مصراوى
| 28 ديسمبر 2024ماذا ينتظر المسيحيون فى سوريا؟
بقلم د. ســامـح فــوزياحتفل مسيحيو سوريا بعيد الميلاد فى أجواء مختلفة لم يعتادوا عليها من قبل. فلم يعد نظام بشار الأسد الذى كان يٌشعرهم بالحماية قائمًا، حتى وإن كانوا يدركون فى قرارة نفوسهم أن حمايتهم كانت مقابل الولاء الكامل له، ومن كان يفكر منهم فى الالتحاق بصفوف المعارضة مثل ميشيل كيلو وجورج صبرا يدفع ثمنًا باهظًا مثل غيره من السوريين المعارضين، ولكن ماذا عن الوضع الراهن بالنسبة لهم؟
هناك قنوات إعلامية عربية تؤيد ما حدث فى سوريا سعت فى تغطية احتفالات المسيحيين السوريين بعيد الميلاد إلى ابراز صورة منقوصة عن مشاعر البهجة التى يعيشونها، ونقلت أحدها عن مصدر يقول إن العيد عيدان، سقوط بشار الأسد، وعيد الميلاد. لا أظن أن هذه صورة واقعية فى مجملها، لأن الأحداث والأحاديث تشير إلى واقع مغاير.
مع سقوط المدن السورية واحدة تلو الأخرى فى يد هيئة تحرير الشام، خشى المسيحيون مما قد يواجهونه من تهديد وجودي، حيث لا تزال ذكريات داعش واخواتها فى العراق وسوريا ماثلة فى الأذهان. كانت الرسالة التى تلقاها المسيحيون من القادة الميدانيين فى إدارة العمليات العسكرية الذين سيطروا على أحياء المدن المختلفة أن يمارسوا شعائرهم كالمعتاد. هدأت المخاوف قليلا، ولكن ما لبث أن تشكلت حكومة مؤقتة من لون واحد، لم يوجد بها مسيحي، و تلاحقت أحداث وصفت بالفردية، مثل تحطيم محتويات كنيسة ومقابر مسيحية ثم حرق شجرة الميلاد بالقرب من حماة، وما أعقبها من مظاهرات من المسيحيين، سبقتها مظاهرات من تيارات مدنية ضد تصريحات عبيدة الارناؤوط أحد قياديى إدارة العمليات العسكريةالتى فى مجملها سلبية ضد مشاركة المرأة.
فى رسالة مهمة للبطريرك يوحنا العاشر بطريرك انطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس منذ نحو أسبوعين تحدث بوضوح دون مواربة عن أن المسيحيين هم شركاء المسلمين فى صنع مستقبل سوريا، ولا مجال لطرف يعطى ضمانات وحقوق للطرف الآخر، بل كل السوريين مواطنون فى دولة مدنية تقوم على المواطنة، وحقوقا الإنسان، وشغل الوظائف العامة على أساس الكفاءة. وتساءل: هل سوف يشارك جميع السوريين فى صناعة الدستور، أم سوف يعبر عن فصيل واحد؟
يٌعد هذا السؤال لٌب القضية، لأن هناك نهجًا تتبعه هيئة تحرير الشام يحيل الإجابة عن كل الأسئلة الشائكةإلى الدستور المقبل، دون أن توضح الآلية التى سوف يٌصنع بها. واللافت أن أحمد الشرع كان حاسمًا فى الحوار الذى أدلى به إلى بى بى سي مؤخرا عندما تعرض إلى الموقف من تركيا وإسرائيل، مبررا توغل تركيا فى الأراضى السورية بالحفاظ على أمنها القومي، وكذلك إسرائيل، الذى وصف أسباب احتلالها لأراض سورية بالمخاوف الأمنية لديها. وأعتبر أن سوريا فى المستقبل لن تكون مصدر تهديد لاسرائيل. الحسم والوضوح فى الحديث عن إسرائيل، لم يتحدث به عندما سٌئل عن حقوق المرأة والأقليات وخلافه، مكتفيًا بخطاب التطمينات، والإحالة إلى الدستور القادم.
ويظل السؤال: هل تستطيع هيئة تحرير الشام، بما لها من خلفيات أيديولوجية جهادية أن تقدم طبعة مختلفة من الإسلام السياسى فى تعامله مع المسيحيين تختلف عما شاهدناه فى تجربة حكم الإخوان فى مصر، وعمر البشير فى السودان، وممارسات التنظيمات الإسلامية، مثل داعش وغيرها حيال المختلف معهم دينيا ومذهبيا؟
نسمع خطابًا يتردد صداه غربيا وعربيا مفاده دعونا ننتظر لنري، والأهم هو الأفعال وليست الأقوال، وهو ترديد مباشر لما سبق أن ذكره أحمد الشرع نفسه فى حديث له مع سى إن إن قبل أن تصل قواته إلى دمشق. ورغم إقبال ممثلى هيئة تحرير الشام على طمأنة المسيحيين، لا تزال المخاوف قائمة، لأن المسيحيين لا يريدون تطمينات، ولكن يتطلعون إلى دولة وطنية ديمقراطية حديثة، عمادها مبدأ المواطنة. بالطبع قد يكون الدعم الغربى الموعود للإدارة الجديدة باعثا لها على حسن معاملة المسيحيين والنساء والأقليات العرقية، لاسيما أن الدول الغربية تعتبر ذلك مؤشرًا على جودة الحكم من عدمه. ورغم ذلك فإن التجربة تشير إلى صعوبة تخلى التنظيمات الجهادية عن معتقداتها، حتى وإن كانت الإدارة، أو الاشخاص المتنفذون فيها يرغبون فى ذلك- برجماتيا أو تكتيكيا-لأن الجسم الأساسى المكون لها قد يكون عائقًا، ويفرض قناعاته على مؤسسات الدولة،وينفلت بسلاحه، وتلتهب معه الأوضاع فى ظل تعدد المليشيات، واختلاف توجهاتها، وتظل الإشكالية الرئيسية ليست فى الضمانات التى تٌقدم للمسيحيين بوصفهم رعايا أو ذميين بصفة مواطن، ولكن فى إقامة دولة وطنية حديثة يعيش الجميع فيها مواطنين، أيا كانت معتقداتهم الدينية أو خلفياتهم الطائفية.
هناك قنوات إعلامية عربية تؤيد ما حدث فى سوريا سعت فى تغطية احتفالات المسيحيين السوريين بعيد الميلاد إلى ابراز صورة منقوصة عن مشاعر البهجة التى يعيشونها، ونقلت أحدها عن مصدر يقول إن العيد عيدان، سقوط بشار الأسد، وعيد الميلاد. لا أظن أن هذه صورة واقعية فى مجملها، لأن الأحداث والأحاديث تشير إلى واقع مغاير.
مع سقوط المدن السورية واحدة تلو الأخرى فى يد هيئة تحرير الشام، خشى المسيحيون مما قد يواجهونه من تهديد وجودي، حيث لا تزال ذكريات داعش واخواتها فى العراق وسوريا ماثلة فى الأذهان. كانت الرسالة التى تلقاها المسيحيون من القادة الميدانيين فى إدارة العمليات العسكرية الذين سيطروا على أحياء المدن المختلفة أن يمارسوا شعائرهم كالمعتاد. هدأت المخاوف قليلا، ولكن ما لبث أن تشكلت حكومة مؤقتة من لون واحد، لم يوجد بها مسيحي، و تلاحقت أحداث وصفت بالفردية، مثل تحطيم محتويات كنيسة ومقابر مسيحية ثم حرق شجرة الميلاد بالقرب من حماة، وما أعقبها من مظاهرات من المسيحيين، سبقتها مظاهرات من تيارات مدنية ضد تصريحات عبيدة الارناؤوط أحد قياديى إدارة العمليات العسكريةالتى فى مجملها سلبية ضد مشاركة المرأة.
فى رسالة مهمة للبطريرك يوحنا العاشر بطريرك انطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس منذ نحو أسبوعين تحدث بوضوح دون مواربة عن أن المسيحيين هم شركاء المسلمين فى صنع مستقبل سوريا، ولا مجال لطرف يعطى ضمانات وحقوق للطرف الآخر، بل كل السوريين مواطنون فى دولة مدنية تقوم على المواطنة، وحقوقا الإنسان، وشغل الوظائف العامة على أساس الكفاءة. وتساءل: هل سوف يشارك جميع السوريين فى صناعة الدستور، أم سوف يعبر عن فصيل واحد؟
يٌعد هذا السؤال لٌب القضية، لأن هناك نهجًا تتبعه هيئة تحرير الشام يحيل الإجابة عن كل الأسئلة الشائكةإلى الدستور المقبل، دون أن توضح الآلية التى سوف يٌصنع بها. واللافت أن أحمد الشرع كان حاسمًا فى الحوار الذى أدلى به إلى بى بى سي مؤخرا عندما تعرض إلى الموقف من تركيا وإسرائيل، مبررا توغل تركيا فى الأراضى السورية بالحفاظ على أمنها القومي، وكذلك إسرائيل، الذى وصف أسباب احتلالها لأراض سورية بالمخاوف الأمنية لديها. وأعتبر أن سوريا فى المستقبل لن تكون مصدر تهديد لاسرائيل. الحسم والوضوح فى الحديث عن إسرائيل، لم يتحدث به عندما سٌئل عن حقوق المرأة والأقليات وخلافه، مكتفيًا بخطاب التطمينات، والإحالة إلى الدستور القادم.
ويظل السؤال: هل تستطيع هيئة تحرير الشام، بما لها من خلفيات أيديولوجية جهادية أن تقدم طبعة مختلفة من الإسلام السياسى فى تعامله مع المسيحيين تختلف عما شاهدناه فى تجربة حكم الإخوان فى مصر، وعمر البشير فى السودان، وممارسات التنظيمات الإسلامية، مثل داعش وغيرها حيال المختلف معهم دينيا ومذهبيا؟
نسمع خطابًا يتردد صداه غربيا وعربيا مفاده دعونا ننتظر لنري، والأهم هو الأفعال وليست الأقوال، وهو ترديد مباشر لما سبق أن ذكره أحمد الشرع نفسه فى حديث له مع سى إن إن قبل أن تصل قواته إلى دمشق. ورغم إقبال ممثلى هيئة تحرير الشام على طمأنة المسيحيين، لا تزال المخاوف قائمة، لأن المسيحيين لا يريدون تطمينات، ولكن يتطلعون إلى دولة وطنية ديمقراطية حديثة، عمادها مبدأ المواطنة. بالطبع قد يكون الدعم الغربى الموعود للإدارة الجديدة باعثا لها على حسن معاملة المسيحيين والنساء والأقليات العرقية، لاسيما أن الدول الغربية تعتبر ذلك مؤشرًا على جودة الحكم من عدمه. ورغم ذلك فإن التجربة تشير إلى صعوبة تخلى التنظيمات الجهادية عن معتقداتها، حتى وإن كانت الإدارة، أو الاشخاص المتنفذون فيها يرغبون فى ذلك- برجماتيا أو تكتيكيا-لأن الجسم الأساسى المكون لها قد يكون عائقًا، ويفرض قناعاته على مؤسسات الدولة،وينفلت بسلاحه، وتلتهب معه الأوضاع فى ظل تعدد المليشيات، واختلاف توجهاتها، وتظل الإشكالية الرئيسية ليست فى الضمانات التى تٌقدم للمسيحيين بوصفهم رعايا أو ذميين بصفة مواطن، ولكن فى إقامة دولة وطنية حديثة يعيش الجميع فيها مواطنين، أيا كانت معتقداتهم الدينية أو خلفياتهم الطائفية.