تفسير الاصحاح الثالث من سفر ملوك الأول للقس انطونيوس فكرى
سليمان النبى يختار الحكمة
الآيات 1-4:- صاهر سليمان فرعون ملك مصر واخذ بنت فرعون واتى بها الى مدينة داود الى ان اكمل بناء بيته وبيت الرب وسور اورشليم حواليها. الا ان الشعب كانوا يذبحون في المرتفعات لانه لم يبن بيت لاسم الرب الى تلك الايام.واحب سليمان الرب سائرا في فرائض داود ابيه الا انه كان يذبح ويوقد في المرتفعات. وذهب الملك الى جبعون ليذبح هناك لانها هي المرتفعة العظمى واصعد سليمان الف محرقة على ذلك المذبح.
إيجابيات سليمان التى ظهرت هنا هى محبته لله ومن يحب الله لا يهتم بتكاليف العبادة فنجد أن سليمان قدم 1000 محرقة وكان سليمان يسير حسب وصايا الله ولكن كان لسليمان سلبياته:
1. تزوج بنت فرعون وهى وثنية وربما كان هذا بسبب سياسى فمصر كانت من الأمم العظيمة فى ذلك الوقت. وربما تهودت بنت فرعون هذه بعد ذلك فلم نسمع فى 1:11-8 أن سليمان بنى مذابح لآلهة المصريين من ضمن ما بنى. وإذا فهمنا أن سليمان كبانى للهيكل يرمز للمسيح فبنت فرعون تشير لكنيسة الأمم التى إقترن بها المسيح.
2. أنه أبقى على المرتفعات ليذبح عليها الشعب بينما أن الله حدد فى (تث 1:12-14) أن يكون الذبح فى مكان واحد فقط بل قدم هو نفسه ذبائحه فى المرتفعات ولم يكن مثل داود أبيه الذى إلتزم بوصية الله وقدم ذبائحه فى الخيمة فقط. وكان تقديم الذبائح على المرتفعات عادة وثنية قلدهم فيها اليهود ولقد سميت جبعون المرتفعة العظمى = حيث كانت الخيمة والمذبح النحاسى وسميت هكذا لأنها على هضبة. ولأن الشعب إعتاد تقديم الذبائح على المرتفعات فأسموها مرتفعة وأطلقوا عليها عظمى لوجود الخيمة
الآيات 5-15:- ي جبعون تراءى الرب لسليمان في حلم ليلا وقال الله اسال ماذا اعطيك. فقال سليمان انك قد فعلت مع عبدك داود ابي رحمة عظيمة حسبما سار امامك بامانة وبر واستقامة قلب معك فحفظت له هذه الرحمة العظيمة واعطيته ابنا يجلس على كرسيه كهذا اليوم.
والان ايها الرب الهي انت ملكت عبدك مكان داود ابي وانا فتى صغير لا اعلم الخروج والدخول. وعبدك في وسط شعبك الذي اخترته شعب كثير لا يحصى ولا يعد من الكثرة. فاعط عبدك قلبا فهيما لاحكم على شعبك واميز بين الخير والشر لانه من يقدر ان يحكم على شعبك العظيم هذا.
فحسن الكلام في عيني الرب لان سليمان سال هذا الامرفقال له الله من اجل انك قد سالت هذا الامر ولم تسال لنفسك اياما كثيرة ولا سالت لنفسك غنى ولا سالت انفس اعدائك بل سالت لنفسك تمييزا لتفهم الحكم. هوذا قد فعلت حسب كلامك هوذا اعطيتك قلبا حكيما ومميزا حتى انه لم يكن مثلك قبلك ولا يقوم بعدك نظيرك.
وقد اعطيتك ايضا ما لم تساله غنى وكرامة حتى انه لا يكون رجل مثلك في الملوك كل ايامك. فان سلكت في طريقي وحفظت فرائضي ووصاياي كما سلك داود ابوك فاني اطيل ايامك. فاستيقظ سليمان واذا هو حلم وجاء الى اورشليم ووقف امام تابوت عهد الرب واصعد محرقات وقرب ذبائح سلامة وعمل وليمة لكل عبيده.
أمام محبة سليمان ظهرت إستجابة الله له فورا فلقد ظهر الله له فى حلم وواضح أن الحلم هو من الله كأحلام فرعون يوسف ونبوخذ نصر ويوسف رجل مريم العذراء. غير أنه هناك أحلام من خيالات الإنسان وغيرها من الشيطان وهذه تسبب القلق للإنسان فعلينا أن لا نهتم بالأحلام.
والله يستجيب لنا بالصلاة وليس بالأحلام لذلك يقول السيد المسيح مهما سألتم بإسمى فذلك أفعله يو 13:14. وقال الله إسأل ماذا أعطيك = الله يسأل سليمان ماذا يريد لأن الله خلق الإنسان حرا ويضع أمامه كل الطرق وعلى الإنسان أن يختار. والسيد المسيح قال "إطلبوا أولا ملكوت الله وبره وهذه كلها تزاد لكم" مت 33:6. وهذا ما حدث هنا. ونلاحظ رد سليمان الحلو.
1. فهو يعترف بمراحم الله عليه وعلى ابيه.
2. وشعوره بالمسئولية تجاه شعب الله والله إستجاب لسليمان بعد محبته التى ظهرت فى تقديم ذبائح كثيرة فمن يزرع بالشح بالشح يحصد. وماذا نقدم نحن لله؟ وكون أن سليمان يجيب على الله هذه الإجابة فهذا يشير لأن سليمان منشغل بهذا الأمر (كيف يحكم وسط شعب الله بالحكمة) حتى وهو نائم. إعط عبدك قلبا فهيماً = كلمة فهيماً = سامعاً (الكتاب بشواهد) أى يستمع لصوت الله وإرشاده ويحكم على هذا الأساس.
ولقد حصل سليمان على الحكمة لأنه طلبها وعلى الثروة لأنه لم يطلبها. وكان هناك شرط لإستمرارية عطاء الله = فإن سلكت فى طريقى. إذا عطايا الله مشروطة بأن نلتزم وصاياه ولقد أخذ سليمان كثيرا ولكن لأنه لم يلتزم بوصايا الله تغير الموقف بل لم يطل عمر سليمان أكثر من 60 عاما.
وفى (15) نلاحظ أن سليمان بعد لقائه مع الله ذهب لتابوت العهد مباشرة وقدم ذبائح كأن هذا إعتراف منه بأنه أخطأ فى موضوع المرتفعات ولأنه يريد أن يستلم الملك من الله شخصيا وقول سليمان فى (7) لا أعلم الخروج والدخول = الخروج والدخول يشير لأعمال الإنسان كلها من أولها إلى آخرها فالإنسان يخرج ليبدأ عمله وعندما ينتهى يدخل بيته ثانية أو العبارة تشير إلى أننى كالطفل لا أعرف الخروج والدخول ولا كيف أمشى وفى (9) شعبك فسليمان يفهم أنه خادم لشعب والشعب هو شعب الله وليس شعبه.
الآيات 16-28:- حينئذ اتت امراتان زانيتان الى الملك ووقفتا بين يديه. فقالت المراة الواحدة استمع يا سيدي اني انا وهذه المراة ساكنتان في بيت واحد وقد ولدت معها في البيت. وفي اليوم الثالث بعد ولادتي ولدت هذه المراة ايضا وكنا معا ولم يكن معنا غريب في البيت غيرنا نحن كلتينا في البيت. فمات ابن هذه في الليل لانها اضطجعت عليه.
فقامت في وسط الليل واخذت ابني من جانبي وامتك نائمة واضجعته في حضنها واضجعت ابنها الميت في حضني. فلما قمت صباحا لارضع ابني اذا هو ميت ولما تاملت فيه في الصباح اذا هو ليس ابني الذي ولدته. وكانت المراة الاخرى تقول كلا بل ابني الحي وابنك الميت وهذه تقول لا بل ابنك الميت وابني الحي وتكلمتا امام الملك.
فقال الملك هذه تقول هذا ابني الحي وابنك الميت وتلك تقول لا بل ابنك الميت وابني الحي. فقال الملك ايتوني بسيف فاتوا بسيف بين يدي الملك. فقال الملك اشطروا الولد الحي اثنين واعطوا نصفا للواحدة ونصفا للاخرى. فتكلمت المراة التي ابنها الحي الى الملك لان احشاءها اضطرمت على ابنها وقالت استمع يا سيدي اعطوها الولد الحي ولا تميتوه واما تلك فقالت لا يكون لي ولا لك اشطروه.
فاجاب الملك وقال اعطوها الولد الحي ولا تميتوه فانها امه. ولما سمع جميع اسرائيل بالحكم الذي حكم به الملك خافوا الملك لانهم راوا حكمة الله فيه لاجراء الحكم.
هذه القصة إثبات لأن وعد الله قد تحقق وإن حكمة سليمان كانت عجيبة والنقاد يقولون أن هناك تعارض بين ما نراه من حكمة سليمان هنا وما جا فى أم 2:30 والرد بسيط فغالبا من كتب أم 2:30 هو شخص إسمه أجور ولكن حتى إن كان كاتبها هو سليمان فهى من باب التواضع أمام الله.
وهذه القضية هنا حتى تصل إلى سليمان فهى عرضت على محاكم القضاة وفشل القضاة فى إيجاد حل لها والمرأتين كانتا زانيتين = فلم نسمع عن رجالهما وهما يعيشان سويا فى بيت زنا مشترك وينامان سويا. " فى قضايا مماثلة عالميا حكم قاض على إمرأة ترفض الإعتراف ببنوة إبنها، أن تتزوجه حينئذ رفضت وإعترفت بالحقيقة وكان هذا فى أيام كلوديوس قيصر.
وفى قضية أخرى إدعى 3 أشخاص أنهم أولاد أحد الولاة وكان هذا الوالى قد مات وذهب الـ 3 أشخاص للملك يطلب كل منهم أن يصير الوالى عوضا عن أبيه. فطلب الملك الحكيم أن يرمى كل واحد جثة الوالى بسهم فرمى إثنان منهم الجثة أما الإبن الحقيقى فرفض أن يرمى جثة أبيه كان الله (آية 28) أى حكمة عظيمة جدا مصدرها الله نفسه.
فسليمان رغماً عن صغر سنه فحكمته التى أخذها من الله أعلنت له أن المحبة التى للأم أقوى من الحسد. وأما الآخرى الكاذبة فكان حسدها أقوى من محبتها للولد فطلبت قتله لأنها تريد الولد لتحرم الأم الحقيقية منه.
+