسان في وجهكم الرب الهكم يجعل خشيتكم و رعبكم على كل الارض التي تدوسونها كما كلمكم. انظر انا واضع امامكم اليوم بركة و لعنة. البركة اذا سمعتم لوصايا الرب الهكم التي انا اوصيكم بها اليوم. و اللعنة اذا لم تسمعوا لوصايا الرب الهكم و زغتم عن الطريق التي انا اوصيكم بها اليوم لتذهبوا وراء الهة اخرى لم تعرفوها. و اذا جاء بك الرب الهك الى الارض التي انت داخل اليها لكي تمتلكها فاجعل البركة على جبل جرزيم و اللعنة على جبل عيبال.
متى دخلوا الأرض كان عليهم أن يقفوا على جبل جرزيم وعلى جبل عيبال فى نظام محدد وينطقوا ببركات محددة لمن يسلك فى طريق الرب وبلعنات محددة لمن يحيد عن وصايا الرب. وجبل جرزيم هو الجبل الذى كانوا ينظرون إليه وهم يرددون كلمات البركة (جرزيم معناها مشتق من رجال الحصاد) وجبل جرزيم جبل خصب. أما جبل عيبال فهو جبل بور وإسمه مشتق من الصخور البيضاء التى تملأه والجبليين متقابلين كما أن البركة تقابل اللعنة، البركة لمن يطيع يقابلها اللعنة لمن لا يطيع. فالله لا يترك وسيلة لطبع هذه الحقيقة فى أذهان البشر. ولقد نفذ يشوع هذا. وجبل جرزيم يقع جنوب الوادى الذى تقع فيه مدينة شكيم (نابلس حالياً) وهو الجبل الذى قدسه السامريون وكان بقرية بئر يعقوب (يو12:4) وعليه بنوا مذبحهم. أما جبل عيبال فيقع شمال وادى شكيم. والجبلان متقاربان حتى أن الذى يقف عند سفح أحدهما يسمع الذى ينادى عند سفح الجبل الآخر.
وكتطبيق على موضوع البركة واللعنة نجد سفر يشوع والقضاة. فسفر يشوع نرى فيه أمانة الله وعطاياه لهم وفى سفر القضاة نرى الضربات التى لحقت بهم نتيجة عدم أمانتهم وخطاياهم. لذلك نجدهم فى سفر يشوع يمتلكون الأرض (بركة ) وفى سفر القضاة نجدهم يستعبدون للشعوب الوثنية ويذلونهم ( لعنة)
آية30:- اما هما في عبر الاردن وراء طريق غروب الشمس في ارض الكنعانيين الساكنين في العربة مقابل الجلجال بجانب بلوطات مورة.
يحدد لهم الوصف الجغرافى الدقيق للجبلين. وراء طريق غروب الشمس = أى ناحية الغرب. والشمس تختفى وراء الجبلين عند الغروب. بجانب بلوطات مورة = هذا ليذكرهم بوعده لأبيهم إبراهيم فيتشجعوا.
+