تفسير الاصحاح السابع والعشرون من سفر صموئيل الأول للقس انطونيوس فكرى
هروب داود إلى جت وسكناه في صقلع
لآيات (1-4) :-
و قال داود في قلبه اني ساهلك يوما بيد شاول فلا شيء خير لي من ان افلت الى ارض الفلسطينيين فيياس شاول مني فلا يفتش علي بعد في جميع تخوم اسرائيل فانجو من يده. فقام داود و عبر هو و الست مئة الرجل الذين معه الى اخيش بن معوك ملك جت.
و اقام داود عند اخيش في جت هو و رجاله كل واحد و بيته داود و امراتاه اخينوعم اليزرعيلية و ابيجايل امراة نابال الكرملية. فاخبر شاول ان داود قد هرب الى جت فلم يعد ايضا يفتش عليه.
مرة أخرى نجد داود فى حالة ضعف فهو يلتجئ إلى أخيش دون إستشارة الرب. وداود من المؤكد من أبطال الإيمان ولكن لكل إنسان أخطاؤه. داود تَعِبَ من كثرة تردد شاول وتغير أراؤه كل يوم ووجد فى هذا تهديد لحياته وحياة زوجاته.
ولكن داود نسى أنه فى حمآيةالله والله لا يغير كلامه ولا تسقط كلمة من كلامه والله كان يريد أن يبقى داود فى يهوذا. طبعاً هو إلتجئ لأرض الفلسطينيين لأن شاول لن يجرؤ على دخولها وراءَهُ. وكان هروبه لأخيش هذه المرة مختلف فهو أتى مع زوجاته وأسرته ورجاله فيصعب الحركة عليه هكذا كجاسوس بينما فى المرة السابقة ذهب وَحدَهُ لأخيش فشك فى أمره.
وقد حسبه أخيش قوة ينتفع بها كحليف لهُ خاصة أن عداوة شاول لهُ عُرِفت فى المنطقة كلها فظنوا أن داود سيحارب معهم ضد شاول. وكان الله يريد من داود أن يبقى فى يهوذا ليشارك الشعب ألمهم التى يعانون منها من شاول. وربما يكون أخيش هذا هو إبن أخيش السابق.
الآيات (5-7) :-
فقال داود لاخيش ان كنت قد وجدت نعمة في عينيك فليعطوني مكانا في احدى قرى الحقل فاسكن هناك و لماذا يسكن عبدك في مدينة المملكة معك.
فاعطاه اخيش في ذلك اليوم صقلغ لذلك صارت صقلغ لملوك يهوذا الى هذا اليوم. و كان عدد الايام التي سكن فيها داود في بلاد الفلسطينيين سنة و اربعة اشهر.
داود لم يستحسن أن يسكن جت مع أخيش لأن رجاله وعائلتهم عددهم كبير وهذا سيسبب ضيق لأهل جت بالإضافة لأن وجوده فى جت سيجعله فى وضع محرج لأن العبادة هناك الإلهية وثنية وهو يرفض هذا قطعاً.
لكن ماذا يصنع فى المناسبات والإحتفالات وهو يعيش وسط هؤلاء القوم. ووجوده المستمر سيجعل منه عبداً لأخيش ينفذ أوامره فقط.
فماذا يكون موقفه لو قرّر أخيش أن يحارب شاول. فداود يريد إظهار أنه يعادى شاول فقط لكنه قطعاً لا يريد أن يحاربه. وإستجاب لهُ الملك وأعطاه صقلغ: أولاً هذه المدينة أعطيت لشمعون وفى أيام شاول كانت فى يد الفلسطينيين وفيما بعد صارت ليهوذا.
الآية (8) :-
و صعد داود و رجاله و غزوا الجشوريين و الجرزيين و العمالقة لان هؤلاء من قديم سكان الارض من عند شور الى ارض مصر.
إقامة داود بعيداً عن جت أعطته حرية الحركة. لذا بدأ يمارس بعض حملات الغزو ضد الشعوب الوثنيين الذين عرفوا بالحياة العنيفة واللصوصية والفساد والرجاسات وفى (8) لأن هؤلاء من قديم: ربما كان الجشوريين والجرزيين فروعاً من العمالقة وقوله هؤلاء من قديم يشير إلى أن داود كان ينفذ أمر الرب فى إبادة وإهلاك أعداء الشعب وأنهم هم ممن حرمهم الرب من قديم. وكانت مدة إقامة داود فى صقلغ أحسن إستعداد لإدارة مملكته بعد موت شاول وتحريم وإبادة العمالقة والجشوريين والجرزيين. هنا كان لهُ فائدتان
1- تنفيذ أمر الله فى الإنتقام من هذه الشعوب 2- أن لا يخبر أحد منهم أخيش بما فعل داود فيبدأ يحترز منهُ ويأخذ موقفاً معادياً منهُ وربما حَسَدَهُ لنجاحه كما حَسَدَهُ شاول. ولأن الله لم يحرم ماشية هؤلاء إستبقى منها داود لنفسه وكان طبيعياً أن يُعطى منها هدايا لأخيش مقابل سكناه.
الآيات (9-12) :-
و ضرب داود الارض و لم يستبق رجلا و لا امراة و اخذ غنما و بقرا و حميرا
و جمالا و ثيابا و رجع و جاء الى اخيش. فقال اخيش اذا لم تغزوا اليوم فقال داود بلى على جنوبي يهوذا و جنوبي اليرحمئيليين و جنوبي القينيين. فلم يستبق داود رجلا و لا امراة حتى ياتي الى جت اذ قال لئلا يخبروا عنا قائلين هكذا فعل داود
و هكذا عادته كل ايام اقامته في بلاد الفلسطينيين. فصدق اخيش داود قائلا قد صار مكروها لدى شعبه اسرائيل فيكون لي عبدا الى الابد.
واضح النتائج السيئة لإلتجاء داود لأخيش 1- تقديم جزية لأخيش 2- إضطر داود للكذب وحينما سألهُ أخيش إذاً لم تغزو اليوم: بمعنى هل غزوتم اليوم ومن غزوتم وجاءت الجملة فى السبعينية "ضد من قمتم بالغزو اليوم" كذب داود وقال أنه غزا جنوب يهوذا واليرحمئيليين من نسل يهوذا وكان هذا ليُظهر لأخيش أنه فى حالة حرب ضد شاول وشعبه فينعم بالسلام فى جت. والقينيين حسبوا من سبط يهوذا (1أى55:2).
ملحوظة: نلاحظ من سؤال اخيش لداود أن غزو القبائل والشعوب المجاورة لنهبها كان هو السائد والطبيعى فى تلك الأيام لذلك كان على داود أن يخضع الشعوب المجاورة حينما تسلم المُلك حتى يأمن شعبه من هذه الغزوات؟
+