تفسير الاصحاح السادس من سفر ملوك الثانى للقس انطونيوس فكرى
الآيات 1-7- وقال بنو الانبياء لاليشع هوذا الموضع الذي نحن مقيمون فيه امامك ضيق علينا. فلنذهب الى الاردن وناخذ من هناك كل واحد خشبة ونعمل لانفسنا هناك موضعا لنقيم فيه فقال اذهبوا. فقال واحد اقبل واذهب مع عبيدك فقال اني اذهب.
فانطلق معهم ولما وصلوا الى الاردن قطعوا خشبا.و اذ كان واحد يقطع خشبة وقع الحديد في الماء فصرخ وقال اه يا سيدي لانه عارية.فقال رجل الله اين سقط فاراه الموضع فقطع عودا والقاه هناك فطفا الحديد فقال ارفعه لنفسك فمد يده واخذه.
زاد عدد الأنبياء حتى أن مقرهم لم يعد يسعهم وكان هذا بتأثير إليشع وكانوا مقيمين فى أريحا قرب نهر الأردن وكان إليشع يزورهم ويتردد عليهم كل فترة لأنه كان يفتقد باقى المدارس. كل واحد خشبة = كانوا يعملون بأيديهم لأنهم كانوا يريدون بناء موضع لا يكلفهم شيئا سوى تعبهم. ومن محبتهم لإليشع أصروا أن يصحبهم. عارية =أى هو إستعارة أو سأل أحد أصدقائه أن يعطيه إياه فكلمة عارية تعنى سؤال.
والحديد كان غالياً فى ذلك الوقت. والعود الذى رماه إليشع فى الماء يناظر الدقق والملح وتمدده فوق الولد الميت.. الخ ويماثل العود الذى رماه موسى فى ماء مارة فصار عذبا والسؤال هل تحدث معجزة بسبب حديد فأس؟ هذه تثبت أن الله يهتم بكل صغيرة وكبيرة فى حياتنا فشعرة من رؤوسنا لا تسقط بدون إذنه. ويشير هذا الحديد لقلوبنا الغارقة فى وحل هذا العالم والعود إلى الصليب الذى إنتشلنا به المسيح خارج الماء فأصبحنا نهتم بالسماويات.
الآيات 8-13:- واما ملك ارام فكان يحارب اسرائيل وتامر مع عبيده قائلا في المكان الفلاني تكون محلتي.فارسل رجل الله الى ملك اسرائيل يقول احذر من ان تعبر بهذا الموضع لان الاراميين حالون هناك. فارسل ملك اسرائيل الى الموضع الذي قال له عنه رجل الله وحذره منه وتحفظ هناك لا مرة ولا مرتين. فاضطرب قلب ملك ارام من هذا الامر ودعا عبيده وقال لهم اما تخبرونني من منا هو لملك اسرائيل.
فقال واحد من عبيده ليس هكذا يا سيدي الملك ولكن اليشع النبي الذي في اسرائيل يخبر ملك اسرائيل بالامور التي تتكلم بها في مخدع مضجعك.فقال اذهبوا وانظروا اين هو فارسل واخذه فاخبر وقيل له هوذا في دوثان.
الحرب المذكورة كانت بين بنهدد ويهورام وهى من نوع الغزوات فكانوا يكمنون للإسرائيليين. وتآمر مع عبيده = أى إتفق على مكان للكمين مع عبيده. وفى (9) نجد أن إليشع يكتشف الأماكن التى يكمنون فيها فالله يكشفها له وهو يرشد ملك إسرائيل فأرسل رجل الله = فبالرغم من خطايا الملك كان الله يشفق على شعبه إسرائيل وينجيهم.
وفى (10) فأرسل ملك إسرائيل = هذه لها تفسيران إما أن ملك إسرائيل أرسل جواسيس للمكان الذى أرشده إليه النبى ليتحقق من صدق نبوته أو هو أرسل حامية مسلحة لتحصن المكان حتى إذا جاء العدو وجدها محصنة ويفاجأ بأن ما كان يعتبره مكانا مفتوحا إذ به محصن. ونلاحظ أن حرب أعداء الله ضد شعب الله حرب لا تكف ولكن الله يرسل خدامه لنتحفظ. ونلاحظ أن ملك إسرائيل إستمع لإليشع فى هذا لكنه لم يستمع لدعوته له بالتوبة عن عبادته المرفوضة ولو إستمع لخلص نفسه أيضاً.
الآيات 14-23:- فارسل الى هناك خيلا ومركبات وجيشا ثقيلا وجاءوا ليلا واحاطوا بالمدينة.فبكر خادم رجل الله وقام وخرج واذا جيش محيط بالمدينة وخيل ومركبات فقال غلامه له اه يا سيدي كيف نعمل.فقال لا تخف لان الذين معنا اكثر من الذين معهم وصلى اليشع وقال يا رب افتح عينيه فيبصر ففتح الرب عيني الغلام فابصر واذا الجبل مملوء خيلا ومركبات نار حول اليشع.
و لما نزلوا اليه صلى اليشع الى الرب وقال اضرب هؤلاء الامم بالعمى فضربهم بالعمى كقول اليشع.فقال لهم اليشع ليست هذه هي الطريق ولا هذه هي المدينة اتبعوني فاسير بكم الى الرجل الذي تفتشون عليه فسار بهم الى السامرة فلما دخلوا السامرة قال اليشع يا رب افتح اعين هؤلاء فيبصروا ففتح الرب اعينهم فابصروا واذا هم في وسط السامرة.
فقال ملك اسرائيل لاليشع لما راهم هل اضرب هل اضرب يا ابي.فقال لا تضرب تضرب الذين سبيتهم بسيفك وبقوسك ضع خبزا وماء امامهم فياكلوا ويشربوا ثم ينطلقوا الى سيدهم.فاولم لهم وليمة عظيمة فاكلوا وشربوا ثم اطلقهم فانطلقوا الى سيدهم ولم تعد ايضا جيوش ارام تدخل ارض اسرائيل.
فى (14) جيشاً ثقيلاً = لا يفهم من هذا أن الجيش كان بالآلاف لكن ربما عدة عشرات مسلحين فهو جيش ثقيل بالنسبة للمهمة المطلوبة أى القبض على شخص واحد وهو إليشع ولكن لاحظ أنهم خائفون منه. فملك أرام صمم على أسر إليشع ليمنع إسرائيل من الإستفادة منه وربما فكر فى سذاجة أن يستغل إليشع فى أن يكشف له تحركات إسرائيل.
ولكن هذه أفكار ساذجة فمن إكتشف تحركات ملك أرام وهو فى منزله أهو غير قادر أن يحمى نفسه؟! وفى (17) رأى التلميذ خيلا ومركبات = هو تصوير بطريقة بشرية يفهمها تلميذ إليشع الذى إضطرب من خيل ومركبات العدو. وربما إليشع نفسه لم يرى هذه الخيل والمركبات فهو مؤمن واثق أن الله سيحميه فالرؤى يسمح بها الله لضعاف الإيمان ليشتد إيمانهم "طوبى لمن آمن ولم يرى".
فالله يفضل أن نسلك بالإيمان لا بالعيان وأن نثق فى حمايته ومحبته دون رؤى أو معجزات ولكن إن وجد الله أن الإنسان فى ضعفه لن يؤمن سوى بهذه الطريقة كحالة تلميذ إليشع يلجأ الله إليها.
غير أننا ومن الجانب الآخر نجد أنه لو زاد الإيمان عند شخص لدرجة أصبحت تقارب العيان نجد أن هذا الشخص ذو الدرجة العالية قادر أن يرى ما لا يراه الإنسان العادى فلقد أصبحت له حواس روحية تعطيه نظرة روحية وإعلانات لا يراها الإنسان العادى وهذا ما كنا نسمعه عن قديسين عظماء كان عاديا بالنسبة لهم أن يروا ملائكة وقديسين بل رأوا المسيح وحملوه مثل الأنبا بيشوى.
فالله يطلب لنا أن نسلك بالإيمان "الإيقان بأمور لا ترى" (عب 1:11) وهو يدربنا يوميا حتى يزداد إيماننا ويشتد لأننا بالإيمان نخلص. ولكن متى وجد الله أن إيماننا قد إشتد يسمح حينئذ ببعض الإعلانات والرؤى.
فضربهم بالعمى = هو ليس عمى كلى ولكنه نوع من عدم القدرة على تمييز ما يراه الشخص، هى حالة من عدم التوافق بين ما يراه الشخص وما يدركه فهم لم يعرفوا إليشع. والكلمة التى إستخدمها الكتاب تدل على هذا وليس على العمى الكامل وهى نفس الكلمة التى إستخدمت فى حالة عمى سدوم وعمورة. ليست هى الطريق = نص كلام إليشع قد يفهم أنه كذب لكن قوله ليست هى الطريق ليس كذبا فالله يريد لهم أن يسلكوا طريقا آخر.
فأسير بكم إلى الرجل الذى تفتشون عليه = أليست حربهم ضد إسرائيل موجهة لملك إسرائيل فهو أخذهم إلى الرجل الذى يفتشون عليه ويعلنون الحرب ضده وضد شعبه. فهو قادهم لملك إسرائيل حين تصوروا أن أليشع سقط فى قبضة يدهم. الله أراد أن يعطيهم درسا آخر.
وفى (21) يا أبى = تدل على إعتبار الملك له. وبعد هذا نجد أن معاملة ملك إسرائيل لهم قد أثرت فيهم وإمتنعوا عن الحرب إلى حين. ونرى أن إليشع فى معجزاته التى تتسم بالمحبة يرمز للمسيح خصوصا أنه جاء بعد إيليا. فهنا نرى محبته وتسامحه مع الأعداء بل أن عودتهم سالمين بعد ما حدث هو أعظم شهادة للأراميين عن عظمة إله إسرائيل ورجاله. ولاحظ قوة الله فهو يفتح أعين خادم إليشع ويغلق عيون أعدائه فهو الذى يفتح ولا أحد يغلق ويغلق ولا أحد يفتح.
الآيات 24-33:- وكان بعد ذلك ان بنهدد ملك ارام جمع كل جيشه وصعد فحاصر السامرة.و كان جوع شديد في السامرة وهم حاصروها حتى صار راس الحمار بثمانين من الفضة وربع القاب من زبل الحمام بخمس من الفضة.و بينما كان ملك اسرائيل جائزا على السور صرخت امراة اليه تقول خلص يا سيدي الملك.
فقال لا يخلصك الرب من اين اخلصك امن البيدر او من المعصرة.ثم قال لها الملك ما لك فقالت ان هذه المراة قد قالت لي هاتي ابنك فناكله اليوم ثم ناكل ابني غدا.فسلقنا ابني واكلناه ثم قلت لها في اليوم الاخر هاتي ابنك فناكله فخبات ابنها.فلما سمع الملك كلام المراة مزق ثيابه وهو مجتاز على السور فنظر الشعب واذا مسح من داخل على جسده.
فقال هكذا يصنع لي الله وهكذا يزيد ان قام راس اليشع بن شافاط عليه اليوم وكان اليشع جالسا في بيته والشيوخ جلوسا عنده فارسل رجل من امامه وقبلما اتى الرسول اليه قال للشيوخ هل رايتم ان ابن القاتل هذا قد ارسل لكي يقطع راسي انظروا اذا جاء الرسول فاغلقوا الباب واحصروه عند الباب اليس صوت قدمي سيده وراءه.
و بينما هو يكلمهم اذا بالرسول نازل اليه فقال هوذا هذا الشر هو من قبل الرب ماذا انتظر من الرب بعد.
وكان بعد ذلك = يقال بعد سنة مما سبق وبعد أن نسوا معروف إسرائيل.
راس الحمار = ما لم يؤكل قط أكلوه. ربع القاب من زبل الحمام = 0568 لتر وزبل الحمام هو نوع من الحبوب القطانى له هذا الإسم ويأكلونه. ولكن إن كان زبل حمام فعلا فهو يستخدم كوقود. وفى (26) جائزا على السور = كان يسير على السور يتفقد جيشه الذى يحارب وفى (27) لا يخلصك الرب = معنى كلامه إن كان الله لا يخلصك فكيف أخلصك أنا.
وفى (30) مسح من الداخل = هى علامة حزن وربما إفتكر أنه بهذا يرضى الرب أو ألهته البعل ولكنه كان لا يظهر هذا المسح حتى لا يضعف همة الشعب. وفى (31) نجده وقد إستشاط غضبا على إليشع ويريد قتله. وإليشع غالبا كان قد وبخه على الوثنية المتفشية وجاءت المجاعة حتى يتنبهوا لكن عوضا عن التوبة عن وثنيتهم نجده يهدد بقتل إليشع.
وغالبا هو طلب من إليشع رفع المجاعة وإليشع رفض حتى يأتى التأديب بثماره. وهذا النوع من التأديب بالمجاعات المؤلمة سبق موسى وتنبأ به (تث 57،56:28) فموسى هدد بهذا وإليشع أنذر عدة مرات ولكن الملك فى يأسه يهدد إليشع فما أسهل أن نلوم الآخرين وما أصعب أن نلوم أنفسنا. وهنا نجد ملك شره واضح يلوم قديس نبى لله بصلواته يحفظ الله البلد والملك.
الآيات 33،32:-
يحتاجان لإعادة ترجمة "وكان إليشع أنئذ مجتمعا فى بيته مع شيوخ إسرائيل فوجه الملك رسولا إليه يتقدمه. وقبل أن يصل الرسول قال إليشع للشيوخ "أرأيتم كيف أن إبن القاتل هذا قد أرسل رسولا ليقطع رأسى. فحالما يأتى الرسول أغلقوا الباب واتركوه موصدا فى وجهه. فإن وقع خطوات سيده الملك يتجاوب وراءه.
وبينما هو يخاطبهم أقبل الرسول إليه، وتبعه الملك الذى قال "إن هذا الشر قد حل بنا من عند الرب، فأى شىء أتوقع من الرب بعد" لقد أرى نبيه ما قاله الملك. والنبى يسميه إبن القاتل فهو إبن أخاب قاتل الأنبياء وقاتل نابوت. وهو أوصد الباب فى وجه الرسول حتى لا يكرر الكلام مرتين مرة أمام الرسول ومرة أمام الملك الذى كان عارفا أنه آت وراء رسوله ناويا قتله.
فانطلق معهم ولما وصلوا الى الاردن قطعوا خشبا.و اذ كان واحد يقطع خشبة وقع الحديد في الماء فصرخ وقال اه يا سيدي لانه عارية.فقال رجل الله اين سقط فاراه الموضع فقطع عودا والقاه هناك فطفا الحديد فقال ارفعه لنفسك فمد يده واخذه.
10- طفو الحديد
زاد عدد الأنبياء حتى أن مقرهم لم يعد يسعهم وكان هذا بتأثير إليشع وكانوا مقيمين فى أريحا قرب نهر الأردن وكان إليشع يزورهم ويتردد عليهم كل فترة لأنه كان يفتقد باقى المدارس. كل واحد خشبة = كانوا يعملون بأيديهم لأنهم كانوا يريدون بناء موضع لا يكلفهم شيئا سوى تعبهم. ومن محبتهم لإليشع أصروا أن يصحبهم. عارية =أى هو إستعارة أو سأل أحد أصدقائه أن يعطيه إياه فكلمة عارية تعنى سؤال.
والحديد كان غالياً فى ذلك الوقت. والعود الذى رماه إليشع فى الماء يناظر الدقق والملح وتمدده فوق الولد الميت.. الخ ويماثل العود الذى رماه موسى فى ماء مارة فصار عذبا والسؤال هل تحدث معجزة بسبب حديد فأس؟ هذه تثبت أن الله يهتم بكل صغيرة وكبيرة فى حياتنا فشعرة من رؤوسنا لا تسقط بدون إذنه. ويشير هذا الحديد لقلوبنا الغارقة فى وحل هذا العالم والعود إلى الصليب الذى إنتشلنا به المسيح خارج الماء فأصبحنا نهتم بالسماويات.
الآيات 8-13:- واما ملك ارام فكان يحارب اسرائيل وتامر مع عبيده قائلا في المكان الفلاني تكون محلتي.فارسل رجل الله الى ملك اسرائيل يقول احذر من ان تعبر بهذا الموضع لان الاراميين حالون هناك. فارسل ملك اسرائيل الى الموضع الذي قال له عنه رجل الله وحذره منه وتحفظ هناك لا مرة ولا مرتين. فاضطرب قلب ملك ارام من هذا الامر ودعا عبيده وقال لهم اما تخبرونني من منا هو لملك اسرائيل.
فقال واحد من عبيده ليس هكذا يا سيدي الملك ولكن اليشع النبي الذي في اسرائيل يخبر ملك اسرائيل بالامور التي تتكلم بها في مخدع مضجعك.فقال اذهبوا وانظروا اين هو فارسل واخذه فاخبر وقيل له هوذا في دوثان.
11- كشف مؤامرات الأعداء
الحرب المذكورة كانت بين بنهدد ويهورام وهى من نوع الغزوات فكانوا يكمنون للإسرائيليين. وتآمر مع عبيده = أى إتفق على مكان للكمين مع عبيده. وفى (9) نجد أن إليشع يكتشف الأماكن التى يكمنون فيها فالله يكشفها له وهو يرشد ملك إسرائيل فأرسل رجل الله = فبالرغم من خطايا الملك كان الله يشفق على شعبه إسرائيل وينجيهم.
وفى (10) فأرسل ملك إسرائيل = هذه لها تفسيران إما أن ملك إسرائيل أرسل جواسيس للمكان الذى أرشده إليه النبى ليتحقق من صدق نبوته أو هو أرسل حامية مسلحة لتحصن المكان حتى إذا جاء العدو وجدها محصنة ويفاجأ بأن ما كان يعتبره مكانا مفتوحا إذ به محصن. ونلاحظ أن حرب أعداء الله ضد شعب الله حرب لا تكف ولكن الله يرسل خدامه لنتحفظ. ونلاحظ أن ملك إسرائيل إستمع لإليشع فى هذا لكنه لم يستمع لدعوته له بالتوبة عن عبادته المرفوضة ولو إستمع لخلص نفسه أيضاً.
الآيات 14-23:- فارسل الى هناك خيلا ومركبات وجيشا ثقيلا وجاءوا ليلا واحاطوا بالمدينة.فبكر خادم رجل الله وقام وخرج واذا جيش محيط بالمدينة وخيل ومركبات فقال غلامه له اه يا سيدي كيف نعمل.فقال لا تخف لان الذين معنا اكثر من الذين معهم وصلى اليشع وقال يا رب افتح عينيه فيبصر ففتح الرب عيني الغلام فابصر واذا الجبل مملوء خيلا ومركبات نار حول اليشع.
و لما نزلوا اليه صلى اليشع الى الرب وقال اضرب هؤلاء الامم بالعمى فضربهم بالعمى كقول اليشع.فقال لهم اليشع ليست هذه هي الطريق ولا هذه هي المدينة اتبعوني فاسير بكم الى الرجل الذي تفتشون عليه فسار بهم الى السامرة فلما دخلوا السامرة قال اليشع يا رب افتح اعين هؤلاء فيبصروا ففتح الرب اعينهم فابصروا واذا هم في وسط السامرة.
فقال ملك اسرائيل لاليشع لما راهم هل اضرب هل اضرب يا ابي.فقال لا تضرب تضرب الذين سبيتهم بسيفك وبقوسك ضع خبزا وماء امامهم فياكلوا ويشربوا ثم ينطلقوا الى سيدهم.فاولم لهم وليمة عظيمة فاكلوا وشربوا ثم اطلقهم فانطلقوا الى سيدهم ولم تعد ايضا جيوش ارام تدخل ارض اسرائيل.
12- إصابة جيش الأعداء بالعمى
فى (14) جيشاً ثقيلاً = لا يفهم من هذا أن الجيش كان بالآلاف لكن ربما عدة عشرات مسلحين فهو جيش ثقيل بالنسبة للمهمة المطلوبة أى القبض على شخص واحد وهو إليشع ولكن لاحظ أنهم خائفون منه. فملك أرام صمم على أسر إليشع ليمنع إسرائيل من الإستفادة منه وربما فكر فى سذاجة أن يستغل إليشع فى أن يكشف له تحركات إسرائيل.
ولكن هذه أفكار ساذجة فمن إكتشف تحركات ملك أرام وهو فى منزله أهو غير قادر أن يحمى نفسه؟! وفى (17) رأى التلميذ خيلا ومركبات = هو تصوير بطريقة بشرية يفهمها تلميذ إليشع الذى إضطرب من خيل ومركبات العدو. وربما إليشع نفسه لم يرى هذه الخيل والمركبات فهو مؤمن واثق أن الله سيحميه فالرؤى يسمح بها الله لضعاف الإيمان ليشتد إيمانهم "طوبى لمن آمن ولم يرى".
فالله يفضل أن نسلك بالإيمان لا بالعيان وأن نثق فى حمايته ومحبته دون رؤى أو معجزات ولكن إن وجد الله أن الإنسان فى ضعفه لن يؤمن سوى بهذه الطريقة كحالة تلميذ إليشع يلجأ الله إليها.
غير أننا ومن الجانب الآخر نجد أنه لو زاد الإيمان عند شخص لدرجة أصبحت تقارب العيان نجد أن هذا الشخص ذو الدرجة العالية قادر أن يرى ما لا يراه الإنسان العادى فلقد أصبحت له حواس روحية تعطيه نظرة روحية وإعلانات لا يراها الإنسان العادى وهذا ما كنا نسمعه عن قديسين عظماء كان عاديا بالنسبة لهم أن يروا ملائكة وقديسين بل رأوا المسيح وحملوه مثل الأنبا بيشوى.
فالله يطلب لنا أن نسلك بالإيمان "الإيقان بأمور لا ترى" (عب 1:11) وهو يدربنا يوميا حتى يزداد إيماننا ويشتد لأننا بالإيمان نخلص. ولكن متى وجد الله أن إيماننا قد إشتد يسمح حينئذ ببعض الإعلانات والرؤى.
فضربهم بالعمى = هو ليس عمى كلى ولكنه نوع من عدم القدرة على تمييز ما يراه الشخص، هى حالة من عدم التوافق بين ما يراه الشخص وما يدركه فهم لم يعرفوا إليشع. والكلمة التى إستخدمها الكتاب تدل على هذا وليس على العمى الكامل وهى نفس الكلمة التى إستخدمت فى حالة عمى سدوم وعمورة. ليست هى الطريق = نص كلام إليشع قد يفهم أنه كذب لكن قوله ليست هى الطريق ليس كذبا فالله يريد لهم أن يسلكوا طريقا آخر.
فأسير بكم إلى الرجل الذى تفتشون عليه = أليست حربهم ضد إسرائيل موجهة لملك إسرائيل فهو أخذهم إلى الرجل الذى يفتشون عليه ويعلنون الحرب ضده وضد شعبه. فهو قادهم لملك إسرائيل حين تصوروا أن أليشع سقط فى قبضة يدهم. الله أراد أن يعطيهم درسا آخر.
وفى (21) يا أبى = تدل على إعتبار الملك له. وبعد هذا نجد أن معاملة ملك إسرائيل لهم قد أثرت فيهم وإمتنعوا عن الحرب إلى حين. ونرى أن إليشع فى معجزاته التى تتسم بالمحبة يرمز للمسيح خصوصا أنه جاء بعد إيليا. فهنا نرى محبته وتسامحه مع الأعداء بل أن عودتهم سالمين بعد ما حدث هو أعظم شهادة للأراميين عن عظمة إله إسرائيل ورجاله. ولاحظ قوة الله فهو يفتح أعين خادم إليشع ويغلق عيون أعدائه فهو الذى يفتح ولا أحد يغلق ويغلق ولا أحد يفتح.
الآيات 24-33:- وكان بعد ذلك ان بنهدد ملك ارام جمع كل جيشه وصعد فحاصر السامرة.و كان جوع شديد في السامرة وهم حاصروها حتى صار راس الحمار بثمانين من الفضة وربع القاب من زبل الحمام بخمس من الفضة.و بينما كان ملك اسرائيل جائزا على السور صرخت امراة اليه تقول خلص يا سيدي الملك.
فقال لا يخلصك الرب من اين اخلصك امن البيدر او من المعصرة.ثم قال لها الملك ما لك فقالت ان هذه المراة قد قالت لي هاتي ابنك فناكله اليوم ثم ناكل ابني غدا.فسلقنا ابني واكلناه ثم قلت لها في اليوم الاخر هاتي ابنك فناكله فخبات ابنها.فلما سمع الملك كلام المراة مزق ثيابه وهو مجتاز على السور فنظر الشعب واذا مسح من داخل على جسده.
فقال هكذا يصنع لي الله وهكذا يزيد ان قام راس اليشع بن شافاط عليه اليوم وكان اليشع جالسا في بيته والشيوخ جلوسا عنده فارسل رجل من امامه وقبلما اتى الرسول اليه قال للشيوخ هل رايتم ان ابن القاتل هذا قد ارسل لكي يقطع راسي انظروا اذا جاء الرسول فاغلقوا الباب واحصروه عند الباب اليس صوت قدمي سيده وراءه.
و بينما هو يكلمهم اذا بالرسول نازل اليه فقال هوذا هذا الشر هو من قبل الرب ماذا انتظر من الرب بعد.
وكان بعد ذلك = يقال بعد سنة مما سبق وبعد أن نسوا معروف إسرائيل.
راس الحمار = ما لم يؤكل قط أكلوه. ربع القاب من زبل الحمام = 0568 لتر وزبل الحمام هو نوع من الحبوب القطانى له هذا الإسم ويأكلونه. ولكن إن كان زبل حمام فعلا فهو يستخدم كوقود. وفى (26) جائزا على السور = كان يسير على السور يتفقد جيشه الذى يحارب وفى (27) لا يخلصك الرب = معنى كلامه إن كان الله لا يخلصك فكيف أخلصك أنا.
وفى (30) مسح من الداخل = هى علامة حزن وربما إفتكر أنه بهذا يرضى الرب أو ألهته البعل ولكنه كان لا يظهر هذا المسح حتى لا يضعف همة الشعب. وفى (31) نجده وقد إستشاط غضبا على إليشع ويريد قتله. وإليشع غالبا كان قد وبخه على الوثنية المتفشية وجاءت المجاعة حتى يتنبهوا لكن عوضا عن التوبة عن وثنيتهم نجده يهدد بقتل إليشع.
وغالبا هو طلب من إليشع رفع المجاعة وإليشع رفض حتى يأتى التأديب بثماره. وهذا النوع من التأديب بالمجاعات المؤلمة سبق موسى وتنبأ به (تث 57،56:28) فموسى هدد بهذا وإليشع أنذر عدة مرات ولكن الملك فى يأسه يهدد إليشع فما أسهل أن نلوم الآخرين وما أصعب أن نلوم أنفسنا. وهنا نجد ملك شره واضح يلوم قديس نبى لله بصلواته يحفظ الله البلد والملك.
الآيات 33،32:-
يحتاجان لإعادة ترجمة "وكان إليشع أنئذ مجتمعا فى بيته مع شيوخ إسرائيل فوجه الملك رسولا إليه يتقدمه. وقبل أن يصل الرسول قال إليشع للشيوخ "أرأيتم كيف أن إبن القاتل هذا قد أرسل رسولا ليقطع رأسى. فحالما يأتى الرسول أغلقوا الباب واتركوه موصدا فى وجهه. فإن وقع خطوات سيده الملك يتجاوب وراءه.
وبينما هو يخاطبهم أقبل الرسول إليه، وتبعه الملك الذى قال "إن هذا الشر قد حل بنا من عند الرب، فأى شىء أتوقع من الرب بعد" لقد أرى نبيه ما قاله الملك. والنبى يسميه إبن القاتل فهو إبن أخاب قاتل الأنبياء وقاتل نابوت. وهو أوصد الباب فى وجه الرسول حتى لا يكرر الكلام مرتين مرة أمام الرسول ومرة أمام الملك الذى كان عارفا أنه آت وراء رسوله ناويا قتله.
+