تحيي الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، برئاسة قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، ذكرى نياحة القديس أبا فيس.
قصة القديس أبا فيس
في هدوء القداسة وجلال النسك، رقد الأب المبارك القديس أبا فيس بسلام بعد حياة حافلة بالجهاد الروحي والخدمة المقدسة، تاركًا بصمة خالدة في تاريخ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.
وُلد القديس أبا فيس في قرية أُدنا التابعة للأشمونيين بمحافظة المنيا حاليًّا، حيث نشأ في أحضان عائلة مسيحية زرعت فيه بذور الإيمان منذ طفولته. بعد رحيل والديه، عبر النيل شرقًا إلى جبل سوادة حيث التقى بالقديس أباهور، الذي احتضنه بفرح وألبسه إسكيم الرهبنة. عُرف أبا فيس بين الرهبان بلقب "الصبور"، نظرًا لنسكه العميق وتحمله الآلام بصبر لا يلين.
بعد نياحة أبيه الروحي أباهور، انتقل أبا فيس إلى الشاطئ الغربي للنيل، حيث انفرد في العبادة والتأمل. وفي إحدى لحظات التجلي الروحي، ظهر له السيد المسيح وأعطاه السلام، وكلفه ببناء كنيسة ومجمع للرهبان في المكان ذاته. استجاب أبا فيس للدعوة السماوية، فجمع حوالي مائة راهب، وبنى الكنيسة ومجمع الرهبان، ليصبح أبًا روحيًا لرهبانه ومثالًا حيًّا للقداسة والتواضع.
لم تخلُ حياة القديس أبا فيس من التجارب، إذ واجه حروبًا روحية عديدة من الشيطان، لكنه انتصر بقوة إيمانه وسلاح الصلاة. وفي سنواته الأخيرة، انفرد في العبادة مع أحد تلاميذه في جبل الملح، حيث أنهى جهاده الصالح وتنيح بسلام.
نُقل جسده الطاهر بإكرام إلى مجمع الرهبان، حيث دُفن هناك وسط احتفاء عظيم. وبعد رحيله، ظهرت عجائب وشفاءات من رفاته المقدسة، مما عمّق أثره الروحي في قلوب المؤمنين.
منطقة "مِنْيَة بني خصيب"، التي عُرفت فيما بعد بـ "منية أبو فيس"، والتي أصبحت اليوم مدينة المنيا، حملت اسمه لتظل شاهدة على حياة قديس أضاء بنور إيمانه وأعماله أرض مصر وأرواح من تبعوه.