تشهد الأقلية المسيحية في سوريا مرحلة حرجة من القلق والريبة وسط التغيرات السياسية التي تعصف بالبلاد، لا سيما بعد سيطرة هيئة تحرير الشام الإسلامية على الحكم في ديسمبر 2024 وسقوط نظام بشار الأسد.

وعلى الرغم من وعود القيادة الجديدة باحترام التعدد الديني، فإن المسيحيين يعيشون مخاوف حقيقية، متأثرة باعتداءات فردية ضد رموزهم الدينية، وتاريخ من التجاهل الرسمي لهم خلال النزاع السوري.
وهنا نورد أرقام وإحصائيات توضح التراجع الحاد في الوجود المسيحي في سوريا
• قبل اندلاع الثورة السورية في عام 2011، كان عدد المسيحيين في سوريا يُقدر بنحو 1.5 إلى 2 مليون نسمة، أي ما يعادل نحو 10% من سكان البلاد.
• بحسب تقديرات منظمات حقوقية دولية، لم يتبق اليوم في الداخل السوري سوى 300 إلى 500 ألف مسيحي، أي أقل من 3% من السكان، نتيجة الهجرة، النزوح، أو الوفاة.
• تتوزع الطوائف المسيحية السورية على 11 طائفة معترف بها، أبرزها الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية، والروم الملكيين الكاثوليك المرتبطة بالفاتيكان.
• تشير تقارير المعارضة إلى أن آلاف المسيحيين اعتُقلوا بعد 2011، معظمهم من الشباب، بسبب مشاركتهم في الاحتجاجات أو تعبيرهم عن آرائهم المعارضة للنظام.
ويشعر كثير من المسيحيين، داخل سوريا وخارجها، بخيبة أمل كبيرة من مواقف قياداتهم الدينية خلال السنوات الماضية. إذ دعمت أغلب الكنائس النظام السابق ووقفت إلى جانبه، وروّجت لصورة بشار الأسد باعتباره “حامي الأقليات”، في وقت كانت تُلقى فيه البراميل المتفجرة على مدن مثل حلب، ويُعتقل الشباب في الأقبية دون تمييز ديني.
يقول الدكتور أسعد إلياس قطان، لاهوتي سرياني أرثوذكسي وأستاذ في جامعة مونستر الألمانية:
“لم يكن أحد يتوقع من رجال الدين أن يواجهوا النظام صراحة، ولكن كان من الممكن أن يبتعدوا عنه أخلاقيًا، بدلًا من تبريره أو الترويج له في الغرب.”
كما انتقد الدكتور نجيب جورج عواد، اللاهوتي البروتستانتي السوري وأستاذ في جامعة بون الألمانية، ما وصفه بـ”تحول الكنائس إلى أدوات علاقات عامة بيد النظام”، معتبرًا أن الكنيسة تخلت عن جزء من أبنائها وساهمت في تزييف صورة النظام أمام العالم.
في الحاضر؛ وعلي الرغم من نفي هيئة تحرير الشام لأي نية لاستهداف الأقليات، وتأكيدها على محاسبة المسؤولين عن الاعتداءات، إلا أن الهجمات الفردية – مثل إحراق شجرة عيد الميلاد في حلب، ومهاجمة مطرانية الأرثوذكس في حماة – تزيد من حدة التوتر.
وفي ظل هذه المعطيات، يطالب العديد من النشطاء بإعادة تقييم دور الكنيسة، والاعتراف بمسؤوليتها الأخلاقية، ومحاسبة بعض القساوسة الذين وردت تقارير عن تعاونهم مع أجهزة الأمن ضد ناشطين مسيحيين خلال السنوات الماضية.