توجه فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، صباح اليوم الأربعاء، على رأس وفد أزهرى رفيع المستوى، إلى مقر الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، لتهنئة قداسة البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، والإخوة الأقباط بعيد الميلاد المجيد.
ضم الوفد كل من: وزير الأوقاف، الدكتور محمد مختار جمعة، والدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية الكاتدرائية بالعباسية، لتهنئة قداسة البابا تواضروس، بابا الإسكندرية، وبطريرك الكرازة المرقسية، وسائر قيادات الكنيسة المصرية بالعام الميلادى الجديد.
وأعرب فضيلة الإمام الأكبر عن خالص تهانيه لقداسة البابا تواضروس، وجميع الإخوة المسيحيين بمناسبة عيد الميلاد المجيد، كما قدم التهنئة بمناسبة المقر الجديد للكاتدرائية فى العاصمة الإدارية، مؤكدًا أن مشاعر التراحم والود، والزيارات المتبادلة بين المسلمين والمسيحيين، نابعة من تعاليم الدين الإسلامى الحنيف الذى يفرض على المسلم أن يتواصل مع أخيه فى الوطن.
وأكد فضيلة الإمام الأكبر أن الأزهر يعلم أبناءه أن الأديان السماوية تنبع من مصدر إلهى واحد، وأن جميع الأنبياء إخوة، وأن الدين الإسلامى الخاتم ليس منفصلًا عن باقى الأديان، وإنما حلقة فى سلسلة الدين الإلهى، مبينًا أن هذه المفاهيم هى التى حمت المجتمعات فى المشرق العربى من الصراعات الدينية بين مكوناتها المختلفة.
من جانبه أعرب قداسة البابا تواضروس الثانى، عن ترحيبه وخالص شكره وتقديره للتهنئة القلبية الصادقة من فضيلة الإمام الأكبر والوفد المرافق له، موضحًا أن مشاعر الحب والود المتبادلة هى نعمة من الله على الشعب المصرى، وتأتى الأعياد والمناسبات الإسلامية والمسيحية كفرصة لإظهار هذه النعمة.
وأشار البابا تواضروس، إلى أن تعاليم السيد المسيح كلها تدعو للمحبة للآخرين، وهذه المحبة تنشر الفرح والسعادة فى المجتمع، وهو ما يعنى أن يسود السلام النفسى والمجتمعى، ولذلك فإن زيارات فضيلة الإمام الأكبر للكاتدرائية فى مختلف المناسبات تسهم فى نشر الفرح والسلام والسعادة فى المجتمع المصرى.
وقال قداسة البابا تواضروس الثانى خلال استقبال الوفد الأزهرى المهنئ بالعيد: نرحب بفضيلة الإمام وفضيلة المفتى ووزير الأوقاف وكل ضيوفنا الأعزاء. فى بداية عام جديد نستبشر خيرًا بالتهنئة المعتادة لفضيلة الإمام وكل ضيوفنا
الكرام، ونشكر الله على كل نعمه وعطاياه الكثيرة، دائمًا البداية الجديدة تعطى الإنسان معنى فى العمل والدراسة، كل يوم هناك نهار جديد يأتى بعد الليل وتشرق الشمس بأمل جديد ونهار جديد الله يعطينا بركات عديدة يعطى المحبة والفرح والسلام.
الأمر الأول: المحبة: وهى التى تدوم مع الإنسان، فكل أعمال الإنسان تزول إلى تراب، إلا المحبة فهى التى تستمر مع الإنسان حتى النهاية، الله خلق الإنسان ليكون محبًّا ومحبوبًا، ونحن نشكر الله الذى أعطانا المحبة بيننا وبعضنا
البعض، المحبة فى القلوب والكلمات والمعاملات بينما الحضور للتهنئة بالأعياد فرصة طيبة لإظهار هذه المشاعر، وحسب وصية السيد المسيح "أحبوا" ووصلت الوصية حتى إلى محبة الأعداء، وفى المفهوم المسيحى ليس لنا عدو إلا الشيطان.
ثانى النعم: هى الفرح، الإنسان كائن اجتماعى سواء فى مجتمع صغير مثل الأسرة أو فى مجتمع كبير مثل الوطن أو الإنسانية عموما، فرح الإنسان لا يكتمل إلا بوجوده فى وسط الآخرين، وتسرى فى عروق الإنسان هذه
المحبة المنعشة، وغياب الفرح يصيب الإنسان بالكآبة، والمحبة تنشئ هذا الفرح فى المسيحية وصية الفرح مثل وصية الصلاة، والإنجيل يعلمنا أن نصلى كل حين ويقول أيضًا افرحوا فى كل حين، فالإنسان يجب أن يكون مفرحًا.
النعمة الثالثة: هى السلام، فالمحبة تنشئ الفرح والفرح ينشئ السلام، سلام الإنسان مع نفسه وبدون صراعات ويحب الناس ويتعامل معهم ويستطيع أن يصنع سلامًا، والأعياد نداء لصنع السلام، والأمر الوحيد الذى ينزع السلام هو الخطية فالخطية تشعر الإنسان بالذنب وتمنع السلام، وعندما يتوب يتخلص من الشعور بالذنب، والإنجيل يقول طوبى لصانعى السلام لأنهم أبناء الله يدعون.
محبتكم أشعر بها فى قلبى ووجودكم معنا يعطينا فرحًا، وأيضًا أن نكون دعاة للسلام. باسم الكنيسة ومجمعها المقدس والهيئات الكنسية وكل الآباء نقدم لكم الشكر ونصلى أن يعطينا الله الروح الطيبة من قلوبنا لنقدمها لكل أحد.
من جانبه، قال الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، إن تهنئة أشقاء الوطن بأعيادهم بر وقسط ووطنية، وأن مثل هذه الزيارة أبلغ رد عملى على الجاهلين والمتشددين، سائلا الله العلى
العظيم أن يجعل هذا العام عام 2019م عام أمن وأمان واستقرار ورقى وازدهار لمصرنا الغالية وسائر بلاد العالمين، معربًا عن ارتياحه الشديد لهذه الروح الوطنية العالية المتدفقة التى
تسرى بين أبناء هذا الوطن وأشقائه مما يعد أنموذجًا راقيًا يحتذى به لتحقيق وترسيخ أسس المواطنة المتكافئة بين أبناء الوطن الواحد دون تمييز على أساس الدين أو اللون أو الجنس أو العرق.