القائمة الأقباط اليوم أبحث
أهم الأخبار

خميس العهد بين العشاء الأخير وتأسيس الإفخارستيا.. فهم لاهوتي ودحض المفاهيم الخاطئة

في كل عام، تثار تساؤلات كثيرة حول أحداث يوم الخميس العظيم، المعروف بخميس العهد، وتحديدًا حول توقيت تناول التلاميذ جسد ودم الرب يسوع المسيح بعد العشاء. من بين هذه التساؤلات، اعتقاد شائع يقول إن التلاميذ تناولوا طعامهم اليومي قبل أن يقدم لهم الرب جسده ودمه، ويستند البعض في ذلك إلى ما يُتلى في القداس الإلهي: "وكذلك الكأس بعد العشاء قائلاً: اشربوا منها كلكم، هذا هو دمي."

خميس العهد بين العشاء الأخير وتأسيس الإفخارستيا.. فهم لاهوتي ودحض المفاهيم الخاطئة

لكن بقراءة دقيقة للنصوص الإنجيلية يتضح أن الأمر مختلف تمامًا، وأن فهم الكنيسة لهذا الحدث يرتكز على خلفية لاهوتية وروحية أعمق، تتجاوز التفسير الحرفي للنص.

في روايات الأناجيل عن أحداث خميس العهد، يُوضح الإنجيلي لوقا أن هذا اليوم كان ضمن طقوس عيد الفصح اليهودي، ويصف المشهد قائلاً: "وجاء يوم الفطير الذي كان ينبغي أن يُذبح فيه الفصح." ويُشير إلى أن الرب لم يشارك التلاميذ الأكل من فطير الفصح اليهودي، بل قال: "شهوة اشتهيت أن آكل هذا الفصح معكم قبل أن أتألم... لأني لا آكل منه بعد حتى يُكمل في ملكوت الله."

كذلك، رفض الرب الشرب من كأس الفصح التقليدي، وأكد لتلاميذه أن اكتمال ملكوت الله سيتم بذبيحته على الصليب، لا بعشاء الفصح اليهودي. وهنا تأتي لحظة التأسيس الحقيقي لسر الشكر (الإفخارستيا) عندما أخذ الخبز وكسره قائلاً: "هذا هو جسدي الذي يُبذل عنكم، اصنعوا هذا لذكري." ثم قدم لهم الكأس قائلاً: "هذه الكأس هي العهد الجديد بدمي الذي يُسفك عنكم."

إذًا، التلاميذ لم يتناولوا طعامًا عاديًا قبل سر الشكر، بل تم تأسيس طقس إلهي جديد، يُستكمل في كل قداس إلهي عندما يجتمع المؤمنون حول المذبح ليعيشوا نفس اللحظة بتذكار فعلي حي لذبيحة الصليب.


وبالعودة إلى تقليد الكنيسة الأولى، نرى أن التلاميذ مارسوا هذا السر وهم صائمون، وظل الشعب المؤمن منذ ذلك الحين يستعد للتناول بالصوم والصلاة، بحسب ما تسلمته الكنيسة من الرسل.

هكذا تؤكد النصوص أن سر الشكر تأسس في خميس العهد كطقس روحي سماوي، لا كعشاء يومي، وأن ما ورد عن "العشاء" هو تعبير لاهوتي يشير للسر العظيم الذي أسسه المسيح، وليس لوجبة طعام تقليدية.

أقباط متحدون
16 ابريل 2025 |