تفسير الاصحاح الرابع من سفر صموئيل الأول للقس انطونيوس فكرى
أخذ تابوت العهد
آية(1) :-
و كان كلام صموئيل الى جميع اسرائيل و خرج اسرائيل للقاء الفلسطينيين للحرب و نزلوا عند حجر المعونة و اما الفلسطينيون فنزلوا في افيق.
وكان كلام صموئيل إلى جميع إسرائيل = أى عُرِف صموئيل أنه نبى عنده كلمة الله. وهذه الآية هى ربط بين الإصحاح السابق وهذا الإصحاح فهى تصلح كخاتمة للإصحاح السابق وتصلح أيضاً كبدآية لهذا الإصحاح.
فإذا كان الشعب قد عَرِف أن صموئيل هو نبى الله فلماذا لم يَستشيره قبل أن يخرجوا للحرب. ولا يفهم من الآيةأن صموئيل هو الذى أمر الشعب بالحرب بل العكس كما قلنا.
ولأنهم خرجوا للحرب دون أن يتقدسوا أو يسَتشيروا الرب إنهزموا والهزيمة دائماً سببها تخلى الله والله يتخلى فى حالة الإصرار على الخطية بدون توبة.
ولكن الله لا يترك شعبه للنهاية بل يرسل لهم دائماً من يخلصهم بعد أن يؤدبهم فالأب السماوى لا يدلل أولاده (مثل عالى) بل يحبهم محبة حقيقية. حجر المعونة = أخذت هذا الإسم بعد الحوادث المذكورة هنا بحوالى 20 عاماً (1صم 7 : 12). إذ وضع صموئيل حجراً تذكارياً بين المصفاة والسن فى جنوب شرق أفيق.
آية(3) :-
فجاء الشعب الى المحلة و قال شيوخ اسرائيل لماذا كسرنا اليوم الرب امام الفلسطينيين لناخذ لانفسنا من شيلوه تابوت عهد الرب فيدخل في وسطنا و يخلصنا من يد اعدائنا.
لماذا كسرنا اليوم الرب = هم إعترفوا بأن إنكسارهم كان من الرب ولكن جهلوا أن الخطية هى السبب "هلك شعبى من عدم المعرفة " كان يجب أن يفهموا أن فسادهم وإنحرافهم عن الله هو السبب لنأخذ. تابوت عهد الرب = وهل تابوت العهد سيغطى الفساد ؟ كان الحل فى التوبة والقداسة والإيمان. فهناك من يلبس صلبان ذهبية مرصعة بالماس ولكن بدون إيمان فصلبانه لن تنفعه شيئاً وهناك من يرسم علامة الصليب بإيمان فتذهب قوة السم (مارجرجس) وهكذا نقل سمعان الخراز جبل المقطم.
والتابوت هو رمز لحلول الله وسطهم، لكنهم بفكرهم الوثنى ظنوا أن وجود التابوت تعويذة تحميهم مثل أوثان باقى الأمم مع ان الله أخبرهم أنه لا يسكن داخل التابوت بل بين الكاروبين (حيث تظهر الشكينة أى مجد الله) والله سيسكن وسطهم لو هم فى حالة قداسة. (هذا الحال شرحه مزمور 78 : 56-64). هم إتكلوا على شكليات العبادة دون تغيير القلب
(أر 7 : 8) + (حز 10 : 18، 11 : 22) فالله أقام الخيمة والتابوت لأجلهم فإن هم رفضوه سيرفض الخيمة والتابوت.
آية(4) :-
فارسل الشعب الى شيلوه و حملوا من هناك تابوت عهد رب الجنود الجالس على الكروبيم و كان هناك ابنا عالي حفني و فينحاس مع تابوت عهد الله.
جاء حفنى وفينحاس = الذين أفسدا الشعب وكانا فاسدين ليحملوا التابوت فهل يرضى الله ؟
آية(5) :-
و كان عند دخول تابوت عهد الرب الى المحلة ان جميع اسرائيل هتفوا هتافا عظيما حتى ارتجت الارض.
هتفوا. حتى أرتجت الأرض = هنا يسبحون الله بشفاههم لكن القلب مبتعد بعيداً. لقد هتفت الحناجر أمّا القلوب فظلت ساكنة بعيدة عن فكر التوبة.
آية(9) :-
تشددوا و كونوا رجالا ايها الفلسطينيون لئلا تستعبدوا للعبرانيين كما استعبدوا هم لكم فكونوا رجالا و حاربوا.
تشددوا وكونوا رجالاً = وإن خاف الفلسطينيين لمعرفتهم السابقة باعمال الله مع شعبه لكنهم عوضاً عن التراجع إزدادوا حماساً وتشجعوا ولو كان الله راضياً عن شعبه لأزعج الفلسطينيين كما حدث من قبل. ولكن هذا لم يحدث وصارت الغلبة للفلسطينيين لكن إلى حين.
آية(13) :-
و لما جاء فاذا عالي جالس على كرسي بجانب الطريق يراقب لان قلبه كان مضطربا لاجل تابوت الله و لما جاء الرجل ليخبر في المدينة صرخت المدينة كلها.
واضح أن عالى لم يكن موافقاً على أخذ تابوت العهد فكان قلبه مضطرباً لأجله. لكنه كان قد خضع لإرادة الشعب.
آية(15) :-
و كان عالي ابن ثمان و تسعين سنة و قامت عيناه و لم يقدر ان يبصر.
قامت عيناه = أى إظلمت وكلت وفقد البصر تماماً ولاحظ أن نهاية حياته كانت ظلاماً دامساً له ولشعبه إسرائيل.
آية(17) :-
فاجاب المخبر و قال هرب اسرائيل امام الفلسطينيين و كانت ايضا كسرة عظيمة في الشعب و مات ايضا ابناك حفني و فينحاس و اخذ تابوت الله.
كل خبر أصعب من الخبر الذى قبله.
1) هرب الشعب وإنكسر
2) مات الكثيرين
3) مات إبناه
4) أخذ تابوت العهد.
آية(18) :-
و كان لما ذكر تابوت الله انه سقط عن الكرسي الى الوراء الى جانب الباب فانكسرت رقبته و مات لانه كان رجلا شيخا و ثقيلا و قد قضى لاسرائيل اربعين سنة.
كان الخبر الذى أرعب وأحزن عالى إلى الموت خبر أخذ تابوت العهد.
آية(21) :-
فدعت الصبي ايخابود قائلة قد زال المجد من اسرائيل لان تابوت الله قد اخذ و لاجل حميها
و رجلها.
إيخابود = زال المجد أو أين هذا المجد. هى ظنت أن المجد فى وجود التابوت فى إسرائيل ولكن هى أخطأت الفهم فالمجد هو بوجود الله فى وسط شعبه أى وسط القديسين، لقد اخذ التابوت لأن المجد زال عن إسرائيل فهم ليسوا قديسين بل أشرار فالله لايقيم الآن وسطهم.
لقد كانت نكبة المرأة فى أخذ التابوت أشد وقعاً على نفسها من موت حميها ورجلها فاخذ التابوت علامة على ترك الله لشعبه.
وميلاد إبنها لا يعزيها فأى مستقبل تنتظره إسرائيل التى زال عنها المجد وفارقها الله.. لقد كانت هذه المرأة أبر من زوجها وحميها. لقد كان أخذ التابوت فيه تأديب للطرفين لإسرائيل وللفلسطينيين.
+