تفسير الاصحاح الحادى والثلاثون من سفر صموئيل الأول للقس انطونيوس فكرى
موت شاول ومقتل أبنائه
الآيات (1-2) :-و حارب الفلسطينيون اسرائيل فهرب رجال اسرائيل من امام الفلسطينيين و سقطوا قتلى في جبل جلبوع. فشد الفلسطينيون وراء شاول و بنيه و ضرب الفلسطينيون يوناثان و ابيناداب و ملكيشوع ابناء شاول.
تحدث الوحى عن إنتصار ثم عاد إلى الحرب القائمة بين إسرائيل وشاول الملك ضد الفلسطينيين. وها نحن نرى شاول يرى بعينيه موت أولادهُ أمامُه.
شاول حاول مراراً قتل داود وفشل وداود رفض أن يمس شاول وترك الأمر كله لله. وطارد شاول داود حتى هرب وظن شاول أنه إستراح وصار الملك لهُ ولأولاده ولم يُدرك أنه بهذا حفظ داود ليستلم الملك بعد موت شاول وبنيه.
بل إن نفس يوم هزيمة شاول وموته كان يوم إنتصار لداود فمن يتكل على الله لا يخزيه الله أبداً ومن يتخلى عن الله يتخلى الله عنه فلابد أن ينهزم. ليتنا لا نتعجل على الدينونة فسيسقط الشيطان يوماً ما هو وكل جنوده وتكون النصرة للمؤمنين مهما طالت ألامهم وإضطهاد الشيطان لهم. فها هو شاول يموت لا بيد داود ولكن بيد أعدائه هو.
الآيات (3-5) :-
و اشتدت الحرب على شاول فاصابه الرماة رجال القسي فانجرح جدا من الرماة. فقال شاول لحامل سلاحه استل سيفك و اطعني به لئلا ياتي هؤلاء الغلف و يطعنوني
و يقبحوني فلم يشا حامل سلاحه لانه خاف جدا فاخذ شاول السيف و سقط عليه. و لما راى حامل سلاحه انه قد مات شاول سقط هو ايضا على سيفه و مات معه.
ركز الفلسطينيون ضرباتهم على شاول لأنه إذا سقط شاول يسقط الجيش كله وحينما جُرِح خاف أن يفعل به الفلسطينيون ما فعلوه بشمشون ويقلعون عينيه ويمثلوا به. لذا طلب من حامل سلاحه الذى هو بحسب التقليد اليهودى دواغ الأدومى أن يقتله. فأخذ شاول السيف: يُقال أن السيف هو سيف دُواغ الأدومى الذى قتل به الكهنة.
فبالسيف الذى قُتِلَ به الكهنة بأمر شاول نفسه انتحر به شاول أيضاً. ولنلاحظ أن الإنتحار غريب على شعب الرب لكنه عادة عند الوثنيين. وفى (5) نجد دُواغ الأدومى ينتحر هو أيضاً بنفس السيف.
الآيات (6-7) :-
فمات شاول و بنوه الثلاثة و حامل سلاحه و جميع رجاله في ذلك اليوم معا. و لما راى رجال اسرائيل الذين في عبر الوادي و الذين في عبر الاردن ان رجال اسرائيل قد هربوا و ان شاول و بنيه قد ماتوا تركوا المدن و هربوا فاتى الفلسطينيون و سكنوا بها.
مات أبناء شاول معهُ وهم أبرياء وقد يموت البرئ مع الشرير لكن نفسه ستخلص وهذا مثال كيف تجنى خطية واحد على أبنائه فأبناء يوناثان ماتوا بسبب خطية أبيهم شاول ولكن نفوسهم محفوظة لخلاص أبدى فخطية الأب لا يمكن أن تؤثر على خلاص نفس الإبن.
وهل يهلك يوناثان المحب بطل الإيمان. ومات جميع رجالهُ: أى حرسهُ الخاص. أمّا إبنه إيشبوشث العاجز عن العمل ورئيس جيشه أبنير فلم يموتا. وموت يوناثان خلّص داود من مأزق فإن كان إيشبوشت عديم الفائدة وَجَدَ من يملكه فكم بالأولى يوناثان. ولو تنازل يوناثان لداود لكان يوناثان هو الذى ملّك داود وليس الرب.
الآيات (8-12) :-
و في الغد لما جاء الفلسطينيون ليعروا القتلى وجدوا شاول و بنيه الثلاثة ساقطين في جبل جلبوع. فقطعوا راسه و نزعوا سلاحه و ارسلوا الى ارض الفلسطينيين في كل جهة لاجل التبشير في بيت اصنامهم و في الشعب.
و وضعوا سلاحه في بيت عشتاروث و سمروا جسده على سور بيت شان. و لما سمع سكان يابيش جلعاد بما فعل الفلسطينيون بشاول.
قام كل ذي باس و ساروا الليل كله و اخذوا جسد شاول و اجساد بنيه عن سور بيت شان و جاءوا بها الى يابيش و احرقوها هناك.
ليعروا القتلى: ليسلبوا الثياب الثمينة وكل ما لهُ قيمة والأسلحة. وضعوا سلاح شاول فى بيت عشتاروت: هم بهذا ينسبون الإنتصار لإلههم. ولقد ظن الفلسطينيون أنهم بقتلهم شاول أنهم أنتصروا إنتصاراً نهائياً على إسرائيل لكن سرعان ما أتى داود ليخضعهم فلا يوجد من ينتصر على الله.
ونجد أهل يابيش جلعاد يردون الجميل لشاول الذى سبق وخلصهم من ناحاش. وصاموا سبعة أيام: علامة الحزن والنوح الشديد. وحرق الأجساد شذوذ على قاعدة دفن الأجساد سليمة وربما خافوا أن يأتى الفلسطينيين ثانية لأخذ الأجساد.
ولاحظ أن السفر بدأ بميلاد صموئيل الذى جاء كهبة إلهية وثمرة للصلاة والدموع وتقوى أمه وينتهى بإنتحار شاول الذى كان بحسب مشورة الشعب وبحسب قلبهم. وعلى كل إنسان إمّا أن يختار الله فيحيا فى كرامة أو يختار العالم فتكون نهايته مخزية.
+