القائمة الأقباط اليوم أبحث
أهم الأخبار

الأزهر والكنيسة و«الدين».. دروس غزة.. وتسليم وتسلم.. بقلم محمد السيد صالح

بقلم محمد السيد صالح

الأزهر والكنيسة.. والدين

وزير التربية والتعليم، محمد عبداللطيف، خلال ترويجه للمشروع المقترح لتطوير مادة التربية الدينية، صرح بأن الأزهر والكنيسة سيتوليان مسؤولية المناهج فى المراحل الدراسية المختلفة، بحيث يقوم الأزهر الشريف بوضع مناهج الدين الإسلامى،

الأزهر والكنيسة و«الدين».. دروس غزة.. وتسليم وتسلم.. بقلم  محمد السيد صالح

بينما مناهج مادة الدين المسيحى تقوم بوضعها الكنيسة.. والمنهجان يحملان كل القيم والأخلاقيات والمبادئ السامية وفقًا للإطار العام الذى حددته الوزارة. كما أكد أن الوزارة تعتزم تعديل القانون لإدخال مادة الدين فى المجموع كمادة أساسية.

تابعت كل ردود الفعل على تصريحات الوزير. الغالبية لا تؤيد خططه هذه، بل إن البعض حذر من تداعياتها وآثارها فى تأسيس أجيال متطرفة وتكرس الفرقة بين

أطياف المجتمع.

لكن من بين كل الأصوات المُعقِّبة على مقترحات الوزير، لم أرصد رأيًا مؤيدًا أو معارضًا من الأزهر أو الكنيسة.. وليت الإمام الأكبر، الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، والبابا تواضروس، بابا الإسكندرية، بطريرك الكنيسة

الأرثوذكسية، يوصيان بالتريث فى تنفيذ هذا الاقتراح.. أو رفضه تمامًا. خسائره المتوقعة أكثر من فوائده، ولن أتطرق إليها هنا.. لأن هناك مَن هو أعلم منى، وقد عدّدوا المشاكل المجتمعية العديدة التى ستخلقها مثل هذه الخطوة غير الرشيدة.

وفى ظنى أن الأزهر والكنيسة لا يتحمسان للخطوة، ولا توجد شواهد لدعمهما الوزير فى خططه بهذا الشأن. وقد بذلت جهدًا صحفيًّا محدودًا حول مناقشة الوزير للاقتراح مع المرجعين، فوجدت أن الوزير لم يقم بزيارة الكاتدرائية والالتقاء بالبابا تواضروس خلال الفترة الأخيرة.

اللقاء الوحيد بينهما منذ جاء عبداللطيف إلى منصبه حدث فى 23 سبتمبر من العام الماضى، وتطرق الحوار، وفقًا للبيان الرسمى الصادر عن وزارة التربية والتعليم، إلى موضوعات عامة مثل تطوير المنظومة

التعليمية واللحاق بالعالم.. ووضع منهج يضم القيم والمبادئ الدينية المشتركة ضمن مناهج التربية الدينية بهدف ترسيخ تلك القيم فى المجتمع. لم تكن حينها قد ظهرت خطط الوزير حول مناهج التربية الدينية بصيغتها

التى يروج لها.

أما زيارته لشيخ الأزهر، فى 2 يناير الماضى، فقد تطرق الحديث خلالها إلى عناوين عديدة، ضمنها تطوير مناهج اللغة العربية والتربية الدينية.. بما يحقق الأهداف المرجوة فى تنشئة جيل يتقن لغته الأم، وترسيخ قيم ومبادئ صحيح الدين الإسلامى.

لم يتطرق الأزهر الشريف حينها أو بعد ذلك إلى قضية اعتبار مادة التربية الدينية مادة أساسية وإضافتها إلى المجموع. وقد قلّبت فى مجلة صوت الأزهر، التى تصدرها المشيخة، ولاحظت أنها لم تتطرق إلى القضية من قريب أو بعيد، حتى مع احتدام الجدل والمناقشات الساخنة حولها.

فى ظنى أن القيادات والحكماء والعقلاء فى المؤسستين الدينيتين، ومعهما رموز دينية ومدنية، يعارضون هذه الخطوة. فى ذاكرتهم، وذاكرتنا أيضًا، تداعيات استخدام الدين بعيدًا عن منابره وقنواته الشرعية.. واستغلال البعض لذلك!.

دروس غزة

مازال قطاع غزة بأبطاله ومقاوميه يقدمون لنا وللعالم كله دروسًا عظيمة، رغم تدمير نحو 90% من مبانيه ومنشآته.. ومقتل وإصابة نحو 200 ألف من سكانه بفعل القصف الإسرائيلى الوحشى الذى استمر نحو 15 شهرًا، وتوقف الأحد الماضى.

وأنا شخصيًّا أرى أن عملية طوفان الأقصى يوم 7 أكتوبر 2023 وما تلاها كانت خطوة غير موفقة على المدى البعيد، وخسائرها أكثر من مكاسبها بكثير، وقادة المقاومة لم يقدروا للأمر وتداعياته القدر الصحيح، وتسببوا فى تدمير قطاع غزة وخسارة

الآلاف لأرواحهم.

وأن هناك تخطيطًا وتحريضًا إيرانيًّا وراء هذه الخطوة. ورغم هذا الموقف المبدئى، فقد أعجبتنى للغاية الطريقة التى خرجت بها الأسيرات الإسرائيليات الثلاث يوم

الأحد الماضى.

وسط كل هذا الحطام والدمار والسيطرة العسكرية الإسرائيلية الممتدة على مدار الشهور الماضية، وحملات التفتيش عن الأسرى فى كل متر مربع داخل القطاع، خرجت قافلة الأسيرات من المجهول محاطة بعشرات من عناصر حماس وهم ملثمون. تفوقت الوسائل البدائية

على التكنولوجيا الإسرائيلية المدعومة من الولايات المتحدة. فشلت كل وسائل الاستشعار والأقمار الصناعية فى الوصول إلى الأماكن التى خرجن منها. المشهد وكأنه أسطورة أو ملحمة غير واقعية. أين كُنَّ طوال هذه الفترة.. وأين البقية، الذين سيجرى تسليمهم

خلال الفترة المقبلة؟!.

والأهم أن المقاومين مازالوا على إيمانهم بقضيتهم وأرضهم. كل المؤشرات تؤكد أن المنضمين إلى المقاومة تضاعفت أعدادهم رغمًا عن القتل والقمع الإسرائيلى. مشهد عناصر القسام الملثمة يوم التسليم يؤكد ذلك. الخزان البشرى الفلسطينى الذى يضخ المقاومين مازال على عطائه، بل زادت النسبة خلال شهور المحنة. وهذا ما يُقلق إسرائيل. لقد أفزعهم استعراض حماس وجنودها على هامش تسليم الأسيرات.

قد تتوارى حماس أو تضعف قليلًا، أو تتغير المسميات، لكن المقاومة باقية، وفى صور أخطر وأشد ضراوة مادام بقاء الاحتلال، ورفضه الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى.

تسليم وتسلم

أنا غير متفائل بالرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى فترة ولايته التى بدأت قبل أيام. هو تجسيد حى لكل مبادئ وأفكار اليمين المتطرف، الذى عاد للرواج والانتشار فى الغرب. لكن عزاءنا أن كثيرًا من الوعود الساخنة، التى قدمها لناخبيه خلال حملته وفى خطاب التنصيب، ستضر بعلاقات بلده بشركائه فى الناتو وأوروبا

وأمريكا الشمالية والجنوبية والمنظمات الدولية الكبرى، أكثر مما تضر بنا هنا فى العالم العربى والشرق الأوسط.

وعلى الجانب الآخر، فإنه كان له تأثير إيجابى للغاية لتسريع توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس برعاية مصرية قطرية وأمريكية.. من خلال تهديداته العنيفة للجميع.

مع كل هذا، أعجبنى حفل التنصيب، والتسليم والتسلم بين الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن والرئيس المنتخب ترامب. رأيت فى المشهد درسًا إضافيًّا لترامب، وأنه من الصعب أن يغير التقاليد الدستورية الراسخة، لكن من الممكن أن يعود للبيت الأبيض بإرادة الناخبين الحرة.

وأكثر ما أعجبنى هو حضور الرؤساء السابقين فى الصفوف الأولى، ورغم الاختلاف فيما بينهم، أو رفضهم لسياسات ترامب، فإنهم يحترمون بلدهم ودستوره والتزامات المنصب الرفيع الذى سبق أن شغلوه. أحد مصادر القوة فى أى نظام ديمقراطى ينبع من احترام الجميع، رؤساء ومرؤوسين، للدستور والقانون.. الجميع سواسية.

حضور الرؤساء السابقين وزوجاتهم لفت نظرى فى جنازة الرئيس الأسبق جيمى كارتر، قبل أسبوعين. وتكرر المشهد الرائع فى حفل التنصيب.

قوة الدولة، فى نظرى، تبدأ باحترام القادة والشعب معًا لنظامها الديمقراطى والدستورى.

محمد السيد صالح - المصرى اليوم
25 يناير 2025 |