كبدت حماس جيش الاحتلال خسائر إضافية محققة باستعراض تسليم المجندات الأسرى الأربع.
استعراض قوة بامتياز، وحضور لافت على الأرض، والسلاح فى أكتاف المقاومين رمزية عسكرية، رسالة بعلم الوصول، الحرب لم تنته بعد، هدنة تعقبها جولة جديدة من الحرب ولو بعد حين.
الهتافات الصاخبة تدوى فى ميدان فلسطين، تشحذ عزم المقاومة، واللافتات تحمل رفضًا للاستسلام، أعلام حماس المرفوعة تخزق عين نتنياهو الذى يتدارى من الخجل السياسى بعد إخفاق عسكرى يلخصه المشهد الحمساوى الاستعراضى.
وسيتكرر المشهد كل يوم سبت، والسبت فى سياق العقيدة اليهودية هو يومٌ مُخصص للراحة والعبادة، فبحسب الإصحاح العشرين من سفر الخروج أن الله أتاح لبنى إسرائيل العمل كل أيام الأسبوع عدا السبت، حيث أمرهم بتقديسه والتفرغ فيه لعبادته، لأن الله بحسب العقيدة اليهودية قد خلق الكون فى ستة أيام، وانتهى من الخلق يوم الجمعة، وسَبَتَ يوم السبت.
تاليًا سيسمونه السبت الحزين، نحيب وبكاء عائلات الأسرى المستدام يقض مضجع نتنياهو، أخيرًا رضخ لمشيئة حماس رغم أنفه الأفطس، وبشروطها أوقف القتال على مضض، وتفرغ لمشاهدة استعراض تسليم الأسرى للصليب الأحمر فى وضح النهار، والشمس فى كبد السماء.
لم يستطع نتانيهو وجيشه تحريرهم بقوة السلاح والقصف المفرط، وقتل عشرات الآلاف من الأبرياء والنساء والأطفال، غزة دفعت ثمنًا فادحًا وخرجت عن بكرة أبيها لتودع أحزان شهور مضت بفرحة غامرة.
يا له من فشل ذريع مُنى به هذا المغرور، وغره بجيشه الغرور، فقعد ملومًا محسورًا، وكأنه يتجرع سمًا بطيئًا، يمزق أحشاءه ولا يقوى على الصراخ، يتميز من شدة الغيظ.
لحظات تسليم المجندات الأربع مرت ثقيلة على نتنياهو، أذاقته حماس الهوان باستعراض قوتها، علِّمت عليه، وجّهت إهانة بالغة لجيش الاحتلال وقادته ووزير دفاعه يسرائيل كاتس وهم يشاهدون مجنداتهم وهن يحيين الجماهير التى احتشدت لوداعهن من فوق منصة علت بها حماس فوق ظهر نتانيهو.
صورة ستظل عالقة فى ذهن نتنياهو، كابوس ثقيل، طويل ومتكرر، وستكرر كل يوم سبت حتى ينطبع فى أذهان جنود جيش الاحتلال مذلة وعارًا.
مثل هذه الصور التى ترسمها حماس كل سبت تطيّر النوم من أعين نتنياهو، ولا تستغرب أنه يود لو قصف الجمع الحاشد بطائراته، شيطانه الرجيم يوسوس له بمثل هذه حماقة، ولولا ظهور ترامب فى كابوسه المستدام لدك غزة كما دكها مرات سبقت.
نتنياهو لا يأبه بالأسرى ولا لعائلات الأسرى، لا يفقه سوى لغة القوة، تتملكه غطرسة، ويمقت حماس وجنسها والمقاومة جميعًا.. يود أن يقتل أسراهم فى السجون قبل أن يطلق سراحهم.
فارق أن تسلم حماس مجندات الجيش الاسرائيلى جهارًا نهارًا وفى استعراض حاشد يراه العالم أجمع، وبين إطلاق جيش الاحتلال الأسرى الفلسطينيين فى خفية ليلًا وتحت جنح الظلام.
نتنياهو يتخفى من فعلته السوداء، يتمنى أنه لا يرى هذا اليوم وكان نسيًا منسيًا، مشهد السبت، مشهد حمساوى بامتياز لن ينساه نتنياهو حيًّا سيطارده فى قبره، نتنياهو يخشى نهاية سياسية حزينة، ونهاية جنائية بائسة، لن يُرسم بطلًا قط فى أعين حاخامات اليهود ولن يدعوا له فى صلوات السبت.