منذ الأزل، كانت الأرض الفلسطينية مهدا للرسالات السماوية، منبعا للنور الإلهي الذي شع على العالم بأسره. وعلى ترابها المقدس، خطا الأنبياء، ورفرفت رايات السلام والمحبة. غير أن هذه الأرض، التي لطالما كانت رمزا للتسامح والتعايش، تواجه اليوم واحدة من أشد الأزمات في تاريخها، حيث تلوح في الأفق نذر تهجير قسري يهدد هوية شعبها وحقوقه المشروعة.
فكرة تهجير الفلسطينيين من أرضهم ليست مجرد مقترح سياسي عابر، بل هي جريمة أخلاقية وإنسانية تتناقض مع كل القيم الدينية والحقوقية التي نادى بها الضمير العالمي.
وفي هذا السياق، لم تكن الكنائس المصرية بمعزل عن هذا التحدي الأخلاقي، بل ارتفع صوتها عاليا، مجددا عهدها بالدفاع عن العدالة والحقوق الإنسانية، ومؤكدة أن القضية الفلسطينية ليست مجرد شأن سياسي، بل هي اختبار لقيم العالم بأسره.
وفي لحظة تاريخية فارقة، تقف الكنائس المصرية، بكل طوائفها، صفا واحدا في وجه الظلم، معلنة أن التهجير القسري جريمة لا يمكن السكوت عنها، وأن الحق الفلسطيني ثابت لا يسقط بمرور الزمن أو بتغير الظروف السياسية.
هذا الرفض القاطع من الكنائس ليس مجرد موقف ديني أو وطني، بل هو صرخة ضمير عالمي، تدعو إلى إيقاف المخططات التي تهدف إلى محو هوية شعب عريق، وتجريده من أرضه وحقوقه. إنه نداء موجه إلى كل إنسان حر، بأن العدل لا يجزأ، والحق لا يباع، والكرامة لا تساوم عليها.
الكنيسة الأرثوذكسية، موقف ثابت ضد التهجير
في بيان واضح وصريح، أعربت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، برئاسة قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، عن رفضها التام لأي مخطط يهدف إلى اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم.
وأكدت الكنيسة دعمها الكامل لموقف الدولة المصرية الرافض لمثل هذه الطروحات، مشددة على أن التهجير ليس مجرد اعتداء على الفلسطينيين، بل هو أيضا تهديد مباشر للأمن القومي المصري.
وأضافت الكنيسة أن قبول فكرة التهجير يعني إهدارا للقضية الفلسطينية وشرعنة للظلم، وهو أمر لن تقبله مصر، دولة وشعبا.
ودعت الكنيسة المجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف حازم تجاه هذا المقترح الظالم، والعمل على دعم الحق التاريخي للشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، باعتبار ذلك السبيل الوحيد لإحلال السلام العادل والدائم.
الطائفة الإنجيلية، رفض قاطع لمخالفة القانون الدولي
وفي موقف مماثل، أعلنت الطائفة الإنجيلية بمصر، برئاسة الدكتور القس أندريه زكي، تأييدها للموقف المصري، مؤكدة أن مقترحات التهجير الأخيرة تمثل انتهاكا صارخا لمبادئ القانون الدولي والإنساني.
وأشار القس أندريه زكي إلى أن فرض التهجير القسري على الشعب الفلسطيني لا يعكس سوى رغبة في تصفية القضية الفلسطينية، بدلًا من السعي لحلها عبر الطرق الدبلوماسية العادلة.
وأكد أن تنفيذ مثل هذه المخططات لن يؤدي إلا إلى مزيد من التوترات الإقليمية، وتعميق الأزمة، وتقويض جهود السلام.
وأشادت الطائفة الإنجيلية بالدور الريادي لمصر في دعم الشعب الفلسطيني والدفاع عن حقوقه، داعية المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته، وعدم السماح بتمرير حلول تفتقر إلى العدالة والاستدامة.
الكنيسة الكاثوليكية، التهجير يناقض رسالة السلام
من جهتها، أعربت الكنيسة الكاثوليكية في مصر، برئاسة البطريرك الأنبا إبراهيم إسحق، عن دعمها الكامل لموقف الدولة المصرية الرافض لمخططات التهجير، مؤكدة أن إجبار شعب على مغادرة وطنه بالقوة يتناقض مع كل المبادئ الإنسانية والدينية.
وأكدت الكنيسة الكاثوليكية أن الحل السلمي القائم على العدالة هو السبيل الوحيد لإنهاء هذا الصراع، داعية جميع الأطراف الدولية والإقليمية إلى العمل الجاد لتحقيق سلامٍ عادلٍ يحترم حقوق الإنسان وكرامته.
كما شددت على أهمية الصلاة من أجل أن يعمّ السلام الحقيقي، الذي لا يقوم على الظلم والقهر، بل على العدالة والمساواة.