تفسير الاصحاح الرابع والعشرون من سفر صموئيل الثانى للقس انطونيوس فكرى
إحصاء الشعب
يختم السفر حياة داود بخطأ خطير إرتكبه داود وهو إحصاء الشعب لمعرفة عدد رجال الحرب دون إستشارة الرب، فحّل على الشعب تأديب قاسى هزّ أعماق نفس داود وذكر هذه القصة هنا مهم جداً فهذا التأديب القاسى إنتهى بتقديم ذبيحة فى مكان الهيكل الذى بناه سليمان.
وهذه القصة تعتبر مدخل لحياة سليمان الذى يظهر فى الكتاب المقدس كأن عملهُ الأساسى هو بناء الهيكل وحتى أن الهيكل منسوب لهُ ويسمى هيكل سليمان. حتى بعد أن تم تدميره على يد نبوخذ نصّر وبناه زربابل بعد أن عاد الشعب من السبى إستمر إسمه هيكل سليمان.
وكان هذا رمزاً لما عملهُ المسيح. فالهيكل يشير لجسد المسيح (يو21:2) الذى أخذهُ من العذراء مريم ويشير للكنيسة التى هى جَسَدَهُ. والمسيح عَمِلَ هذا لرفع اللعنة عن شعبه كما أن بتقديم الذبيحة فى أرض الهيكل هذا رَفَعَ الله اللعنة عن الشعب. (فسليمان يرمز للمسيح كمؤسس للهيكل وفى أنه إبن داود).
آية (1) :-
وعاد فحمي غضب الرب على إسرائيل فإهاج عليهم داود قائلا امض وأحص إسرائيل ويهوذا.
لماذا غضب الله حينما قام داود بعمل هذا الإحصاء :-
1- هو لم يستشر الرب كعادته.
2- بدأ داود يشعر أن سر قوته هو فى عدد رجالهُ وإمكانياته فبدأ يعتمد على هذا. ولو إفتكر داود كيف كانت بداية حياته وكيف أنه تحوّل من راعٍ للغنم إلى ملك جبار لفهم أن هذا قد تم بقوة ذراع الله وليس بذراع بشر.
3- يبدو أن الدافع الرئيسى، هو الإعلان عن عظمته وقدراته وإمكانياته، كما كان يفعل ملوك الأمم حوله ليرعب الأمم المجاورة، ولقد شاركه الشعب هذه الروح لذلك كانت الخطية على الجميع وليس على داود وحدهُ. لقد حاول داود فى محبته أن ينسبها لنفسه ولبيت أبيه لكى يُصّب التأديب كله عليه دون الشعب.
4- كان الشعب محتاجاً إلى تأديب وإلاّ لأدّب الله داود وحدهُ. ففى موضوع أوريا لم نسمع أن الله أدّب الشعب على خطأ داود بل التأديب إنصّب على من يستحق. لكن الآن نسمع أن الضربة موجهة للشعب إذاً فهو المستحق. ولقد سمح الله بخطأ الراعى لتأديب الرعية، فهى مستحقة للتأديب.
عموماً نستطيع أن نقول أن سقطة داود هنا ومعهُ الشعب هى نفس سقطة إبليس وآدم، هى الأكل من الشجرة المحرمة. فإبليس خلقه الله جميلاً قوياً فرأى جماله وقوته ونسبها لنفسه فإنفصل عن الله ومات وهلك وهكذا فعل آدم وأكل من نفس الشجرة فمات وهلك وحلّت اللعنات بالأرض وبالإنسان. وكان لابد أن يأتى المسيح بجسده ليرفع هذه اللعنة ويؤسس هيكله.
5- ربما قصد داود بهذا الإحصاء إثارة حروب جديدة لم يأمر بها الله لتوسيع مملكته ولزيادة مجده.
6- وربما أراد تسخير الشعب بوضع جزية مالية ثقيلة لحسابه الخاص أو حساب الخزانة وليس لحساب خيمة الإجتماع.
7- كان التعداد الذى يسمح بِهِ الله مرتبطاً بتحصيل نصف شاقل عن كل إنسان. (وهذا رمزاً للفداء. . . راجع سفر الخروج) وداود لم يحصل النصف الشاقل بمعنى رمزى ، أنه يريد العدد فقط، يريد شعباً غير مفدى بالدم وغير المفديين تستمر عليهم اللعنة فهم ليسوا من جسد المسيح وليسوا من أحجار الهيكل.
8- لقد أدرك يوآب بالرغم من دمويته خطأ داود وحاول تنبيهه لكن داود أصّر على خطأه والله يستخدم مَنْ حولنا كثيراً ليصل صوته إلينا لذلك مهم أن نسمع المشورة حتى لو جاءت ممن هم أصغر منّا بل لو حتى من أعدائنا فلربما نسمع عن طريقهم صوت الله على أنه من الواجب أن نسمع ونميز الأرواح ونمتحن الأرواح (1يو1:4) فإن تأكدنا من أن الصوت من الله علينا أن نخضع لهُ.
9- نسى داود أن الشعب هو شعب الرب وليس شعبه هو وإن الرب قادر أن يزيد الشعب كما حدث فى مصر إن أراد وهو قادر أن ينقصه كما حدث هنا. والله قادر أن يجعل النصرة بأقل عدد كما حدث فى أيام جدعون. وعلينا أن نعرف هذا لحياتنا فلا نضع قلوبنا على ما نمتلك فالله قادر أن يزيد ويبارك فيما نملك وقادر أن يأخذ كل شئ وقادر أن يبارك فى القليل. المهم أن ننظر إلى الله وليس لما نمتلك.
10- الخطأ كما قلنا هنا هو خطأ مزدوج فهو خطأ داود وخطأ الشعب فكلاهما شَعَر بأنه قوى وبدأ الشعور بالغرور والإنتفاخ وبالتالى الشعور بعدم الإحتياج لله والإبتعاد عنهُ، بدأ يتسلل للشعب وهذا الإحساس سريعاً ما يؤدى للسقوط فى خطايا كثيرة والله سمح لداود بأن يقوم بالتعداد حتى بعد أن يرى غضب الله يعرف خطأهُ وهذا ما حدث مع بلعام. فكثيراً ما ينبهنا الله لخطأٍ ما مرة وأكثر فنصر على الخطأ فيتركنا الله لنسقط ونرى مرارة عملنا ويكون هذا هو التأديب.
امضِ وأحصِ إسرائيل: هنا الذى قال هو الرب ثم فى (1أى1:21) ووقف الشيطان ضد إسرائيل وأغوى داود ليحصى إسرائيل. وتفسير هذا فالله سمح للشيطان أن يغوى داود حتى تظهر الخطيئة المستترة فى قلبه وفى قلوب شعبه وهى إنتفاخهم أى حبهم لقوتهم وإعجابهم بأنفسهم وإفتخارهم بذواتهم. وهى خطية مستترة أى لا تراها عيونهم فهى ليست مستترة عن الله فالله فاحص القلوب والكلى. لكنها مستترة ومخفية عن عيونهم بدليل أن يوآب نبّه داود أن هذا خطأ لكن داود مع هذا لم يستطع أن يرى الخطأ.
ولو ترك الله المرض الخبيث (الكبرياء) داخل داود لهلك بِهِ فسمح الله بهذا أن الشيطان يغوى داود فيعمل داود الإحصاء فيضرب الله الشعب، كل هذا لينقذ الله داود وشعبه من الكبرياء فيشفى إرتدادهم (هو4:14). وعلامة أن هذه الدعوة للتعداد كانت ضد رغبة الله أن داود لم يشعر بالفرح من عَمَلَهُ ولا هو سبّح الله كما هى عادته بل نسمع أن قلبهُ ضربهُ على هذا العمل (أية 10).
فلو كان العمل حسب إرادة الله لفرح به وسبح الله عليه، علامة رضا الله أن يفرح الإنسان قلبياً فيسبح الله. أحصِ إسرائيل ويهوذا: يذكر يهوذا هنا مميزة عن إسرائيل وهذا راجع إمّا لأن السفر قد كتب بعد إنفصال المملكتين أو لأن يهوذا سبط الملك. أو لأن داود ملك على يهوذاً أولاً.
آية (2) :-
فقال الملك ليواب رئيس الجيش الذي عنده طف في جميع أسباط إسرائيل من دان إلى بئر سبع وعدوا الشعب فاعلم عدد الشعب.
من دان إلى بئر سبع: دان إلى أقصى الشمال وبئر سبع أقصى الجنوب وهذا تعبير كتابى عن كل إسرائيل.
آية (3) :-
فقال يواب للملك ليزد الرب إلهك الشعب أمثالهم مئة ضعف وعينا سيدي الملك ناظرتان ولكن لماذا يسر سيدي الملك بهذا الأمر.
رد يوآب يُظهر أنه صوت الله أراد أن ينبه داود أن التعداد خطأ ومعنى الكلام روحى أن الله قادر أن يزيد عدد الشعب 100 مرة أمامك. فلما يُسّر الملك بأن ينتفخ بكثرة شعبه.
آية (5) :-
فعبروا الأردن ونزلوا في عروعير عن يمين المدينة التي في وسط وادي جاد وتجاه يعزير.
عروعير: مدينة أمام ربة أى إلى جهة شرق إسرائيل. فهم بدأوا من الشرق.
آية (9) :-
فدفع يواب جملة عدد الشعب إلى الملك فكان إسرائيل ثمان مئة ألف رجل ذي باس مستل السيف ورجال يهوذا خمس مئة ألف رجل.
التعداد كان 800000 لإسرائيل، 500000 ليهوذا
وفى (1أى5:21) يذكر 1,100000، 470000 ليهوذا وهناك حلول لهذا :-
1- كان لداود جيش منتخب مكون من 30000 (2صم1:6) هؤلاء لم يدخلوا فى حسابات كاتب سفر الأيّام بالنسبة ليهوذا. فيكون يهوذا 470000+30000=500000.
2- نلاحظ أن يوآب كان كارهاً للإحصاء شاعراً بخطورة الموقف (1أى24:27) ويوآب نتيجة كراهيته للإحصاء لم يقم *بإحصاء لاوى وبنيامين (1أى6:21) وعموماً فاللاويين لا يعدّون كرجال حرب فالحرب ليست عملهم وربما كان سبط بنيامين 30000 وبنيامين يُعّد مع يهوذا فيكون العدد 470000+30000=50000.
3- بالنسبة لإسرائيل نلاحظ أن سفر صموئيل يقول فكان إسرائيل 800000 أمّا سفر الأيّام فيقول كل إسرائيل 1100000 فكلمة كل لم تقال فى سفر صموئيل والفرق بين الرقمين يمكن تعديله كما يلى :- أن الـ 800000 هم تعداد من يمكن أن يتم تجنيدهم لكن يوجد هناك مجندين فعلاً 288000 فى كل إسرائيل (24000×12=288000) راجع (1أى27: 1-15).
بالإضافة إلى أن داود أقام 12 والياً وكل والٍ يتبعه 1000 مجند فيصبح العدد الكلى 800000+288000+12000= 1100000 وأسماء الـ12 والٍ موجودة فى (1أى27: 16-22). ملحوظة* بالنسبة لتعداد بنيامين فغالباً يوآب قام بتعداد بنيامين لكن لم يسجل الرقم رسمياً (1أى6:21، 24:27).
4- هناك من يحل الإشكال بطريقة لطيفة إذ لاحظ أن كاتب صموئيل حين ذكر تعداد إسرائيل قال إن عدد 800000 الخاص بإسرائيل هم ذى بأسٍ وهذه العبارة لم ترد مع كاتب الأيّام ويَفْهَمْ من هذا أن هناك فرق فى الكفاءة ما بين الـ800000، الـ 300000. عموماً نفهم أن هناك سجلات مختلفة وكل كاتب سجل الأعداد بطريقة مختلفة ولكن الأعداد كلها صحيحة.
بل أن هذا الخلاف دليل صحة وليس دليل خطأ فحينما تتطابق القصتان تماماً فيما عدا عدة أرقام نفهم أن المصادر مختلفة ولكنها كلها صحيحة فهم لم ينقلوا من بعضهم إنما هم شاهدين مختلفين رووا نفس القصة بفروق غير مهمة بل تفسر بأنها ترجع إلى أن كل كاتب ينظر من وجهة نظره للتعداد. فهناك من أخذ رقم بنيامين الذى لم يسجل فى سجلات الدولة الرسمية وهناك من لم يأخذه لأنه لم يسجل وكلاهما صحيح.
آية (10) :-
وضرب داود قلبه بعدما عد الشعب فقال داود للرب لقد أخطأت جدا في ما فعلت والان يا رب أزل أثم عبدك لاني انحمقت جدا.
هذا هو سر عظمة داود النبى فهو متى عَرِف أنه أخطأ يعترف ولا يقدم مبررات.
الآيات (11-14) :-
ولما قام داود صباحا كان كلام الرب إلى جاد النبي رائي داود قائلا. اذهب و قل لداود هكذا قال الرب ثلاثة أنا عارض عليك فاختر لنفسك واحدا منها فافعله بك.
فأتى جاد إلى داود واخبره وقال له أتاني عليك سبع سني جوع في أرضك أم تهرب ثلاثة اشهر أمام أعدائك وهم يتبعونك أم يكون ثلاثة أيام وبا في أرضك فالان اعرف وانظر ماذا أرد جوابا على مرسلي. فقال داود لجاد قد ضاق بي الأمر جدا فلنسقط في يد الرب لان مراحمه كثيرة ولا اسقط في يد إنسان.
لقد ضرب داود قلبه أى بدأ يشعر بالندم وظل طوال الليل فى مرارة يترقب ثمار الخطأ الذى إرتكبه. وأتى لداود النبى، جاد النبى حاملاً لهُ 3 خيارات ليختار أحدها كعقوبة.
ولاحظ أن الضربات والتأديب تتفق مع الخطية. فداود كان سبب كبريائه هو تعداد شعبه، والله يأخذ منهُ أسباب كبريائه ويحرمه منها. فما تكبر به داود كان سبب ضربته. وكانت الخيارات الثلاثة :-
1- حرب: وهذه ستكون على الجنود فداود لا يخرج للحرب.
2- مجاعة: وهذه لن تصيب داود بأذى فهو يأخذ من الضرائب ما يشبعه.
3- وباء: وهذا قد يصيبه كما يصيب الشعب. ومن نبل داود إختار الوباء ليشارك الشعب. أتأتى عليك سبع سنى جوع: وفى (1أى12:21) يقول ثلاث سنوات.
وحل هذا الإشكال بسيط جداً فأحدهم ينظر للفترة التى تفرغ فيها المخازن تماماً (3 سنين) وهذه يسبقها فترة قحط وندرة مياه وتبدأ المحصولات تقل إلى أن تنفذ وقد تكون هذه الفترة سنتان وبعد أن تعود المياه وينتهى الجفاف تمتلئ المخازن ثانية فى سنتين. فلنسقط فى يد الرب … ولا نسقط فى يد إنسان: فالحرب تجعلنا نسقط فى يد أعدائنا. والمجاعة ستجعلنا نتذلل لهم ليعطونا ما نأكلهُ. أمّا الوباء فنحن فيه فى يد الرب ومراحم الرب كثيرة.
الآيات (15-17) :-
فجعل الرب وبا في إسرائيل من الصباح إلى الميعاد فمات من الشعب من دان إلى بئر سبع سبعون ألف رجل. وبسط الملاك يده على أورشليم ليهلكها فندم الرب عن الشر
وقال للملاك المهلك الشعب كفى الان رد يدك وكان ملاك الرب عند بيدر ارونة اليبوسي. فكلم داود الرب عندما رأى الملاك الضارب الشعب وقال ها أنا اخطات وأنا اذنبت وأما هؤلاء الخراف فماذا فعلوا فلتكن يدك علي وعلى بيت أبى.
إلى الميعاد: غالباً يشير هذا إلى وقت تقدمة ذبيحة المساء فإرتباط الذبيحة واضح مع رفع الضربات. ومعنى هذا أن الله هدّد بوباء يستمر 3 أيام ثم من مراحمه توقفت الضربة بعد يوم واحد. أو تعنى بعد إنقضاء الثلاثة أيام وأيضاً فى ميعاد تقدمة المساء فى اليوم الثالث.
ويقول المفسرون أن الملاك كان على ذات جبل المريا الذى قدم فيه إبراهيم إسحق ذبيحة. وكأن المعنى أنه لا سبيل لوقف الوباء الذى يحصد البشر إلاّ ذبيحة الإبن الوحيد الجنس (الوباء الذى يحصد البشر هو الموت). أرونة اليبوسى: أرونة رجل أجنبى يبوسى.
وهو رأى الملاك (1أى20:21) فإختبأ هو وأولاده ثم رأى الملك قادماً فإرتبك وتحير وسجد أمام الملك وسألهُ عن سر مجيئه. ونرى فى صرخات داود حبه الفائق لشعبه، فهو إذ رأى شعبه تحت الضيق صرخ طالباً أن تحل الضيقة به وببيت أبيه لا بالشعب، فهو مستعد مثل المسيح أن يتقدم الرعية ليحتمل المخاطر عنهم. وفى صرخاته معنى أن كانوا هم أخطأوا فأنا الراعى وأنا المسئول أدبنى أنا وبيت أبى. أنها خطيتى أنا لذا أستوجب العقوبة.
الآيات (18-25) :-
فجاء جاد في ذلك اليوم إلى داود وقال له اصعد وأقم للرب مذبحا في بيدر ارونة اليبوسي. فصعد داود حسب كلام جاد كما أمر الرب. فتطلع ارونة ورأى الملك وعبيده يقبلون إليه فخرج ارونة وسجد للملك على وجهه إلى الأرض.
و قال ارونة لماذا جاء سيدي الملك إلى عبده فقال داود لاشتري منك البيدر لكي ابني مذبحا للرب فتكف الضربة عن الشعب. فقال ارونة لداود فليأخذه سيدي الملك و يصعد ما يحسن في عينيه انظر البقر للمحرقة والنوارج وأدوات البقر حطبا. الكل دفعه ارونة المالك إلى الملك
وقال ارونة للملك الرب إلهك يرضى عنك. فقال الملك لارونة لا بل اشتري منك بثمن
ولا اصعد للرب الهي محرقات مجانية فاشترى داود البيدر والبقر بخمسين شاقلا من الفضة. وبنى داود هناك مذبحا للرب واصعد محرقات وذبائح سلامة واستجاب الرب من اجل الأرض فكفت الضربة عن إسرائيل.
سمع الله لصرخات داود المملوءة حباً وطلب أن يبنى مذبحاً فى هذا المكان فلا مصالحة بدون ذبيحة. وإقامة مذبح وتقديم ذبيحة وقبولها من جانب الله يعنى تحقيق المصالحة. ولاحظ إستجابة الله السريعة لصلاة داود إذ جاءَهُ جاد النبى مباشرة. وأرونة عرض المكان مجاناً وداود أصّر أن يدفع فلو أخذه مجاناً لكان أرونة هو الذى قدّم لله وليس داود. وكون داود يدفع فهذا علامة توبته الحقيقية.
50 شاقلاً: هذا ثمن البيدر والبقر حسب أية (24) فداود دفع فوراً هذا الثمن وبنوا مذبحاً قدموا عليه البقر حالاً فى نفس المكان حتى تقف الضربة ودعا داود الرب فإستجابه بنار من السماء وأمر الملاك فرّد سيفه إلى غمده (1أى21: 26،27).
ولأن الرب إستجاب داود فى هذا المكان خاف أن يذهب إلى خيمة موسى بعد ذلك التى فى جبعون وعَرِف أن هذا المكان هو الذى إختارهُ الله لتقديم ذبائح فيه وليكون مكان الهيكل الذى سيبنيه إبنه فإشترى المكان كلّه بـ600 شاقل ذهب (1أى25:21).
ملخص حياة داود
داود يرمز للمسيح المتألم على الأرض وهو فى الجسد بينما سليمان إبنه فى حكمته وغناه والسلام الذى عم مملكته يرمز للمسيح فى مجده. فداود كان الإبن الصغير المهمل فى بيت أبيه يسى وترك له رعاية الغنم بينما إخوته ضباط كبار فى الجيش وكان مطارداً من شاول وبعد هذا دخل حروب كثيرة ثم طورد من إبشالوم. لكن لماذا يسمح الله لعبده المحبوب بكل هذا؟كان الله يُدخل داود فى مدارس إعداد إلهية :-
1- مدرسة الرعاية ليعده ملكاً والله عمل هذا مع كثير من القادة إذ بدأوا كرعاة غنم ليرعوا شعبه بعد ذلك مثل موسى.
2- مدرسة الإيمان يبدأ بصراع مع دب وأسد فيزداد إيمانه فيصارع جليات فيزداد إيمانه ويصبح قادراً على تحمل أعباء الملك بل تأسيس مملكة وسط أعداء أقوياء. لذلك نجد أن مزاميره تبدأ بالشكوى وتنتهى بالشكر على إستجابة الله دون أن تكون الإستجابة قد حدثت وذلك بسبب إيمانه القوى.
3- مدرسة الألم حيث إختبر تعزيات الله ( 2كو 4:1،5 ).
4- مدرسة التأديب الإلهى بعد الخطية لإنتزاع كل ميوله الشريرة من داخله وإعداده لميراثه السماوى.
+