أعربت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، أمس الخميس، عن قلقها إزاء الحكم الصادر من محكمة جنح أطفيح بمحافظة الجيزة في القضية رقم 11359 لسنة 2017، بشأن وقائع الاعتداء على كنيسة الأمير تادرس بقرية كفر الواصلين بمركز أطفيح، والقاضي بحبس 19 متهمًا مسلمًا لمدة عام مع إيقاف التنفيذ وغرامة 500 جنيه، وتغريم مواطن قبطي 360 ألف جنيه.
وقالت المبادرة المصرية إن الحكم جاء متسقًا مع طريقة تعامل مؤسسات الدولة الأخرى مع هذه الأحداث، من حيث الاستجابة لمطالب بعض الأهالي بالقرية بغلق الكنيسة عقب الاعتداءات بحجة
أنها غير مرخصة، وبالمخالفة لقانون بناء الكنائس، وكذلك بالقبض على المالك السابق للأرض المقامة عليها الكنيسة، التي باعها في العام 2014 إلى مطرانية أطفيح والصف، ثم إحالته إلى
المحاكمة بتهمة البناء بدون ترخيص، وعدم قبول تدخل مطرانية أطفيح والصف في القضية، بالرغم من تقديم مستندات الملكية، وما يفيد بتقديم أوراق الكنيسة ضمن ملف الكنائس المقدمة
للجنة الوزارية لتوفيق الكنائس المشكلة طبقًا لأحكام القانون رقم 80 لسنة 2016 بشأن ترميم وبناء الكنائس وقرار رئيس الوزراء رقم 199 لسنة 2017 بشأن تشكيل اللجنة المذكورة، من أجل توفيق أوضاعها.
كانت كنيسة الأمير تادرس في قرية كفر الواصلين قد تعرضت، يوم 22 ديسمبر 2017، للاعتداء والتخريب على أيدي المئات من مسلمي القرية، بعد انتهاء صلاة الجمعة، وذلك في ظل غياب الأمن تمامًا، وهم يرددون هتافات دينية وأخرى عدائية ضد الأقباط، تطالب بهدم الكنيسة، معللين ذلك بشروع الكنيسة في تركيب جرس، وهو ما يعترضون عليه.
وقد أحالت نيابة أطفيح 15 متهمًا محبوسًا و4 هاربين من الجانب المسلم للمحاكمة، ووجهت لهم اتهامات التجمهر واستغلال الدين بقصد الإثارة، والصياح لإثارة الفتن الطائفية مما ترتب
عليه الإضرار بالوحدة الوطنية، والإتلاف العمدي للممتلكات، ودخول عقار بقصد ارتكاب جريمة، والاعتداء بالضرب على المجني عليه عيد عطية، والذي أحيل إلى المحاكمة أيضًا كمتهم
بإنشاء مبنى دون ترخيص بالمخالفة للقانون، وإدارة منشأة حضانة أطفال قبل الحصول من الجهة المختصة على التراخيص اللازمة لذلك. كما أحيل متهم حدث مسلم لمحاكمته أمام محكمة الطفل للاختصاص.
وأوضحت المبادرة المصرية أن القانون رقم 80 لسنة 2016 بشأن بناء وترميم الكنائس وملحقاته الصادر في 28 سبتمبر 2016، وقرار رئيس الوزراء رقم 199 لسنة 2017 بشأن تشكيل لجنة توفيق أوضاع الكنائس الصادر في 26 يناير 2017، أكدا
على عدم غلق أية كنائس غير مرخصة طالما تجرى فيها الصلوات الدينية بغض النظر عن تحقيق شروط توفيق الأوضاع من عدمه، وهو ما لم تلتزم به جهة الإدارة التي أغلقت الكنيسة بحجة عدم وجود ترخيص رسمي، وكذلك نيابة أطفيح
التي استبعدت تهمة الاعتداء على منشأة دينية من الاتهامات الموجهة للمتهمين، وهو ما يؤكد فشل قانون بناء وترميم الكنائس في حل مشكلة التوترات والاعتداءات الطائفية المرتبطة ببناء وترميم الكنائس والمباني الدينية.
وقال إسحق إبراهيم مسئول حرية الدين والمعتقد بالمبادرة المصرية: كنيسة كفر الواصلين كانت معروفة للجهات الأمنية وللأهالي منذ سنوات طويلة، وقدمت أوراقها للجنة توفيق أوضاع الكنائس، والاعتداءات بدأت إثر شائعة
تركيب جرس عليها، وبالرغم من كل هذا تعاملت أجهزة الدولة مع المبنى على أنه مبنى عادي وليس كنيسة من أجل غلقها بشكل نهائي. مشكلة كنيسة كفر الواصلين مرشحة للتكرار، في ظل قانون بناء الكنائس الحالي، حيث أدت الصياغات
المعقدة للقانون لسد الباب أمام التكيف مع المعوقات السابقة، عبر الصلاة في المنازل ثم تحويلها إلى كنائس، وكذلك افتعال مشاكل من أجل منع ممارسة المسيحيين للشعائر الدينية والصلاة الجماعية في الكنائس غير المرخصة أو المنازل.
وطالبت المبادرة المصرية بإعادة التحقيقات في وقائع الاعتداءات على كنيسة الأمير تادرس بقرية كفر الواصلين باعتبارها اعتداء على دور عبادة وإتلاف محتوياتها، مع إعادة فتح الكنيسة والسماح بممارسة الشعائر الدينية بداخلها.
كما تطالب المبادرة بسرعة الانتهاء من ترخيص كل الكنائس التي قدمت أوراقها إلى لجنة توفيق الأوضاع بدون النظر إلى تحقق الشروط الواردة في القانون من عدمه، مع إجراء تعديلات جوهرية على القانون الجديد المنظم لبناء الكنائس، انطلاقًا من أرضية المساواة التامة بين المصريين في الحق في ممارسة شعائرهم الدينية.