ظهرت مذيعة مؤخراً على وسائل التواصل وهى فى حالة هلاوس وضلالات من مرض نفسى شديد وقاسٍ، وبعدها تهافتت المواقع عليها للحديث أمام الكاميرا واستغلال تلك الحالة للحصول على تريند ولايكات، وهذه جريمة مهنية وإنسانية، فظهور المريض النفسى وحديثه دون ضوابط أمام الكاميرا يمكن أن يحمل العديد من المخاطر التى تؤثر على المريض نفسه، والمجتمع، والصورة العامة للصحة النفسية، من أبرز هذه المخاطر:
1- الأضرار النفسية والاجتماعية للمريض:
- التعرض للوصمة الاجتماعية: قد يؤدى ظهور المريض إلى وصمة عار اجتماعية تزيد من عزلته ومعاناته النفسية.
- انتهاك الخصوصية: كشف المريض لمعلومات شخصية أو طبية أمام الكاميرا قد يُعرِّضه للإحراج أو الاستغلال.
- التدهور النفسى: إذا لم يكن المريض فى حالة مستقرة، فقد يؤدى ظهوره إلى تفاقم حالته بسبب الضغط الناتج عن النقد أو التفاعل السلبى.
- الإحساس بالندم لاحقاً: قد يندم المريض على الإفصاح عن معلومات شخصية أو حساسة بعد استعادة حالته الطبيعية.
2- التأثير السلبى على الجمهور:
- التأثير على صورة الصحة النفسية: إذا تحدّث المريض بشكل غير متزن أو فى سياق غير ملائم، فقد يعزز الصور النمطية السلبية عن المرضى النفسيين.
- انتشار معلومات مضللة: المريض قد ينقل أفكاراً أو مفاهيم غير صحيحة عن مرضه أو العلاج، مما يؤدى إلى انتشار مفاهيم خاطئة لدى الجمهور.
- إثارة القلق أو الهلع: إذا كانت تصريحات المريض تتضمن أفكاراً مثيرة للقلق أو غير منطقية، فقد تؤثر سلباً على المشاهدين.
3- استغلال المريض:
- استغلاله من قبَل وسائل الإعلام: قد تقوم بعض المنصات الإعلامية بعرض المريض لجذب المشاهدات دون مراعاة حالته الصحية أو حقوقه.
- التلاعب بالمريض: قد يتم دفع المريض للإدلاء بتصريحات تخدم أجندات معينة، مما يُعرِّضه للاستغلال.
4- التبعات القانونية:
- انتهاك القوانين الخاصة بالخصوصية: نشر أى مواد إعلامية دون موافقة المريض أو المسئولين عنه قانونياً قد يؤدى إلى ملاحقات قانونية.
- تحريض غير مباشر: تصريحات المريض غير المضبوطة قد تؤدى إلى سلوكيات غير مسئولة لدى البعض إذا فُهمت بشكل خاطئ.
5- عرقلة العلاج:
- تعقيد العلاقة مع المعالج: ظهور المريض وتناوله لمواضيع حساسة علناً قد يُعقّد خطة علاجه أو يُضعف الثقة بينه وبين معالجه.
- تشجيع على التصرفات الاندفاعية: قد يشعر المريض بالتشجيع على السلوكيات غير المنضبطة نتيجة الظهور الإعلامى.
ووفقاً لقانون رعاية المريض النفسى المصرى رقم 71 لسنة 2009 وتعديلاته، لا يوجد نص صريح يمنع ظهور المريض النفسى فى وسائل الإعلام، وهذا عيب خطير نرجو التنبه إليه.
ومع ذلك، يولى القانون أهمية كبيرة لحماية حقوق المريض النفسى، بما فى ذلك حقه فى الخصوصية وسرية المعلومات الشخصية والطبية، تنص المادة 36 من القانون على حق المريض فى حماية سرية المعلومات التى تتعلق به وبملفه الطبى وعدم إفشاء تلك المعلومات لغير الأغراض العلاجية إلا فى حالات محددة.
بناءً على ذلك، يجب على وسائل الإعلام توخى الحذر عند التعامل مع قضايا المرضى النفسيين، والامتناع عن نشر أى معلومات أو صور قد تكشف عن هوية المريض دون موافقته الصريحة.
يُفضَّل الحصول على موافقة خطية من المريض أو من يمثله قانونياً قبل ظهوره فى وسائل الإعلام، وذلك احتراماً لحقوقه وحفاظاً على خصوصيته.
بالإضافة إلى ذلك، تُنصح وسائل الإعلام بالالتزام بالمعايير الأخلاقية والمهنية عند تناول موضوعات تتعلق بالصحة النفسية، لتجنب الوصمة الاجتماعية وتعزيز الفهم الصحيح لهذه القضايا.
