استنكر الكاتب ايمن السميري ، تشكيل جامعة الأزهر لجانا لتعريب مناهج كليات الطب والصيدلة.
وكتب السميري عبر حسابه على فيسبوك :" سؤال بسيط بخصوص حالة السُعار المشتعلة حاليًا: هل أنت حاليًا، مُنتج للمعرفة، مُنتج للعلم، مُنتج للإبداع العقلي والمعرفي بكل مستوياته، وبالتالي لغتك لغة دلاليًا لغة معرفية، ورافعة للإبداع العقلي والإنساني؟
الإجابة: لأ يا سيدي.
أنا مجرد مُستهلك، للمنجز العلمي والمعرفي للغرب، وأقصى ما أحلم به، هو الحصول على الـ Know how لأقلد المنتج في صورته النهائية، دون اهتمام مني بمعرفة أن وراء هذا المنتج العلمي، والتكنولوجي ثقافة، وفلسفة، ونظام عقلي كامل، وليس مجرد ميكانيكا وهارد وير.
وتابع :" عشان تفهم أكتر: يعني وراء كل منتج أسلوب حياة، وثقافة وفلسفة، وفنون، لازم تبقى مستوعب إن الأيفون والسيارة واللابتوب، والطيارة والتطبيقات، والذكاء الاصطناعي كل دا فيه حتة أو جزء من سقراط، وبيكون، وهيدجر وجان جاك روسو وديكارت، وبرتراند راسل وڤولتير وغيرهم، كل منجز عقلي هو ابن نسق معرفي وثقافي أدى إلى انتاجه.
العلم والمنجز العقلي، والإبداعي هما الصورة النهائية اللي أنت بتشوفها في صورة موبايل أو جهاز قياس ضغط الدم، أو طيارة بوينج، لكن الحقيقة إن وراهم بناء تعليمي، وفكري، وفلسفي وعقلي Mindset، هو نتاج عملية
مراكمة معرفية للفلسفة الإغريقية والرومانية اللي قامت على أعمدتها أطوار الحضارة الغربية المتعاقبة من العصر الزراعي إلى الثورة الصناعية، إلى عصر الحوسبة، والذكاء الاصطناعي والواقع المعزز، والحوسبة الكمومية.
لافتا :" الأعمدة المؤسسة لنهضة الغرب هي نمط التفكير العقلي اللي أرست دعائمة الفلسفات الإغريقية والرومانية ولما حاولت الكنيسة بدون حكمة واستحقاق الوقوف في وجه الشلال العقلي والتنويري الجارف، سحقها وتجاوزها بالإصلاح الديني والعقلي العلماني، رغم الثمن الفادح من دماء المصلحين الأوائل.
كل سيمفونية موسيقية، كل عمل أدبي وإبداع، كل تراكتور زراعي، كل ماكينة، كل محرك بخار، هو ابن شرعي لهذه المراكمة، فعل المراكمة دا فعل زمني قايم على توليد الإبداع، والملاحظة، والمقدمات التي تقود إلى نتائج منطقية.
طيب أنا عارف إن الكلام متقعر ودمه تقيل.. نرجع للسؤال الأول: هل أنت منتج للمعرفة، وهل لغتك تعبير عن هذا التجلي المعرفي؟ بالطبع لأ هل لغتك لغة معرفية بالأساس؟ بالطبع لأ رغم الطنطنة والصخب،
وغبار الكبرياء فهي لغة عاجزة وسقيمة، وصامدة بفعل الخلط بين المقدس والدلالي، ولا تملك إلَّا الشخللة، والترصيعات، والزينة اللفظية، وبنك المترادافات السخيفة، بل هي لغة دواوين ومدونات ولا
توجد دولة عربية واحدة تستخدمها كأداة تواصل شعبية، ولم يحدث أن استخدمها الأقدمون، كانت القبائل متجاورة ولا تفهم بعضها البعض. أقول هذا وأنا كاتب، وهذه اللغة الراكدة هي آداتي الوحيدة
تعبيريًا، أمرر من خلالها مرارات عجزها كمطية للقداسة، وآداة للجري في المكان، لأن القبيلة الغارقة في هوسها الديني اللي اللغة هي مطيته الأولى لا تعترف بغيرها، وتلك محنة وازدواجية نشرحها في مقال آخر.
ما علينا:كل دا وعايز تعرَّب، نسق علمي زي الطب، وأنت بالأساس لا تملك الأساس الفلسفي والبحثي الذي أنتج علم الطب.
كل دا وأنت لا تملك فعل المراكمة المعرفية، التي بدأب شديد، ونسق إجرائي طويل أنتج هذا العلم في صورة تطبيقات قابلة للتنفيذ.
كل دا وأنت غاية تحلم به في الدنيا إنك بس تعرف الـ Know how عشان تعمل كوبي أوف أ كوبي أوف أ كوبي أوف رياليتي كمجرد ناسخ، مش عشان تاخد الفلسفة والمراكمة المعرفية الزمنية في برشامة وتبقى راس براس معاهم، لأن دا مستحيل
دون وجود بيئة فكرية وبحث علمي وثقافة مختلفة، ودا لم يتوفر حديثًا إلا للأسيويين في الصين واليابان وسينجابور وغيرهم، لكن عندك الأمر مختلف، ثقافتك ومعتقدك القدري طارد وتسليمي، وقفل كتاب العقل منذ زمن المعتزلة.
دا مستحيل يا عزيزي وفق معطيات وضعك الحالي بالانكفاء على أوهام، ومش هيحصل، لأنك عايش عصورك قبل الوسطى دلوقتي، لأنك بتسمي الأجر تسمية النهابين "رزق"لأنك بدافعية من افكارك بتعادي مخرجات العلم والعقل لو لمِست من بعيد على محفوظاتك وتمتماتك وأورادك.
تاني أنت غاية أحلامك، ومنتهى أملك إنك تروح للصانع وتسأله: عمو عمو أنت بتعملها إزاي علمني.
وعمو هيعلمك تعملها بس مش هتعمل غيرها، وهتستنى عمو يعلمك جديده العقلي في كل مرة.. دا لو أنت عايز تعملها عندك بدل ما تستناها متغلفة على المركب.
يا عزيزي ياللي عايز تعرَّب التعليم الطبي والصيدلة دا البرنامج اللي أنت كتبت به قرار التعريب اسمه Word .
أنت ابن ثقافة "الرزق" الرزق اللي يجي زي مايجي ثقافة الرزق، مش الأجر الناتج عن إبداع وعمل حقيقي.
واختتم :" آخر واحد رفض يقول "ساندويتش" وطلب "شاطر ومشطور وبينهما طعمية" نال الشهادة، وصعد إلى الرحاب الأعلى، وسبحان الذي سخر لكم هذا.