تفسير الاصحاح الثامن من سفر صموئيل الأول للقس انطونيوس فكرى
الشعب يطلب إقامة ملك لهم
+ بإنتهاء الإصحاح السابق ينتهى عصر القضاة وهذا الإصحاح هو إعداد لفترة الملكية.
+ طلب الشعب من صموئيل إقامة ملك لهم كسائر الأمم وقد حمل هذا الطلب رفض لُملك الله ولصموئيل ولكن اللع أعطاهم سؤل قلبهم وأقام لهم شاول حسن المظهر وكان هذا حسب شهوة قلبهم " الرب يعطيك حسب قلبك" ومَلَك شاول إلى حين حتى أتى داود الملك الذى بحسب قلب الله. والله وافق لهم على طلبهم ليكْمُلْ الرمز فى القصة.
+ ولقد وافق الله على أن يكون هناك ملك ولكن بشروطه هو فالملك فى الأمم كان يحكم بسلطة مطلقة وربما ينظرون لهُ كإله فى بعض البلاد.
ولكن ملك إسرائيل خاضع لله وللشريعة، يمسحه الكاهن وليس لهُ حق العمل الكهنوتى. والله يعاقبه لو أخطأ، فالله عاقب داود (فى موضوع أوريا والتعداد) وعاقب أخاب (فى موضوع نابوت) وهكذا.
+ بين هذا الإصحاح وما سبقه ليس أقل من 20 سنة وكان صموئيل قد شاخ ويُقدر عمر صموئيل حينما سألهُ الشعب أن يُمَّلكْ عليهم ملكاً بحوالى 70 سنة.
+ والله كان يخطط لإقامة ملك على الشعب بحسب قلبه وسبق يعقوب وتنبأ أنه سيكون من سبط يهوذا
(تك 49 : 10) ولقد سبق الله وأعطاهم الشرائع الخاصة بهذا الملك (تث 17 : 14-20). ولكن الله يرسل وَعْدَهُ فى ملء الزمان، وكان خطأ الشعب أنهم تعجلوا الأحداث.
وخطأهم الثانى أنهم لم يطلبوا ملكاً حسب مشيئة الله بل ملكاً مثل الأمم (1صم 8 : 5) هم نظروا للقوة ومنظر الملك فأعطاهم الله حسب قلبهم ملكاً منظره حسن فكان لهم سبب شقاء عظيم.
هم أرادوا ملكاً يقودهم فى الحرب ونسوا أنهم غلبوا بصلوات صموئيل، ونسوا انه فى عصر القضاة كان يمكنهم إختيار القائد. بحسب إرادتهم فمنصب القاضى ليس بالوراثة إنما الملك يُوَّرث.
الآيات (1-5) :-
و كان لما شاخ صموئيل انه جعل بنيه قضاة لاسرائيل. و كان اسم ابنه البكر يوئيل
و اسم ثانيه ابيا كانا قاضيين في بئر سبع. و لم يسلك ابناه في طريقه بل مالا وراء المكسب و اخذا رشوة و عوجا القضاء. فاجتمع كل شيوخ اسرائيل و جاءوا الى صموئيل الى الرامة.
و قالوا له هوذا انت قد شخت و ابناك لم يسيرا في طريقك فالان اجعل لنا ملكا يقضي لنا كسائر الشعوب.
غالباً كان أبناء صموئيل ممتازين فرشحهم الشعب للقضاء وعينهم صموئيل قضاة فى الجنوب (فى بئر سبع) وهم لم يأخذوا المنصب بالوراثة فلا وراثة فى القضاء. ولكن المنصب كان سبب غواية لهم فقبلوا الرشوة وعّوجوا القضاء. ولكن لماذا لم يوبخ الله صموئيل كما فعل مع عالى ؟
1- أخطاء أبناء صموئيل أقل كثيراً فهم لم يستهينوا بالطقوس والهيكل ولم يزنوا.
2- هم كانوا مستقيمين لكن المركز أغواهم على تعويج القضاء.
3- يفهم ضمناً أن صموئيل عزلهم ووضعهم أمام القضاء وأمام الشعب (1صم 12 : 2) وإسم إبنه البكر يوئيل = يهوة هو الله والثانى أبيا = الرب هو أبى. ولكننا نجد فى (أى 6 : 28) وإبنا صموئيل البكر وَشنى ثم أبيَا فما تفسير هذا الإختلاف.
أ- قد يكون ليوئيل إسماً أخر هو وشنى.
ب-كلمة وشنى تعنى والثانى لذا يرى الدارسون أن كلمة يوئيل حذفت سهواً فى النساخة وأن كلمة وشنى قصد بها والإبن الثانى، وليست إسماً للبكر. ويكون المعنى أن أولاد صموئيل هما البكر
(ولم يذكر إسمه) والثانى ثم أبيا.
آية(6) :-
فساء الامر في عيني صموئيل اذ قالوا اعطنا ملكا يقضي لنا و صلى صموئيل الى الرب.
لقد حسب صموئيل النبى ذلك الطلب رفضاً لهُ شخصياً ورفضاً لعمله القضائى.
آية(7) :-
فقال الرب لصموئيل اسمع لصوت الشعب في كل ما يقولون لك لانهم لم يرفضوك انت بل اياي رفضوا حتى لا املك عليهم.
أمّا الرب فحسب طلبهم رفضا شخصياً لهُ هو كملك على شعبه. وهذه درس لكل خادم أن لا يحسب الإهانة موجهة لهُ شخصياً بل لله فهو خادم لله، على أن يحسب كل مديح وكرامة موجهة لله وليس لشخصه هو. إسمع لصوت الشعب = فالله يقدس الحرية الآنسانية ويستجيب للطلبات الجماعية "الرب يعطيك حسب قلبك" وإن كان يشرح لهم سوء العاقبة وينذرهم لكنه يستجيب. ولو صبر الشعب عدة سنوات ما كانوا قد تعرضوا لمشاكل شاول فالله كان يُعّد لهم ملكاً حسب قلبه فى ملء الزمان.
الآيات (8-22) :-
حسب كل اعمالهم التي عملوا من يوم اصعدتهم من مصر الى هذا اليوم و تركوني
وعبدوا الهة اخرى هكذا هم عاملون بك ايضا. فالان اسمع لصوتهم و لكن اشهدن عليهم و اخبرهم بقضاء الملك الذي يملك عليهم. فكلم صموئيل الشعب الذين طلبوا منه ملكا بجميع كلام الرب. و قال هذا يكون قضاء الملك الذي يملك عليكم ياخذ بنيكم
ويجعلهم لنفسه لمراكبه و فرسانه فيركضون امام مراكبه. و يجعل لنفسه رؤساء الوف و رؤساء خماسين فيحرثون حراثته و يحصدون حصاده و يعملون عدة حربه و ادوات مراكبه. و ياخذ بناتكم عطارات و طباخات و خبازات. و ياخذ حقولكم و كرومكم
وزيتونكم اجودها و يعطيها لعبيده. و يعشر زروعكم و كرومكم و يعطي لخصيانه
وعبيده. و ياخذ عبيدكم و جواريكم و شبانكم الحسان و حميركم و يستعملهم لشغله.
و يعشر غنمكم و انتم تكونون له عبيدا. فتصرخون في ذلك اليوم من وجه ملككم الذي اخترتموه لانفسكم فلا يستجيب لكم الرب في ذلك اليوم.
فابى الشعب ان يسمعوا لصوت صموئيل و قالوا لا بل يكون علينا ملك. فنكون نحن ايضا مثل سائر الشعوب و يقضي لنا ملكنا و يخرج امامنا و يحارب حروبنا. فسمع صموئيل كل كلام الشعب و تكلم به في اذني الرب. فقال الرب لصموئيل اسمع لصوتهم و ملك عليهم ملكا فقال صموئيل لرجال اسرائيل اذهبوا كل واحد الى مدينته.
الله يستجيب ولكن يحذر من سوء عاقبة إختيارهم. ولاحظ إستعباد الملوك لبنات وأبناء شعبهم ولنرى الفارق العظيم بين ملوك الأرض وملكنا يسوع المسيح السماوى الذى يعطى بسخاء ولا يُعيّر.
بل حين مَلَكَ مَلَكَ علينا بصليب محبته وبذله وكون أن الله إستجاب طلبتهم فليس معنى هذا رضاه عن ذلك فهو "يعطيك حسب قلبك، فإن كان سؤل قلبك سماوياً تنعم بالبركات السماوية وإن كان سؤل قلبك لغير صالحك يسمح الله بتحقيقه لأجل التأديب (مز 37 : 4 + مز 106 : 15 + مز 20 : 4 + هو 13 : 11).
وكما قلنا فقد سمح الله بأن يكون لهم ملك ولكن الله هو الملك الحقيقى والملك الذى سيقام يكون مجرد نائب عن الله فلذلك لم يحاول أحد ملوك يهوذا تغيير الناموس.
+