تفسير الاصحاح الخامس من سفر ملوك الأول للقس انطونيوس فكرى
سليمان يعد لبناء الهيكل
الآيات 1-9:- وارسل حيرام ملك صور عبيده الى سليمان لانه سمع انهم مسحوه ملكا مكان ابيه لان حيرام كان محبا لداود كل الايام فارسل سليمان الى حيرام يقول. انت تعلم داود ابي انه لم يستطع ان يبني بيتا لاسم الرب الهه بسبب الحروب التي احاطت به حتى جعلهم الرب تحت بطن قدميه. والان فقد اراحني الرب الهي من كل الجهات فلا يوجد خصم ولا حادثة شر.وهانذا قائل على بناء بيت لاسم الرب الهي كما كلم الرب داود ابي قائلا ان ابنك الذي اجعله مكانك على كرسيك هو يبني البيت لاسمي. والان فامر ان يقطعوا لي ارزا من لبنان ويكون عبيدي مع عبيدك واجرة عبيدك اعطيك اياها حسب كل ما تقول لانك تعلم انه ليس بيننا احد يعرف قطع الخشب مثل الصيدونيين. فلما سمع حيرام كلام سليمان فرح جدا وقال مبارك اليوم الرب الذي اعطى داود ابنا حكيما على هذا الشعب الكثير.
وارسل حيرام الى سليمان قائلا قد سمعت ما ارسلت به الي انا افعل كل مسرتك في خشب الارز وخشب السرو. عبيدي ينزلون ذلك من لبنان الى البحر وانا اجعله ارماثا في البحر الى الموضع الذي تعرفني عنه وانفضه هناك وانت تحمله وانت تعمل مرضاتي باعطائك طعاما لبيتي
ظلت خيمة الإجتماع تهيم من مكان إلى مكان من البرية إلى جبعون حتى بنى الهيكل فى أورشليم، وهكذا عروس المسيح لن تجد مستقرا لها سوى فى أورشليم السماوية. ونجد سليمان هنا يبدأ الإعداد لبناء بيت الرب ويشرك رجال حيرام مع رجاله وهو هنا رمز للمسيح الذى بنى هيكل جسده من اليهود والأمم (أش 10:60) وكانت صور فى سلام دائما مع إسرائيل وصور دولة بحرية تجارية على حدود إسرائيل ويبدو أن داود بعلاقاته الطيبة مع حيرام جعله يحب الرب.
وفى (1) وأرسل حيرام ملك صور = وهو أرسل بعثه للتعزية فى وفاة داود. ويقال أن حيرام هذا هو إبن حيرام صديق داود. فأرسل سليمان مع البعثة إلى حيرام ليساعده فى بناء البيت وسليمان علًل أن داود لم يبنى بيت الله بأنه كان منشغلاً فى حروبه فهو ورجاله إنشغلوا فى الحروب فلا يوجد خصم = حرفيا لا يوجد شيطان مقاوم والمسيح بنى كنيسته بعد هزيمة إبليس. وسليمان رجل السلام رمز للمسيح ملك السلام. والآن الشيطان مقيد والكنيسة فى سلام فياليتنا نهتم بالبناء الروحى فى وقت السلام وقد وافق حيرام ووضع شروطا تجارية
1.هو يحمل الخشب إلى مكان يحدده سليمان.
2.لنقل سيكون بالبجر أرماثا (آية 9) = وهذا يعنى تربيط الخشب على شكل الطوف بضمه بعضه إلى بعض ويوضع فى البحر وهذه الطريقة كانت تستعمل لنقل الخشب من لبنان حتى مصر وإلى بابل.
3.يقوم سليمان بنقل الخشب من المكان المتفق عليه حتى أورشليم.
4.يدفع سليمان أجر العمال ويرسل طعام لبيت ملك صور إذا هى مقايضة فحيرام يرسل الخشب وسليمان يرسل من منتجاته الزراعية (ألبان / زيوت / منتجات زراعية).
فملك صور يعلم أن إسرائيل دولة زراعية. أما أهل صور فلهم حرف أخرى
وفى (6) الصيدونيين =وهو يقصد الفينيقيين بوجه عام والمنطقة التى بها الأرز هى صيدا ويبدو أن صيدا كانت خاضعة لصور. هم كانوا أهل صناعة وفلك وبرعوا فى تقطيع وتهذيب الحجارة الضخمة ومثال ذلك هياكل بعلبك الشهيرة، وبرعوا فى تقطيع أشجار الأرز الضخمة وتصنيعها كأخشاب صالحة للبناء وبرعوا فى نقل الأخشاب الضخمة والأحجار الضخمة.
والصيدونيين هو الإسم الذى إستخدمه العهد القديم للفينيقيين وكانت عاصمتهم صور وبذلك إستفادت إسرائيل من خبرات صور فى البناء وإستفادت صور من زراعات إسرائيل وخشب الأرز = شجرة الأرز طولها 80 قدما ومحيطها 36 قدما رائحتها حلوة وخشبها مر المذاق جدا ولا ينخره السوس لذلك ويمكن أن يبقى 2000 سنة.
الآيات 10-18:- كان حيرام يعطي سليمان خشب ارز وخشب سرو حسب كل مسرته. واعطى سليمان حيرام عشرين الف كر حنطة طعاما لبيته وعشرين كر زيت رض هكذا كان سليمان يعطي حيرام سنة فسنة. والرب اعطى سليمان حكمة كما كلمه وكان صلح بين حيرام وسليمان وقطعا كلاهما عهدا. وسخر الملك سليمان من جميع اسرائيل وكانت السخر ثلاثين الف رجل.
فارسلهم الى لبنان عشرة الاف في الشهر بالنوبة يكونون شهرا في لبنان وشهرين في بيوتهم وكان ادونيرام على التسخير. وكان لسليمان سبعون الفا يحملون احمالا وثمانون الفا يقطعون في الجبل. ما عدا رؤساء الوكلاء لسليمان الذين على العمل ثلاثة الاف وثلاث مئة المتسلطين على الشعب العاملين العمل.
وامر الملك ان يقلعوا حجارة كبيرة حجارة كريمة لتاسيس البيت حجارة مربعة. فنحتها بناؤو سليمان وبناؤو حيرام والجبليون وهياوا الاخشاب والحجارة لبناء البيت
صورة أخرى للكنيسة. العمال من اليهود والأمم يعملون وسليمان يطعمهم = المسيح يطعمنا ويشبعنا حنطة وخمر وزيت (راجع 2 أى 10:2 تجد سليمان يعطيهم خمرا).
وفى (11) 20. 000 كر حنطة + 20 كر زيت رض = زيت الرض هو أفخر أنواع الزيوت لأنه بلا شوائب. أما الزيت الذى يخرج بالطحن فهو مملوء شوائب. وواضح أن الحنطة والزيت هى لبيت حيرام ملك صور = طعاما لبيته.
وفى سفر الأيام يقول أن سليمان أعطى القطاعين 20. 000 كر حنطة 20. 000 كر شعير، 20. 000 بث خمر، 20. 000 بث زيت (2 أى 10:2) فلا تعارض فسفر الملوك يذكر ما أرسله سليمان لبيت الملك حيرام لذلك يرسل له أفخر أنواع الزيوت وأما سفر الأيام فيذكر ما أعطاه سليمان للعمال لذلك نجده أعطاهم شعير. والكر = 10 بث وهذا مثال آخر يتضح فيه أنه لا خلاف وإن بدا ظاهريا أن هناك خلاف.
وفى (13) سخر الملك سليمان من جميع إسرائيل 30. 000 = هؤلا كانوا يعملون بنظام النوبات فكان سليمان يرسل 10. 000 منهم إلى لبنان للعمل شهرا ويعودون لبيوتهم فى إسرائيل لمدة شهرين على أن يذهب مكانهم 10. 000 آخرين وهكذا.
ونظام التسخير للبناء إتبعه داود ثم توسع فيه سليمان غير أنه كان يعامل المسخرين من اليهود غير معاملة المسخرين من الغرباء فنجد فى (15) 70. 000 يحملون أحمالا، 80. 000 يقطعون فى الجبل = هؤلاء من الغرباء مثل الكنعانيين الذين رفضوا التهود وعاشوا وسط الشعب، هؤلاء كان إستعبادهم وتسخيرهم دائم وليس بنظام الشهر والشهرين (راجع 2 مل 22:9 فهو يقول أن بنو إسرائيل لم يجعل منهم سليمان عبيداً) العمل السهل كقطع الأشجار كان للإسرائيليين أما قطع الحجارة وحملها تركه للكنعانيين.
وكان سليمان يرسل إلى لبنان من الشعب الإسرائيلى وليس من العبيد الغرباء حتى يكونوا تحت إشراف قادتهم ومسخريهم وقوله أنهم يقطعون فى الجبل = فهو يقصد جبال فلسطين وفى (18) الجبليون = هم أهل جبيل وهى على شاطىء البحر على بعد 40 كم من بيروت وإشتهر سكانها بقطع الأحجار.
وهناك خلاف آخر يبدو ظاهريا أنه خلاف بين سفرى الملوك والأيام فهنا يذكر أن عدد الرؤساء المتسلطين 3300 وفى 2 أي 18،17:2يقول 3600 ولكن كما قلنا فالتقسيم المذكور فى الملوك غير الأيام. ولنرى الآن عدد الرؤساء الكلى المذكورين فى كل من الملوك والأيام فنجد أنه لا خلاف فى المجموع
العدد الكلى للرؤساء فى الملوك 3300 (16:5) + 550 (23:9) = 3850
العدد الكلى للرؤساء فى الأيام 3600 (2 أى 18:2) + 250 (2 أى 10:8) = 3850
إذاً كل كاتب حصل على معلوماته من مصدر صحيح لكن كل مصدر له توزيع خلاف الآخر
+