الاصحاح الرابع والعشرون من سفر التكوين
1وَشَاخَ إِبْرَاهِيمُ وَتَقَدَّمَ فِي الأَيَّامِ. وَبَارَكَ الرَّبُّ إِبْرَاهِيمَ فِي كُلِّ شَيْءٍ. 2وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ لِعَبْدِهِ كَبِيرِ بَيْتِهِ الْمُسْتَوْلِي عَلَى كُلِّ مَا كَانَ لَهُ: «ضَعْ يَدَكَ تَحْتَ فَخْذِي، 3فَأَسْتَحْلِفَكَ بِالرَّبِّ إِلهِ السَّمَاءِ وَإِلهِ الأَرْضِ أَنْ لاَ تَأْخُذَ زَوْجَةً لابْنِي مِنْ بَنَاتِ الْكَنْعَانِيِّينَ الَّذِينَ أَنَا سَاكِنٌ بَيْنَهُمْ، 4بَلْ إِلَى أَرْضِي وَإِلَى عَشِيرَتِي تَذْهَبُ وَتَأْخُذُ زَوْجَةً لابْنِي إِسْحَاقَ». 5فَقَالَ لَهُ الْعَبْدُ: «رُبَّمَا لاَ تَشَاءُ الْمَرْأَةُ أَنْ تَتْبَعَنِي إِلَى هذِهِ الأَرْضِ. هَلْ أَرْجعُ بِابْنِكَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي خَرَجْتَ مِنْهَا؟» 6فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ: «احْتَرِزْ مِنْ أَنْ تَرْجعَ بِابْنِي إِلَى هُنَاكَ. 7اَلرَّبُّ إِلهُ السَّمَاءِ الَّذِي أَخَذَنِي مِنْ بَيْتِ أَبِي وَمِنْ أَرْضِ مِيلاَدِي، وَالَّذِي كَلَّمَنِي وَالَّذِي أَقْسَمَ لِي قَائِلاً: لِنَسْلِكَ أُعْطِي هذِهِ الأَرْضَ، هُوَ يُرْسِلُ مَلاَكَهُ أَمَامَكَ، فَتَأْخُذُ زَوْجَةً لابْنِي مِنْ هُنَاكَ. 8وَإِنْ لَمْ تَشَإِ الْمَرْأَةُ أَنْ تَتْبَعَكَ، تَبَرَّأْتَ مِنْ حَلْفِي هذَا. أَمَّا ابْنِي فَلاَ تَرْجعْ بِهِ إِلَى هُنَاكَ». 9فَوَضَعَ الْعَبْدُ يَدَهُ تَحْتَ فَخْذِ إِبْرَاهِيمَ مَوْلاَهُ، وَحَلَفَ لَهُ عَلَى هذَا الأَمْرِ.
10ثُمَّ أَخَذَ الْعَبْدُ عَشَرَةَ جِمَال مِنْ جِمَالِ مَوْلاَهُ، وَمَضَى وَجَمِيعُ خَيْرَاتِ مَوْلاَهُ فِي يَدِهِ. فَقَامَ وَذَهَبَ إِلَى أَرَامِ النَّهْرَيْنِ إِلَى مَدِينَةِ نَاحُورَ. 11وَأَنَاخَ الْجِمَالَ خَارِجَ الْمَدِينَةِ عِنْدَ بِئْرِ الْمَاءِ وَقْتَ الْمَسَاءِ، وَقْتَ خُرُوجِ الْمُسْتَقِيَاتِ. 12وَقَالَ: «أَيُّهَا الرَّبُّ إِلهَ سَيِّدِي إِبْرَاهِيمَ، يَسِّرْ لِي الْيَوْمَ وَاصْنَعْ لُطْفًا إِلَى سَيِّدِي إِبْرَاهِيمَ. 13هَا أَنَا وَاقِفٌ عَلَى عَيْنِ الْمَاءِ، وَبَنَاتُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ خَارِجَاتٌ لِيَسْتَقِينَ مَاءً. 14فَلْيَكُنْ أَنَّ الْفَتَاةَ الَّتِي أَقُولُ لَهَا: أَمِيلِي جَرَّتَكِ لأَشْرَبَ، فَتَقُولَ: اشْرَبْ وَأَنَا أَسْقِي جِمَالَكَ أَيْضًا، هِيَ الَّتِي عَيَّنْتَهَا لِعَبْدِكَ إِسْحَاقَ. وَبِهَا أَعْلَمُ أَنَّكَ صَنَعْتَ لُطْفًا إِلَى سَيِّدِي».
15وَإِذْ كَانَ لَمْ يَفْرَغْ بَعْدُ مِنَ الْكَلاَمِ، إِذَا رِفْقَةُ الَّتِي وُلِدَتْ لِبَتُوئِيلَ ابْنِ مِلْكَةَ امْرَأَةِ نَاحُورَ أَخِي إِبْرَاهِيمَ، خَارِجَةٌ وَجَرَّتُهَا عَلَى كَتِفِهَا. 16وَكَانَتِ الْفَتَاةُ حَسَنَةَ الْمَنْظَرِ جِدًّا، وَعَذْرَاءَ لَمْ يَعْرِفْهَا رَجُلٌ. فَنَزَلَتْ إِلَى الْعَيْنِ وَمَلأَتْ جَرَّتَهَا وَطَلَعَتْ. 17فَرَكَضَ الْعَبْدُ لِلِقَائِهَا وَقَالَ: «اسْقِينِي قَلِيلَ مَاءٍ مِنْ جَرَّتِكِ». 18فَقَالَتِ: «اشْرَبْ يَا سَيِّدِي». وَأَسْرَعَتْ وَأَنْزَلَتْ جَرَّتَهَا عَلَى يَدِهَا وَسَقَتْهُ. 19وَلَمَّا فَرَغَتْ مِنْ سَقْيِهِ قَالَتْ: «أَسْتَقِي لِجِمَالِكَ أَيْضًا حَتَّى تَفْرَغَ مِنَ الشُّرْبِ». 20فَأَسْرَعَتْ وَأَفْرَغَتْ جَرَّتَهَا فِي الْمَسْقَاةِ، وَرَكَضَتْ أَيْضًا إِلَى الْبِئْرِ لِتَسْتَقِيَ، فَاسْتَقَتْ لِكُلِّ جِمَالِهِ. 21وَالرَّجُلُ يَتَفَرَّسُ فِيهَا صَامِتًا لِيَعْلَمَ: أَأَنْجَحَ الرَّبُّ طَرِيقَهُ أَمْ لاَ. 22وَحَدَثَ عِنْدَمَا فَرَغَتِ الْجِمَالُ مِنَ الشُّرْبِ أَنَّ الرَّجُلَ أَخَذَ خِزَامَةَ ذَهَبٍ وَزْنُهَا نِصْفُ شَاقِل وَسِوَارَيْنِ عَلَى يَدَيْهَا وَزْنُهُمَا عَشَرَةُ شَوَاقِلِ ذَهَبٍ. 23وَقَالَ: «بِنْتُ مَنْ أَنْتِ؟ أَخْبِرِينِي: هَلْ فِي بَيْتِ أَبِيكِ مَكَانٌ لَنَا لِنَبِيتَ؟» 24فَقَالَتْ لَهُ: «أَنَا بِنْتُ بَتُوئِيلَ ابْنِ مِلْكَةَ الَّذِي وَلَدَتْهُ لِنَاحُورَ». 25وَقَالَتْ لَهُ: «عَِنْدَنَا تِبْنٌ وَعَلَفٌ كَثِيرٌ، وَمَكَانٌ لِتَبِيتُوا أَيْضًا». 26فَخَرَّ الرَّجُلُ وَسَجَدَ لِلرَّبِّ، 27وَقَالَ: «مُبَارَكٌ الرَّبُّ إِلهُ سَيِّدِي إِبْرَاهِيمَ الَّذِي لَمْ يَمْنَعْ لُطْفَهُ وَحَقَّهُ عَنْ سَيِّدِي. إِذْ كُنْتُ أَنَا فِي الطَّرِيقِ، هَدَانِي الرَّبُّ إِلَى بَيْتِ إِخْوَةِ سَيِّدِي». 28فَرَكَضَتِ الْفَتَاةُ وَأَخْبَرَتْ بَيْتَ أُمِّهَا بِحَسَبِ هذِهِ الأُمُورِ.
29وَكَانَ لِرِفْقَةَ أَخٌ اسْمُهُ لاَبَانُ، فَرَكَضَ لاَبَانُ إِلَى الرَّجُلِ خَارِجًا إِلَى الْعَيْنِ. 30وَحَدَثَ أَنَّهُ إِذْ رَأَى الْخِزَامَةَ وَالسِّوَارَيْنِ عَلَى يَدَيْ أُخْتِهِ، وَإِذْ سَمِعَ كَلاَمَ رِفْقَةَ أُخْتِهِ قَائِلَةً: «هكَذَا كَلَّمَنِي الرَّجُلُ»، جَاءَ إِلَى الرَّجُلِ، وَإِذَا هُوَ وَاقِفٌ عِنْدَ الْجِمَالِ عَلَى الْعَيْنِ. 31فَقَالَ: «ادْخُلْ يَا مُبَارَكَ الرَّبِّ، لِمَاذَا تَقِفُ خَارِجًا وَأَنَا قَدْ هَيَّأْتُ الْبَيْتَ وَمَكَانًا لِلْجِمَالِ؟». 32فَدَخَلَ الرَّجُلُ إِلَى الْبَيْتِ وَحَلَّ عَنِ الْجِمَالِ، فَأَعْطَى تِبْنًا وَعَلَفًا لِلْجِمَالِ، وَمَاءً لِغَسْلِ رِجْلَيْهِ وَأَرْجُلِ الرِّجَالِ الَّذِينَ مَعَهُ. 33وَوُضِعَ قُدَّامَهُ لِيَأْكُلَ. فَقَالَ: «لاَ آكُلُ حَتَّى أَتَكَلَّمَ كَلاَمِي». فَقَالَ: «تَكَلَّمْ».
34فَقَالَ: «أَنَا عَبْدُ إِبْرَاهِيمَ، 35وَالرَّبُّ قَدْ بَارَكَ مَوْلاَيَ جِدًّا فَصَارَ عَظِيمًا، وَأَعْطَاهُ غَنَمًا وَبَقَرًا وَفِضَّةً وَذَهَبًا وَعَبِيدًا وَإِمَاءً وَجِمَالاً وَحَمِيرًا. 36وَوَلَدَتْ سَارَةُ امْرَأَةُ سَيِّدِي ابْنًا لِسَيِّدِي بَعْدَ مَا شَاخَتْ، فَقَدْ أَعْطَاهُ كُلَّ مَا لَهُ. 37وَاسْتَحْلَفَنِي سَيِّدِي قَائِلاً: لاَ تَأْخُذْ زَوْجَةً لابْنِي مِنْ بَنَاتِ الْكَنْعَانِيِّينَ الَّذِينَ أَنَا سَاكِنٌ فِي أَرْضِهِمْ، 38بَلْ إِلَى بَيْتِ أَبِي تَذْهَبُ وَإِلَى عَشِيرَتِي، وَتَأْخُذُ زَوْجَةً لابْنِي. 39فَقُلْتُ لِسَيِّدِي: رُبَّمَا لاَ تَتْبَعُنِي الْمَرْأَةُ. 40فَقَالَ لِي: إِنَّ الرَّبَّ الَّذِي سِرْتُ أَمَامَهُ يُرْسِلُ مَلاَكَهُ مَعَكَ وَيُنْجِحُ طَرِيقَكَ، فَتَأْخُذُ زَوْجَةً لابْنِي مِنْ عَشِيرَتِي وَمِنْ بَيْتِ أَبِي. 41حِينَئِذٍ تَتَبَرَّأُ مِنْ حَلْفِي حِينَمَا تَجِيءُ إِلَى عَشِيرَتِي. وَإِنْ لَمْ يُعْطُوكَ فَتَكُونُ بَرِيئًا مِنْ حَلْفِي. 42فَجِئْتُ الْيَوْمَ إِلَى الْعَيْنِ، وَقُلْتُ: أَيُّهَا الرَّبُّ إِلهُ سَيِّدِي إِبْرَاهِيمَ، إِنْ كُنْتَ تُنْجِحُ طَرِيقِي الَّذِي أَنَا سَالِكٌ فِيهِ، 43فَهَا أَنَا وَاقِفٌ عَلَى عَيْنِ الْمَاءِ، وَلْيَكُنْ أَنَّ الْفَتَاةَ الَّتِي تَخْرُجُ لِتَسْتَقِيَ وَأَقُولُ لَهَا: اسْقِينِي قَلِيلَ مَاءٍ مِنْ جَرَّتِكِ، 44فَتَقُولَ لِيَ: اشْرَبْ أَنْتَ، وَأَنَا أَسْتَقِي لِجِمَالِكَ أَيْضًا، هِيَ الْمَرْأَةُ الَّتِي عَيَّنَهَا الرَّبُّ لابْنِ سَيِّدِي. 45وَإِذْ كُنْتُ أَنَا لَمْ أَفْرَغْ بَعْدُ مِنَ الْكَلاَمِ فِي قَلْبِي، إِذَا رِفْقَةُ خَارِجَةٌ وَجَرَّتُهَا عَلَى كَتِفِهَا، فَنَزَلَتْ إِلَى الْعَيْنِ وَاسْتَقَتْ. فَقُلْتُ لَهَا: اسْقِينِي. 46فَأَسْرَعَتْ وَأَنْزَلَتْ جَرَّتَهَا عَنْهَا وَقَالَتِ: اشْرَبْ وَأَنَا أَسْقِي جِمَالَكَ أَيْضًا. فَشَرِبْتُ، وَسَقَتِ الْجِمَالَ أَيْضًا. 47فَسَأَلْتُهَا وَقُلتُ: بِنْتُ مَنْ أَنْتِ؟ فَقَالَتْ: بِنْتُ بَتُوئِيلَ بْنِ نَاحُورَ الَّذِي وَلَدَتْهُ لَهُ مِلْكَةُ. فَوَضَعْتُ الْخِزَامَةَ فِي أَنْفِهَا وَالسِّوَارَيْنِ عَلَى يَدَيْهَا. 48وَخَرَرْتُ وَسَجَدْتُ لِلرَّبِّ، وَبَارَكْتُ الرَّبَّ إِلهَ سَيِّدِي إِبْرَاهِيمَ الَّذِي هَدَانِي فِي طَرِيق أَمِينٍ لآخُذَ ابْنَةَ أَخِي سَيِّدِي لابْنِهِ. 49وَالآنَ إِنْ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ مَعْرُوفًا وَأَمَانَةً إِلَى سَيِّدِي فَأَخْبِرُونِي، وَإِلاَّ فَأَخْبِرُونِي لأَنْصَرِفَ يَمِينًا أَوْ شِمَالاً».
50فَأَجَابَ لاَبَانُ وَبَتُوئِيلُ وَقَالاَ: «مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ خَرَجَ الأَمْرُ. لاَ نَقْدِرُ أَنْ نُكَلِّمَكَ بِشَرّ أَوْ خَيْرٍ. 51هُوَذَا رِفْقَةُ قُدَّامَكَ. خُذْهَا وَاذْهَبْ. فَلْتَكُنْ زَوْجَةً لابْنِ سَيِّدِكَ، كَمَا تَكَلَّمَ الرَّبُّ». 52وَكَانَ عِنْدَمَا سَمِعَ عَبْدُ إِبْرَاهِيمَ كَلاَمَهُمْ أَنَّهُ سَجَدَ لِلرَّبِّ إِلَى الأَرْضِ. 53وَأَخْرَجَ الْعَبْدُ آنِيَةَ فِضَّةٍ وَآنِيَةَ ذَهَبٍ وَثِيَابًا وَأَعْطَاهَا لِرِفْقَةَ، وَأَعْطَى تُحَفًا لأَخِيهَا وَلأُمِّهَا. 54فَأَكَلَ وَشَرِبَ هُوَ وَالرِّجَالُ الَّذِينَ مَعَهُ وَبَاتُوا. ثُمَّ قَامُوا صَبَاحًا فَقَالَ: «اصْرِفُونِي إِلَى سَيِّدِي». 55فَقَالَ أَخُوهَا وَأُمُّهَا: «لِتَمْكُثِ الْفَتَاةُ عِنْدَنَا أَيَّامًا أَوْ عَشَرَةً، بَعْدَ ذلِكَ تَمْضِي». 56فَقَالَ لَهُمْ: «لاَ تُعَوِّقُونِي وَالرَّبُّ قَدْ أَنْجَحَ طَرِيقِي. اِصْرِفُونِي لأَذْهَبَ إِلَى سَيِّدِي». 57فَقَالُوا: «نَدْعُو الْفَتَاةَ وَنَسْأَلُهَا شِفَاهًا». 58فَدَعَوْا رِفْقَةَ وَقَالُوا لَهَا: «هَلْ تَذْهَبِينَ مَعَ هذَا الرَّجُلِ؟» فَقَالَتْ: «أَذْهَبُ». 59فَصَرَفُوا رِفْقَةَ أُخْتَهُمْ وَمُرْضِعَتَهَا وَعَبْدَ إِبْرَاهِيمَ وَرِجَالَهُ. 60وَبَارَكُوا رِفْقَةَ وَقَالُوا لَهَا: «أَنْتِ أُخْتُنَا. صِيرِي أُلُوفَ رِبْوَاتٍ، وَلْيَرِثْ نَسْلُكِ بَابَ مُبْغِضِيهِ».
61فَقَامَتْ رِفْقَةُ وَفَتَيَاتُهَا وَرَكِبْنَ عَلَى الْجِمَالِ وَتَبِعْنَ الرَّجُلَ. فَأَخَذَ الْعَبْدُ رِفْقَةَ وَمَضَى. 62وَكَانَ إِسْحَاقُ قَدْ أَتَى مِنْ وُرُودِ بِئْرِ لَحَيْ رُئِي، إِذْ كَانَ سَاكِنًا فِي أَرْضِ الْجَنُوبِ. 63وَخَرَجَ إِسْحَاقُ لِيَتَأَمَّلَ فِي الْحَقْلِ عِنْدَ إِقْبَالِ الْمَسَاءِ، فَرَفَعَ عَيْنَيْهِ وَنَظَرَ وَإِذَا جِمَالٌ مُقْبِلَةٌ. 64وَرَفَعَتْ رِفْقَةُ عَيْنَيْهَا فَرَأَتْ إِسْحَاقَ فَنَزَلَتْ عَنِ الْجَمَلِ. 65وَقَالَتْ لِلْعَبْدِ: «مَنْ هذَا الرَّجُلُ الْمَاشِي فِي الْحَقْلِ لِلِقَائِنَا؟» فَقَالَ الْعَبْدُ: «هُوَ سَيِّدِي». فَأَخَذَتِ الْبُرْقُعَ وَتَغَطَّتْ. 66ثُمَّ حَدَّثَ الْعَبْدُ إِسْحَاقَ بِكُلِّ الأُمُورِ الَّتِي صَنَعَ، 67فَأَدْخَلَهَا إِسْحَاقُ إِلَى خِبَاءِ سَارَةَ أُمِّهِ، وَأَخَذَ رِفْقَةَ فَصَارَتْ لَهُ زَوْجَةً وَأَحَبَّهَا. فَتَعَزَّى إِسْحَاقُ بَعْدَ مَوْتِ أُمِّهِ.
10ثُمَّ أَخَذَ الْعَبْدُ عَشَرَةَ جِمَال مِنْ جِمَالِ مَوْلاَهُ، وَمَضَى وَجَمِيعُ خَيْرَاتِ مَوْلاَهُ فِي يَدِهِ. فَقَامَ وَذَهَبَ إِلَى أَرَامِ النَّهْرَيْنِ إِلَى مَدِينَةِ نَاحُورَ. 11وَأَنَاخَ الْجِمَالَ خَارِجَ الْمَدِينَةِ عِنْدَ بِئْرِ الْمَاءِ وَقْتَ الْمَسَاءِ، وَقْتَ خُرُوجِ الْمُسْتَقِيَاتِ. 12وَقَالَ: «أَيُّهَا الرَّبُّ إِلهَ سَيِّدِي إِبْرَاهِيمَ، يَسِّرْ لِي الْيَوْمَ وَاصْنَعْ لُطْفًا إِلَى سَيِّدِي إِبْرَاهِيمَ. 13هَا أَنَا وَاقِفٌ عَلَى عَيْنِ الْمَاءِ، وَبَنَاتُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ خَارِجَاتٌ لِيَسْتَقِينَ مَاءً. 14فَلْيَكُنْ أَنَّ الْفَتَاةَ الَّتِي أَقُولُ لَهَا: أَمِيلِي جَرَّتَكِ لأَشْرَبَ، فَتَقُولَ: اشْرَبْ وَأَنَا أَسْقِي جِمَالَكَ أَيْضًا، هِيَ الَّتِي عَيَّنْتَهَا لِعَبْدِكَ إِسْحَاقَ. وَبِهَا أَعْلَمُ أَنَّكَ صَنَعْتَ لُطْفًا إِلَى سَيِّدِي».
15وَإِذْ كَانَ لَمْ يَفْرَغْ بَعْدُ مِنَ الْكَلاَمِ، إِذَا رِفْقَةُ الَّتِي وُلِدَتْ لِبَتُوئِيلَ ابْنِ مِلْكَةَ امْرَأَةِ نَاحُورَ أَخِي إِبْرَاهِيمَ، خَارِجَةٌ وَجَرَّتُهَا عَلَى كَتِفِهَا. 16وَكَانَتِ الْفَتَاةُ حَسَنَةَ الْمَنْظَرِ جِدًّا، وَعَذْرَاءَ لَمْ يَعْرِفْهَا رَجُلٌ. فَنَزَلَتْ إِلَى الْعَيْنِ وَمَلأَتْ جَرَّتَهَا وَطَلَعَتْ. 17فَرَكَضَ الْعَبْدُ لِلِقَائِهَا وَقَالَ: «اسْقِينِي قَلِيلَ مَاءٍ مِنْ جَرَّتِكِ». 18فَقَالَتِ: «اشْرَبْ يَا سَيِّدِي». وَأَسْرَعَتْ وَأَنْزَلَتْ جَرَّتَهَا عَلَى يَدِهَا وَسَقَتْهُ. 19وَلَمَّا فَرَغَتْ مِنْ سَقْيِهِ قَالَتْ: «أَسْتَقِي لِجِمَالِكَ أَيْضًا حَتَّى تَفْرَغَ مِنَ الشُّرْبِ». 20فَأَسْرَعَتْ وَأَفْرَغَتْ جَرَّتَهَا فِي الْمَسْقَاةِ، وَرَكَضَتْ أَيْضًا إِلَى الْبِئْرِ لِتَسْتَقِيَ، فَاسْتَقَتْ لِكُلِّ جِمَالِهِ. 21وَالرَّجُلُ يَتَفَرَّسُ فِيهَا صَامِتًا لِيَعْلَمَ: أَأَنْجَحَ الرَّبُّ طَرِيقَهُ أَمْ لاَ. 22وَحَدَثَ عِنْدَمَا فَرَغَتِ الْجِمَالُ مِنَ الشُّرْبِ أَنَّ الرَّجُلَ أَخَذَ خِزَامَةَ ذَهَبٍ وَزْنُهَا نِصْفُ شَاقِل وَسِوَارَيْنِ عَلَى يَدَيْهَا وَزْنُهُمَا عَشَرَةُ شَوَاقِلِ ذَهَبٍ. 23وَقَالَ: «بِنْتُ مَنْ أَنْتِ؟ أَخْبِرِينِي: هَلْ فِي بَيْتِ أَبِيكِ مَكَانٌ لَنَا لِنَبِيتَ؟» 24فَقَالَتْ لَهُ: «أَنَا بِنْتُ بَتُوئِيلَ ابْنِ مِلْكَةَ الَّذِي وَلَدَتْهُ لِنَاحُورَ». 25وَقَالَتْ لَهُ: «عَِنْدَنَا تِبْنٌ وَعَلَفٌ كَثِيرٌ، وَمَكَانٌ لِتَبِيتُوا أَيْضًا». 26فَخَرَّ الرَّجُلُ وَسَجَدَ لِلرَّبِّ، 27وَقَالَ: «مُبَارَكٌ الرَّبُّ إِلهُ سَيِّدِي إِبْرَاهِيمَ الَّذِي لَمْ يَمْنَعْ لُطْفَهُ وَحَقَّهُ عَنْ سَيِّدِي. إِذْ كُنْتُ أَنَا فِي الطَّرِيقِ، هَدَانِي الرَّبُّ إِلَى بَيْتِ إِخْوَةِ سَيِّدِي». 28فَرَكَضَتِ الْفَتَاةُ وَأَخْبَرَتْ بَيْتَ أُمِّهَا بِحَسَبِ هذِهِ الأُمُورِ.
29وَكَانَ لِرِفْقَةَ أَخٌ اسْمُهُ لاَبَانُ، فَرَكَضَ لاَبَانُ إِلَى الرَّجُلِ خَارِجًا إِلَى الْعَيْنِ. 30وَحَدَثَ أَنَّهُ إِذْ رَأَى الْخِزَامَةَ وَالسِّوَارَيْنِ عَلَى يَدَيْ أُخْتِهِ، وَإِذْ سَمِعَ كَلاَمَ رِفْقَةَ أُخْتِهِ قَائِلَةً: «هكَذَا كَلَّمَنِي الرَّجُلُ»، جَاءَ إِلَى الرَّجُلِ، وَإِذَا هُوَ وَاقِفٌ عِنْدَ الْجِمَالِ عَلَى الْعَيْنِ. 31فَقَالَ: «ادْخُلْ يَا مُبَارَكَ الرَّبِّ، لِمَاذَا تَقِفُ خَارِجًا وَأَنَا قَدْ هَيَّأْتُ الْبَيْتَ وَمَكَانًا لِلْجِمَالِ؟». 32فَدَخَلَ الرَّجُلُ إِلَى الْبَيْتِ وَحَلَّ عَنِ الْجِمَالِ، فَأَعْطَى تِبْنًا وَعَلَفًا لِلْجِمَالِ، وَمَاءً لِغَسْلِ رِجْلَيْهِ وَأَرْجُلِ الرِّجَالِ الَّذِينَ مَعَهُ. 33وَوُضِعَ قُدَّامَهُ لِيَأْكُلَ. فَقَالَ: «لاَ آكُلُ حَتَّى أَتَكَلَّمَ كَلاَمِي». فَقَالَ: «تَكَلَّمْ».
34فَقَالَ: «أَنَا عَبْدُ إِبْرَاهِيمَ، 35وَالرَّبُّ قَدْ بَارَكَ مَوْلاَيَ جِدًّا فَصَارَ عَظِيمًا، وَأَعْطَاهُ غَنَمًا وَبَقَرًا وَفِضَّةً وَذَهَبًا وَعَبِيدًا وَإِمَاءً وَجِمَالاً وَحَمِيرًا. 36وَوَلَدَتْ سَارَةُ امْرَأَةُ سَيِّدِي ابْنًا لِسَيِّدِي بَعْدَ مَا شَاخَتْ، فَقَدْ أَعْطَاهُ كُلَّ مَا لَهُ. 37وَاسْتَحْلَفَنِي سَيِّدِي قَائِلاً: لاَ تَأْخُذْ زَوْجَةً لابْنِي مِنْ بَنَاتِ الْكَنْعَانِيِّينَ الَّذِينَ أَنَا سَاكِنٌ فِي أَرْضِهِمْ، 38بَلْ إِلَى بَيْتِ أَبِي تَذْهَبُ وَإِلَى عَشِيرَتِي، وَتَأْخُذُ زَوْجَةً لابْنِي. 39فَقُلْتُ لِسَيِّدِي: رُبَّمَا لاَ تَتْبَعُنِي الْمَرْأَةُ. 40فَقَالَ لِي: إِنَّ الرَّبَّ الَّذِي سِرْتُ أَمَامَهُ يُرْسِلُ مَلاَكَهُ مَعَكَ وَيُنْجِحُ طَرِيقَكَ، فَتَأْخُذُ زَوْجَةً لابْنِي مِنْ عَشِيرَتِي وَمِنْ بَيْتِ أَبِي. 41حِينَئِذٍ تَتَبَرَّأُ مِنْ حَلْفِي حِينَمَا تَجِيءُ إِلَى عَشِيرَتِي. وَإِنْ لَمْ يُعْطُوكَ فَتَكُونُ بَرِيئًا مِنْ حَلْفِي. 42فَجِئْتُ الْيَوْمَ إِلَى الْعَيْنِ، وَقُلْتُ: أَيُّهَا الرَّبُّ إِلهُ سَيِّدِي إِبْرَاهِيمَ، إِنْ كُنْتَ تُنْجِحُ طَرِيقِي الَّذِي أَنَا سَالِكٌ فِيهِ، 43فَهَا أَنَا وَاقِفٌ عَلَى عَيْنِ الْمَاءِ، وَلْيَكُنْ أَنَّ الْفَتَاةَ الَّتِي تَخْرُجُ لِتَسْتَقِيَ وَأَقُولُ لَهَا: اسْقِينِي قَلِيلَ مَاءٍ مِنْ جَرَّتِكِ، 44فَتَقُولَ لِيَ: اشْرَبْ أَنْتَ، وَأَنَا أَسْتَقِي لِجِمَالِكَ أَيْضًا، هِيَ الْمَرْأَةُ الَّتِي عَيَّنَهَا الرَّبُّ لابْنِ سَيِّدِي. 45وَإِذْ كُنْتُ أَنَا لَمْ أَفْرَغْ بَعْدُ مِنَ الْكَلاَمِ فِي قَلْبِي، إِذَا رِفْقَةُ خَارِجَةٌ وَجَرَّتُهَا عَلَى كَتِفِهَا، فَنَزَلَتْ إِلَى الْعَيْنِ وَاسْتَقَتْ. فَقُلْتُ لَهَا: اسْقِينِي. 46فَأَسْرَعَتْ وَأَنْزَلَتْ جَرَّتَهَا عَنْهَا وَقَالَتِ: اشْرَبْ وَأَنَا أَسْقِي جِمَالَكَ أَيْضًا. فَشَرِبْتُ، وَسَقَتِ الْجِمَالَ أَيْضًا. 47فَسَأَلْتُهَا وَقُلتُ: بِنْتُ مَنْ أَنْتِ؟ فَقَالَتْ: بِنْتُ بَتُوئِيلَ بْنِ نَاحُورَ الَّذِي وَلَدَتْهُ لَهُ مِلْكَةُ. فَوَضَعْتُ الْخِزَامَةَ فِي أَنْفِهَا وَالسِّوَارَيْنِ عَلَى يَدَيْهَا. 48وَخَرَرْتُ وَسَجَدْتُ لِلرَّبِّ، وَبَارَكْتُ الرَّبَّ إِلهَ سَيِّدِي إِبْرَاهِيمَ الَّذِي هَدَانِي فِي طَرِيق أَمِينٍ لآخُذَ ابْنَةَ أَخِي سَيِّدِي لابْنِهِ. 49وَالآنَ إِنْ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ مَعْرُوفًا وَأَمَانَةً إِلَى سَيِّدِي فَأَخْبِرُونِي، وَإِلاَّ فَأَخْبِرُونِي لأَنْصَرِفَ يَمِينًا أَوْ شِمَالاً».
50فَأَجَابَ لاَبَانُ وَبَتُوئِيلُ وَقَالاَ: «مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ خَرَجَ الأَمْرُ. لاَ نَقْدِرُ أَنْ نُكَلِّمَكَ بِشَرّ أَوْ خَيْرٍ. 51هُوَذَا رِفْقَةُ قُدَّامَكَ. خُذْهَا وَاذْهَبْ. فَلْتَكُنْ زَوْجَةً لابْنِ سَيِّدِكَ، كَمَا تَكَلَّمَ الرَّبُّ». 52وَكَانَ عِنْدَمَا سَمِعَ عَبْدُ إِبْرَاهِيمَ كَلاَمَهُمْ أَنَّهُ سَجَدَ لِلرَّبِّ إِلَى الأَرْضِ. 53وَأَخْرَجَ الْعَبْدُ آنِيَةَ فِضَّةٍ وَآنِيَةَ ذَهَبٍ وَثِيَابًا وَأَعْطَاهَا لِرِفْقَةَ، وَأَعْطَى تُحَفًا لأَخِيهَا وَلأُمِّهَا. 54فَأَكَلَ وَشَرِبَ هُوَ وَالرِّجَالُ الَّذِينَ مَعَهُ وَبَاتُوا. ثُمَّ قَامُوا صَبَاحًا فَقَالَ: «اصْرِفُونِي إِلَى سَيِّدِي». 55فَقَالَ أَخُوهَا وَأُمُّهَا: «لِتَمْكُثِ الْفَتَاةُ عِنْدَنَا أَيَّامًا أَوْ عَشَرَةً، بَعْدَ ذلِكَ تَمْضِي». 56فَقَالَ لَهُمْ: «لاَ تُعَوِّقُونِي وَالرَّبُّ قَدْ أَنْجَحَ طَرِيقِي. اِصْرِفُونِي لأَذْهَبَ إِلَى سَيِّدِي». 57فَقَالُوا: «نَدْعُو الْفَتَاةَ وَنَسْأَلُهَا شِفَاهًا». 58فَدَعَوْا رِفْقَةَ وَقَالُوا لَهَا: «هَلْ تَذْهَبِينَ مَعَ هذَا الرَّجُلِ؟» فَقَالَتْ: «أَذْهَبُ». 59فَصَرَفُوا رِفْقَةَ أُخْتَهُمْ وَمُرْضِعَتَهَا وَعَبْدَ إِبْرَاهِيمَ وَرِجَالَهُ. 60وَبَارَكُوا رِفْقَةَ وَقَالُوا لَهَا: «أَنْتِ أُخْتُنَا. صِيرِي أُلُوفَ رِبْوَاتٍ، وَلْيَرِثْ نَسْلُكِ بَابَ مُبْغِضِيهِ».
61فَقَامَتْ رِفْقَةُ وَفَتَيَاتُهَا وَرَكِبْنَ عَلَى الْجِمَالِ وَتَبِعْنَ الرَّجُلَ. فَأَخَذَ الْعَبْدُ رِفْقَةَ وَمَضَى. 62وَكَانَ إِسْحَاقُ قَدْ أَتَى مِنْ وُرُودِ بِئْرِ لَحَيْ رُئِي، إِذْ كَانَ سَاكِنًا فِي أَرْضِ الْجَنُوبِ. 63وَخَرَجَ إِسْحَاقُ لِيَتَأَمَّلَ فِي الْحَقْلِ عِنْدَ إِقْبَالِ الْمَسَاءِ، فَرَفَعَ عَيْنَيْهِ وَنَظَرَ وَإِذَا جِمَالٌ مُقْبِلَةٌ. 64وَرَفَعَتْ رِفْقَةُ عَيْنَيْهَا فَرَأَتْ إِسْحَاقَ فَنَزَلَتْ عَنِ الْجَمَلِ. 65وَقَالَتْ لِلْعَبْدِ: «مَنْ هذَا الرَّجُلُ الْمَاشِي فِي الْحَقْلِ لِلِقَائِنَا؟» فَقَالَ الْعَبْدُ: «هُوَ سَيِّدِي». فَأَخَذَتِ الْبُرْقُعَ وَتَغَطَّتْ. 66ثُمَّ حَدَّثَ الْعَبْدُ إِسْحَاقَ بِكُلِّ الأُمُورِ الَّتِي صَنَعَ، 67فَأَدْخَلَهَا إِسْحَاقُ إِلَى خِبَاءِ سَارَةَ أُمِّهِ، وَأَخَذَ رِفْقَةَ فَصَارَتْ لَهُ زَوْجَةً وَأَحَبَّهَا. فَتَعَزَّى إِسْحَاقُ بَعْدَ مَوْتِ أُمِّهِ.