رغم مرور 5 أعوام على وفاتهم بأيدي الإرهاب، إلا أنَّ أرواحهم النقية وذكراهم العذبة مازالت حية في قلوب الجميع، لاسيما داخل قريتهم والكاتدرائية التي دشنت خصيصًا من أجلهم، ليدشن القائمين عليها تماثيل لأجساد متراصة في صفوف مُدرجة، تجسد شهداء ليبيا، في مدخل كاتدرائية شهداء الإيمان والوطن في قرية العور بمطرانية سمالوط بالمنيا.
في 15 فبراير 2015، على ساحل مدينة سرت الليبية، ذبح أعضاء تنظيم "داعش" الإرهابي بدم بارد 20 قبطيًا مصريًا، في مقطع فيديو بثّه التنظيم بعنوان "رسالة موقعة بالدماء إلى أمة الصليب"، ظهر به تلطخ مياه البحر بلون الدم، عقب الحادث الإجرامي، قبل أن تقتص لهم القوات الجوية المصرية في الليلة ذاتها.
القصاص لم يكن وسيلة مصر الوحيدة لتبريد قلوب أهالي الشهداء، فكانت البداية ببناء كنيسة وتدشينها في مسقط رأس الشهداء في الذكرى الثالثة للواقعة بقرار من الرئيس عبدالفتاح السيسي، وعادت الرفات بعد 3 أشهر من تدشين الكنيسة ووضعت في المزار الخاص بها.
وقبل أشهر من الذكرى الخامسة، اقترح الفكرة الأنبا بفنوتيوس مطران سمالوط وطحا الأعمدة المنيا، وضع تماثيل للشهداء وخلفهم تمثال للسيد المسيح وهو يحتضنهم، في مدخل الكنيسة، إذ يكون تمثال المسيح على مساحة 4 أمتار، وتراص تماثيل الشهداء في شكل أفقي، ونفذهم الدكتور جرجس الجاولي أستاذ النحت بجامعة المنيا، لنحو 4 أشهر، إذ تحملت الكنيسة تكاليفهم.
في تمام الساعة الثالثة من عصر اليوم، تحيي الكاتدرائية وأهالي المنيا، ذكرى الشهداء بإزاحة الستار عن تماثيل الشهداء، وسط حالة من السعادة بين أهاليهم، لتخليد ذكراهم بطريقة خاصة هذه المرة من جديد.
قريب 6 من الشهداء: فخور رغم الحزن.. وهكلم التماثيل وكأنهم أحياء
رغم الحزن المكتوم داخل قلب صليب ميخائيل الخادم في كنيسة شهداء الإيمان بليبيا والذي فقد 6 من أقربائه في هذا الحادث الأليم، إلا أنَّه يشعر بالفخر، معبّرًا عن اختلاط المشاعر بداخله وإن غلب الفرح لتكريم الشهداء.
"خالي وابن عمتي و2 من ولاد عمي و2 من ولاد خالي"، أقارب ميخائيل الذي اعتاد محادثاتهم منذ استشهادهم مستشعرًا وجودهم الدائم معه كما اعتاد، زاد عليه بعد وضع تماثيل بالأحجام الطبيعية في مدخل الكنيسة نمو شعوره بوجودهم حوله لتكون التماثيل الشاهدة على أحاديثه القادمة مع ذويه.
والد الشهيد ميلاد: مبسوط جدًا بالتماثيل.. ونفسي أحضن تمثال ابني
"نفسي أحضن التماثيل".. شعور يسيطر على مكين زكي، والد الشهيد ميلاد، فور معرفته بفكرة النحت التي اقترحها الأنبا بفنوتيوس، ويجدها تكريم مميز ومعبر للغاية، ليتمنى احتضان تمثال نجله بشدة "هزوره كل يوم كأنه موجود.. ابني وحشني جدًا".
قرر "مكين" أنَّ يحضر الذكرى اليوم بصحبة جميع أفراد عائلته ليكون الحدث أقرب إلى حفل، حيث أبدى سعادته الشديدة باستمرار تكريم نجله في كل عام بذكرى المذبحة، قائلًا: "بدل ما كنا هنفتكرهم بحزن ودموع، بقيت الحاجات اللي بتحصل دي بتسعدنا وترفع روحنا المعنوية".
كما أشاد بجهود الدولة منذ بداية الواقعة، سواء بالقصاص أو باستمرار التكريم والاهتمام، وهو ما يثبت مدى دعم الحكومة لجميع الفئات والأطراف بالمجتمع، والحرص على الشهداء.
شقيق أحد الشهداء: سعيد بالتكريم وهنروح كلنا
عماد سليمان شقق الشهيد ماجد، أبدى سعادته الشديدة باستمرار أوجه التكريم لشهداء ليبيا، رغم مرور 5 أعوام على الواقعة، مبينًا أنَّه في كل عام تتجدد الذكرى بطريقة تساهم في دعم أهاليهم
"احنا احتسبناهم شهداء عند الرب بس البلد منستهمش".. هكذا عبّر "سليمان" عن رأيه في التكريم، موضحًا أنَّ جميع أفراد الأسرة ستشارك بقداس اليوم المقرر الثالثة عصرا، لإحياء ذكرى الشهداء، ومشاهدة التماثيل التي صنعت لهم خصيصا، التي تعتبر مميزة للغاية هذه المرة.